الثلاثاء، 23 فبراير 2021

قصائد على بحر السريع

المرقش الأكبر:

هلْ تعْرِفُ الدَّارَ عَفا رَسْمُها      إلاَّ الأَثافِيَّ ومَبْنى الخِيَمْ

أَعْرِفُها داراً لأَسْماءَ فالد      دَمْعُ عَلى الخَدَّيْنِ سَحٌّ سَجَمْ

أَمْسَتْ خَلاءً بعدَ سُكَّانِها      مُقْفِرَةً ما إِنْ بها مِنْ إِرَمْ

إلاَّ مِنَ العِينِ تَرْعَّى بها      كالفارسيِّينَ مَشَوْا في الكُمَمْ

بَعْدَ جَمِيعٍ قد أَراهُمْ بها      لهُمْ قِبابٌ وعليهمْ نَعَمْ

فَهَلْ تُسَلِّي حُبَّها بازِلٌ      ما إنْ تُسَلَّى حُبَّها مِنْ أَمَمْ

عَرْفاءُ كالفَحْلِ جُمالِيَّةٌ      ذاتُ هِبابٍ لا تَشكَّى السَّأمْ

لم تَقْرإ القَيْظَ جَنِيناً وَلا      أَصُرُّها تَحْمِل بَهْمَ الغَنَمْ

بَلْ عَزَبَتْ في الشَّوْلِ حَتَّى نَوَتْ      وسُوِّغَتْ ذا حُبُكٍ كالإِرَمْ

تَعْدُو إذا حُرِّكَ مِجْدافُها      عَدْوَ رَباعٍ مُفْرَدٍ كالزُّلَمْ

كأَنَّهُ نِصْعُ يَمانٍ وبِالْ      أَكْرُعِ تَخْنِيفٌ كَلَوْنِ الحُمَمْ

باتَ بغَيْبٍ مُعْشِبٍ نَبتُهُ      مُخْتَلِطٍ حُرْبُثُهُ باليَنَمْ

 

أُحيحة بن الجلاح:

قالتْ، ولم تَقْصِدْ لِقِيلِ الخَنَا    مَهْلاً فقَدْ أَبْلَغْتَ إِسْمَاعِي
أَنْكَرْتِهِ: حِينَ تَوَسَّمْتهِ    والحَرْبُ غُولٌ ذَاتُ أَوْجاعِ
مَنْ يَذُقِ الحَرْبَ يَجِدْ طَعْمَهَا    مُرًّا، وتَحْسِبْهُ بِجَعْجَاعِ
قد حَصَّتِ البَيْضَةُ رَأسِي فَمَا    أَطْعَمُ غُمْضاً غَيْر تَهْجَاعِ
أَسْعَي علي جُلِّ بَنِي مَالِكٍ    كلُّ امْرِىءٍ في شأْنِهِ ساعِ
أَعْدَدْتُ للأَعْداءِ مَوْضُونَةً    فَضْفَاضَةً كالنَّهْيِ بالقَاعِ
أَحْفِزُها عَنيِّ بِذِي رَوْنَقٍ    مُهَنَّدٍ كالمِلْحِ قَطَّاعِ
صَدْقٍ حُسامٍ وَادِقٍ حدُّهُ    ومُجْنَاءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
بِزُّ آمْرِىءٍ مُسْتَبْسِلٍ حاذِرٍ    لِلدَّهْرِ، جَلْدٍ غَيْرِ مِجْزَاعِ
الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ مِنَ الـ    إِدْهَانِ والفَكَّةِ والهَاعِ
لَيْسَ قَطاً مِثْلَ قُطَيٍّ وَلا الْـ    مَرْعيُّ في الأَقْوَام كالرَّاعي
لا نَأَلَمُ القَتْلَ ونَجْزِي بهِ الْـ    أَعْدَاءَ كَيْلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ
نَذُودُهُمْ عَنَّا بِمُسْتَنَّةٍ    ذَاتِ عَرَانِينَ ودُفَّاعِ
كأَنَّهُمْ أُسْدٌ لَدَى أَشْبُلٍ    يَنْهِتْنَ في غِيلٍ وأَجْزَاعِ
حَتَّي َتجلَّتْ ولَنَا غايةٌ    مِن بَيْنِ جَمْعٍ غَيْرِ جُمَّاعِ
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيْلَ إِذْ قَلَّصَتْ    ما كانَ إِبْطائي وإِسْرَاعِي
هَلْ أَبْذُلُ المالَ علي حُبِّهِ    فِيهِمْ، وآتِي دَعْوَةَ الدَّاعِي
وأَضْرِبُ القَوْنَسَ يومَ الوَغي    بالسَّيْفِ لم يَقْصُرْ بهِ بَاعِي
وأَقْطَعُ الخَرْقَ يُخَافُ الرَّدَى    فِيِهِ، علي أَدْماءَ هِلْوَاعِ
ذَاتِ أَسَاهِيجَ جُمَاليَّةٍ    حُشَّتْ بِحَارِيٍّ وأَقْطَاعِ
تُعْطِي علي الأَيْنِ وتَنْجُو مِنَ الـ    ضَّرْبِ أَمُونٍ غيرِ مِظْلاَعِ
كأَنَّ أَطْرَافَ وَلِيَّاتِهَا    في شَمْأَلٍ حَصَّاءَ زَعْزَاعِ
أُزَيِّنُ الرَّحْلَ بِمَعْقُومَةٍ    حارِيَّةٍ أَو ذَاتِ أَقْطَاعِ
أَقْضِي بِها الحاجاتِ، إِنَّ الفَتَي    رَهْنٌ بِذِي لَوْنَيْنِ خَدَّاعِ

حسان بن ثابت:

هَل تَعرِفُ الدارَ عَفا رَسمَها      بَعدَكَ صَوبُ المُسبِلِ الهاطِلِ

بَينَ السَراديحِ فَأُدمانَةٍ      فَمَدفَعِ الرَوحاءِ في حائِلِ

سَأَلتُها عَن ذاكَ فَاِستَعجَمَت      لَم تَدرِ ما مَرجوعَةُ السائِلِ

دَع عَنكَ داراً قَد عَفا رَسمُها      وَاِبكِ عَلى حَمزَةَ ذي النائِلِ

أَلمالِئِ الشيزى إِذا أَعصَفَت      غَبراءُ في ذي السَنَةِ الماحِلِ

التارِكِ القِرنَ لَدى قِرنِهِ      يَعثُرُ في ذي الخُرُصِ الذابِلِ

وَاللابِسِ الخَيلَ إِذا أَحجَمَت      كَاللَيثِ في غاباتِهِ الباسِلِ

أَبيَضُ في الذَروَةِ مِن هاشِمٍ      لَم يَمرِ دونَ الحَقِّ بِالباطِلِ

ما لِشَهيدٍ بَينَ أَرماحِكُم      شَلَّت يَدا وَحشِيِّ مِن قاتِلِ

إِنَّ اِمرَأً غودِرَ في أَلَّةٍ      مَطرورَةٍ مارِنَةِ العامِلِ

أَظلَمَتِ الأَرضُ لِفِقدانِهِ      وَاِسوَدَّ نورُ القَمَرِ الناصِلِ

صَلى عَلَيكَ اللَهُ في جَنَّةٍ      عالِيَةٍ مُكرَمَةِ الداخِلِ

كُنّا نَرى حَمزَةَ حِرزاً لَنا      مِن كُلِّ أَمرٍ نابَنا نازِلِ

وَكانَ في الإِسلامِ ذا تُدرَءٍ      لَم يَكُ بِالواني وَلا الخاذِلِ

لا تَفرَحي يا هِندُ وَاِستَحلِبي      دَمعاً وَأَذري عَبرَةَ الثاكِلِ

وَاِبكي عَلى عُتبَةَ إِذ قَطَّهُ      بِالسَيفِ تَحتَ الرَهَجِ الجائِلِ

إِذ خَرَّ في مَشيَخَةٍ مِنكُمُ      مِن كُلِّ عاتٍ قَلبُهُ جاهِلِ

أَرداهُمُ حَمزَةُ في أُسرَةٍ      يَمشونَ تَحتَ الحَلَقِ الذائِلِ

غَداةَ جِبريلُ وَزيرٌ لَهُ      نِعمَ وَزيرُ الفارِسِ الحامِلِ

 

خُفاف بن نُدبة"

يا هِندُ يا أُختَ بِني الصارِدِ      ما أَنا بِالباقي وَلا الخالِدِ

إِن أمس لا أَملِكُ شَيئاً فَقَد      أَملِكُ أَمرَ المِنسِرِ الحارِدِ

بِالضايِعِ الضابِطِ تَقريبُهُ      إِذ وَنَتِ الخَيلُ وَذو الشاهِدِ

عَبلَ الذِراعَينِ سَليمُ الشَظا      كَالسَيِّدِ تَحتَ القِرَّةِ الصارِدِ

يَطعَنُ في المِسحَلِ حَتّى إِذا      ما بَلَغَ الفارِسُ بِالساعِدِ

جَدَ سَبوحاً غَيرَ ذي سَقطَةٍ      مُستَفرِغٍ مَيعَتَهُ واعِدِ

يَصيدُكَ العَيرُ بِرَفِّ النَدا      يَحفِرُ في مُبتَكِرِ الراعِدِ

يُعقَدُ في الجيدِ عَلَيهِ الرُقى      مِن خيفَةِ الأَنفُسِ وَالحاسِدِ

      عمرو بن معديكرب:

أَلمِم بِسلمى قبل أَن تَظعَنا      إِنَّ بنا من حُبِّها دَيدَنَا

كأَنَّ سلمى ظَبيةٌ مُطفِلٌ      تَرعى حِقافَ الرَّمل من أَرزَنا

تَنشُرُ وَحفاً مُسبَكِرّاً على      لَبَّاتِها أَسوَدَ مُغدَودِنا

قد علمت سلمى وجاراتُها      ما قَطَّرَ الفارسَ إِلَّا أَنا

شَكَكتُ بالرُمحِ حَيَازِيمَهُ      والخيلُ تَعدو زِيَماً بَينَنا

بشار بن بُرد:

قَد لَعِبَ الدَهرُ عَلى هامَتي      وَذُقتُ مُرّاً بَعدَ حَلواءِ

إِن كُنتِ حَرباً لَهُمُ فَاِنظُري      شَطري بِعَينٍ غَيرِ حَولاءِ

يا حُسنَها حينَ تَراءَت لَنا      مَكسورَةَ العَينِ بِإِغفاءِ

كَأَنَّما أَلبَستَها رَوضَةً      ما بَينَ صَفراءَ وَخَضراءِ

يَلومُني عَمروٌ عَلى إِصبُعٍ      نَمَّت عَلَيَّ السِرَّ خَرساءِ

لِلناسِ حاجاتٌ وَمِنّي الهَوى      يُذكيهِ شَيءٌ بَعدَ أَشياءِ

بَل أَيُّها المَهجورُ مِن رَأيِهِ      أَعتِب أَخاً وَاِخرُج عَنِ الداءِ

مَن يَأخُذِ النارَ بِأَطرافِهِ      يَنضَح عَلى النارِ مِنَ بإيتائي

أَنتَ اِمرُؤٌ في سُخطِنا ناصِبٌ      وَمِن هَوانا نازِحٌ ناءِ

كَأَنَّما أَقسَمتَ لا تَبتَغي      بِرّي وَلا تَحفَل بِئيتائي

وَإِن تَعَلَّلتُ إِلى زَلَّةٍ      أَكَلتُ في سَبعَةِ أَمعاءِ

حَسَدتَني حينَ أَصَبتُ الغِنى      ما كُنتَ إِلّا كَاِبنَ حَوّاءِ

لاقى أَخاهُ مُسلِماً مُحرِماً      بِطَعنَةٍ في الصُبحِ نَجلاءِ

وَأَنتَ تَلحاني وَلا ذَنبَ لي      لَكُم يُرى حَمّالَ أَعبائي

كَأَنَّما عانيتَ بي عائِفاً      أَزرَقَ مِن أَهلِ حَروراءِ

فَاِرحَل ذَميماً أَو أَقِم عائِذاً      مُلّيتَ مِن غِلٍّ وَأَدواءِ

لا رَقَأَت عَينُ اِمرِىءٍ شامِتٍ      يَبكي أَخاً لَيسَ بِبَكّاءِ

لَو كُنتَ سَيفاً لي أُلاقي بِهِ      طِبتُ بِهِ نَفساً لِأَعدائي

أَو كُنتَ نَفسي جُمِعَت في يَدي      أَلفَيتَني سَمحاً بِإِبقاءِ

وضّاح اليمن:

أيا بنةَ الوَاحِدِ جُودي فَمَا      إِن تَصرِميني فَبِما أَولِمَا

جُودِي عَلَينا اليَومَ أو بَيِّني      فِيمَ قَتَلتِ الرَّجُلَ المُسلِما

إِنّي وأَيدِي قُلُصٍ ضُمَّرٍ      وكُلِّ خِرقٍ وَرَدَ المَوسِمَا

ما عُلِّقَ القلبُ كَتَعلِيقِها      وَاضعةً كفَّاً عَلَت مِعصَما

رَبَّة مِحرَابٍ إذَا جِئتُها      لَم أَلقَها أو أَرتَقِي سُلَّما

إِخوَتُها أَربَعَةٌ كُلُّهُم      يَنفونَ عَنها الفَارِسَ المُعلَمَا

كَيفَ أُرَجِّيها وَمِن دُونِها      بَوَّابُ سُوءٍ يُعجِل المَشتَما

أسوَدُ هَتَّاكٌ لأَعرَاضِ مَن      مَرَّ على الأَبوَابِ أَو سَلَّمَا

لا مِنَةً أَعلَمُ كَانَت لَها      عِندِي ولاَ تَطلُبُ فِينَا دَمَا

بِل هِيَ لَّما أَن رَأَت عَاشِقاً      صبَّاً رَمَتهُ اليَومَ فِيمَن رَمَى

لمَّا ارتَمينَا وَرَأَت أَنَّها      قَد أَثبَتَت في قَلبِهِ أَسهُمَهَا

أَعجَبَتها ذَاكَ فَأَبدَت لَهُ      سُنَّتَها البَيضَاءَ والمِعصَمَا

قَامَت تَراءَى لي عَلى قِصرِها      بَينَ جَوارٍ خُرَّدٍ كَالدُّمَى

وتَعقِدُ المِرطَ عَلى جَسرَةٍ      مثلِ كَثيبِ الرَملِ أَو أَعظَمَا

عمر بن أبي ربيعة:

يا مَن لِقَلبٍ دَنِفٍ مُغرَمِ      هامَ إِلى هِندٍ وَلَم يَظلِمِ

هامَ إِلى رِئمٍ هَضيمِ الحَشا      عَذبِ الثَنايا طَيِّبِ المَبسِمِ

كَالشَمسِ بِالأَسعُدِ إِذ أَشرَقَت      في يَومِ دَجنٍ بارِدٍ مُقتِمِ

لَم أَحسَبِ الشَمسَ بِلَيلٍ بَدَت      قَبلي لِذي لَحمٍ وَلا ذي دَمِ

قالَت وَقَد جَدَّ رَحيلٌ بِها      وَالعَينُ إِن تَطرِف بِها تَسجُمِ

إِن يَنسَنا المَوتُ وَيُؤذَن لَنا      نَلقَكَ إِن عُمِّرتَ بِالمَوسِمِ

إِن لَم تَحُل أَو تَكُ ذا مَيلَةٍ      يَصرُفُكَ الأَدنى عَنِ الأَقدَمِ

قُلتُ لَها بَل أَنتِ مُعتَلَةٌ      في الوَصلِ يا هِندُ لِكَي تَصرُمي

عمر بن أبي ربيعة:

عوجا نُحَيِّ الطَلَلَ المُحوِلا      وَالرَبعَ مِن أَسماءَ وَالمَنزِلا

وَمَجلِسَ النِسوَةِ بَعدَ الكَرى      أَمِنَّ فيهِ الأَبطَحَ الأَسهَلا

بِجانِبِ البَوباةِ لَم يَعدُهُ      تَقادُمُ العَهدِ بِأَن يُؤهَلا

إِيايَ لا إِيّاكُما هَيَّجَ ال      مَنزِلُ لِلشَوقِ فَلا تَعجَلا

إِن كُنتُما خِلوَينِ مِن حاجَتي ال      يَومَ فَإِنَّ الحَقَّ أَن تُجمِلا

ذَكَّرَني المَنزِلُ ما غِبتُما      عَنهُ فَعوجا ساعَةً وَاِسأَلا

إِن يُصبِحَ المَنزِلُ مِن أَهلِهِ      وَحشاً مَغاني رَسمِهِ مُمحِلا

فَقَد أَراهُ وَبِهِ رَبرَبٌ      مِثلُ المَها يَقرو المَلا المُبقِلا

أَيامَ أَسماءُ بِهِ شادِنٌ      خودٌ تُراعي رَشَأً أَكحَلا

قالَت لِتِربَينِ لَها عِندَنا      هَل تَعرِفانِ الرَجُلَ المُقبِلا

قالَت فَتاةٌ عِندَها مُعصِرٌ      تُديرُ حَوراوَينِ لَم تَخذُلا

هَذا أَبو الخَطّابِ قالَت نَعَم      قَد جاءَ مَن نَهوى وَما أَغفَلا

      صفي الدين الحلي:

ما زالَ كُحلُ النَومِ في ناظِري      مِن قَبلِ إِعراضِكَ وَالبَينِ

حَتّى سَرَقتَ الغُمضَ مِن مُقلَتَي      يا سارِقَ الكُحلِ مِنَ العَينِ

 

ابن عبد ربه:

بَكيتُ حَتَّى لم أَدَعْ عَبرَةً      إِذْ حَملوا الهودَجَ فَوقَ القَلوصْ

بُكاءَ يَعقوبٍ على يُوسُفٍ      حَتَّى شَفَى غُلَّتَهُ بالقَميصْ

لا تأسَفِ الدَّهرَ عَلى ما مَضَى      والقَ الذي ما دونَهُ مِنْ مَحيصْ

قد يُدْركُ المُبطئُ مِنْ حَظِّهِ      وَالخيرُ قَدْ يَسبقُ جُهْدَ الحريصْ

 

ابن عبد ربه:

للَّهِ دَرُّ البَينِ ما يَفعلُ      يَقتلُ مَن يشاءُ ولا يُقتلُ

بانُوا بمن أهواهُ في ليلةٍ      ردَّ على آخرها الأَوَّلُ

يا طُولَ ليلِ المُبتلى بالهَوى      وصُبحُهُ من ليلهِ أطْولُ

فالدارُ قد ذكَّرني رسمُها      ما كِدتُ عن تَذكارِهِ أَذْهَلُ

هاجَ الهوى رسمٌ بذاتِ الغَضى      مُخْلولقٌ مُسْتعجمٌ مُحْوِلُ

البهاء زُهير:

وَيحَكَ يا قَلبُ أَما قُلتُ لَكَ      إِيّاكَ أَن تَهلِكَ في مَن هَلَك

حَرَّكتَ مِن نارِ الهَوى ساكِناً      ما كانَ أَغناكَ وَما أَشغَلَك

وَلي حَبيبٌ لَم يَدَع مَسلَكاً      يُشمِتُ بي الأَعداءَ إِلّا سَلَك

مَلَّكتُهُ رِقِّيَ وَيا لَيتَهُ      لَو رَقَّ أَو أَحسَنَ لَمّا مَلَك

بِاللَهِ يا أَحمَرَ خَدَّيهِ مَن      عَضَّكَ أَو أَدماكَ أَو أَخجَلَك

وَأَنتَ يا نَرجِسَ عَينَيهِ كَم      تَشرَبُ مِن قَلبي وَما أَذبَلَك

وَيا لَمى مَرشَفِهِ إِنَّني      أَغارُ لِلمِسواكِ إِذ قَبَّلَك

وَيا مَهَزَّ الغُصنِ مِن عِطفِهِ      تَبارَكَ اللًهُ الَّذي عَدَّلَك

مَولايَ حاشاكَ تُرى غادِراً      ما أَقبَحَ الغَدرَ وَما أَجمَلَك

ما لَكَ في فِعلِكَ مِن مُشبِهٍ      ما تَمَّ في العالَمِ ما تَمَّ لَكَ

ابن الجزري:

عمر الفتى يقصر ما طالا      وعزمه ينقص ما صالا

وربما قال بأمهاله      ويومه كذب ما قالا

فلا تغرنك هذي الدنا      فلم تُدم من حالها حالا

وخل ما يلهيك من مالها      فأنه كالظل ما مالا

وكل ما نوليكه زائل      والعيش ان دام وما زالا

وعش بميسور فأكدى الورى      من صحب الآمال والمالا

فحاجة الأنسان ما اعتاضه      من ملبس أو مأكل نالا

أو نائل يصلح اعماله      فربما قد ساء أعمالا

وغير هذا فعنا دائم      صاحبه يحمل أثقالا

محمد الشوكاني:

مِنْ دُونِها يا عَمْرُ وَخزُ الرِّماحْ      وعِنْدَها فاسْمَعْ صَليلَ الصِّفَاحْ

لا يَسْمَعُ السَّامِعُ في حَيِّها      غَيْرَ جِلاَدٍ مُفْزعٍ أو كِفاحْ

فَسِرْ إلَيها سَيْر مُتَهوِّرٍ      مُسْتَبْدِلاً فيها الْحَيَا بالوَقاحْ

مُشَمِّراً قَدْ صُمّ لايَنْثَني      عَنْ حُبِّها لِعَاذِلٍ أو لِلاحْ

فَما يَهابُ الْعَتَبَ مَنْ فَازَ مِنْ      غَايَةِ أُمْنِيَتِهِ بالنَّجَاحْ

سَعَى فَلَمّا ظَفِرَتْ بالْمُنَى      يَمينُهُ أَلْقَى الْعَصا واسْتَراحْ

قَدْ أَتْعَبَ السَّيْرُ رِحَالي وَقَدْ      آنَ لَها بَعْدَ الْوَحَى أنْ تُراحْ

فَقَدْ أقَامَتْني عَدَاها الرّدَى      بِرَبْعِ طود العلم بحر السماح

مَنْ هَزَّ لِلْعَلْيا قَناةً وَمَنْ      حَمَى حِماها فَهْي لا تُسْتَباحْ

مَنْ شادَ للسُّنَّةِ أَعْلامَها      مَنْ كافَحَ الْبِدْعَةَ كُلَّ الْكِفاحْ

مُجَدِّداً مُجْتَهِداً جاهِداً      للدّينِ في عِلْمِ الهُدىَ للصَّلاحْ

يا عالِمَ الْعِتْرَةِ في عَصْرِهِ      وقُطْبَ أَرْبابِ النُّهَى والْفَلاحْ

ما بالُ مَنْ أَنْصَفَ في دَهْرِنا      وَمالَ نَحْوَ الْمُسْنَداتِ الصِّحاحْ

واطَّرحَ التَّقْليدَ مِنْ حَالِقٍ      مُقَطِّعاً رِبْقَتَهُ والْوِشَاحْ

وَلَمْ تَقُلْ أَشْياخُنَا قَرْرُوا      لَمْ يَدْعُوا جَهْداً لَهُمْ في النّصاحْ

يُرْمَى بِداءِ النَّصْبِ في قَوْمِهِ      وَما عَلَى الرَّامِي لَهُ مِنْ جُناحْ

يُمَزِّقُونَ الْعِرْضَ مِنْهُ إذا      جَاءَ بِمُرِّ الْحَقِّ فيهم وَرَاحْ

يَلْقَى لَدَيْهِمْ مِنْ صُنُوفِ الأَذَى      كُلَّ قَبيحٍ في الْمَسَا والصبَّاحْ

أَبِنْ فَزَنْدُ الْبَهْتِ مِنْهُمْ غَدَا      مُنْقَدِحاً في الْقَلْبِ أَيَّ انْقِداحْ

      نيقولاس الصائغ:

يا ويلَ مَن أَغفَلَ ذِكرَ المَنُون      واغترَّ بالكائنِ عَمَّا يَكُون

الموتُ حَقٌّ ما لهُ جاحدٌ      فانتبِهوا يا أَيُّها الغافلون

كما يَمُرُّ اليومُ ياتي غَدٌ      كذلكَ الأَشهُرُ ثُمَّ السِنُون

والمَرءُ في الدُنيا كحرفِ الهِجا      ما بينَ تحريكٍ لهُ أو سُكُون

ما فازَ بالأُخرَى سِوَى زاهدٍ      مَصاعبُ الموتِ لديهِ تَهُون

ما مَضَّهُ يومَ المَنا لَذَّةٌ      يَعدَمُها او ثَروةٌ او بَنُون

يَذُمُّ ذي الدُنيا أَحِبَّاؤُها      لكنَّهم ليسَ لها يَترُكُون

وقلَّ مَن أَبعَدَ عنها وما      تَحرَّكَت منهُ اليها الشُجُون

يَرُوقُهم غَضُّ جَناها وكَم      جَنَوا جِناياتٍ بما يَجتَنُون

يَخالُها عُشَّاقُها طِفلةً      وإِنَّني عاينتُها حَيزَبُون

يا أَيُّها القَومُ الذينَ امتَطَوا      خيلَ المَساوِي وهُمُ راكضون

هَلَّا اعتبرتُم بالقُرُونِ الأُولى      مَرَّت وها نحنُ لها ذاكرون

لم يَعشَقِ الدُنيا سِوَى مُومِسٍ      مُشتَّتِ المعقولِ فيهِ جُنون

يَرَونَ ما فيها ويَهوَونَها      كأَنَّهم من حُبِّها في دُجون

لم يَعلَموا ما الخيرُ جهلاً بهِ      لكنَّهم للشرّ فيهم فُنون

ان يَصمُتوا فالخُبثُ في طَيِّهم      وان رَوَوا يوماً فهم آفِكُون

قد يُنكِرونَ الشِركَ لكنهم      في حُبِّ دُنياهم هُمُ المُشرِكُون

وليسَ يَخشَونَ قَضا رَبِّهِم      وأَمرُهُ ما بينَ كافٍ ونُون

يَرُدُّ عبدٌ طاعَ رَبَّ العُلَى      قَرنَ الضُحَى مثل يشوعَ بنِ نُون

لم تُؤلَفِ التقوَى بربِّ الهَوَى      بينهما بَونٌ كضَبٍّ ونُون

عمر الأنسي:

يا صادِحاً يَشدو عَلى غُصن بان      رِفقاً فَإِن الصَبر وَاللَه بان

ما في جناني يا حَمام الحِمى      وَالقَلب إِلّا ذكر تِلكَ الجِنان

إِذا ذكرت الربع داني الجَنى      بتُّ كَما باتَ صَريع الدنان

أَصبو إِذا هَبَّت نَسيم الصَبا      وَكانَ عَهدي لِلصِبا صَبوَتان

أَهوى البُدور التمّ فيما رَوَت      عَن حُسن هاتيك الوُجوه الحِسان

مِن كُلِّ شَمس تَحتَ فَجر الطلى      في لَيل شعرٍ طَلع الفرقدان

إلياس أبو شبكة:

تُذَكَّري حينَ يزِفُّ الضُحى      عَلى جُفونِ البشرِ الراقِده

مروَّعاً يَفتحُ قَصرَ الضيا      أَمام شَمس النُهُرِ العائِدَه

تذكَّري وَاللَيلُ في حُلمِهِ      مُستَجمعاً أَفكارَهُ الشارِدَه

منثنياً خلفَ رداءٍ لَهُ      قَد فَضَّضَتهُ الأَنجمُ الساهِدَه

وَإِن تَرَي صَدرَكِ في خلجَةٍ      لَدى نِداءِ اللَذَّةِ الواجِده

وَالظِلُّ يَدعوكِ إِلى لَذَّةِ      الأَحلامِ في لَيلَتِهِ الهاجِدَه

أَصغي إِلى أَنغامِ صَوتِ الهَوى      من غابَةِ الحُبِّ سَمَت صاعِدَه

هامِسَةً فيكِ اِذكُري حُبَّه      في كُلِّ لَيلٍ مَرَّةً واحِدَه

تَذكَّري حينَ صروفُ القضا      تفرقُني عَنكِ السنينَ الطِوال

وَعِندَما حُزني وَأَعراضُهُ      تدِبُّ في قَلبي ذبولَ الهَزال

تذكَّري حُبّي وَآلامَهُ      تَذكَّري وَحيي أَمامَ الخَيال

وَمَوقِفَ التَوديعِ في ساعَةٍ      كانَ لَه صمتٌ مُهيبُ الجلال

لا البعدُ في أَوصابِهِ وَالأَسى      وَلا الثَواني في طَريقِ الزَوال

تُنسيكِ تذكاراتِ حُبٍّ مَضى      مُضِيَّ أَشباحٍ بِماءٍ زُلال

ما زالَ قَلبي خافِقاً في الهَوى      وَقد تَمَشّى فيهِ داءٌ عُضال

لا يَنثَني يَهمس فيكِ اِذكُري      فَالذكرُ جزءٌ من لَذيذ الوصال

تذكَّري يَومَ أُلاقي الفنا      في ذي الحَياةِ الرثَّةِ البائِده

يَومَ فُؤادي مُثقَلاً بِالأَسى      ينامُ في حفرِتِه البارِدَه

تذكَّري إِمّا تَري فَتِّحَت      عَلى ضريحي الزهرةُ الزاهِده

فَفي زهورِ الحَقلِ طهرُ الهَوى      ما لامَسَته نفحَةٌ فاسَدَه

لَن تنظُرني بَعدُ في مَوضِعٍ      فَهذِهِ الدُنيا غَدَت جاحِدَه

سَوفَ كَأختٍ صادِقٍ حُبُّها      تَرعاكِ دَوماً نَفسيَ الخالِدَه

أَصغي إِلى صَوتٍ دَوى في الدُجى      أَنينُهُ في الظُلمَةِ السائِدَه

حَفيفُهُ قالَ اِذكُري دَمعَهُ      في كُلَّ لَيلٍ مَرَّةً واحِدَه

أحمد مُحرّم:

سِيرِي الهُوْيْنَى دُومَة الجندلِ      أمعنتِ في الظُّلمِ ولم تُجملي

أكُلُّ مَن مرَّ خفيفَ الخُطى      تَرمِينَهُ بالفادحِ المُثقل

المسلمون استصرخوا ربَّهم      فاستعصمِي منه ولن تفعلي

مضى رسولُ اللهِ في جحفلٍ      ما مثلُه في البأسِ من جحفل

يمشي إذا اسودّت وجوهُ الوغى      في ساطعٍ من وحيهِ المُنزَل

لولا الذي استعظمتِ من أمرهِ      لم يُهزمِ القومُ ولم تُخذلي

أهلوكِ طاروا خَوْفَ تقتالِه      فأيُّهم بالرُّعبِ لم يُقتلِ

كلٌّ له من نفسهِ ضاربٌ      إن يُدبرِ الخوفُ بهِ يُقبلِ

تلك لعمري من أعاجيبهم      ويبتلي ربُّكِ من يبتلي

شرَّدَهم مَذكورُ من دارهِمِ      لا كنتِ من دارٍ ومن منزلِ

هلّا رعوا إذ أدبروا جُفَّلاً      ما رِيعَ من أنعامكِ الجُفَّل

ماذا يريد الجيشُ من عَوْرَةٍ      حلَّتْ من الذِلّةِ في موئل

لولا المروءات وسلطانُها      لانقضَّ أعلاها على الأسفلِ

شريعةُ الإسلامِ في أهلهِ      أهلِ الحجا والشرفِ الأطولِ

وسُنَّةُ المختارِ من ربِّهِ      والمصطفى من خلقهِ المُرسَلِ

جاءَ بملءِ الأرضِ مِن نورهِ      والنّاسُ من حيرى ومن ضُلّل

لا عُذرَ للمصروفِ عن رُشدِهِ      لم يَبْقَ من داجٍ ولا مجهَل

مَعالِمُ الإيمانُ وضّاحةٌ      والحقُّ مِلءُ العينِ للمُجتلي

إيهٍ قنيصَ اللّهِ في حبلهِ      ظَفِرتَ بالأمنِ فلا تَوْجَلِ

جئتَ مُعافىً في يَدَيْ صائدٍ      لم يخدعِ الصيدَ ولم يَخْتَلِ

أقبِلْ فهذا خيرُ من أبصرت      عيناك في الجيشِ وفي المحفلِ

هذا الذي أعرضَ عن حقِّهِ      قَومُكَ من باغٍ ومن مُبطِلِ

لو أنّهم جاؤوه فاستغفروا      رأوا سجايا المُنعِمِ المفضلِ

أسلمتَ تأبى دِينهم أوّلاً      فمرحباً بالمسلمِ الأوّل

عُيَيْنَةُ المغبونُ في نفسهِ      ماذا جِنِى من دائِه المُعضِلِ

حَمَّلهُ ما لو تلقّت ذُرى      مُستَشرفِ العرنينِ لم يَحمل

ألوَى به الجدبُ فأفضى إلى      أكنافِ وادٍ مُعشِبٍ مُبقلِ

من أنعُم الغيثِ الكثيرِ الجدا      ومكرماتِ العارضِ المسبل

حتى إذا أعجبه شأنهُ      وغرّه من مالِه ما يلي

أتى بها شنعاءَ مكروهةً      من سيّئاتِ الأحمقِ الأثول

بئس المغيرُ انقضَّ في غِرّةً      على لقاحِ الغابةِ الهمَّل

ما وقعةُ اللصِ بمأمونةٍ      ولا أذاةُ الضَّرِعِ الذُّمَّلِ

آذى رسولَ اللهِ في مالهِ      وآثرَ الغدرَ ولم يحفِلِ

لو ارتضى دينَ الهدى صانه      وزانه بالخُلُقِ الأمثل

يا أمَّ سعدٍ لستِ من همّهِ      سعدٌ عن الأهلين في مَعزلِ

إنْ أهلُهُ إلاّ الأُلى استوطنوا      دارَ الوغَى في دُومةِ الجندلِ

لا تذرفي الدّمعَ على راحلٍ      في اللّهِ لولا اللَّهُ لم يرحل

واستقبلي الموتَ على هَوْلِه      إنّي أراهُ سائِغَ المنهل

ظَمِئتِ من سعدٍ إلى نظرةٍ      تُطفِئُ حَرَّ اللاعجِ المشعَل

رَوَّاكِ ربُّ النّاسِ من سرحةٍ      ألقى عليها ظِلَّهُ من عَل

تُؤتي الجَنى كالأرْيِ طِيباً إذا      كان الجنَى كالصّابِ والحنظل

صلاةُ أصفى النّاسِ ممّا سقى      أفنانَها ذو النّائلِ السَّلْسَل

لو وُزِنَتْ كلُّ صلاةٍ بها      من أنبياءِ اللَّهِ لم تَعدلِ

يا أمَّ سعدٍ إنّها نِعمةٌ      جاءتكِ لم تُطلَبْ ولم تُسأَل

هذا جِوارُ اللَّهِ فاستبشري      وهذه جنّاتُه فادخلي

معروف الرصافي:

دع مزعج اللوم وخلِّ العتاب      واسمع إلى الأمر العجيب العُجاب

من قِصّة واقصة غصّة      تُضحك بل تدعو إلى الانتحاب

في الكرخ من بغداد مرّت بنا      يوماً فتاة من ذوات الحجاب

لَبَّتها مُوقَرةٌ بالحِلى      وكفّها مُشَبعة بالخِضاب

ووجهها يطمس سحناءه      عنّا ظلام من سواد النقاب

تمشي العِرَضْنَى في جلابيبها      مِشيةَ إحدى المومسات القحاب

تختلب اللبّ بأوضاعها      وكل ما يظهر منها خِلاب

قد وضعت تاجاً على رأسها      يلمع في الظاهر لمعَ الشهاب

يُحسَب من درّ بتَمْوِيهه      وهو إذا حققته من سِخاب

كاسيةَ الجسم أرقّ الكُسا      مَوْشِيّة الثوب بوَشيٍ كذاب

قد غُولط الناس بأثوابها      في أنّها من معمل الانتخاب

وهي لعمري دون ما رِيبةٍ      منسوجة في مَنسَج الاغتصاب

فالغِشّ في لحمتها والسَدى      وكلُّ ما يدعو إلا الارتياب

قال جليسي يوم مرّت بنا      من هذه الغادة ذات الحجاب

قلت له تلك لأوطاننا      حكومة جاد بها الانتداب

نحسبها حسناء من زيَها      وما سوى جنبول تحت الثياب

ظاهرها فيه لنا رحمةٌ      والويل في باطنها والعذاب

مُصابنا أمسى فظيعاً بها      يا ربّ ما أفظع هذا المُصاب

تالله قد حُقَّ لنا أننا      نحثو على الأرؤس كل التراب

محمود سامي البارودي:

يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ إِلَى كَمْ تَنَامْ      أَسْهَرْتَنِي فِيكَ وَنَامَ الأَنَامْ

أَوْشَكَ هَذَا اللَّيْلُ أَنْ يَنْقَضِي      وَالْعَيْنُ لا تَعْرِفُ طِيبَ الْمَنَامْ

وَيْلاهُ مِنْ ظَبْيِ الْحِمَى إِنَّهُ      جَرَّعَنِي بِالصَّدِّ مُرَّ الْحِمَامْ

يَغْضَبُ مِنْ قَوْلِيَ آهٍ وَهَلْ      قَوْلِيَ آهٍ يَا بْنَ وُدِّي حَرَامْ

لا كُتْبُهُ تَتْرَى وَلا رُسْلُهُ      تَأْتِي وَلا الْطَّيْفُ يُوافِي لِمَامْ

اللَّهُ فِي عَينٍ جَفَاهَا الْكَرَى      فِيكُمْ وَقَلْبٍ قَدْ بَرَاهُ الْغَرَامْ

طَالَ النَّوَى مِنْ بَعْدِكُمْ وَانْقَضَتْ      بَشَاشَةُ الْعَيْشِ وَسَاءَ الْمُقَامْ

أَرْتَاحُ إِنْ مَرَّ نَسِيمُ الصَّبَا      وَالْبُرْءُ لِي فِيهِ مَعَاً وَالسَّقَامْ

يَا لَيْتَنِي فِي السِّلْكِ حَرْفٌ سَرَى      أَوْ رِيشَةٌ بَيْنَ خَوَافِي الْحَمَامْ

حَتَّى أُوَافِي مِصْرَ فِي لَحْظَةٍ      أَقْضِي بِهَا فِي الْحُبِّ حَقَّ الذِّمَامْ

مَوْلايَ قَدْ طَالَ مَرِيرُ النَّوَى      فَكُلُّ يَوْمٍ مَرَّ بِي أَلْفُ عَامْ

أَنْظُرُ حَوْلِيَ لا أَرَى صَاحِباً      إِلَّا جَمَاهِيرَ وَخَيْلاً صِيَامْ

وَدَيْدَبَانَاً صَارِخاً فِي الدُّجَى      ارْجِعْ وَرَاءً إِنَّهُ لا أَمَامْ

يُقْتَبَلُ الصُّبْحُ وَيَمْضِي الدُّجَى      وَيَنْقَضِي النُّورُ وَيَأْتِي الظَّلامْ

وَلا كِتَابٌ مِنْ حَبِيبٍ أَتَى      وَلا أَخُو صِدْقٍ يَرُدُّ السَّلامْ

فِي هَضْبَةٍ مِنْ أَرْضِ دَبْريجَةٍ      لَيْسَ بِهَا غَيْرُ بُغَاثٍ وَهَامْ

وَرَاءَنَا الْبَحْرُ وَتِلْقَاءَنَا      سَوَادُ جَيْشٍ مُكْفَهِرٍّ لُهَامْ

فَتِلْكَ حَالِي لا رَمَتْكَ النَّوَى      فَكَيْفَ أَنْتُمْ بَعْدَنَا يَا هُمَامْ

     

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق