امرؤ القيس:
دَيمَةٌ هَطلاءُ فيها
وَطَفٌ
|
طَبَّقَ الأَرضَ
تُجَرّى وَتُدِر
|
تُخرِجُ الوِدَّ إِذا
ما أَشجَذَت
|
وَتُواريهِ إِذا ما
تَشتَكِر
|
وَتَرى الضَبَّ خَفيفاً
ماهِر
|
ثانِياً بُرثُنُهُ ما
يَنعَفِر
|
وَتَرى الشَجراءَ في
رَيِّقِهِ
|
كَرُؤوسٍ قُطِّعَت فيها
الخُمِر
|
ساعَةً ثُمَّ اِنتَحاها
وابِلٌ
|
ساقِطُ الأَكنافِ واهٍ
مُنهَمِر
|
راحَ تُمرِيهِ الصَبا
ثُمَّ اِنتَحى
|
فيهِ شُؤبوبُ جُنوبٍ
مُنفَجِر
|
ثَجَّ حَتّى ضاقَ عَن
آذِيِّهِ
|
عَرضُ خَيمٍ فَخُفاءٍ
فَيُسُر
|
قَد غَدا يَحمِلُني في
أَنفِهِ
|
لاحِقُ الإِطلَينِ
مَحبوكٌ مُمِر
|
جليلة بنت مرة:
يَا ابْنَةَ الأَقْوَامِ إِنْ شِئْتِ فَلا تَعْجَلِي بِاللَّوْمِ حَتَّى تَسْأَلِي
فَإِذَا أَنْتِ تَبَيَّنْتِ الَّذِي يُوجِبُ اللَّوْمَ فَلُومِي واعْذُلِي
إِنْ تَكُنْ أُخْتُ امْرِئٍ لِيمَتْ عَلَى شَفَقٍ مِنْهَا عَلَيْهِ فَافْعَلِي
جَلَّ عِنْدِي فِعْلُ جَسَّاسٍ فَيَا حَسْرَتِي عَمَّا انْجَلَتْ أَوْ تَنْجَلِي
فِعْلُ جَسَّاسٍ عَلَى وَجْدِي بِهِ قَاطِعٌ ظَهْرِي وَمُدْنٍ أَجَلِي
لَوْ بِعَيْنٍ فُقِئَتْ عَيْنِي سِوَى أُخْتِهَا فَانْفَقَأَتْ لَمْ أَحْفِلِ
تَحْمِلُ العَيْنُ قَذَى العَيْنِ كَمَا تَحْمِلُ الأُمُّ أذَىَ مَا تَفْتَلِي
يَا قَتِيلاً قَوَّضَ الدَّهْرُ بِهِ سَقْفَ بَيْتَيَّ جَمِيعًا مِنْ عَلِ
هَدَمَ البَيْتَ الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ وَانْثَنَى فِي هَدْمِ بَيْتِي الأَوَّلِ
وَرَمَانِي قَتْلُهُ مِنْ كَثَبٍ رَمْيَةَ المُصْمِي بِهِ المُسْتَأْصِلِ
يَا نِسَائِي دُونَكُنَّ اليَوْمَ قَدْ خَصَّنِي الدَّهْرُ بِرُزْءٍ مُعْضِلِ
خَصَّنِي قَتْلُ كُلَيْبٍ بِلَظًى مِنْ وَرَائِي وَلَظًى مُسْتَقْبِلِي
لَيْسَ مَنْ يَبْكِي لِيَوْمَيْنِ كَمَنْ إِنَّمَا يَبْكِي لِيَوْمٍ يَنْجَلِي
يَشْتَفِي المُدْرِكُ بِالثَّأْرِ وَفِي دَرَكِي ثَأْرِيَ ثُكْلُ المُثْكِلِ
لَيْتَهُ كَانَ دَمِي فَاحْتَلَبُوا بَدَلاً مِنْهُ دَمًا مِنْ أَكْحَلِي
إِنَّنِي قَاتِلَةٌ مَقْتُولَةٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْتَاحَ لِي
حافظ إبراهيم:
لاحَ مِنها حاجِبٌ
لِلناظِرين |
فَنَسوا بِاللَيلِ
وَضّاحَ الجَبين |
وَمَحَت آيَتُها
آيَتَهُ |
وَتَبَدَّت فِتنَةً
لِلعالَمين |
نَظَرَ إِبراهامُ فيها
نَظرَةً |
فَأَرى الشَكَّ وَما
ضَلَّ اليَقين |
قالَ ذا رَبّي فَلَمّا
أَفَلَت |
قالَ إِنّي لا أُحِبُّ
الآفِلين |
وَدَعا القَومَ إِلى
خالِقِها |
وَأَتى القَومَ
بِسُلطانٍ مُبين |
رَبِّ إِنَّ الناسَ
ضَلّوا وَغَوَوا |
وَرَأَوا في الشَمسِ
رَأيَ الخاسِرين |
خَشَعَت أَبصارُهُم
لَمّا بَدَت |
وَإِلى الأَذقانِ
خَرّوا ساجِدين |
نَظَروا آياتِها
مُبصِرَةً |
فَعَصَوا فيها كَلامَ
المُرسَلين |
نَظَروا بَدرَ الدُجى
مِرآتَها |
تَتَجَلّى فيهِ حيناً
بَعدَ حين |
ثُمَّ قالوا كَيفَ لا
نَعبُدُها |
هَل لَها فيما تَرى
العَينُ قَرين |
هِيَ أُمُّ الأَرضِ في
نِسبَتِها |
هِيَ أُمُّ الكَونِ
وَالكَونُ جَنين |
هِيَ أُمُّ النارِ
وَالنورِ مَعاً |
هِيَ أُمُّ الريحِ
وَالماءِ المَعين |
هِيَ طَلعُ الرَوضِ
نَوراً وَجَنىً |
هِيَ نَشرُ الوَردِ
طيبُ الياسَمين |
هِيَ مَوتٌ وَحَياةٌ
لِلوَرى |
وَضَلالٌ وَهُدىً
لِلغابِرين |
صَدَقوا لَكِنَّهُم ما
عَلِموا |
أَنَّها خَلقٌ سَيَبلى
بِالسِنين |
أَإِلَهٌ لَم يُنَزِّه
ذاتَهُ |
عَن كُسوفٍ بِئسَ زَعمُ
الجاهِلين |
إِنَّما الشَمسُ وَما
في آيِها |
مِن مَعانٍ لَمَعَت
لِلعارِفين |
حِكمَةٌ بالِغَةٌ قَد
مَثَّلَت |
قُدرَةَ اللَهِ لِقَومٍ
عاقِلين |
ابن سهل الأندلسي:
هَل دَرى ظَبيُ الحِمى
أَن قَد حَمى
|
قَلبَ صَبٍّ حَلَّهُ
عَن مَكنَسِ
|
فَهوَ في حَرٍّ وَخَفقٍ
مِثلَما
|
لَعِبَت ريحُ الصَبا
بِالقَبَسِ
|
يا بُدوراً أَطلَعَت
يَومَ النَوى
|
غُرَراً تَسلُكُ بي
نَهجَ الغَرَر
|
ما لِنَفسي وَحدَها
ذَنبٌ سِوى
|
مِنكُمُ الحُسنُ وَمِن
عَيني النَظَر
|
أَجتَني اللَذّاتِ
مَكلومَ الجَوى
|
وَاِلتِذاذي مِن حَبيبي
بِالفِكَر
|
وَإِذا أَشكو بِوَجدي
بَسَما
|
كَالرُبى وَالعارِضِ
المُنبَجِسِ
|
إِذ يُقيمُ القَطرُ
فيهِ مَأتَما
|
وَهيَ مِن بَهجَتِها في
عُرُسِ
|
مَن إِذا أُملي عَلَيهِ
حُرَقي
|
طارَحَتني مُقلَتاهُ
الدَنَفا
|
تَرَكَت أَجفانُهُ مِن
رَمَقي
|
أَثَرَ النَملِ عَلى
صُمِّ الصَفا
|
وَأَنا أَشكُرُهُ فيما
بَقي
|
لَستُ أَلحاهُ عَلى ما
أَتلَفا
|
فَهوَ عِندي عادِلٌ إِن
ظَلَما
|
وَعَذولي نُطقُهُ
كَالخَرَسِ
|
لَيسَ لي في الأَمرِ
حُكمٌ بَعدَما
|
حَلَّ مِن نَفسي
مَحَلَّ النَفَسِ
|
غالِبٌ لي غالِبٌ
بِالتُؤَدَه
|
بِأَبي أَفديهِ مِن
جافٍ رَقيق
|
ما عَلِمنا قَبلَ ثَغرٍ
نَضَّدَه
|
أُقحُواناً عُصِرَت
مِنهُ رَحيق
|
أَخَذَت عَيناهُ مِنها
العَربَدَه
|
وَفُؤادي سُكرُهُ ما
إِن يُفيق
|
فاحِمُ اللِمَّةِ
مَعسولُ اللَمى
|
ساحِرُ الغُنجِ شَهِيُّ
اللَعَسِ
|
حُسنُهُ يَتلو الضُحى
مُبتَسِماً
|
وَهوَ مِن إِعراضِهِ في
عَبَسِ
|
أَيُّها السائِلُ عَن
جُرمي لَدَيه
|
لي جَزاءُ الذَنبِ
وَهوَ المُذنِبُ
|
أَخَذَت شَمسُ الضُحى
مِن وَجنَتَيهِ
|
مَشرِقاً لِلشَمسِ فيهِ
مَغرِبُ
|
ذَهَّبَت دَمعِيَ
أَشواقي إِلَيه
|
ولَهُ خَدٌّ بِلَحظي
مُذهَبُ
|
يُنبِتُ الوَردَ
بِغَرسي كُلَّما
|
لَحَظَتهُ مُقلَتي في
الخُلَسِ
|
لَيتَ شِعري أَيُّ
شَيءٍ حَرّما
|
ذَلِكَ الوَردَ عَلى
المُغتَرِسِ
|
أَنفَذَت دَمعِيَ نارٌ
في ضِرام
|
تَلتَظي في كُلِّ حينٍ
ما يَشا
|
هِيَ في خَدَّيهِ بَردٌ
وَسَلام
|
وَهيَ ضُرٌّ وَحَريقٌ
في الحَشا
|
أَتَّقي مِنهُ عَلى
حُكمِ الغَرام
|
أَسَداً وَرداً
وَأَهواهُ رَشا
|
قُلتُ لَمّا أَن
تَبَدّى مُعلَما
|
وَهوَ مِن أَلحاظِهِ في
حَرَسِ
|
أَيُّها الآخِذُ قَلبي
مَغنَما
|
اِجعَلِ الوَصلَ مَكانَ
الخُمُسِ
|
إبراهيم ناجي: |
يا فؤادي رحم الله
الهوى
|
كان صرحاً من خيال فهوى
|
اسقني واشرب على أطلاله
|
واروِ عني طالما الدمع
روى
|
كيف ذاك الحب أمسى
خبراً
|
وحديثاً من أحاديث
الجوى
|
وبساطا من ندامى حلم
|
هم تواروا أبداً وهو
انطوى
|
يا رياحا ليس يهدا
عصفها
|
نضب الزيت ومصباحي
انطفا
|
وأنا أقتات من وهم عفا
|
وأفي العمر لناسٍ ما
وفى
|
كم تقلبت على خنجره
|
لا الهوى مال ولا الجفن
عفا
|
وإذا القلب على غفرانه
|
كلما غار به النصل عفا
|
يا غراما كان مني في
دمي
|
قدراً كالموت أوفى طعمه
|
ما قضينا ساعة في عرسه
|
وقضينا العمر في مأتمه
|
ما انتزاعي دمعة من
عينه
|
واغتصابي بسمة من فمه
|
ليت شعري أين منه مهربي
|
أين يمضي هارب من دمه
|
لست أنساك وقد أغريتني
|
بفمٍ عذبِ المناداة
رقيق
|
ويد تمتد نحوي كيدٍ
|
من خلال الموج مُدّت
لغريق
|
آه يا قِبلة أقدامي إذا
|
شكت الأقدام أشواك
الطريق
|
وبريقاً يظمأ الساري له
|
أين في عينيك ذياك
البريق
|
لست أنساك وقد أغريتني
|
بالذرى الشم فأدمنت
الطموح
|
أنت روح في سمائي وأنا
|
لك أعلو فكأني محض روح
|
يا لها من قمم كنّا بها
|
نتلاقى وبسرّينا نبوح
|
نستشف الغيب من أبراجها
|
ونرى الناس ظلالاً في
السفوح
|
أنتِ حسن في ضحاه لم
يَزَل
|
وأنا عنديَ أحزان
الطفَل
|
وبقايا الظل من ركب رحل
|
وخيوط النور من نجم أفل
|
ألمح الدنيا بعيني سئمٍ
|
وأرى حولي أشباح الملل
|
راقصات فوق أشلاء الهوى
|
معولات فوق أجداث الأمل
|
ذهب العمر هباء فاذهبي
|
لم يكن وعدك إلا شبحا
|
صفحة قد ذهب الدهر بها
|
أثبت الحب عليها ومحا
|
انظري ضِحكي ورقصي فرحا
|
وأنا أحمل قلباً ذبحا
|
ويراني الناس روحاً
طائراً
|
والجَوى يطحنني طحن
الرحى
|
كنت تمثال خيالي فهوى
|
المقادير أرادت لا يدي
|
ويحها لم تدر ماذا حطمت
|
حطمت تاجي وهدت معبدي
|
يا حياة اليائس المنفرد
|
يا يباباً ما به من أحد
|
يا قفاراً لافحاتٍ ما
بها
|
من نجي يا سكون الأبد
|
أين من عيني حبيب ساحر
|
فيه نبل وجلال وحياء
|
واثق الخطوة يمشي ملكاً
|
ظالم الحسن شهي
الكبرياء
|
عبق السحر كأنفاس الربى
|
ساهم الطرف كأحلام
المساء
|
مشرق الطلعة في منطقه
|
لغة النور وتعبير السماء
|
أين مني مجلس أنت به
|
فتنَة تمت سناء وسنى
|
وأنا حب وقلب ودم
|
وفراش حائر منك دنا
|
ومن الشوق رسول بيننا
|
ونديم قدم الكأس لنا
|
وسقانا فانتفضنا لحظة
|
لغبارٍ آدمي مسنا
|
قد عرفنا صولة الجسم
التي
|
تحكم الحي وتطغى في
دماه
|
وسمعنا صرخة في رعدها
|
سوط جلاد وتعذيب إله
|
أمرتنا فعصينا أمرها
|
وأبينا الذل أن يغشى
الجباه
|
حكم الطاغي فكنا في
العصاه
|
وطردنا خلف أسوار
الحياه
|
يا لمنفيين ضلا في
الوعور
|
دميا بالشوك فيها
والصخور
|
كلما تقسو الليالي عرفا
|
روعة الآلام في المنفى
الطهور
|
طردا من ذلك الحلم
الكبير
|
للحظوظ السود والليل
الضرير
|
يقبسان النور من
روحيهما
|
كلما قد ضنت الدنيا
بنور
|
أنت قد صيرت أمري عجبا
|
كثرت حوليَ أطيار الربى
|
فإذا قلت لقلبي ساعة
|
قم نغرد لسوى ليلي أبى
|
حجبت تأبى لعيني مأربا
|
غير عينيك ولا مطلبا
|
أنتِ من أسدلها لا تدعي
|
أنني أسدلت هذي الحجبا
|
ولكم صاح بي اليأس
انتزعها
|
فيرد القدر الساخر دعها
|
يا لها من خطة عمياء لو
|
أنني أبصر شيئاًَ لم
أطعها
|
وليَ الويل إذا لبيتها
|
ولي الويل إذا لم
أتبعها
|
قد حنت رأسي ولو كل
القوى
|
تشتري عزة نفسي لم
أبعها
|
يا حبيبا زرت يوما أيكه
|
طائر الشوق أغني ألمي
|
لك ابطاء الدلال المنعم
|
وتجني القادر المحتكم
|
وحنيني لك يكوي أعظمي
|
والثواني جمرات في دمي
|
وأنا مرتقب في موضعي
|
مرهف السمع لوقع القدم
|
قدم تخطو وقلبي مشبه
|
موجة تخطو إلى شاطئها
|
أيها الظالم بالله إلى
كم
|
أسفح الدمع على موطئها
|
رحمة أنت فهل من رحمة
|
لغريب الروح أو ظامئها
|
يا شفاء الروح روحي
تشتكي
|
ظلم آسيها إلى بارئها
|
أعطني حريتي أطلق يديّ
|
إنني أعطيت ما استبقيت
شيّ
|
آه من قيدك أدمى معصمي
|
لمَ أبقيه وما أبقى
عليّ
|
ما احتفاظي بعهود لم
تصنها
|
وإلام الأسر والدنيا
لديّ
|
ها أنا جفت دموعي فاعف
عنها
|
إنها قبلك لم تبذل لحي
|
وهب الطائر عن عشك طارا
|
جفت الغدران والثلج أغارا
|
هذه الدنيا قلوب جَمَدت
|
خبت الشعلة والجمر
توارى
|
وإذا ما قبس القلب غدا
|
من رماد لا تسله كيف
صارا
|
لا تسل واذكر عذاب
المصطلي
|
وهو يذكيه فلا يقبس
نارا
|
لا رعى الله مساءً
قاسياً
|
قد أراني كل أحلامي سدى
|
وأراني قلب من أعبده
|
ساخراً من مدمعي سخر
العدا
|
ليت شعري أي أحداث جرت
|
أنزلت روحك سجناً موصدا
|
صدئت روحك في غيهبها
|
وكذا الأرواح يعلوها
الصدا
|
قد رأيت الكون قبراً
ضيقا
|
خيّم اليأس عليه
والسكوت
|
ورأت عيني أكاذيب الهوى
|
واهيات كخيوط العنكبوت
|
كنت ترثي لي وتدري ألمي
|
لو رثى للدمع تمثال
صموت
|
عند أقدامك دنيا تنتهي
|
وعلى بابك آمال تموت
|
كنت تدعونيَ طفلاً كلما
|
ثار حبي وتندت مقلي
|
ولك الحق لقد عاش الهوى
|
فيّ طفلاً ونما لم يعقل
|
ورأى الطعنة إذ صوبتها
|
فمشت مجنونة للمقتل
|
رمت الطفل فأدمت قلبه
|
وأصَابت كبرياء الرجل
|
قلت للنفس وقد جزنا
الوصيدا
|
عجلي لا ينفع الحزم
وئيدا
|
ودعي الهيكل شبت ناره
|
تأكل الركع فيه
والسجودا
|
يتمنّى لي وفائي عودة
|
والهوى المجروح يأبى أن
نعودا
|
لي نحو اللهب الذاكي به
|
لفتة العود إذا صار
وقودا
|
لست أنسى ابداً
|
ساعة في العمر
|
تحت ريح صفقت
|
لارتقاص المطر
|
نوّحت للذكر
|
وشكت للقمر
|
وإذا ما طربت
|
عربدت في الشجر
|
هاك ما قد صبت الريح
بأذن الشاعر
|
وهي تغري القلب إغراء
النصيح الفاجر
|
أيها الشاعر تغفو
|
تذكر العهد وتصحو
|
وإذا ما التام جرح
|
جد بالتذكار جرح
|
فتعلم كيف تنسى
|
وتعلم كيف تمحو
|
أو كل الحب في رأ
|
يك غفرانٌ وصفح
|
هاك فانظر عدد الرمل
قلوبا ونساء
|
فتخير ما تشاء ذهب
العمر هباء
|
ضل في الأرض الذي ينشد
أبناء السماء
|
أي روحانية تعصر من طين
وماء
|
أيها الريح أجل لكنما
|
هي حبي وتعلاتي ويأسي
|
هي في الغيب لقلبي خلقت
|
أشرقت لي قبل أن تشرق
شمسي
|
وعلى موعدها أطبقت عيني
|
وعلى تذكارها وسدت رأسي
|
جنت الريح ونادته
شياطين الظلام
|
أختاما كيف يحلو لك في البدء
الختام
|
يا جريحا أسلم الجرح
حبيبا نكأه
|
هو لا يبكي إذا الناعي
بهذا نبأه
|
أيها الجبار هل تصرع من
أجل امرأة
|
يا لها من صيحة ما بعثت
|
عنده غير أليم الذكر
|
أرقت في جنبه فاستيقظت
|
كبقايا خنجر منكسر
|
لمع النهر وناداه له
|
فمضى منحدراًللنهر
|
ناضب الزاد وما من سفر
|
دون زادٍ غير هذا السفر
|
يا حبيبي كل شيء بقضاء
|
ما بأيدينا خلقنا تعساء
|
ربما تجمعنا أقدارنا
|
ذات يوم بعد ما عز
اللقاء
|
فإذا أنكر خل خله
|
وتلاقينا لقاء الغرباء
|
ومضى كل إلى غايته
|
لا تقل شيئاً وقل لي
الحظ شاء
|
يا مغني الخلد ضيعت
العمر
|
في أناشيد تغنّى للبشر
|
ليس في الأحياء من
يسمعنا
|
ما لنا لسنا نغني للحجر
|
للجمارات التي ليست تعي
|
والرميمات البوالي في
الحفر
|
غنّها سوف تراها انتفضت
|
ترحم الشادي وتبكي
للوتر
|
يا نداء كلما أرسلته
|
رد مقهوراً وبالحظ
ارتطم
|
وهتافاً من أغاريد
المنى
|
عاد لي وهو نواحٌ وندم
|
رب تمثال جمالٍ وسنا
|
لاح لي والعيش شجو وظلم
|
ارتمى اللحن عليه
جاثياً
|
ليس يدري أنه حسن
أصمهدأ الليل ولا قلب له
|
أيها الساهر يدري حيرتك
|
أيها الشاعر خذ قيثارتك
|
غن أشجانك واسكب دمعتك
|
رب لحن رقص النجم له
|
وغزا السحب وبالنجم فتك
|
غنّه حتى نرى ستر الدجى
|
طلع الفجر عليه فانهتك
|
وإذا ما زهرات ذعرت
|
ورأيت الرعب يغشى قلبها
|
فترفق واتئد واعزف لها
|
من رقيق اللحن وامسح
رعبها
|
ربما نامت على مهد
الأسى
|
وبكت مستصرخات ربها
|
أيها الشاعر كم من زهرة
|
عوقبت لم تدر يوماً
ذنبها
|
|
صالح الشرنوبي:
يا حبيبي طاف بالماضي
خيالي
|
هائما يبعث غافي
الذكريات
|
ويغنيني على رغم
الليالي
|
لحن حب مر بي في لحظات
|
يوم أن ذقنا أفاويق
الوصال
|
في كؤوس بهوانا مترعات
|
أتراني ساليا ما أنا
سالي
|
كيف يسلو غارق في
الجمرات
|
أترى تذكر يا حلو
الدلال
|
رقصة الموج وإطراق
السفين
|
وهي تختال بنا أيّ
اختيال
|
تسأل الموج عن السر
الدفين
|
أنت أشعلتَ بها نار
السؤال
|
بعد أن أشعلت نيران
الحنين
|
يا حبيبي أنت فنّى
ومثالي
|
وأنا فجركَ في أفقِ
السنين
|
وكما مرّ الذي مرّ
ببالي
|
سوف أمضى صرخاتٍ من
شجون
|
أبو العتاهية:
يرُ أَيّامِ الفَتى
يَومَ نَفَع
|
وَاصطِناعُ الخَيرِ
أَبقى ما صَنَع
|
وَنَظيرُ المَرءِ في
مَعروفِهِ
|
شافِعٌ مَتَّ إِلَيهِ
فَشَفَع
|
ما يُنالُ الخَيرُ
بِالشَرِّ وَلا
|
يَحصِدُ الزارِعُ إِلّا
ما زَرَع
|
لَيسَ كُلُّ الدَهرِ
يَوماً واحِداً
|
رُبَّما ضاقَ الفَتى
ثُمَّ اتَّسَع
|
خُذ مِنَ الدُنيا
الَّذي دَرَّت بِهِ
|
وَاسلُ عَمّا فاتَ
مِنها وَانقَطَع
|
إِنَّما الدُنيا مَتاعٌ
زائِلٌ
|
فَاقتَصِد فيهِ وَخُذ
مِنهُ وَدَع
|
وَاِرضَ لِلناسِ بِما
تَرضى بِهِ
|
وَاِتبَعِ الحَقَّ
فَنِعمَ المُتَّبَع
|
وَاِبغِ ما اِستَعتَ
عَنِ الناسِ الغِنى
|
فَمَنِ اِحتاجَ إِلى
الناسِ ضَرَع
|
أَبلِغِ الجامِعَ أَن
لَو قَد أَتى
|
يَومُهُ لَم يُغنِ
عَنهُ ما جَمَع
|
إِنَّ لِلخَيرِ
لَرَسماً بَيِّناً
|
طَبَعَ اللَهُ عَلَيهِ
مَن طَبَع
|
قَد بَلَونا الناسَ في
أَخلاقِهِم
|
فَرَأَيناهُم لِذي
المالِ تَبَع
|
وَحَبيبُ الناسِ مَن
أَطمَعَهُم
|
إِنَّما الناسُ جَميعاً
بِالطَمَع
|
اِحمَدِ اللَهَ عَلى
تَقديرِهِ
|
قَدَّرَ الرِزقَ
فَأَعطى وَمَنَع
|
سُمتُ نَفسي وَرَعاً
تَصدُقُهُ
|
فَنَهاها النَقصُ عَن
ذاكَ الوَرَع
|
فَلِنَفسي عِلَلٌ
لاتَنقَضي
|
وَلَها مَكرٌ لَطيفٌ
وَخُدَع
|
وَلِنَفسي غَفَلاتٌ لَم
تَزَل
|
وَلَها بِالشَيءِ
أَحياناً وَلَع
|
وَلِنَفسي حينَ تُعطى
فَرَحٌ
|
وَاضطِرابٌ عِندَ مَنعٍ
وَجَزَع
|
عَجَباً مِن مُطمَئِنٍ
آمِنٍ
|
إِنَّما يُغذى
بِأَلوانِ الفَزَع
|
عَجَباً لِلناسِ ما
أَغفَلَهُم
|
مِن وُقوعِ المَوتِ
عَمّا سَيَقَع
|
عَجَباً إِنّا لَنَلقى
مَرتَعاً
|
كُلُّنا قَد عاثَ فيهِ
وَرَتَع
|
يا أَخا المَيتِ الَّذي
شَيَّعَهُ
|
فَحَثا التُربَ عَلَيهِ
وَرَجَع
|
لَيتَ شِعري ما تَزَوَّدتَ
مِنَ ال
|
زادِ يا هَذا لِهَولِ
المُطَلَع
|
يَومَ يَهديكَ
مُحِبّوكَ إِلى
|
ظُلمَةِ القَبرِ وَضيقِ
المُضطَجَع
|
بشار بن بُرد:
ما على الأحرار من
رِقٍّ إذا
|
نَقَدوا شكرهم مَوْلى
أيادِي
|
إنَّما الرقُّ سِخابٌ
لامرىء
|
لبس النعماء والكفرانُ
بادي
|
وكذا رقٌّ الأيادي لازم
|
جِيدَ من أنكره حتى
التنادي
|
والمقرُّونَ به قد
خلعوا
|
طوْقَه عنهم بحكم غيْرِ
عادي
|
إنما النُّعْمَى صِفادٌ
فإذا
|
لَقِيت شكراً فليست
بصِفادِ
|
ولقد كافأ بالنعمى
امْرُؤٌ
|
كافأ النعمى بإخلاص
الودادِ
|
إن يكن نُوِّلَ نيْلاً
من يد
|
فلقد نَوَّلَ نيْلاً من
فؤادِ
|
فاغدُ في أمنٍ من
الرقِّ ومن
|
سطوة الدهر وذل
الإضطهادِ
|
قد أوى جار الذي جاورته
|
خير مأْوى ورعى في خير
وادِ
|
العلاءُ المبتَني شُمَّ
العُلا
|
مُنْجِد المنجود طَلّاع
النِّجادِ
|
يَمَّمَتْ همتُه قصوى
المَدى
|
فجرى جَرْيَ جواد
لجوادِ
|
تَجدُ المُتلَفَ من
أمواله
|
واقعاً منه وقوع
المستفادِ
|
فهو لا يفترُ من سَحِّ
الندى
|
ببنانٍ سَبِطاتٍ لا
جِعادِ
|
غيرُ لاهٍ باللُّهى بل
عالماً
|
أنّ بذل العُرف من خير
عتادِ
|
مستزيداً في مَعَالٍ
جمَّة
|
ليس فيها لامرئٍ من
مستزادِ
|
لا ترى استطراف علْقٍ
طارفٍ
|
شيمةً منه ولا إلْفَ
تلادِ
|
كُلُّ ذخْرٍ لمَعاشٍ
عنده
|
مُقْتَنىً من فضل زادٍ
لمعادِ
|
بذل الدنيا بكفٍّ سمحةٍ
|
مثلُها ضُمِّن أرزاق
العبادِ
|
وتولّاها بعقلٍ راجحٍ
|
مثله قُلِّد إصلاحَ
البلادِ
|
سالكاً في كل فَجٍّ
وْحدَه
|
حين لا يُوحشه طولُ
انفرادِ
|
غانياً عن كل إرشادٍ
بما
|
فيه من فضل رشاد وسدادِ
|
وكذاك البدر يسري في
الدجى
|
وله من نفسه نورٌ وهادي
|
لم يُكانفْهُ على الأمر
امرؤ
|
إنه أوْحَدُ من قوْمٍ
وحادِ
|
حسْبه من كلِّ رأي رأيه
|
مُستشاراً في الملمَّات
الشِّدادِ
|
أصبح الناس سواداً
حالكاً
|
وهُوَ الغُرَّةُ في ذاك
السوادِ
|
فليعش ما بقيت آثاره
|
وهي أبقى من شروى ونضاد
|
أحمد
زكي أبو شادي: |
اضحكي يا شمسُ وابكى يا
سماء
|
إنَّ هذا العيدَ عيدُ
الشَّهداء
|
لا أبالي أيَّ قُطرٍ
حازهُم
|
إنّهم ملءُ أناشيدِ
الرجاء
|
لا أُبالي أيَّ تاريخٍ
حوى
|
ذِكرهُم فالَّذكرُ
عنوانُ البقاء
|
لم تميزهمُ سوى
أعمالِهم
|
أو يعِّرفهم سوى لون
الفدَاء
|
ربَّ منهم مَن تردَّى
بالأسى
|
كم ذبيحٍ لم يُضرَّج
بالدماء
|
كم شجاع عاينَ الموت
وقد
|
هابهَ الموتُ وشُّر
الأشقياء
|
ليس من يحملُ قلباً
كفُّه
|
مثلَ من يحملُ ذُلَّ
الجبناء
|
وفتاة في رُبَى شيلى
حَمت
|
بطلاً بل بطلينِ من
فناء
|
لجآ واستعصما في قبوها
|
كدنانِ الخمرِ تزكو في
الخفاء
|
والدٌ حُّر وطفلٌ رَضعا
|
في اختلافِ السنِّ
تقدَيس الإباء
|
كافحا في طردهم أسبانيا
|
حينَ سادَ الليلُ
واغتيلَ الضياء
|
حين صار العيشُ والموتُ
معاً
|
عَدَماً لليائسين
الضعفاء
|
فأتى الجندُ لبحثٍ
عنهما
|
وهما في القبو رهنٌ
للقضاء
|
لحظةٌ إن شاءَ ماتا
إثرَها
|
أو أبىَ مَرَّت مُجوناً
أو هُراء
|
قالت الحسناءُ هذا
منزلي
|
لا ألبىّ فيه حُكمَ
الغربَاء
|
أي زادْ شئتمو حُّل لكم
|
إن يكن عندي وليس
الاعتداء
|
ما مفاتيحي سوى رمزي
فما
|
أرتضى ذُلاًّ لمن
بالسيف جاء
|
ان يكن معناى هذا
ضائعاً
|
بينكم فهو بنفسي
والوفاء
|
قُبِّحتَ أعمالكم من
ظَنِّكم
|
أنَّ عُذر الحرب عذر
اللؤماء
|
تستبيحون بيوتاً لم تكن
|
غير أقداس عفافِ ونقاء
|
وتدوسون رضىَ اصحابها
|
هل هُموُ رجسٌ وأنتم
أتقياء
|
فاستشاط الضابطُ العاتي
وأرغى
|
حانقاً كالذئبِ دوَّى
بالعواء
|
استعُّدوا فاستعُّدوا
زُمرةَ
|
عُوِّدت لذةَ قتل
الأبرياء
|
صوبوا النار إليها في
رضىَ
|
يرقبونَ الأمرَ
كالرَّاجي العطاء
|
والفتاةُ الحرةُ
الهيفاءُ تأبى
|
أىَّ عفوٍ أو خضوعِ أو
رياء
|
نظرت نظرةَ جبارٍ عنيدٍ
|
تطعنُ البغىَ بسهمِ
الكبرياء
|
فإذا بالضابطِ المغرورِ
يبدو
|
عاجزاً عن أن يُثنِّى
بالنِّداء
|
وأخيراً بعد لأىٍ قال
بل
|
سوف تغدونَ أمامي
كالشِّواء
|
سأحيلُ البيتَ ناراً
ملؤها
|
ضحكاتٌ من روؤسِ
الأغبياء
|
لا تظنىّ والألى
تحمينهم
|
أنكم إلاّ هباءً في
هَباء
|
سأريكم في حجيمٍ حولكم
|
غاية الغدرِ وعقبى
السفهاء
|
فأبت إلاّ شموخا زاده
|
ثورةً واستضحكت مما
أفاء
|
وأشارت نحو جمرٍ لاعبٍ
|
باللَّظى في الموقدِ
الجمّ الذَكاء
|
ثم قالت لك هذا كلُّهُ
|
فاغتنمه محرِقاً أنَّى
تشاء
|
إنّ حرقَ الجسمِ أمرٌ
هينٌ
|
حين تنجو الروحُ من هذا
البلاء
|
فتهاوى ذلك القاسي كمن
|
ناله العُّى وإن فات
الحياء
|
ومضى والجندُ ما مدوا
يداً
|
نحوها أو لفظوا لفظا
أساء
|
بل مضوا كالخرسٍ لم
يُعرف لهم
|
غرضٌ أو نكصوا كالبلهاء
|
دامت الحربُ طويلا
وانتهت
|
كانتهاءِ الشهُّبِ في
القفر العراء
|
ما درى الناسُ لماذا
نشبت
|
واستمرت في دموعٍ ودماء
|
ولماذا فجأةً قد انتهت
|
فتساوت في ابتداءٍ
وانتهاء
|
أيدومُ الناس في
ضلاّتهم
|
وأَضُّل الناسِ كان
الزعماء
|
ما تعادَوا مرةً عن
سببٍ
|
لم يوفَّق فيه حُكمُ الحكماء
|
ما حقوقُ الشعبِ مهما
أنكرَت
|
بالتي تُمحى إذا ما
الشعب شاء
|
شَّب ذاك الطفلُ في
أمتَّه
|
قائداً أنضجهُ طولُ
البلاءَ
|
مرَّت الأحداثُ في
سيرته
|
مِثلَ عصفِ الريحِ في
أعلى الجوَاء
|
لم تُهَّدمهُ ولكن
أشبعت
|
عَقلهُ فهماً وحزماً
ومضاء
|
صار قُطباً تهتدى
أمَّتهٌ
|
بهدَاه وصديقَ العلماء
|
وَبَنىَ تحديدَها من
روحه
|
قبل صُلبٍ راسخٍ أو
كهرباء
|
شَّع في تاريخها
اشعاعَهُ
|
في نُهىَ جامعةٍ فيها
أضاء
|
كان من أَسَّسها
إيمانُهُ
|
برسالاتِ الهدَاةِ
الأمُناء
|
هكذا الأبطال يحيا ذكرٌ
هم
|
في سبيل الحقِّ مثلَ
الأنبياء
|
|
البوصيري:
سارَتِ العِيسَ
يُرَجِّعْنَ الحَنِينا
|
وَيُجَاذِبْنَ مِنَ
الشَّوْقِ البُرينا
|
دامِياتٍ مِنْ حَقِّي
أَخْفافُها
|
تَقْطَعُ البِيدُ
سَهَولاً وحُزُونا
|
وَعَلَى طُولِ طَواها
حُرِمَتْ
|
عُشْبَهَا المُخْضَرَّ
والماءَ المَعِينا
|
كلما جَدَّ بها
الوَجْدُ إلَى
|
غايَة لَمْ تَدْرِها
إلاَّ ظُنُونا
|
قُلْتُ لِلْحَادِي
أعِذْ أَشْواقَها
|
بالسُّرَى إنَّ مِنَ
الشَّوقِ جُنُونا
|
آهِ مِنْ يَوْمِ بهِ
أَبْكِي دَماً
|
إنَّ لِلْعِيسِ وَلِي
فيهِ شُؤُونا
|
أَسَرَتْ ألْبَابَنا
لَمَّا سَرَتْ
|
تَحْمِلُ الحُسْنَ
بُدوراً وغُصُونا
|
كلُّ سَمْراءَ وما
أنْصَفْتُها
|
فَضَحَتْ سُمْرَ القَنا
لَوناً وَلِينا
|
أعْدَتِ القَلْبَ
فُتُوراً وضَنىً
|
لَيْتَها مِنْ وَسَنِ
تُعْدِي الجُفونا
|
ثَغْرُها الدُّرِّيُّ
مِنْ أنْفاسِهِ
|
مِسْكُ دارينَ وَخَمْرُ
الأَنْدرِينا
|
أَخَذَتْ قَلْبي
وَصَبرِي والكَرَى
|
يَوْمَ بَيْعي
النَّفْسَ منها أَرَبُونا
|
لا أقالَ اللهُ لِي
مِنْ حُبِّها
|
بَيعَه يَوْماً وَلاَ
فَكَّ رُهُونا
|
صاحِبي قِفْ بي فإني لم
أجِدْ
|
لِي عَلَى الوَجْدِ
وَلا الصَّبْر مُعِينا
|
وَسَلِ الرَّيْعَ الذِي
سُكَّانُهُ
|
رَحَلُوا عنهُ عساهُ
أَنْ يُبِينا
|
نَسَخَتْ آياتِهِ
أَيْدِي البَلَى
|
فأرَتْ عَيْنِيَ منهُ
الصَّادَ شِينا
|
وَجَنوبٌ وَشمالٌ
جَعَلاَ
|
تُرْبَهُ فِي جَبهَةِ
الدَّهْرِ غضوناً
|
فَثَراهُ وَحَصَاهُ
أبَداً
|
يَفْضُلانِ المِسْكَ
وَالدُّرَّ الثَّمينا
|
سَحَبَتْ فيهِ الصَّبا
أذْيالَها
|
بِمَدِيحي لإِمامِ
المُرسَلِينا
|
أحْمَدَ الهادِي الَّذي
أُمَّتُه
|
رَضِيَ الله لها
الإسلامَ دينا
|
كانَ سِرّاً في ضَمِيرِ
الغَيْبِ مِنْ
|
قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ
كَوْنٌ أَوْ يكونا
|
تُشْرِقُ الأَكْوانُ
مِنْ أَنوارِهِ
|
كُلَّما أوْدَعَها
اللهُ جَبِينا
|
أسْجَدَ اللهُ لهُ
أمْلاكُهُ
|
يَوْمَ خَرُّوا لأَبيهِ
ساجِدينا
|
ودَعَا آدَمُ باسْمِ
المُصْطَفَى
|
دَعْوَةً قالَ لها
الصِّدْقُ آمِينا
|
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ
رَبِّهِ
|
كلماتٍ هُنَّ كَنْزُ
المُذْنِبِينا
|
وَبهِ جَنَّاتُ عَدْنٍ
رُفِعَتْ
|
عَلَماً أَبْوابُها
لِلْمُسْلِمِينا
|
ودُعُوا أَنْ تِلْكُمُ
الدارُ لكمْ
|
فادْخُلُوها بسَلامٍ
آمِنِينا
|
وَبهِ نُوحٌ دَعا في
فُلْكِهِ
|
فَأَغاثَ اللهُ نوحاً
والسَّفِينا
|
وَأَغَاثَ اللهَ ذَا
النُّونِ بهِ
|
بَعْدَ ما أَغْرَى بهِ
في البَحْرِ نُونا
|
وَشَفَى أَيُّوبَ مِنْ
ضُرٍّ كما
|
سَرَّ يَعْقُوبَ وَقد
كانَ حَزِينا
|
وَخليلُ اللهِ هَمِّتْ
قَومُهُ
|
أنْ يَكِيدُوهُ فكانوا
الأخسرينا
|
ونور المصطفى إطفاء ما
|
أوقدوه وتولوا مدبرينا
|
وَجدَتْهُ أنبياءُ
اللهِ في
|
كلِّ فضْلٍ واجِداً ما
يَجِدُونا
|
مَصْدَرُ الرَّحْمَةِ
لِلْخَلْقِ فلا
|
عَجَبٌ أَنْ يَتَوَلَّى
الصَّالحينا
|
خَتَمَ اللهُ
النَّبِيِّينَ بهِ
|
قَبْلَ أنْ يجْبُلَ
مِنْ آدَمَ طِينا
|
فَهْوَ فِي آبائِهمْ
خيرُ أبٍ
|
وَهْوَ في أبنائِهِمْ
خيرُ البَنِينا
|
قد عَلاَ بالرُّوحِ
والجِسْمِ عُلاً
|
رَجَعَتْ مِنْ دونها
الرُّوحُ الأَمِينا
|
وَرَأَى مِنْ قابِ
قَوْسَيْنِ الَّذي
|
رُدَّ مُوسَى دُونَه
مِنْ طُورِ سِينا
|
وَوَجِيهاً كانَ مُوسَى
عِنْدَهُ
|
مِثْلَما قد كانَ
جِبْرِيلُ مَكِينا
|
صَلَوَاتُ اللهِ ذِي
الفَضْلِ عَلَى
|
رُسُلِ اللهِ إلينا
أجْمَعِينا
|
أكْرَمُ الخُلْقِ هُمُ
الرُّسْلُ لنا
|
وَأبو القاسِمِ خيرُ
الأَكْرَمينا
|
فَتَعَالَى مَنْ بَرَا
صُورَتَهُ
|
مِنْ جَمَالٍ أُودِعَ
الماءَ المَهينا
|
وَاصْطَفَى مَحْتِدَهُ
مِنْ دَوْحَةٍ
|
أنْبَتَتْ أَفْنانُها
عِلماً ودِينا
|
مِنْ أُنسٍ جانَبَتْ
أَحْسَابُهُمْ
|
طُرُقَ الذَّمِّ
شِمالاً ويَمِينا
|
ما رأَينا كَرَمَ
الأخْلاقِ في
|
غَيرِ ما تَأْتُونَهُ
أَوْ يَدَّعُونا
|
يَغْضَبُ المَوْتُ إذا
ما غَضِبُوا
|
وَإذا ما غَضِبُوا هُمُ
يَغْفِرُونا
|
مَعْشَرٌ صَانَهُمُ اللهُ
لأَنْ
|
يُودَعُوا مِنْ أحْمَدَ
السِّرِّ المَصُونا
|
هَذبَ السُّؤْدُدُ
أَخْلاقَهُم
|
فَلَهُمْ مِنْ شَرَفٍ
ما يَدَّعُونا
|
عَجَباً والمُصْطَفَى
الشَّمْسُ الذَّي
|
ظَهَرَتْ أنْوَارُهُ
لْلْمُبْصِرِينا
|
شَهِدَ الكُفَّارَ
بالغَيْبِ لَهُ
|
وَأَتاهُمْ فَإذا هُمْ
مُبْلِسونا
|
أغْلَقُوا بابَ الهُدَى
مِنْ دُونِهِمْ
|
بَعْدَ ما كانُوا بهِ
يَسْتَفْتِحُونا
|
وَعَمُوا عنه فلا
وَاللهِ ما
|
تَنْفَعُ الشِّمْسُ
لَدَى القَوْمِ العَمِينا
|
وَأَتاهُمْ بِكِتابٍ
أُحْكِمَتْ
|
منه آياتٌ لقَوْمٍ
يَعْقِلونا
|
سَمِعَتْهُ الإِنْسُ
وَالجِنُّ فما
|
أنْكَرُوا مِنْ
فَضْلِهِ الحقَّ المُبِينا
|
عَجَزُوا عَنْ سُورَةٍ
مِنْ مِثْلِهِ
|
فَهُمُ اليَوْمَ له
مُسْتَسْلِمُونا
|
قال لِلْكُفَّارِ إذْ
أَفْحَمَهُمْ
|
بالتَّحَدِّي مالكمْ لا
تَنْطِقُونا
|
قَصَّ ما يَأتي عليهمْ
مِثْلَما
|
قَصَّ أَخْبارَ
القُرونِ الأَوَّلِينا
|
وأَتَتْ أَخْبارُهُ في
حِكَمٍ
|
فَتَأملْها ثِماراً
وَفُنُونا
|
قَسَّمَ الرَّحْمَة فِي
قُرَّائِهِ
|
وَعَذابَ الخِزْيِ في
المُسْتَقْسِمِينا
|
ما لَهُ مثْلٌ وَفي
أمْثالِهِ
|
أَبداً مَوْعَظَةٌ
لِلْمُتَّقِينا
|
رَحِمَ اللهُ بهِ
الخَلْقَ وَكَمْ
|
أَهْلَكَ اللهُ بآياتٍ
قُرُونا
|
ابن عبد ربه الأندلسي:
أَنا
في اللَّذَّاتِ مَخْلوعُ العِذارِ
|
هائمٌ
في حُبِّ ظَبيٍ ذِي احْورارِ
|
صُفْرَةٌ
في حُمْرَةٍ في خَدِّهِ
|
جَمعتْ
رَوضَةَ وَردٍ وَبَهارِ
|
بِأبِي
طَاقةُ آسٍ أقْبَلَتْ
|
تَتَثَنَّى
بَينَ حِجْلٍ وسِوارِ
|
قادَني
طَرْفي وقلبي للهوَى
|
كيف
مِن طرْفي ومِن قَلبي حِذاري
|
لو
بغيرِ الماءِ حَلْقي شَرِقٌ
|
كنتُ
كالغَضّان بالماء اعتصاري
|
أحمد شوقي:
ناشِئٌ
في الوَردِ مِن أَيّامِهِ
|
حَسبُهُ
اللَهُ أَبِالوَردِ عَثَر
|
سَدَّدَ
السَهمَ إِلى صَدرِ الصِبا
|
وَرَماهُ
في حَواشيهِ الغُرَر
|
بِيَدٍ
لا تَعرِفُ الشَرَّ وَلا
|
صَلَحَت
إِلّا لِتَلهو بِالأُكَر
|
بُسِطَت
لِلسُمِّ وَالحَبلِ وَما
|
بُسِطَت
لِلكَأسِ يَوماً وَالوَتَر
|
غَفَرَ
اللَهُ لَهُ ما ضَرَّهُ
|
لَو
قَضى مِن لَذَّةِ العَيشِ الوَطَر
|
لَم
يُمَتَّع مِن صِبا أَيّامِهِ
|
وَلَياليهِ
أَصيلٌ وَسَحَر
|
يَتَمَنّى
الشَيخُ مِنهُ ساعَةً
|
بِحِجابِ
السَمعِ أَو نورِ البَصَر
|
لَيسَ
في الجَنَّةِ ما يُشبِهُهُ
|
خِفَّةً
في الظِلِّ أَو طيبَ قِصَر
|
فَصِبا
الخُلدِ كَثيرٌ دائِمٌ
|
وَصِبا
الدُنيا عَزيزٌ مُختَصَر
|
كُلُّ
يَومٍ خَبَرٌ عَن حَدَثٍ
|
سَئِمَ
العَيشَ وَمَن يَسأَم يَذَر
|
عافَ
بِالدُنيا بِناءً بَعدَ ما
|
خَطَبَ
الدُنيا وَأَهدى وَمَهَر
|
حَلَّ
يَومَ العُرسِ مِنها نَفسَهُ
|
رَحِمَ
اللَهُ العَروسُ المُختَضَر
|
ضاقَ
بِالعيشَةِ ذَرعاً فَهَوى
|
عَن
شَفا اليَأسِ وَبِئسَ المُنحَدَر
|
راحِلاً
في مِثلِ أَعمارِ المُنى
|
ذاهِباً
في مِثلِ آجالِ الزَهَر
|
هارِباً
مِن ساحَةِ العَيشِ وَما
|
شارَفَ
الغَمرَةَ مِنها وَالغُدُر
|
لا
أَرى الأَيّامَ إِلّا مَعرَكاً
|
وَأَرى
الصِنديدَ فيهِ مَن صَبَر
|
رُبَّ
واهي الجَأشِ فيهِ قَصَفٌ
|
ماتَ
بِالجُبنِ وَأَودى بِالحَذَر
|
لامَهُ
الناسُ وَما أَظلَمَهُم
|
وَقَليلٌ
مَن تَغاضى أَو عَذَر
|
وَلَقَد
أَبلاكَ عُذراً حَسَناً
|
مُرتَدي
الأَكفانِ مُلقىً في الحُفَر
|
قالَ
ناسٌ صَرعَةٌ مِن قَدَرٍ
|
وَقَديماً
ظَلَمَ الناسُ القَدَر
|
وَيَقولُ
الطِبُّ بَل مِن جَنَّةٍ
|
وَرَأَيتُ
العَقلَ في الناسِ نَدَر
|
وَيَقولونَ
جَفاءٌ راعَهُ
|
مِن
أَبٍ أَغلَظَ قَلباً مِن حَجَر
|
وَاِمتِحانٌ
صَعَّبَتهُ وَطأَةٌ
|
شَدَّها
في العِلمِ أُستاذٌ نَكِر
|
لا
أَرى إِلّا نِظاماً فاسِداً
|
فَكَّكَ
الغَلمَ وَأَودى بِالأُسَر
|
مِن
ضَحاياهُ وَما أَكثَرَها
|
ذَلِكَ
الكارِهُ في غَضِّ العُمُر
|
ما
رَأى في العَيشِ شَيئاً سَرَّهُ
|
وَأَخَفُّ
العَيشِ ما ساءَ وَسَر
|
نَزَلَ
العَيشَ فَلَم يَنزِل سِوى
|
شُعبَةِ
الهَمِّ وَبَيداءِ الفِكَر
|
وَنَهارٍ
لَيسَ فيهِ غِبطَةٌ
|
وَلَيالٍ
لَيسَ فيهِنَّ سَمَر
|
وَدُروسٍ
لَم يُذَلِّل قَطفَها
|
عالِمٌ
إِن نَطَقَ الدَرسَ سَحَر
|
وَلَقَد
تُنهِكُهُ نَهكَ الضَنى
|
ضَرَّةٌ
مَنظَرُها سُقمٌ وَضُر
|
وَيُلاقي
نَصَباً مِمّا اِنطَوى
|
في
بَني العَلّاتِ مِن ضِغنٍ وَشَر
|
إِخوَةٌ
ما جَمَعَتهُم رَحِمٌ
|
بَعضُهُم
يَمشونَ لِلبَعضِ الخَمَر
|
لَم
يُرَفرِف مَلَكُ الحُبِّ عَلى
|
أَبَوَيهِم
أَو يُبارِك في الثَمَر
|
خَلَقَ
اللَهُ مِنَ الحُبِّ الوَرى
|
وَبَنى
المُلكَ عَلَيهِ وَعَمَر
|
نَشَأَ
الخَيرِ رُوَيداً قَتلُكُم
|
في
الصِبا النَفسَ ضَلالٌ وَخُسُر
|
لَو
عَصَيتُمُ كاذِبِ اليَأسِ فَما
|
في
صِباها يَنحَرُ النَفَسَ الضَجَر
|
تُضمِرُ
اليَأسَ مِنَ الدُنيا وَما
|
عِندَها
عَن حادِثِ الدُنيا خَبَر
|
فيمَ
تَجنونَ عَلى آبائِكُم
|
أَلَمَ
الثُكلِ شَديداً في الكِبَر
|
وَتَعُقّونَ
بِلاداً لَم تَزَل
|
بَينَ
إِشفاقٍ عَلَيكُم وَحَذَر
|
فَمُصابُ
المُلكِ في شُبّانِهِ
|
كَمُصابِ
الأَرضِ في الزَرعِ النَضِر
|
لَيسَ
يَدري أَحَدٌ مِنكُم بِما
|
كانَ
يُعطى لَو تَأَنّى وَاِنتَظَر
|
رُبَّ
طِفلٍ بَرَّحَ البُؤسُ بِهِ
|
مُطِرَ
الخَيرَ فَتِيّاً وَمَطَر
|
وَصَبِيٍّ
أَزرَتِ الدُنيا بِهِ
|
شَبَّ
بَينَ العِزِّ فيها وَالخَطَر
|
وَرَفيعٍ
لَم يُسَوِّدهُ أَبٌ
|
مَن
أَبو الشَمسِ وَمَن جَدُّ القَمَر
|
فَلَكٌ
جارٍ وَدُنيا لَم يَدُم
|
عِندَها
السَعدُ وَلا النَحسُ اِستَمَر
|
رَوِّحوا
القَلبَ بِلَذّاتِ الصِبا
|
فَكَفى
الشَيبُ مَجالاً لِلكَدَر
|
عالِجوا
الحِكمَةَ وَاِستَشفوا بِها
|
وَاِنشُدوا
ما ضَلَّ مِنها في السِيَر
|
وَاِقرَأوا
آدابَ مَن قَبلِكُم
|
رُبَّما
عَلَّمَ حَيّاً مَن غَبَر
|
وَاِغنَموا
ما سَخَّرَ اللَهُ لَكُم
|
مِن
جَمالٍ في المَعاني وَالصُوَر
|
وَاِطلُبوا
العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا
|
لِشَهاداتٍ
وَآرابٍ أُخَر
|
كَم
غُلامٍ خامِلٍ في دَرسِهِ
|
صارَ
بَحرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُر
|
وَمُجِدٍّ
فيهِ أَمسى خامِلاً
|
لَيسَ
فيمَن غابَ أَو فيمَن حَضَر
|
قاتِلُ
النَفسِ لَو كانَت لَهُ
|
أَسخَطَ
اللَهَ وَلَم يُرضِ البَشَر
|
ساحَةُ
العَيشِ إِلى اللَهِ الَّذي
|
جَعَلَ
الوِردَ بِإِذنٍ وَالصَدَر
|
لا
تَموتُ النَفسُ إِلّا بِاِسمِهِ
|
قامَ
بِالمَوتِ عَلَيها وَقَهَر
|
إِنَّما
يَسمَحُ بِالروحِ الفَتى
|
ساعَةَ
الرَوعِ إِذا الجَمعُ اِشتَجَر
|
فَهُناكَ
الأَجرُ وَالفَخرُ مَعاً
|
مَن
يَعِش يُحمَد وَمَن ماتَ أُجِر
|
أحمد شوقي:
عَلى
كِنزٍ بِباريسَ دَفين
|
مِن
فَريدٍ في المَعاني وَثَمين
|
وَاِفتَقِد
جَوهَرَةً مِن شَرَفٍ
|
صَدَفُ
الدَهرِ بِتُربَتِها ضَنين
|
قَد
تَوارَت في الثَرى حَتّى إِذا
|
قَدُمَ
العَهدُ تَوارَت في السِنين
|
غَرَّبَت
حَتّى إِذا ما اِستَيأَسَت
|
دَنَتِ
الدارُ وَلَكِن لاتَ حين
|
لَم
تُذِب نارُ الوَغى ياقوتَها
|
وَأَذابَتهُ
تَباريحُ الحَنين
|
لا
تَلوموها أَلَيسَت حُرَّةً
|
وَهَوى
الأَوطانِ لِلأَحرارِ دين
|
غَيَّبَت
باريسُ ذُخراً وَمَضى
|
تُربُها
القَيِّمُ بِالحِرزِ الحَصين
|
نَزَلَ
الأَرضَ وَلَكِن بَعدَ ما
|
نَزَلَ
التاريخَ قَبرَ النابِغين
|
أَعظُمُ
اللَيثِ تَلقاها الشَرى
|
وَرُفاتُ
النَسرِ حازَتهُ الوُكون
|
وَحَوى
الغِمدُ بَقايا صارِمٍ
|
لَم
تُقَلِّب مِثلَهُ أَيدي القُيون
|
شَيَّدَ
الناسُ عَلَيهِ وَبَنوا
|
حائِطَ
الشَكِّ عَلى أُسِّ اليَقين
|
لَستَ
تُحصي حَولَهُ أَلوِيَةً
|
أُسِرَت
أَمسِ وَراياتٍ سُبين
|
نامَ
عَنها وَهيَ في سُدَّتِهِ
|
دَيدَبانٌ
ساهِرُ الجَفنِ أَمين
|
وَكَأَيٍّ
مِن عَدُوٍّ كاشِحٍ
|
لَكَ
بِالأَمسِ هُوَ اليَومَ خَدين
|
وَوَلّى
كانَ يَسقيكَ الهَوى
|
عَسَلاً
قَد باتَ يَسقيكَ الوَزين
|
فَإِذا
اِستَكرَمتَ وُدّاً فَاِتَّهِم
|
جَوهَرُ
الوُدِّ وَإِن صَحَّ ظَنين
|
مَرمَرٌ
أُضجِعَ في مَسنونِهِ
|
حَجَرُ
الأَرضِ وَضِرغامُ العَرين
|
جَلَّلَتهُ
هَيبَةُ الثاوي بِهِ
|
رَوعَةَ
الحِكمَةِ في الشِعرِ الرَصين
|
هَل
دَرى المَرمَرُ ماذا تَحتَهُ
|
مِن
قُوى نَفسٍ وَمِن خَلقٍ مَتين
|
أَيُّها
الغالونَ في أَجداثِهِم
|
اِبحَثوا
في الأَرضِ هَل عيسى دَفين
|
يُمَحّي
المَيتُ وَيَبلى رَمسُهُ
|
وَيَغولُ
الرَبعَ ما غالَ القَطين
|
حَصِّنوا
ما شِئتُمُ مَوتاكُمُ
|
هَل
وَراءَ المَوتِ مِن حِصنٍ حَصين
|
لَيسَ
في قَبرٍ وَإِن نالَ السُها
|
ما
يَزيدُ المَيتَ وَزناً وَيَزين
|
فَاِنزِلِ
التاريخَ قَبراً أَو فَنَم
|
في
الثَرى غُفلاً كَبَعضِ الهامِدين
|
وَاِخدَعِ
الأَحياءَ ما شِئتَ فَلَن
|
تَجِدَ
التاريخَ في المُنخَدِعين
|
يا
عِصامِيّاً حَوى المَجدَ سِوى
|
فَضلَةٍ
قَد قُسِّمَت في المُعرِقين
|
أُمُّكَ
النَفسُ قَديماً أَكرَمَت
|
وَأَبوكَ
الفَضلُ خَيرُ المُنجِبين
|
نَسَبُ
البَدرِ أَوِ الشَمسِ إِذا
|
جيءَ
باِلآباءِ مَغمورٌ رَهين
|
وَأُصولُ
الخَمرِ ما أَزكى عَلى
|
خُبثِ
ما قَد فَعَلَت بِالشارِبين
|
لا
يَقولَنَّ اِمرو أَصلي فَما
|
أَصلُهُ
مِسكٌ وَأَصلُ الناسِ طين
|
قَد
تَتَوَّجتَ فَقالَت أُمَمٌ
|
وَلَدُ
الثَورَةِ عَقَّ الثائِرين
|
وَتَزَوَّجتَ
فَقالوا مالَهُ
|
وَلِحورٍ
مِن بَناتِ المَلكِ عين
|
قَسَماً
لَو قَدَروا ما اِحتَشَموا
|
لا
يَعِفُّ الناسُ إِلّا عاجِزين
|
أَرَأَيتَ
الخَيرَ وافى أُمَّةً
|
لَم
يَنالوا حَظَّهُم في النابِغين
|
يَصلُحُ
المُلكُ عَلى طائِفَةٍ
|
هُم
جَمالُ الأَرضِ حيناً بَعدَ حين
|
مَلَؤوا
الدُنيا عَلى قِلَّتِهِم
|
وَقَديماً
مُلِئَت بِالمُرسَلين
|
يَحسُنُ
الدَهرُ بِهِم ما طَلَعوا
|
وَبِهِم
يَزدادُ حُسناً آفِلين
|
قَد
أَقاموا قُدوَةً صالِحَةً
|
وَمَضَوا
أَمثِلَةً لِلمُحتَذين
|
إِنَّما
الأُسوَةُ وَالدُنيا أُسىً
|
سَبَبُ
العُمرانِ نَظمُ العالَمين
|
يا
صَريعَ المَوتِ نَدمانَ البِلى
|
كُلُّ
حَيٍّ بِالَّذي ذُقتَ رَهين
|
كِدتَ
مِن قَتلِ المَنايا خِبرَةً
|
تَعلَمُ
الآجالَ أَيّانَ تَحين
|
يا
مُبيدَ الأَسدِ في آجامِها
|
هَل
أَبادَت خَيلُكَ الدودَ المَهين
|
يا
عَزيزَ السِجنِ بِالبابا إِلى
|
كَم
تَرَدّى في الثَرى ذُلَّ السَجين
|
رُبَّ
يَومٍ لَكَ جَلّى وَاِنثَنى
|
سائِلَ
الغُرَّةِ مَمسوحَ الجَبين
|
أَحرَزَ
الغايَةَ نَصراً غالِياً
|
لِفَرَنسا
وَحَوى الفَتحَ الثَمين
|
قَيصَرا
الأَنسابِ فيهِ نازَلا
|
قَيصَرَ
النَفسِ عِصامَ المالِكين
|
مُجلِسَ
التاجِ عَلى مَفرِقِهِ
|
بِيَدَيهِ
لا بِأَيدي المُجلِسين
|
حَولَ
اِستَرلَتزَ كانَ المُتلَقّى
|
وَاِصطِدامُ
النَسرِ بِالمُستَنسِرين
|
وُضِعَ
الشَطرَنجُ فَاِستَقبَلتَهُ
|
بِبَنانٍ
عابِثٍ بِاللاعِبين
|
فَإِذا
المَلكانِ هَذا خاضِعٌ
|
لَكَ
في الجَمعِ وَهَذا مُستَكين
|
صِدتَ
شاهَ الروسِ وَالنِمسا مَعاً
|
مَن
رَأى شاهَينِ صَيداً في كَمين
|
يا
مُلَقّى النَصرِ في أَحلامِهِ
|
أَينَ
مِن وادي الكَرى سَنتِ هِلين
|
يا
مُنيلَ التاجِ في المَهدِ اِبنُه
|
ما
الَّذي غَرَّكَ بِالغَيبِ الجَنين
|
اِتَّئِد
في أُمَّةٍ أَرهَقتَها
|
إِنَّها
كَالناسِ مِن ماءٍ وَطين
|
أَتعَبَ
الريحَ مَدى ما سَلَكَت
|
مِن
سُهولٍ وَأَجازَت مِن حُزون
|
مِن
أَديمٍ يَهرَأُ الدُبَّ إِلى
|
فَلَواتٍ
تُنضِجُ الضَبَّ الكَنين
|
لَكَ
في كُلِّ مُغارٍ غارَةٌ
|
وَعَلَيها
الدَمعُ فيهِ وَالأَنين
|
وَمِنَ
المَكرِ تَغَنّيكَ بِها
|
هَل
يُزَكّي الذَبحَ غَيرُ الذابِحين
|
سُخِّرَ
الناسُ وَإِن لَم يَشعُروا
|
لِقَوِيٍّ
أَو غَنِيٍّ أَو مُبين
|
وَالجَماعاتُ
ثَنايا المُرتَقى
|
في
المَعالي وَجُسورُ العابِرين
|
يا
خَطيبَ الدَهرِ هَل مالَ البِلى
|
بِلِسانٍ
كانَ ميزانَ الشُؤون
|
تُرجَحُ
السِلمُ إِذا حَرَّكتَهُ
|
كِفَّةً
أَو تُرجَحُ الحَربُ الزَبون
|
خُطَبٌ
لا صَوتَ إِلّا دونَها
|
في
صَداها الخَيلُ تَجري وَالسِنين
|
مِن
قَصيرِ اللَفظِ في مَكرِ النُهى
|
وَطَويلِ
الرُمحِ في كِبارِ الوَتين
|
غَيرَ
وَضاعٍ وَلا واشٍ وَلا
|
مُنكِرِ
القَولِ وَلا لَغوِ اليَمين
|
سِرنَ
أَمثالاً فَلَو لَم يُحيِهِ
|
سَيفُهُ
أَحيَينَهُ في الغابِرين
|
قُم
إِلى الأَهرامِ وَاِخشَع وَاِطَّرِح
|
خَيلَةَ
الصيدِ وَزَهوَ الفاتِحين
|
وَتَمَهَّل
إِنَّما تَمشي إِلى
|
حَرَمِ
الدَهرِ وَمِحرابِ القُرون
|
هُوَ
كَالصَخرَةِ عِندَ القِبطِ أَو
|
كَالحَطيمِ
الطُهرِ عِندَ المُسلِمين
|
وَتَسَنَّم
مِنبَراً مِن حَجَرٍ
|
لَم
يَكُن قَبلَكَ حَظَّ الخاطِبين
|
وَاِدعُ
أَجيالاً تَوَلَّت يَسمَعوا
|
لَكَ
وَاِبعَث في الأُوالي حاشِرين
|
وَأَعِدها
كَلِماتٍ أَربَعاً
|
قَد
أَحاطَت بِالقُرونِ الأَربَعين
|
أَلهَبَت
خَيلاً وَحَضَّت فَيلَقاً
|
وَأَحالَت
عَسَلاً صابَ المَنون
|
قَد
عَرَضتَ الدَهرَ وَالجَيشَ مَعاً
|
غايَةٌ
قَصَّرَ عَنها الفاتِحون
|
ما
عَلِمنا قائِداً في مَوطِنٍ
|
صَفَحَ
الدَهرَ وَصَفَّ الدارِعين
|
فَتَرى
الأَحياءَ في مُعتَرَكٍ
|
وَتَرى
المَوتى عَلَيهِم مُشرِفين
|
عِظَةٌ
قومي بِها أَولى وَإِن
|
بَعُدَ
العَهدُ فَهَل يَعتَبِرون
|
هَذِهِ
الأَهرامُ تاريخُهُمُ
|
كَيفَ
مِن تاريخِهِم لا يَستَحون
|
يا
كَثيرَ الصَيدِ لِلصَيدِ العُلا
|
قُم
تَأَمَّل كَيفَ صادَتكَ المَنون
|
قُم
تَرَ الدُنيا كَما غادَرتَها
|
مَنزِلَ
الغَدرِ وَماءَ الخادِعين
|
وَتَرَ
الحَقَّ عَزيزاً في القَنا
|
هَيِّناً
في العُزَّلِ المُستَضعَفين
|
وَتَرَ
الأَمرَ يَداً فَوقَ يَدٍ
|
وَتَرَ
الناسَ ذِئاباً وَضيئين
|
وَتَرَ
العِزَّ لِسَيفٍ نَزِقٍ
|
في
بِناءِ المُلكِ أَو رَأيٍ رَزين
|
سُنَنٌ
كانَت وَنَظمٌ لَم يَزَل
|
وَفَسادٌ
فَوقَ باعِ المُصلِحين
|
أحمد شوقي:
يا
فَرَنسا نِلتِ أَسبابَ السَماء
|
وَتَمَلَّكتِ
مَقاليدَ الجِواء
|
غُلِبَ
النَسرُ عَلى دَولَتِهِ
|
وَتَنَحّى
لَكِ عَن عَرشِ الهَواء
|
وَأَتَتكِ
الريحُ تَمشي أَمَةً
|
لَكِ
يا بَلقيسُ مِن أَوفى الإِماء
|
رُوِّضَت
بَعدَ جِماحٍ وَجَرَت
|
طَوعَ
سُلطانَينِ عِلمٌ وَذَكاء
|
لَكِ
خَيلٌ بِجَناحٍ أَشبَهَت
|
خَيلَ
جِبريلَ لِنَصرِ الأَنبِياء
|
وَبَريدٌ
يَسحَبُ الذَيلَ عَلى
|
بُرُدٍ
في البَرِّ وَالبَحرِ بِطاء
|
تَطلُعُ
الشَمسُ فَيَجري دونَها
|
فَوقَ
عُنُقِ الريحِ أَو مَتنِ العَماء
|
رِحلَةُ
المَشرِقِ وَالمَغرِبِ ما
|
لَبِثَت
غَيرَ صَباحٍ وَمَساء
|
بُسَلاءُ
الإِنسِ وَالجِنِّ فِدىً
|
لِفَريقٍ
مِن بَنيكِ البُسَلاء
|
ضاقَتِ
الأَرضُ بِهِم فَاِتَّخَذوا
|
في
السَماواتِ قُبورَ الشُهَداء
|
فِتيَةٌ
يُمسونَ جيرانَ السُها
|
سُمَراءَ
النَجمِ في أَوجِ العَلاء
|
حُوَّماً
فَوقَ جِبالٍ لَم تَكُن
|
لِلرِياحِ
الهوجِ يَوماً بِوِطاء
|
لِسُلَيمانَ
بِساطٌ واحِدٌ
|
وَلَهُم
أَلفُ بِساطٍ في الفَضاء
|
يَركَبونَ
الشُهبَ وَالسُحبَ إِلى
|
رِفعَةِ
الذِكرِ وَعَلياءِ الثَناء
|
يا
نُسوراً هَبَطوا الوادي عَلى
|
سالِفِ
الحُبِّ وَمَأثورِ الوَلاء
|
دارُكُم
مِصرُ وَفيها قَومُكُم
|
مَرحَباً
بِالأَقرَبينَ الكُرَماء
|
طِرتُمُ
فيها فَطارَت فَرَحاً
|
بِأَعَزِّ
الضَيفِ خَيرِ النُزَلاء
|
هَل
شَجاكُم في ثَرى أَهرامِها
|
ما
أَرَقتُم مِن دُموعٍ وَدِماء
|
أَينَ
نَسرٌ قَد تَلَقّى قَبلَكُم
|
عِظَةَ
الأَجيالِ مِن أَعلى بِناء
|
لَو
شَهِدتُم عَصرَهُ أَضحى لَهُ
|
عالَمُ
الأَفلاكِ مَعقودَ اللِواء
|
جَرَحَ
الأَهرامَ في عِزَّتِها
|
فَمَشى
لِلقَبرِ مَجروحَ الإِباء
|
أَخَذَت
تاجاً بِتاجٍ ثَأرَها
|
وَجَزَت
مِن صَلَفٍ بِالكِبرِياء
|
وَتَمَنَّت
لَو حَوَت أَعظُمَهُ
|
بَينَ
أَبناءِ الشُموسِ العُظَماء
|
جَلَّ
شَأنُ اللَهِ هادي خَلقِهِ
|
بِهُدى
العِلمِ وَنورِ العُلَماء
|
زَفَّ
مِن آياتِهِ الكُبرى لَنا
|
طِلبَةً
طالَ بِها عَهدُ الرَجاء
|
مَركَبٌ
لَو سَلَفَ الدَهرُ بِهِ
|
كانَ
إِحدى مُعجِزاتِ القُدَماء
|
نِصفُهُ
طَيرٌ وَنِصفٌ بَشَرٌ
|
يا
لَها إِحدى أَعاجيبِ القَضاء
|
رائِعٌ
مُرتَفِعاً أَو واقِعاً
|
أَنفُسَ
الشُجعانِ قَبلَ الجُبَناء
|
مُسرَجٌ
في كُلِّ حينٍ مُلجَمٌ
|
كامِلُ
العُدَّةِ مَرموقُ الرُواء
|
كَبِساطِ
الريحِ في القُدرَةِ أَو
|
هُدهُدِ
السيرَةِ في صِدقِ البَلاء
|
أَو
كَحوتٍ يَرتَمي المَوجُ بِهِ
|
سابِحٌ
بَينَ ظُهورٍ وَخَفاء
|
راكِبٌ
ما شاءَ مِن أَطرافِهِ
|
لا
يُرى مِن مَركَبٍ ذي عُدَواء
|
مَلَأَ
الجَوَّ فِعالاً وَغَدا
|
عَجَبَ
الغِربانِ فيهِ وَالحِداء
|
وَتَرى
السُحبَ بِهِ راعِدَةً
|
مِن
حَديدٍ جُمِّعَت لا مِن رَواء
|
حَمَلَ
الفولاذَ ريشاً وَجَرى
|
في
عِنانَينِ لَهُ نارٍ وَماء
|
وَجَناحٍ
غَيرِ ذي قادِمَةٍ
|
كَجَناحِ
النَحلِ مَصقولٍ سَواء
|
وَذُنابى
كُلُّ ريحٍ مَسَّها
|
مَسَّهُ
صاعِقَةٌ مِن كَهرُباء
|
يَتَراءى
كَوكَباً ذا ذَنَبٍ
|
فَإِذا
جَدَّ فَسَهماً ذا مَضاء
|
فَإِذا
جازَ الثُرَيّا لِلثَرى
|
جَرَّ
كَالطاووسِ ذَيلَ الخُيَلاء
|
يَملَأُ
الآفاقَ صَوتاً وَصَدىً
|
كَعَزيفِ
الجِنِّ في الأَرضِ العَراء
|
أَرسَلَتهُ
الأَرضُ عَنها خَبَراً
|
طَنَّ
في آذانِ سُكّانِ السَماء
|
يا
شَبابَ الغَدِ وَاِبنايَ الفِدى
|
لَكُمُ
أَكرِم وَأَعزِز بِالفِداء
|
هَل
يَمُدُّ اللَهُ لِيَ العَيشَ عَسى
|
أَن
أَراكُم في الفَريقِ السُعَداء
|
وَأَرى
تاجَكُمُ فَوقَ السُها
|
وَأَرى
عَرشَكُمُ فَوقَ ذُكاء
|
مَن
رَآكُم قالَ مِصرُ اِستَرجَعَت
|
عِزَّها
في عَهدِ خوفو وَمِناء
|
أُمَّةٌ
لِلخُلدِ ما تَبني إِذا
|
ما
بَنى الناسُ جَميعاً لِلعَفاء
|
تَعصِمُ
الأَجسامَ مِن عادي البِلا
|
وَتَقي
الآثارَ مِن عادي الفَناء
|
إِن
أَسَأنا لَكُمُ أَو لَم نُسِئ
|
نَحنُ
هَلكى فَلَكُم طولُ البَقاء
|
إِنَّما
مِصرُ إِلَيكُم وَبِكُم
|
وَحُقوقُ
البِرِّ أَولى بِالقَضاء
|
عَصرُكُم
حُرٌّ وَمُستَقبَلُكُم
|
في
يَمينِ اللَهِ خَيرِ الأُمَناء
|
لا
تَقولوا حَطَّنا الدَهرُ فَما
|
هُوَ
إِلّا مِن خَيالِ الشُعَراء
|
هَل
عَلِمتُم أُمَّةً في جَهلِها
|
ظَهَرَت
في المَجدِ حَسناءَ الرِداء
|
باطِنُ
الأُمَّةِ مِن ظاهِرِها
|
إِنَّما
السائِلُ مِن لَونِ الإِناء
|
فَخُذوا
العِلمَ عَلى أَعلامِهِ
|
وَاِطلُبوا
الحِكمَةَ عِندَ الحُكَماء
|
وَاِقرَأوا
تاريخَكُم وَاِحتَفِظوا
|
بِفَصيحٍ
جاءَكُم مِن فُصَحاء
|
أَنزَلَ
اللَهُ عَلى أَلسُنِهِم
|
وَحيَهُ
في أَعصُرِ الوَحيِ الوِضاء
|
وَاِحكُموا
الدُنيا بِسُلطانٍ فَما
|
خُلِقَت
نَضرَتُها لِلضُعَفاء
|
وَاِطلُبوا
المَجدَ عَلى الأَرضِ فَإِن
|
هِيَ
ضاقَت فَاِطلُبوهُ في السَماء
|
أحمد شوقي:
أَنا
مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا
|
لَم
أَجِد لي وافِياً إِلّا الكِتابا
|
صاحِبٌ
إِن عِبتَهُ أَو لَم تَعِب
|
لَيسَ
بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا
|
كُلَّما
أَخلَقتُهُ جَدَّدَني
|
وَكَساني
مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا
|
صُحبَةٌ
لَم أَشكُ مِنها ريبَةً
|
وَوِدادٌ
لَم يُكَلِّفني عِتابا
|
رُبَّ
لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن
|
سَمَرٍ
طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا
|
كانَ
مِن هَمِّ نَهاري راحَتي
|
وَنَدامايَ
وَنَقلِيَ وَالشَرابا
|
إِن
يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد
|
مَلَلاً
يَطوي الأَحاديثَ اِقتِضابا
|
تَجِدُ
الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما
|
تَجِدُ
الإِخوانَ صِدقاً وَكِذابا
|
فَتَخَيَّرها
كَما تَختارُهُ
|
وَاِدَّخِر
في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا
|
صالِحُ
الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى
|
وَرَشيدُ
الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا
|
غالِ
بِالتاريخِ وَاِجعَل صُحفَهُ
|
مِن
كِتابِ اللَهِ في الإِجلالِ قابا
|
قَلِّبِ
الإِنجيلَ وَاِنظُر في الهُدى
|
تَلقَ
لِلتاريخِ وَزناً وَحِسابا
|
رُبَّ
مَن سافَرَ في أَسفارِهِ
|
بِلَيالي
الدَهرِ وَالأَيّامِ آبا
|
وَاِطلُبِ
الخُلدَ وَرُمهُ مَنزِلاً
|
تَجِدِ
الخُلدَ مِنَ التاريخِ بابا
|
عاشَ
خَلقٌ وَمَضَوا ما نَقَصوا
|
رُقعَةَ
الأَرضِ وَلا زادوا التُرابا
|
أَخَذَ
التاريخُ مِمّا تَرَكوا
|
عَمَلاً
أَحسَنَ أَو قَولاً أَصابا
|
وَمِنَ
الإِحسانِ أَو مِن ضِدِّهِ
|
نَجَحَ
الراغِبُ في الذِكرِ وَخابا
|
مَثَلُ
القَومِ نَسوا تاريخَهُم
|
كَلَقيطٍ
عَيَّ في الناسِ اِنتِسابا
|
أَو
كَمَغلوبٍ عَلى ذاكِرَةٍ
|
يَشتَكي
مِن صِلَةِ الماضي اِنقِضابا
|
يا
أَبا الحُفّاظِ قَد بَلَّغتَنا
|
طِلبَةً
بَلَّغَكَ اللَهُ الرِغابا
|
لَكَ
في الفَتحِ وَفي أَحداثِهِ
|
فَتَحَ
اللَهُ حَديثاً وَخِطابا
|
مَن
يُطالِعهُ وَيَستَأنِس بِهِ
|
يَجِدُ
الجِدَّ وَلا يَعدَم دِعابا
|
صُحُفٌ
أَلَّفَتها في شِدَّةٍ
|
يَتَلاشى
دونَها الفِكرُ اِنتِهابا
|
لُغَةُ
الكامِلِ في اِستِرسالِهِ
|
وَاِبنُ
خَلدونَ إِذا صَحَّ وَصابا
|
إِنَّ
لِلفُصحى زِماماً وَيَداً
|
تَجنِبُ
السَهلَ وَتَقتادُ الصَعابا
|
لُغَةُ
الذِكرِ لِسانُ المُجتَبى
|
كَيفَ
تَعيا بِالمُنادينَ جَوابا
|
كُلُّ
عَصرٍ دارُها إِن صادَفَت
|
مَنزِلاً
رَحباً وَأَهلاً وَجَنابا
|
إِئتِ
بِالعُمرانِ رَوضاً يانِعاً
|
وَاِدعُها
تَجرِ يَنابيعَ عِذابا
|
لا
تَجِئها بِالمَتاعِ المُقتَنى
|
سَرَقاً
مِن كُلِّ قَومٍ وَنِهابا
|
سَل
بِها أَندَلُساً هَل قَصَّرَت
|
دونَ
مِضمارِ العُلى حينَ أَهابا
|
غُرِسَت
في كُلِّ تُربٍ أَعجَمٍ
|
فَزَكَت
أَصلاً كَما طابَت نِصابا
|
وَمَشَت
مِشيَتَها لَم تَرتَكِب
|
غَيرَ
رِجلَيها وَلَم تَحجِل غُرابا
|
إِنَّ
عَصراً قُمتَ تَجلوهُ لَنا
|
لَبِسَ
الأَيّامَ دَجناً وَضَبابا
|
المَماليكُ
تَمَشّى ظُلمُهُم
|
ظُلُماتٍ
كَدُجى اللَيلِ حِجابا
|
كُلُّهُم
كافورُ أَو عَبدُ الخَنا
|
غَيرَ
أَنَّ المُتَنَبّي عَنهُ خابا
|
وَلِكُلٍّ
شيعَةٌ مِن جِنسِهِ
|
إِنَّ
لِلشَرِّ إِلى الشَرِّ اِنجِذابا
|
ظُلُماتٌ
لا تَرى في جُنحِها
|
غَيرَ
هَذا الأَزهَرِ السَمحِ شِهابا
|
زيدَتِ
الأَخلاقُ فيهِ حائِطاً
|
فَاِحتَمى
فيها رِواقاً وَقِبابا
|
وَتَرى
الأَعزالَ مِن أَشياخِهِ
|
صَيَّروهُ
بِسِلاحِ الحَقِّ غابا
|
قَسَماً
لَولاهُ لَم يَبقَ بِها
|
رَجُلٌ
يَقرَأُ أَو يَدري الكِتابا
|
حَفِظَ
الدينَ مَلِيّاً وَمَضى
|
يُنقِذُ
الدُنيا فَلَم يَملِك ذَهابا
|
أوذِيَت
هَيبَتُهُ مِن عَجزِهِ
|
وَقُصارى
عاجِزٍ أَن لا يُهابا
|
لَم
تُغادِر قَلَماً في راحَةٍ
|
دَولَةٌ
ما عَرَفَت إِلّا الحِرابا
|
أَقعَدَ
اللَهُ الجَبرَتِيَّ لَها
|
قَلَماً
عَن غائِبِ الأَقلامِ نابا
|
خَبَّأَ
الشَيخُ لَها في رُدنِهِ
|
مِرقَماً
أَدهى مِنَ الصِلِّ اِنسِيابا
|
مَلِكٌ
لَم يُغضِ عَن سَيِّئَةٍ
|
يا
لَهُ مِن مَلَكٍ يَهوى السِبابا
|
لا
يَراهُ الظُلمُ في كاهِلِهِ
|
وَهوَ
يَكوي كاهِلَ الظُلمِ عِقابا
|
صُحُفُ
الشَيخِ وَيَومِيّاتُهُ
|
كَزَمانِ
الشَيخِ سُقماً وَاِضطِرابا
|
مِن
حَواشٍ كَجَليدٍ لَم يَذُب
|
وَفُصولٍ
تُشبِهُ التِبرَ المُذابا
|
وَالجَبَرتِيُّ
عَلى فِطنَتِهِ
|
مَرَّةً
يَغبى وَحيناً يَتَغابى
|
مُنصِفٌ
ما لَم يَرُض عاطِفَةً
|
أَو
يُعالِجُ لِهَوى النَفسِ غِلابا
|
وَإِذا
الحَيُّ تَوَلّى بِالهَوى
|
سيرَةَ
الحَيِّ بَغى فيها وَحابى
|
وَقعَةُ
الأَهرامِ جَلَّت مَوقِعاً
|
وَتَعالَت
في المَغازي أَن تُرابا
|
عِظَةُ
الماضي وَمُلقى دَرسِهِ
|
لِعُقولٍ
تَجعَلُ الماضي مَثابا
|
مِن
بَناتِ الدَهرِ إِلّا أَنَّها
|
تَنشُرُ
الدَهرَ وَتَطويهِ كَعابا
|
وَمِنَ
الأَيّامِ ما يَبقى وَإِن
|
أَمعَنَ
الأَبطالُ في الدَهرِ اِحتِجابا
|
هِيَ
مِن أَيِّ سَبيلٍ جِئتَها
|
غايَةٌ
في المَجدِ لا تَدنو طِلابا
|
اُنظُرِ
الشَرقَ تَجِدها صَرَّفَت
|
دَولَةَ
الشَرقِ اِستِواءً وَاِنقِلابا
|
جَلَبَت
خَيراً وَشَرّاً وَسَقَت
|
أُمَماً
في مَهدِهِم شُهداً وَصابا
|
في
نَصيبينَ لَبِسنا حُسنَها
|
وَعَلى
التَلِّ لَبِسناها مَعابا
|
إِنَّ
سِرباً زَحَفَ النَسرُ بِهِ
|
قَطَعَ
الأَرضَ بِطاحاً وَهِضابا
|
إِن
تَرامَت بَلَداً عِقبانُهُ
|
خَطَفَت
تاجاً وَاِصطادَت عُقابا
|
شَهِدَ
الجَيزِيُّ مِنهُم عُصبَةً
|
لَبِسوا
الغارَ عَلى الغارِ اِغتِصابا
|
كَذِئابِ
القَفرِ مِن طولِ الوَغى
|
وَاِختِلافِ
النَقعِ لَوناً وَإِهابا
|
قادَهُم
لِلفَتحِ في الأَرضِ فَتىً
|
لَو
تَأَنّى حَظَّهُ قادَ الصَحابا
|
غَرَّتِ
الناسَ بِهِ نَكبَتُهُ
|
جَمَعَ
الجُرحُ عَلى اللَيثِ الذُبابا
|
بَرَزَت
بِالمَنظَرِ الضاحي لَهُم
|
فَيلَقٌ
كَالزَهرِ حُسناً وَاِلتِهابا
|
حُلِّيَ
الفُرسانُ فيها جَوهَراً
|
وَجَلالُ
الخَيلِ دُرّاً وَذَهابا
|
في
سِلاحٍ كَحُلِيِّ الغيدِ ما
|
لَمَسَت
طَعناً وَلا مَسَّت ضِرابا
|
طَرِحَت
مِصرٌ فَكانَت مومِيا
|
بَينَ
لِصَّينِ أَراداها جُذابا
|
نالَها
الأَعرَضُ ظَفَراً مِنهُما
|
مِن
ذِئابِ الحَربِ وَالأَطوَلُ نابا
|
وَبَنو
الوادي رِجالاتُ الحِمى
|
وَقَفوا
مِن ساقِهِ الجَيشَ ذُنابى
|
عبد الله البردُّوني:
تـركـتني
هـا هـنا بـين الـعذاب
|
و
مـضت ، يا طول حزني و اكتئابي
|
تـركـتني
لـلـشقا وحــدي هـنا
|
و
اسـتراحت وحـدها بـين الـتراب
|
حـيـث
لا جــور و لا بـغي و لا
|
تـنـبي
و تـنـبي بـالـخراب
|
حــيـث
لا سـيـف و لا قـنـبل
|
حـيث
لا حـرب و لا لـمع حـراب
|
حـيـث
لا قـيـد و لا ســوط و لا
|
الـم
يـطـغى و مـظلوم يـحابي
|
خـلّـفتني
أذكــر الـصـفو كـما
|
يـذكـر
الـشـيخ خـيالات الـشباب
|
و
نــأت عـنّـي و شـوقي حـولها
|
الماضي
و بي – أوّاه – ما بي
|
و
دعـاهـا حـاصـد الـعمر إلـى
|
حـيث
أدعـوها فـتعيا عـن جوابي
|
حـيـث
أدعـوهـا فــلا يـسمعني
|
غـير
صـمت الـقبر و القفر اليباب
|
مـوتـها
كــان مـصـابي كـلّـه
|
و
حـيـاتي بـعدها فـوق مـصابي
|
أيــن
مـنّي ظـلّها الـحاني و قـد
|
ذهـبـت
عـنّي إلـى غـير إيـاب
|
سـحـبت
أيّـامـها الـجرحى عـلى
|
لـفـحة
الـبيد و أشـواك الـهضاب
|
ومـضت
فـي طـرق الـعمر فـمن
|
مـسلك
صـعب إلـى دنـيا صـعاب
|
وانـتهت
حـيث انـتهى الـشوط بها
|
فـاطـمأنّت
تـحت أسـتار الـغياب
|
آه
" يــا أمّـي " و أشـواك الأسـى
|
تـلهب
الأوجـاع فـي قـلبي المذاب
|
فـيـك
ودّعــت شـبابي و الـصبا
|
وانـطوت
خـلفي حـلاوات التصابي
|
كـيـف
أنـسـاك و ذكـراك عـلى
|
سـفـر
أيّـامي كـتاب فـي كـتاب
|
إنّ
ذكـــراك ورائــي و عـلـى
|
وجـهتي
حـيث مـجيئي و ذهـابي
|
كــم
تـذكّـرت يـديـك وهـمـا
|
فـي
يـدي أو فـي طعامي و شرابي
|
كـــان
يـضـنيك نـحـولي و إذا
|
مـسّـني
الـبـرد فـزنـداك ثـيابي
|
و
إذا أبـكـانـي الـجـوع و لــم
|
تـملكي
شـيئا سـوى الـوعد الكذّاب
|
هـدهـدت
كـفـاك رأســي مـثلما
|
هـدهـد
الـفجر ريـاحين الـرّوابي
|
كــم
هـدتـني يـدم الـسمرا إلـى
|
حقلنا
في ( الغول ) في ( قاع الرحاب )
|
و
إلــى الـوادي إلـى الـظلّ إلـى
|
حـيث
يـلقي الـروض أنفاس الملاب
|
و
سـواقـي الـنـهر تـلقي لـحنها
|
ذائـبا
كـاللطف فـي حـلو الـعتاب
|
كـــم
تـمـنّينا و كــم دلّـلـتني
|
تـحت
صمت اللّيل و الشهب الخوابي
|
كــم
بـكـت عـيـناك لـمّا رأتـا
|
بـصري
يـطفا و يطوي في الحجاب
|
و
تـذكّـرت مـصـيري و الـجوى
|
بـين
جـنبيك جـراح فـي الـتهاب
|
هــا
أنــا يـا أمّـي الـيوم فـتى
|
طـائـر
الـصـيت بـعيد الـشهاب
|
أمــلأ
الـتـاريخ لـحـنا وصـدى
|
و
تـغـني فـي ربـا الـخلد ربـابي
|
فـاسمعي
يـا أمّ صـوتي وارقـصي
|
مـن
وراء الـقبر كـالحورا الـكعاب
|
هــا
أنــا يـا أمّ أرثـيك و فـي
|
شـجو
هـذا الشعر شجوي و انتحابي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق