الإمام المقريزي في كتابه "إغاثة الأمة بكشف الغمة":
"لا يزال الحاضر أبدًا منقوصًا حقه، مجحودًا قدرُه؛ لأن القليل من شره يُرى كثيرًا؛ إذ القليل من المشاهدة أرسخ من الكثير من الخبر، وإذ مقاساة اليسير من الشدة أشقُّ على النفس من تذكًّر الكثير مما سلف منها، مثال ذلك: شخص أرَّقَتْه البراغيث ليلةً، فتذكر بذلك لياليَ ماضيةً أرَّقَتْه فيها حرارةُ الحُمَّى، فغَيرُ ذي شكٍّ أن توهُّم تلك الحُمَّى وتذكُّر تلك الأيام الماضية أخفُّ عليه من دبيبِ البراغيثِ على جسمه في وقته ذلك، ولا جرم أن هذا الحال، وإن كان هكذا موقعه في الوقت الحاضر من الحسِّ، فليس كذلك حكمُه في الحقيقة؛ لأنه لا يقدرُ أحدٌ أن يُثبتَ القولَ بأنَّ دبيبَ البراغيثِ على الجسمِ وقرصَها أنكى من حرارةِ الحُمَّى، وأن السَّهرَ في حالة الصحةِ أشدُّ من السهرِ على أسباب المنية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق