الأربعاء، 27 يناير 2021

نحو 215 خامس شريعة

 بسم الله الرحمن الرحيم

مفردات المقرر:

النعت.

التوكيد.

العطف.

البدل

النداء

الاختصاص

التحذير والإغراء

أسماء الأفعال

---------------------

الدرس الأول: النعت

 

-     ويسمى ( الصفة ) و ( الوصف )

-     والنعت أحد التوابع ، والتوابع خمسة : النعت والتوكيد والبَدَل وعَطْف البيان وعَطْف النَّسَق .

-     وسُـمِّيَتْ توابع ؛ لأنها تتبع ما قبلها في الإعراب .

تعريف النعت :

هو التابع الذي يُكَمِّلُ متبوعه بدلالته على معنى في المتبوع أو في ما يتعلق بالمتبوع .

أنواع النعت : النعت نوعان :

1) نعت حقيقيّ : وهو الذي يرفع ضميرًا يعود على المنعوت ، مثل : مررتُ بزيدٍ الكريمِ ، النعت هو ( الكريم ) ، وقد رفع ضميرًا مستترًا تقديره ( هو ) يعود على ( زيد ) ، و ( زيد ) هو المنعوت ، والنعت في هذا المثال وصف في المعنى للمنعوت ، فـ ( زيد ) هو الكريم .

2) نعت سَبَبيّ : وهو الذي يرفع ظاهرًا ، وهذا الظاهر يسمى سبب المنعوت ، مثل : مررتُ بزيدٍ الكريمِ أبوه ، فالنعت ( الكريم ) ، وقد رفع الاسم الظاهر ( أبوه ) ، والمنعوت هو ( زيد ) ، لكن النعت ( الكريم ) هو وصف في المعنى للأب ، وليس وصفًا في المعنى للمنعوت ( زيد ) ، فالكريم هو الأب لا زيد ، ويُسمَّى ( الأب ) في هذا المثال السببي لأن له علاقة بالمنعوت ( زيد ) .

أغراض النعت :

يأتي النعت في الأصل لأحد غرضين :

§     التوضيح : إذا كان معرفة ، مثل : جاء زيدٌ الطويلُ .

§     التخصيص : إذا كان نكرة ، مثل : جاء رجلٌ طويلٌ .

¤        وقد يأتي النعت لأغراض أخرى ، منها :

1. المدح ، كقوله تعالى : ( الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين ) ، النعت ( رَبِّ العالمين ) والمنعوت ( الله ) .

2. الذَّمّ ، كقولهم : ( أَعُوْذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ ) ، النعت ( الرجيم ) والمنعوت ( الشيطان ) .

3. التَّرَحُّم ، كقولك : ( اللهم أنا عبدُكَ المسكينُ ) ، النعت ( المسكين ) والمنعوت ( عبدُكَ ) .

4. التوكيد ، كقوله تعالى : ( فإذا نُفِخَ في الصُّوْرِ نَفْخةٌ واحدةٌ ) ، النعت ( واحدة ) والمنعوت ( نفخة ) .

مطابقة النعت للمنعوت :

       أ‌-      إذا كان النعت حقيقيًّا فيجب أن يطابق المنعوت في :

§     الرفع والنصب والجر ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، واحترمتُ الرجلَ الكريمَ ، وسلمتُ على الرجلِ الكريمِ .

§     والتعريف والتنكير ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاء رجلٌ كريمٌ .

§     والتذكير والتأنيث ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاءت المرأةُ الكريمةُ .

§     والإفراد والتثنية والجمع ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاء الرجلان الكريمان ، وجاء الرجالُ الكرامُ .

   ب‌-   وإذا كان النعت سَبَبِيًّا فيجب أن يطابق المنعوت في :

§     الرفع والنصب والجر ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، واحترمتُ الرجلَ الكريمَ أبوه ، وسلمتُ على الرجلِ الكريمِ أبوه .

§     والتعريف والتنكير ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، وجاء رجلٌ كريمٌ أبوه .

§     وأما التذكير والتأنيث ، فلا يُطابق المنعوت ، بل يُطابق الاسم الظاهر المرفوع بعده ، تقول : جاء الرجلُ الكريمة أُمُّهُ ، وجاءت المرأةُ الكريمُ أبوها .

§     وأما الإفراد والتثنية والجمع ، فيلزم النعت السببي الإفراد دائمًا ، سواء كان المنعوت مفردًا أو مثنًى أو جمعًا ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، وجاء الرجلان الكريمُ أبوهما ، وجاء الرجال الكريمُ أبوهم

وسواء كان الاسم الظاهر بعد النعت مفردًا أو مثنًى أو جمعًا ، تقول : جاء الرجل الكريمُ أبوه ، وجاء الرجلُ الكريمُ أبواه ، وجاء الرجل الكريمُ آباؤه .

o   ويجوز في النعت السببي إذا كان الاسم الظاهر جمعًا أن يكون النعت جمعًا ، تقول : جاء الرجلُ الكرامُ آباؤه .

ما يُنْعَتُ به : يجب أن يكون النعت أحد هذه الأنواع :

1=       الـمُشْتَقّ : وهو اسم الفاعل أو اسم المفعول أو الصفة الـمُشَبَّهة أو اسم التفضيل ، مثل : ضارب ، مضروب ، حَسَن ، أَفْضَل ...

2=       الجامد الـمُشْبِه للمُشْتَقّ : ومن الجامد الـمُشْبِه للمُشْتَقّ :

-     اسم الإشارة ، مثل : مررتُ بزيدٍ هذا ، النعت هو ( هذا ) وهو بمعنى : الحاضر .

-     و ( ذو ) بمعنى صاحب ، مثل : مررتُ برجلٍ ذِيْ مالٍ ، النعت هو ( ذي ) وهو بمعنى : صاحب مالٍ .

-     وأسماء النَّسَب ، مثل : مررتُ برجلٍ دِمَشْقِيٍّ ، النعت هو ( دِمَشْقِيّ ) وهو بمعنى : منسوب إلى دِمَشْق .

3=       الجملة : ويُشْترط للجملة كي تقع نعتًا شروط :

1. أن يكون المنعوت نكرة ، كقوله تعالى : ( واتَّقُوا يومًا تُرْجعون فيه إلى اللهِ ) ، النعت جملة ( تُرْجعون فيه إلى اللهِ ) والمنعوت ( يومًا ) وهو نكرة .

§     وقد يكون المنعوت مُعَرَّفًا بـ ( أل ) الجِنْسِيّة ، كقول الشاعر :

ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئِيْمِ يَسُبُّني    فَمَضَيْتُ ثُـمَّتَ قُلْتُ : لا يَعْنِيني

النعت جملة ( يَسُبُّني ) ، والمنعوت ( اللئِيْم ) وهو مُعَرَّف بـ ( أل ) الجِنْسِيّة .

2. أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يعود على المنعوت ، كالآية السابقة ، فإن في جملة النعت ضميرًا وهو الهاء في كلمة ( فيه ) تعود على المنعوت ( يومًا ) .

§     وقد يكون الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( واتَّقُوا يومًا لا تَجْزِي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا ) ، النعت جملة ( لا تَجْزِي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا ) ، والمنعوت ( يومًا ) ، والضمير غير مذكور تقديره : لا تَجْزِي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا .

3. أن تكون جملة خبرية ، كما في الأمثلة السابقة .

§     ولا يصح أن تكون جملة النعت غير خبرية مثل : مررتُ برجلٍ اِضْرِبْهُ ، فجملة ( اِضْرِبْهُ ) لا تصلح أن تكون نعتًا لأنها طلبية وليست خبرية ، فإن وردت جملة غير خبرية وهي في الظاهر نعت فلا تعد نعتًا بل النعت مُقَدَّر تأويله ( القول ) ، كقول الشاعر :

حَتَّى إِذا جَنَّ الظَّلامُ واخْتَلَطْ    جاؤوا بـِمَذْقٍ هل رأيتَ الذِّئْبَ قَطْ ؟

المنعوت ( مَذْق ) والجملة التي في الظاهر هي النعت ( هل رأيتَ الذِّئْبَ قَط ؟ ) لكنها جملة استفهامية فهي إذًا غير خبرية ، ولهذا فالنعت مُقَدَّر تأويله : جاؤوا بـِمَذْقٍ مقولٍ عند رؤيته هل رأيتَ الذِّئْبَ قط ؟

4=       المصدر : كقولك : هذا رجلٌ عَدْلٌ ، النعت ( عَدْلٌ ) وهو مصدر ، ومثله : هذا رجلٌ رِضًا ، النعت ( رِضًا ) وهو مصدر ، ومثله : هذا رجلٌ زَوْرٌ ، النعت ( زَوْرٌ ) وهو مصدر .

والتقدير عند الكوفيين : هذا رجلٌ عادلٌ ، وهذا رجلٌ مَرْضِيٌّ ، وهذا رجلٌ زائِرٌ .

وعند البصريين : هذا رجلٌ ذو عَدْلٍ ، وهذا رجلٌ ذو رِضًا ، وهذا رجلٌ ذو زَوْرٍ .

§     ويجب أن يبقى هذا المصدر على لفظه دون تثنية أو جمع ودون تأنيث ، تقول : هذان رجلان عَدْلٌ ، وهؤلاء رجالٌ عَدْلٌ ، وهذه امرأةٌ عَدْلٌ .

تعدد النعوت : إذا تعددت النعوت ، فينظر إلى المنعوت :

أ - المنعوت واحد :

يجب تفريق النعت ، مثاله : جاء رجلٌ كريمٌ شجاعٌ عالمٌ ، ويجوز العطف بالواو : جاء رجلٌ كريمٌ وشجاعٌ وعالمٌ.

تنبيه : في حالة العطف فالنعت الأول هو الذي يُعرب نعتًا وأما النعوت الأخرى التي بعد حرف العطف فتُعرب معطوفًا ولا تُعرب نعتًا .

ب- المنعوت متعدد :

1= المنعوت غير متفرق :

أ - النعوت متحدة في اللفظ والمعنى : يجب عدم تفريق النعت ، مثاله : جاء الرجالُ الكرامُ

ب - النعوت مختلفة : يجب التفريق بينها بواو العطف ، مثاله : جاء الرجالُ العالمُ والشجاعُ والكاتبُ

2 = المنعوت متفرق :

أ - النعوت متحدة في اللفظ والمعنى : يجب عدم التفريق النعت ، مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو وخالدٌ الكرامُ

ب - النعوت مختلفة : يجب التفريق بينها بواو العطف ثم :

يجوز وضع كل نعت عقب منعوته ، مثاله : جاء زيدٌ العالمُ وعمرٌو الشجاعُ وخالدٌ الكاتبُ .

ويجوز ذكر المنعوتات متوالية والنعوت متوالية ، لكن تكون النعوت مرتبة عكس ترتيب المنعوتات ، مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو وخالدٌ الكاتبُ والشجاعُ والعالمُ ( زيدٌ هو العالمُ ، وعمرٌو هو الشجاعُ ، وخالدٌ هو الكاتبُ ) .

قطع النعت : معنى قَطْع النعت هو أن لا يَتْبَع النعتُ المنعوتَ في الإعراب :

-  فيجيء النعت منصوبًا والمنعوت مرفوع ، مثاله : جاء زيدٌ التاجرَ

-  أو يجيء النعت مرفوعًا والمنعوت منصوب ، مثاله : رأيتُ زيدًا التاجرُ

-  أو يجيء مرفوعًا أو منصوبًا والمنعوت مجرور ، مثاله : سلمتُ على زيدٍ التاجرُ أو سلمتُ على زيدٍ التاجرَ

وإذا كان النعت المقطوع مرفوعًا فيُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف ، تقديره ( هو التاجرُ ) ، وإذا كان النعت المقطوع منصوبًا فيُعرب مفعولاً به لفعل محذوف ، تقديره ( أعني التاجرَ ) .

تنبيهات :

1 - إذا كان النعت مقطوعًا فلا يُعرب نعتًا ، بل يُعرب خبرًا إن كان مرفوعًا ، أو مفعولاً به إن كان منصوبًا .

2 - النعت المقطوع لا يكون مجرورًا ؛ لأن ذلك يستلزم تقدير حرف جر محذوف ، وحرف الجر لا يُحذف ويبقى عمله .

3 - فائدة القطع لفت نظر المخاطب إلى النعت .

الإتباع والقطع إذا تعدد العامل في المنعوتات :

o     إن كان العاملان في المنعوتين متفقين في المعنى والعمل فيجوز أن يتبع النعت المنعوت ، ويجوز القطع .

§   مثاله : جاء زيدٌ وأتى عمرٌو الظريفان ، النعت هو ( الظريفان ) والمنعوت هو ( زيدٌ ) و ( عمرٌو ) ، والعامل في ( زيد ) هو الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) هو الفعل ( أتى ) ، وهذان الفعلان معناهما واحد وعملهما واحد فكلاهما رفع المنعوت فاعلاً .

ويجوز قطع النعت ، فيكون منصوبًا ( جاء زيدٌ وأتى عمرٌو الظريفين ) ، ويُعرب مفعولاً به .

§   ومثله : رأيتٌ زيدًا وأبصرتُ عمرًا الشاعرين ، النعت هو ( الشاعرين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) والعامل في ( زيد ) الفعل ( رأيتُ ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( أبصرتُ ) ، وهذان الفعلان معناهما واحد وعملهما واحد فكلاهما نصب المنعوت مفعولاً به .

ويجوز قطع النعت ، فيكون مرفوعًا ( رأيتٌ زيدًا وأبصرتُ عمرًا الشاعران ) ، ويُعرب خبرًا .

o     وإن كان العاملان في المنعوتين مختلفين فيجب القَطْع سواء :  

º    اختلفا في المعنى والعمل معًا .

§   مثاله : جاء زيدٌ ورأيتُ عمرًا الكريمين ، النعت المقطوع ( الكريمين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والعامل في ( زيد ) الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( رأيتُ ) ، وهذا الفعلان معناهما مختلف ، وعملهما في المنعوتين مختلف فالفعل ( جاء ) رفع ( زيد ) لأنه فاعل ، والفعل ( رأيتُ ) نصب ( عمرًا ) لأنه مفعول به .

º    أو اختلفا في المعنى فقط .

§   مثاله : جاء زيدٌ وذهب عمرٌو الكاتبين ، النعت المقطوع ( الكاتبين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والعامل في ( زيد ) الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( ذهب ) ، وهذان الفعلان معناهما مختلف ، وإن كان عملهما واحد فقد رفع كل واحد منهما فاعلاً .

º    أو اختلفا في العمل فقط .

§   مثاله : هذا مُؤْلِـمُ زيدٍ ومُوْجِعٌ عمرًا المريضان ، النعت المقطوع ( المريضان ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والذي عمل في ( زيد ) الجر هو ( مُؤْلِـمُ ) ، والذي عمل في ( عمرو ) النصب هو ( مُوْجِع ) ، وهذان العاملان ( مُؤْلِـمُ ) و ( مُوْجِع ) متفقان في المعنى لكنهما مختلفان في العمل ، فـ ( مُؤْلِـمُ ) جر ( زيد ) و ( مُوْجَع ) نصب ( عمرًا ) .

حذف عامل النعت المقطوع :

¤ إذا كان الغرض من النعت المقطوع المدح أو الذم أو الترحُّم وجب حذف العامل ( المبتدأ أو الفعل ) .

-     مثال الغرض منه المدح : الحمدُ للهِ الحميد ، المنعوت هو ( اللهِ ) والنعت المقطوع ( الحميد ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( الحميدُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( الحميدَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَمْدَحُ ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( أَمْدَحُ ) يجب حذفهما .

-     ومثال الغرض منه الذم : قوله تعالى ( وامرأتُهُ حَمّالةَ الحَطَبِ ) ، المنعوت هو ( امرأتُهُ ) والنعت المقطوع ( حَمّالةَ الحَطَبِ ) ، وهو منصوب ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَذُمُّ ) ، وهذا الفعل ( أَذُمُّ ) يجب حذفه .

-     ومثال الغرض منه التَّرَحُّم : اللهم اُلْطُفْ بعبدِكَ المسكين ، المنعوت هو ( عبدِكَ ) والنعت المقطوع ( المسكين ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( المسكينُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( المسكينَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِرْحَمْ ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( اِرْحَمْ ) يجب حذفهما .

¤ أما إذا كان الغرض من النعت المقطوع غير ذلك فيجوز أن يذكر المبتدأ والفعل ويجوز أن يحذفا ، مثاله : مررتُ بزيدٍ التاجر ، المنعوت هو ( زيد ) والنعت المقطوع ( التاجر ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( التاجرُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( التاجرَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَعْنِي ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( أَعْنِي ) يجوز ذكرهما ويجوز حذفهما .

الإتباع والقطع بحسب تعيُّن المنعوت :

o   إن كان المنعوت متعينًا بدون النعوت ، فيجوز إتباعُها للمنعوت ، ويجوز قطعُها عنه ، مثاله : أعجبني عمرُ بن الخطاب العادلُ الزاهدُ العالمُ ، المنعوت ( عمر ) والنعوت هي ( العادل ، الزاهد ، العالم ) ، والمنعوت متعين ومعروف دون هذه النعوت ، فيجوز أن تتبع النعوت المنعوت ويجوز قطعها عنه .

o   وإن كان المنعوت لا يتعين إلا بمجموع النعوت فيجب إتباعها للمنعوت ، مثاله : غابَ زيدٌ الشاعرُ التاجرُ الفقيهُ ، المنعوت ( زيدٌ ) والنعوت ( الشاعر ، التاجر ، الفقيه ) ، فإذا كان هناك رجال كل واحد منهم اسمه ( زيد ) ، وأحدهم : شاعر وتاجر وليس فقيهًا ، وآخر : شاعر وفقيه وليس تاجرًا ، وآخر : تاجر وفقيه وليس شاعرًا ، وآخر : شاعر وتاجر وفقيه ، وهو المقصود بالكلام ، فلا بد من ذكر النعوت الثلاثة كي يتميز ( زيد ) المنعوت عن غيره .

¤ وإذا كان المنعوت نكرة وجب أن يتبعه أحد النعوت وجاز في باقي النعوت القطع ، مثاله : سلمتُ على رجلٍ شاعرٍ كاتبٌ أديبٌ ، المنعوت ( رجل ) وهو نكرة ، والنعوت هي ( شاعرٍ ) و ( كاتبٌ ) و ( أديبٌ ) ، وقد تبع النعتُ الأولُ ( شاعرٍ ) المنعوت في الإعراب فجاء مجرورًا ، وأما النعتان الآخران ( كاتبٌ ) و ( أديبٌ ) فقُطِعا عن المنعوت ؛ لأنهما جاءا مرفوعين .

تنبيه : إذا قُطِعَ أحد النعوت فيجب في ما بعده من النعوت أن يُقطع أيضًا ؛ لأنه لا يصح الإتباع بعد القطع ، أي لا يصح أن يأتي نعت تابع بعد نعت مقطوع .

حذف المنعوت :

يجوز حذف المنعوت إذا عُلِمَ ، كقوله تعالى : ( أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ ) ، والتقدير : أَنِ اِعْمَلْ دروعًا سابِغاتٍ ، المنعوت المحذوف ( دروعًا ) والنعت ( سابِغاتٍ ) .

§     وقد يكون المنعوت المحذوف بعض اسم مجرور بـ ( مِنْ ) ، كقول العرب : مِنَّا ظَعَنَ ومِنَّا أقامَ ، التقدير : مِنَّا فريقٌ ظَعَنَ ومِنَّا فريقٌ أقامَ ، المنعوت المحذوف ( فريقٌ ) الأول ونعته جملة ( ظَعَنَ ) ، والمنعوت ( فريقٌ ) بعض الضمير ( نا ) المجرور بـ ( مِنْ ) ، وكذلك كلمة ( فريقٌ ) الثانية هي المنعوت المحذوف ، ونعته جملة ( أَقامَ ) ، والمنعوت ( فريقٌ ) بعض الضمير ( نا ) المجرور بـ ( مِنْ ) .

§     أو قد يكون المنعوت المحذوف بعض اسم مجرور بـ ( في ) ، كقول الشاعر :

لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لَمْ تِيْثَمِ    يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيْسَمِ

التقدير : لو قُلْتَ ما في قَوْمِها أحدٌ يَفْضُلُها ... ، المنعوت المحذوف ( أحدٌ ) ونعته جملة ( يَفْضُلُها ... ) ، والمنعوت ( أحدٌ ) بعض اسم مجرور بـ ( في ) وهو كلمة ( قَوْمِها ) .

حذف النعت : يجوز حذف النعت إذا عُلِمَ .

-     كقوله تعالى : ( يأخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْبًا ) أي : يأخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ صالحةٍ غَصْبًا ، النعت المحذوف ( صالحةٍ ) .

-     وكقول الشاعر :   وقَدْ كُنْتُ في الحَرْبِ ذا تُدْرَإٍ      فَلَمْ أُعْطَ شيئًا ولَمْ أُمْنَعِ

أي : فَلمْ أُعْطَ شيئًا طائِلاً ، النعت المحذوف ( طائِلاً ) .

-     وكقول الشاعر :        ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّينِ بِكْرٍ      مُهَفْهَفةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ

أي : لها فَرْعٌ فاحِمٌ وجِيدٌ طويلٌ ، النعتان المحذوفان ( فاحِمٌ ) و ( طويلٌ ) .

الدرس الثاني: التوكيد

وهو نوعان : معنوي ولفظي .

الأول : التوكيد المعنوي :  وله سبعة ألفاظ :

1 و 2 = ( نَفْس ) و ( عَيْن )  والفائدة من التوكيد بـهما رفع احتمال المجاز عن الذات .

§     ويُؤَكَّد بهما المفرد والمثنى والجمع :

º    فإذا كان الـمُؤَكَّد بهما مفردًا فيكون لفظهما مفردًا ، مثل : جاء الوزيرُ نفسُهُ ، أو جاء الوزيرُ عينُهُ .

º    وإذا كان الـمُؤَكَّد بهما مثنىً :

-     فالأرجح أن يكون لفظهما جمعًا ، مثل : جاء الوزيران أَنْفُسُهما ، أو جاء الوزيران أَعْيُنُهما  

-     ويجوز أن يكون لفظهما مفردًا ، مثل : جاء الوزيران نفسُهما ، أو جاء الوزيران عينُهما 

-     ويجوز أن يكون لفظهما مثنًى ، مثل : جاء الوزيران نفساهما ، أو جاء الوزيران عيناهما .

º    وإذا كان الـمُؤَكَّد بهما جمعًا فيكونان جمعًا ، مثل : جاء الوزراء أَنْفُسُهم ، أو جاء الوزراء أَعْيُنُهم .

3 و 4 = ( كِلا ) و ( كِلْتا )   والفائدة من التوكيد بهما رفع احتمال إرادة البعض .

§     ويُؤَكَّد بلفظ ( كِلا ) المثنى المذكر ، ويُؤَكَّد بلفظ ( كِلْتا ) المثنى المؤنث .

مثاله : جاء الصديقان كِلاهما ، وجاءت الصديقتان كِلْتاهما ، وأكرمتُ الصديقين كِليهما ، وأكرمتُ الصديقتين كِلْتيهما ، وسلّمتُ على الصديقين كِليهما ، وسلّمتُ على الصديقتين كِلْتيهما .

o   وتعرب ( كِلا ) و ( كِلْتا ) إعراب المثنى ، فيكونان بالألف في حال الرفع ( كلاهما ، كلتاهما ) وبالياء في حال النصب والجر ( كليهما ، كلتيهما ) .

5 و 6 و 7 = ( كُلّ ) و ( جَمِيْع ) و ( عامّة )    والفائدة من التوكيد بها رفع احتمال إرادة البعض .

§     ويُؤَكَّد بها ما كان جمعًا ، مثالها : جاء الطلابُ كُلُّهم ، وجاء الطلابُ جميعُهم ، وجاء الطلابُ عامَّتُهم .

ويمكن أن يُؤَكَّد بهذه الألفاظ ما كان مفردًا لكن له أجزاء ، مثل : قرأتُ الكتابَ كُلَّه ، لأن الكتاب تَتَجَزَّأُ قراءتُهُ ، ولا يصح : جاء زيدٌ كُلُّه ؛ لأن ( زيد ) مفرد لا يَتَجَزَّأُ مجيؤُه .

¤ وجميع ألفاظ التوكيد المعنوي يجب أن يتصل بها ضمير يعود على الـمُؤَكَّد ، ويكون الضمير مطابقًا للمُؤَكَّد في الإفراد والتثنية والجمع ، ومطابقًا له أيضًا في التذكير والتأنيث ، مثل : جاء المديرُ نفسُهُ ، جاء المديرُ عينُه ، وجاءت المديرة نفسُها ، جاءت المديرة عينُها ، حضر الصديقان كلاهما ، حضرت الصديقتان كلتاهما ، نجح الطلاب كلهم ، نجحت الطالبات كلهن .

تقوية التوكيد بلفظ ( أجمع ) ونحوه :

يجوز إذا أريد تقوية التوكيد أن يُؤْتى :

-     بعد كلمة ( كُلّه ) بكلمة ( أَجْمَع ) ، مثاله : قرأتُ الكتابَ كُلَّه أَجْمَعَ .

-     وبعد ( كُلّها ) بكلمة ( جَمْعاء ) , مثاله : وحَفِظْتُ القصيدةَ كُلَّها جَمْعاءَ .

-     وبعد ( كُلّهم ) بكلمة ( أَجْمَعين ) ، كقوله تعالى : ( فَسَجَدَ الملائكةُ كُلُّهم أَجْمعون ) .

-     وبعد ( كُلّهن ) بكلمة ( جُمَع ) ، مثاله : حضرت الطالباتُ كُلُّهن جُمَعُ .

§     وقد يُؤَكَّد بهذه الألفاظ دون أن تسبقها كلمة ( كُلّ ) ، كقوله تعالى : ( لأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعين ) ، وقوله : ( لَمَوْعِدِهُم أَجْمَعين ) .

 توكيد النكرة :

إذا كان توكيد النكرة لا يفيد فلا يجوز توكيدها باتفاق ، وإن أفاد توكيد النكرة جاز عند بعض النحويين ، وتحصل الإفادة بشرطين :

1. أن يكون الـمُؤَكَّد محدودًا

2. وأن يكون لفظ التوكيد من ألفاظ الإحاطة ( كُلّ ، جميع ، عامّة )

مثاله : اِعْتَكَفْتُ أُسْبُوعًا كُلَّهُ ، صُمْتُ شهرًا جميعَهُ ، عَمِلْتُ حَوْلاً عامَّتَهُ .

توكيد الضمير المرفوع المتصل بالنفس أو بالعين :

إذا أُكِّدَ ضميرٌ مرفوعٌ متصلٌ بكلمة ( نفس ) أو ( عين ) وجب توكيده أَوَّلاً بالضمير المنفصل ، مثاله : قومُوا أنتم أنفسُكم ، الضمير المرفوع المتصل الـمُؤَكَّد هو واو الجماعة في ( قوموا ) ، والضمير المنفصل هو ( أنتم ) ، ولا بُدَّ من ذكر هذا الضمير المنفصل ، فلا يصح أن تقول : قومُوا أنفسُكم .

-     فإن كان الـمُؤَكَّد اسمًا ظاهرًا وليس ضميرًا فلا يُؤَكَّد بالضمير المنفصل ، مثل : قامَ الزيدون أنفسُهم

-     أو كان الـمُؤَكَّدُ ضميرًا منصوبًا ، مثل : ضَرَبْتُهُم أنفسَهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( هم ) في ( ضَرَبْتُهم ) وهو في محل نصب مفعول به وليس مرفوعًا ، فلا يجب توكيده بالضمير المنفصل .

-     أو كان الـمُؤَكَّد ضميرًا مجرورًا ، مثل : مررتُ بهم أنفسِهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( هم ) من كلمة ( بهم ) وهو في محل جر بحرف الجر الباء وليس مرفوعًا ، فلا يجب توكيده بالضمير المنفصل .

-     أو كان الـمُؤَكَّد ضميرًا منفصلاً ، مثل : أنتَ نفسُكَ حضرتَ ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( أنتَ ) ، وهو ضمير منفصل وليس متصلاً ، فلا يحتاج إلى توكيده بضمير منفصل .

-     وإن كان لفظ التوكيد غير كلمة ( نفس ) و ( عين ) ، مثل : قاموا كُلُّهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو الواو في ( قاموا ) ، فلا يجب هنا توكيده بالضمير المنفصل ؛ لأن لفظ التوكيد ليس كلمة ( نفس ) أو ( عين ) بل كلمة ( كُلُّهم ) .

إعراب ألفاظ التوكيد :

جميع ألفاظ التوكيد تتبع الـمُؤَكَّد في الإعراب :

§     فإذا كان الـمُؤَكَّد مرفوعًا صار التوكيد مرفوعًا ، مثل : جاء الوزيرُ نفسُه

§     وإذا كان الـمُؤَكَّد منصوبًا صار التوكيد منصوبًا ، مثل : رأيتُ الوزيرَ نفسَه

§     وإذا كان الـمُؤَكَّد مجرورًا صار التوكيد مجرورًا ، مثل : مررتُ بالوزيرِ نفسِه

ولهذا صارت ألفاظ التوكيد من التوابع ؛ لأنها تتبع ما قبلها في الإعراب .

 

الثاني : التوكيد اللفظي :

وهو تكرار اللفظ ، والغرض منه في الأصل إسماع المخاطب لفظًا لم يتبينه أو لم يسمعه .

ولفظ التوكيد قد يكون :

¤ جملةً :

مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ) .

والأكثر اقتران الجملة بحرف العطف ، كقوله تعالى : ( كلاّ سوف تعلمون . ثم كلاّ سوف تعلمون ) ، وقوله : ( أَوْلَى لكَ فأَوْلَى . ثم أَوْلَى لكَ فأَوْلَى ) .

ويجب ترك العطف عند إيهام التعدد ، كقولك : ضربتُ زيدًا ، ضربتُ زيدًا ، لأنه لو صُرِّحَ بحرف العطف لتوهم السامع تكرار الضرب .

¤ أو اسمًا ظاهرًا :

مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ نفسَها بغير وَلِيِّها فنِكاحُها باطلٌ باطلٌ ) .

¤ أو ضميرًا منفصلاً منصوبًا ، كقول الشاعر :

فإِيّاكَ إِيّاكَ الـمِراءَ فإنَّهُ      إلى الشَّرِّ دَعّاءٌ وللشَّرِّ جالِبُ

¤  أو ضميرًا منفصلاً مرفوعًا ،

§      ويُؤَكَّدُ به ضمير منفصل مرفوع مثله ، مثل : أنتَ أنتَ نجحتَ .

§      ويُؤَكَّدُ به أيضًا كل ضمير متصل ، سواء كان الضمير المتصل :

-     في محل رفع مثل : قمتَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد التاء في ( قمتَ ) وهو في محل رفع فاعل ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

-     أو في محل نصب ، مثل : أكرمتُكَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( أكرمتُكَ ) وهو في محل نصب مفعول به ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

-     أو في محل جر ، مثل : مررتُ بكَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( بكَ ) وهو في محل جر ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

¤ أو ضميرًا متصلاً ، ويجب أن يتصل به ما اتصل بالـمُؤَكَّد ، مثل : عَجِبْتُ مِنْكَ مِنْكَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( مِنْكَ ) الأولى وقد اتصل به حرف الجر ( مِنْ ) ، والتأكيد هو الكاف في ( مِنْكَ ) الثانية ، وقد اتصل به حرف الجر ( مِنْ ) كما اتصل بالضمير الـمُؤَكَّد .

¤ أو فعلاً ، مثل : قامَ قامَ زيدٌ

¤ أو حرفًا : وقد يكون الحرف :

-     حرف جواب ، مثل : نعم ، لا ، بلى ، أَجَل ... ، مثاله قول الشاعر :

لا لا أَبُوْحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّها    أَخَذَتْ عليَّ مَواثِقًا وعُهُوْدَا

-     أو حرفًا غير جواب ، ويجب هنا أن يُفْصَل بين الـمُؤَكَّد والتأكيد ، وأن يُعاد مع التأكيد ما اتصل بالـمُؤَكَّد .

مثاله قوله تعالى : ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُون ؟ ) ، الـمُؤَكَّد ( أَنَّ ) في كلمة ( أَنَّكُمْ ) الأولى ، وقد اِتَّصَلَ به الضمير ( كُمْ ) ، والتأكيد هو ( أَنَّ ) في كلمة ( أَنَّكُمْ ) الثانية ، وقد فُصِلَ بينهما بقوله ( إِذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا ) ، وقد أُعِيدَ الضمير ( كُمْ ) المتصل بـ( أَنَّ ) الأولى مع ( أَنَّ ) الثانية .

مثال آخر : إِنَّ زيدًا إِنَّ زيدًا فاضلٌ ، الـمُؤَكَّد ( إِنَّ ) الأولى ، والتأكيد ( إِنَّ ) الثانية ، وقد فُصِلَ بينهما بكلمة ( زيدًا ) الأولى ، وقد أُعِيد ما اتصل بـ ( أَنَّ ) الأولى وهو كلمة ( زيدًا ) مع ( أَنَّ ) الثانية .

o         والأحسن إذا كان ما اتصل بالحرف الأول الـمُؤَكَّد اسمًا ظاهرًا ، مثل ( زيدًا ) في المثال السابق ، أن يُعاد مع التأكيد ضمير يعود على الاسم الظاهر ، فيُقال في هذا المثال : إِنَّ زيدًا إِنَّهُ فاضلٌ ، فالهاء في ( إِنَّه ) تعود على ( زيد ) .

الدرس الثالث: عَطْف النَّسَق

 

والمراد به العطف بحروف العطف .

تعريف المعطوف عطف نسق : هو تابعٌ يتوسَّطُ بينه وبين متبوعه أحدُ أحرف العطف .

¤ مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو ، فكلمة ( عمرٌو ) معطوفة عَطْفَ نَسَقٍ بواسطة حرف العطف ( الواو ) ، والمعطوف عليه كلمة ( زيدٌ ) ، فـ ( عمرٌو ) تابعٌ ، و ( زيدٌ ) متبوع .

¤ وأحرف العطف نوعان :

1. ما يقتضي الاشتراك في الإعراب والمعنى ، وهي :

( الواو ) و ( الفاء ) و ( ثُمَّ ) و ( حتى ) ، وكذلك ( أَوْ ) و ( أَمْ ) ؛ لكن يُشترط في ( أَوْ ) و ( أَمْ ) أن لا يُراد بهما الإضراب .

2. ما يقتضي الاشتراك في الإعراب فقط ، وهي نوعان :

1=    نوع يُثْبِتُ لما بعدها ما انتفى عما قبلها ، وهي : ( بَلْ ) و ( لكنْ ) .

2=    ونوع ينفي عما بعدها ما ثبت لما قبلها ، وهي : ( لا ) و ( ليس ) .

وسيأتي الكلام بالتفصيل عن هذه الأحرف كلها .

الواو :

§     تفيد الواو مُطْلَق الجمع بين المتعاطفين ، من غير دلالة على ترتيب ، فقد يكون ما بعدها متأخرًا عما قبلها كقوله تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيمَ ) ، وقد يكون متقدمًا كقوله تعالى : ( كذلك يُوحي إليكَ وإلى الذين من قبلكَ ) ، وقد يكون مُصاحبًا كقوله تعالى : ( فأنجيناه وأصحابَ السفينةِ ) .

§     ومن خصائص الواو أنها تعطف اسمًا لا يمكن الاستغناء عنه ، مثل : اختَصَمَ زيدٌ وعمرٌو ، وتضاربَ زيدٌ وعمرٌو ، واصطَفَّ زيدٌ وعمرٌو ، وجلستُ بين زيدٍ وعمرٍو ، فالاختصام والتضارب والاصطفاف والبينية لا تكون من واحد ، فلا يمكن الاستغناء عن المعطوف ( عمرٌو ) .

الفاء :

§     تفيد الترتيب مع التعقيب ، كقوله تعالى : ( أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ ) ، ومثل : دخل زيدٌ فعمرٌو .

§     وتفيد أحيانًا التَّسَبُّب ، كقوله تعالى : ( فَوَكَزَهُ موسى فقضى عليه ) .

ثُمَّ :

§     تفيد الترتيب مع التراخي ، كقوله تعالى : ( أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ . ثُمَّ إذا شاء أَنْشَرَهُ ) .

§     وقد تقع موقع الفاء ، فتستعمل للترتيب والتعقيب ، كقول الشاعر :

كَهَزِّ الرُّدَيْنِيِّ تَحْتَ العَجاجِ     جَرَى في الأَنابِيبِ ثُمَّ اِضْطَرَبْ

حتى :

ويُشترط للعطف بها شروط :

1. أن يكون المعطوف اسمًا ، فلا يصح أن يُعطف بها فعلٌ أو حرفٌ أو جملةٌ .

2. أن يكون المعطوف اسمًا ظاهرًا ، فلا يصح أن يُعطف بها ضميرٌ .

3. أن يكون المعطوف بعضَ المعطوف عليه ، مثل : أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها ، وعاقبتُ الطلابَ حتى زيدًا ، لأن رأس السمكة بعضها ، و ( زيد ) أحد الطلاب .

أو يُشبه البعض ، مثل : أعجبتني الفتاةُ حتى كلامُها ، لأن كلامها كأنه بعضها .

4. أن يكون المعطوف غايةً :

سواء كان غاية في الزيادة ، مثل : زيدٌ يتصدق بالمالِ الكثير حتى الألوفِ ، ومات الناسُ حتى الأنبياءُ ، أو مات الناسُ حتى الملوكُ .

أو كان غاية في النقص ، مثل : المؤمن يُجْزَى بالحسناتِ حتى مثقالِ ذَرَّةٍ ، وغَلَبَكَ الناسُ حتى الصبيانُ .

§     والعطف بـ ( حتى ) قليل .

§     وأنكره الكوفيون ، ويعربون ( حتى ) في الأمثلة السابقة وما أشبهها ابتدائية وليست عاطفة .

أم :

وهي نوعان :

(1) متصلة :

وهي التي تكون مسبوقة :

1=                   إما بهمزة التسوية ، وهي تفيد الإخبار ، فالمتكلم يُخبر المخاطب باستواء الأمرين عنده ، وهي تدخل على الجمل لا غير ، وتكون الجملة المعطوفة والجملة المعطوف عليها :

-     فعليتين ، مثل قوله تعالى : ( سواءٌ عليهم أأنذرتَهم أم لم تُنذرهم لا يؤمنون ) ، الجملة المعطوفة ( لم تنذرهم ) والجملة المعطوف عليها ( أنذرتَهم ) وكلاهما فعلية ، وهمزة التسوية هي الهمزة الأولى في ( أأنذرتَهم ) .

-     أو اسميتين ، مثل قول الشاعر :

ولَسْتُ أُبالي بَعْدَ فَقْدِيَ مالِكًا     أمَوْتِيَ ناءٍ أَمْ هُوَ الآنَ واقِعُ

الجملة المعطوفة ( هو الآنَ واقِعُ ) والجملة المعطوف عليها ( مَوْتِيَ ناءٍ ) وكلاهما اسمية ، وهمزة التسوية هي الهمزة في ( أمَوْتِيَ ) .

-     أو مختلفتين ، مثل قوله تعالى : ( سواءٌ عليكم أَدَعَوْتُـمُوهُمْ أم أنتُم صامتون ) ، الجملة المعطوفة ( أنتم صامتون ) وهي جملة اسمية ، والجملة المعطوف عليها ( دَعَوْتُـمُوهُمْ ) وهي جملة فعلية ، وهمزة التسوية هي الهمزة في ( أَدَعَوْتُـمُوهُمْ ) .

 

2=                   وإما بهمزة يُطلب بها وبـ ( أم ) التعيين ، وهي تفيد السؤال ، فالمتكلم يطلب من المخاطب تعيين أحد الأمرين ، وهي تدخل على الجمل وعلى المفردات ، فيكون المعطوف والمعطوف عليه :

-     إما مفردين ، مثل قوله تعالى : ( أَأَنتُم أَشَدُّ خَلْقًا أم السماءُ ؟ ) ، المعطوف ( السماءُ ) والمعطوف عليه ( أنتُم ) وكلاهما مفرد ، وهمزة التعيين هي الهمزة الأولى في ( أَأَنتُم ) .

ومثل قوله تعالى : ( وإِنْ أَدْرِي أقَرِيبٌ أم بعيدٌ ما تُوعدون ؟ ) ، المعطوف ( بعيدٌ ) والمعطوف عليه ( قريبٌ ) وكلاهما مفرد ، وهمزة التعيين هي الهمزة في ( أقريبٌ ) .

-     وإما جملتين فعليتين ، مثل قول الشاعر :

فقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتاعًا فأَرَّقَني        فقُلْتُ : أَهْيَ سَرَتْ أم عادَني حُلُمُ ؟

الجملة المعطوفة ( عادَني حُلُمُ ) والجملة المعطوف عليها ( هي سَرَتْ ) وهي في التقدير ( سَرَتْ هي ) وكلاهما فعلية ، وهمزة التعيين هي الهمزة في ( أَهْيَ ) .

-     وإما جملتين اسميتين ، مثل قول الشاعر :

لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِنْ كُنْتُ دارِيا     شُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ؟

الجملة المعطوفة ( شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ) والجملة المعطوف عليها ( شُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ ) وكلاهما اسمية ، وهمزة التعيين محذوفة والتقدير ( أشُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ؟ ) .

(2) منقطعة :

§     وهي التي تدل على الإضراب ، ومعنى الإضراب الانتقال من معنى إلى معنى آخر مستقل .

§     و ( أم ) المنقطعة ليست حرف عطف .

§     و ( أم ) المنقطعة لا تسبقها همزة التسوية ولا همزة التعيين .

§     وهي تدخل على الجمل لا غير .

       أ‌-      وهي قد تدل على الاستفهام ، سواء :

-     كان استفهامًا حقيقيًا ، مثل قول أحدهم : إِنّها لَإِبلٌ أم شاءٌ ؟ ، أي : بل أهي شاءٌ ؟

-     أو كان استفهامًا إِنكاريًّا ، مثل قوله تعالى : ( أم لَهُ البناتُ ؟ ) ، أي : بل ألَهُ البناتُ ؟

   ب‌-   وقد لا تدل على الاستفهام ، مثل قوله تعالى : ( أم هل تستوي الظُّلُماتُ والنُّورُ ؟ ) والاستفهام مستفاد من ( هل ) وليس من ( أم ) ، ولا يمكن أن تكون ( أم ) هنا استفهامية لأن حرفَ الاستفهامِ لا يدخل على حرفِ استفهامٍ آخرَ ، ومثل قول الشاعر :

ولَيْتَ سُلَيْمَى في الـمَنامِ ضَجِيْعَتِي    هُنالِكَ أم في جَنَّةٍ أم جَهَنَّمِ

وليس الكلام في البيت استفهامًا ، بل هو تمنٍ .

أو :  وهي تأتي لمعانٍ ، منها :

1. التخيير ، مثل : تَزَوَّجْ هندًا أو أختَها .

2. الإباحة ، مثل : جالِس العلماءَ أو الزُّهّادَ .

§  والفرق بينهما : أن التخيير لا يمكن الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه ، أما الإباحة فيمكن .

§  والتخيير والإباحة يقعان بعد الطلب .

3. الشَّكّ ، مثل قوله تعالى : ( لَبِثْنا يومًا أو بعضَ يومٍ )

4. الإِبْهام ، مثل قوله تعالى : ( وإِنّا أو إِيّاكُمْ لَعَلى هُدًى أو في ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

§  والفرق بين الشَّكِّ والإِبْهام : أن المتكلم في الشَّكِّ لا يعلم الحقيقة ، وفي الإِبهام يكون المتكلم عارفًا بالحقيقة لكنه يريد الإِبْهام على السامع .

§  والشَّكُّ والإِبْهام يقعان بعد الخبر .

5. التفصيل أو التقسيم ، مثل قوله تعالى : ( وقالوا : كونوا هُوْدًا أو نصارَى ) ، ومثل قول النحويين : ( الكلمة : اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ ) .

6. الإِضْراب ، مثاله ما سُمِعَ عن بعض العرب أنه قال : ( اِذْهَبْ إلى زيدٍ ، أو دَعْ ذلك فلا تَبْرَح اليومَ ) ، وإذا كانت ( أو ) للإضراب فلا تكون حرف عطف .

7. بمعنى الواو ، فتكون دالةً على الاشتراك مطلقًا دون ترتيب ، كقول الشاعر :

قَوْمٌ إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ     ما بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سافِعِ

أي : ما بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ و سافِعِ .

لكِنْ : وتكون حرف عطف بشروط :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. أن تُسْبَقَ بنفيٍ أو نهيٍ .

3. أن لا تقترن بالواو .

مثالها : ما مَرَرْتُ برجلٍ صالحٍ لكِنْ طالحٍ ، ومثل : لا يَقُمْ زيدٌ لكِنْ عمرٌو .

·     فإذا اختلّ أحد هذه الشروط فلا تكون حرف عطف ، وتبقى حرف استدراك وابتداء ، وذلك :

§     إذا وقع بعدها جملة ، مثل قول الشاعر :

إِنَّ ابنَ وَرْقاءَ لا تُخْشَى بَوادِرُهُ     لكِنْ وَقائِعُهُ في الحَرْبِ تُنْتَظَرُ

§     أو إذا لم تُسْبَق بنفي أو نهي ، مثل : ( قامَ زيدٌ لكِنْ عمرٌو لم يَقُمْ ) .

§     أو إذا اقترنت بالواو ، مثل قوله تعالى : ( ما كان محمدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ولكِنْ رسولَ اللهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ ) .

بل : وتكون حرفَ عطفٍ بشرطين :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. وأن تكون مسبوقةً بإيجابٍ أو أمرٍ أو نفيٍ أو نهيٍ .

-     مثالها بعد إِيجاب : قام زيدٌ بل عمرٌو .

-     ومثالها بعد أمرٍ : اضربْ زيدًا بل عمرًا .

-     ومثالها بعد نفيٍ : ما قام زيدٌ بل عمرٌو .

-     ومثالها بعد نهيٍ : لا يَقُمْ زيدٌ بل عمرٌو .

§     وإذا وقعتْ بعد إيجابٍ أو أمرٍ فمعناها سَلْبُ الحكم عما قبلها وإثباته لما بعدها .

§     وإذا وقعتْ بعد نفيٍ أو نهيٍ فمعناها تقرير الحكم لما قبلها وإثبات ضده لما بعدها .

لا :

ويُشترط للعطف بها شروط :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. أن تُسْبَق بإيجابٍ أو أمرٍ .

3. أن لا يكون المعطوف بها داخلاً في المعطوف عليه ، فلا يصح أن يُقال : جاءني رجلٌ لا زيدٌ ، لأن المعطوف ( زيد ) داخل في المعطوف عليه ( رجل ) ؛ فـ ( زيد ) رجل من الرجال .

§     مثال وقوعها بعد إِيجاب : ( هذا زيدٌ لا عمرٌو ) ، ومثال وقوعها بعد أمرٍ : ( اِضْرِبْ زيدًا لا عمرًا ) .

ليس :

§     استعمالها حرف عطف هو قول بعض النحويين .

§     من أمثلتها قول الشاعر :       وإِذا أُقْرِضْتَ قَرْضًا فاجْزِهِ       إِنَّما يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْ

العطف على الأسماء الظاهرة والضمائر والأفعال :  إذا كان المعطوف عليه :

1=           اسمًا ظاهرًا : فيُعْطَف عليه دون شرط ، مثل : قام زيدٌ وعمرٌو ، المعطوف ( عمرو ) والمعطوف عليه ( زيد ) وهو اسم ظاهر .

2=           وإذا كان ضميرًا :

       أ‌-      فإن كان ضميرًا منفصلاً : فيُعْطَف عليه دون شرط أيضًا ، مثل : أنا وزيدٌ صديقان ، المعطوف ( زيد ) والمعطوف عليه ( أنا ) وهو ضمير منفصل ، ومثل : إِيّاكَ والأسدَ ، المعطوف ( الأسد ) والمعطوف عليه ( إِيّاكَ ) وهو ضمير منفصل .

   ب‌-   وإن كان ضميرًا متصلاً :

1. فإن كان منصوبًا فيُعْطَف عليه دون شرط أيضًا ، مثل قوله تعالى ( جَمَعْناكُمْ والأَوَّلِينَ ) ، المعطوف ( الأَوَّلِينَ ) والمعطوف عليه ( كُمْ ) في ( جَمَعْناكُمْ ) وهو ضمير متصل منصوب .

2. وإن كان مرفوعًا ، فالأحسن الفصل بينه وبين المعطوف :

-     إما بضمير منفصل مُؤَكِّد له ، مثل قوله تعالى : ( لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُم وآباؤُكُمْ ) ، المعطوف ( آباؤُكُمْ ) والمعطوف عليه ( تُمْ ) في ( كُنْتُم ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وفُصِلَ بينهما بالضمير المنفصل ( أنتُم ) .

-     وإما بأي فاصل ، مثل قوله تعالى : ( يَدْخُلُونها ومَنْ صَلَحَ ) ، المعطوف ( مَنْ صَلَحَ ) والمعطوف عليه الواو في ( يدخلونها ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالهاء في ( يدخلونها ) .

ومثل قوله تعالى : ( ما أَشْرَكْنا ولا آباؤُنا ) ، المعطوف ( آباؤُنا ) والمعطوف عليه ( نا ) في ( ما أَشْرَكنا ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالحرف ( لا ) .

ومثل قوله تعالى : ( ما لم تعلموا أنتُم ولا آباؤُكُم ) ، المعطوف ( آباؤُكُم ) والمعطوف عليه الواو في ( تعلموا ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالضمير المنفصل ( أنتُم ) وبالحرف ( لا ) ، فهما فاصلان .

§     ويقل ترك الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه إذا كان المعطوف عليه ضميرًا متصلاً مرفوعًا ، وأكثر ما يقع ترك الفصل في الشعر ، كقول الشاعر :

ورَجا الأُخَيْطِلُ مِنْ سَفاهةِ رَأْيِهِ    ما لم يَكُنْ وأبٌ لَهُ لِينالا

المعطوف ( أبٌ ) والمعطوف عليه الضمير المستتر في الفعل ( يَكُنْ ) ، والضمير المستتر بمنزلة الضمير الظاهر المتصل ، ولم يُفْصَل بينهما بفاصل .

3. وإن كان مجرورًا ، فالأكثر إعادة حرف الجر أو إِعادة المضاف ، مثل قوله تعالى : ( فقال لها وللأرضِ ) ، المعطوف ( الأرض ) والمعطوف عليه الهاء في ( لها ) وهو ضمير مجرور بحرف الجر اللام ، وقد أُعِيدَ حرف الجر اللام مع المعطوف ( الأرض ) .

ومثل قوله تعالى : ( قالوا : نَعْبُدُ إِلـهَكَ وإِلهَ آبائِكَ ) ، المعطوف ( آبائِكَ ) والمعطوف عليه الكاف في ( إِلـهَكَ ) وهو ضمير مجرور بإضافة ( إِله ) إليه ، وقد أُعِيدَ المضاف ( إِله ) مع المعطوف ( آبائِكَ ) .

§     ويجوز ترك إعادة حرف الجر أو إعادة المضاف ، مثل قوله تعالى على قراءة : ( واتَّقُوا اللهَ الذي تَساءَلون بِهِ والأَرْحامِ ) ، المعطوف ( الأرحامِ ) والمعطوف عليه الهاء في ( بِهِ ) وهو ضمير مجرور بحرف الجر الباء ، ولم يُعَدْ حرف الجر الباء مع المعطوف ( الأرحامِ ) .

ومثل ما سُمِعَ عن العرب : ( ما فيها غيرُهُ وفَرَسِهِ ) ، المعطوف ( فَرَسِهِ ) والمعطوف عليه الهاء في ( غيرُهُ ) وهو ضمير مجرور بإضافة ( غير ) إليه ، ولم يُعَد المضاف ( غير ) مع المعطوف ( فَرَسِهِ ) .

3=           وإذا كان فعلاً : فيُعْطَف عليه بشرط اتحاد الفعلين في الزمن ، ومن أمثلته :

-     قوله تعالى : ( لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدةً مَيْتًا ونُسْقِيَهُ ) ، المعطوف ( نُسْقِي ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( نُحْيِيَ ) وهو مضارع أيضًا .

-     وقوله تعالى : ( وإِنْ تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ ) ، المعطوف ( تَتَّقُوا ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( تُؤْمِنُوا ) وهو مضارع أيضًا ، وفيه شاهدٌ آخر ، معطوف وهو ( يَسْأَلْكُمْ ) وهو مضارع ، ومعطوف عليه ( يُؤْتِكُمْ ) وهو مضارع أيضًا .

-     وقوله تعالى : ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يومَ القِيامةِ فأَوْرَدَهُمُ النارَ ) ، المعطوف ( أَوْرَدَهُم ) وهو ماضٍ لكن يُراد به المضارع فهو بمعنى ( يُوْرِدُهُم ) ، والمعطوف عليه ( يَقْدُمُ ) وهو مضارع .

-     وقوله تعالى : ( تَبارَكَ الذي إِنْ شاءَ جَعَلَ لكَ خيرًا مِنْ ذلكَ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأَنْهارُ ويَجْعَلْ لكَ قُصُورًا ، المعطوف ( يَجْعَل ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( جَعَلَ ) وهو ماضٍ لكن يُراد به المضارع ( يَجْعَل ) .

حذف المعطوف :  تختص الواو والفاء بجواز حذفهما مع معطوفهما لدليل .

-    مثاله في الفاء قوله تعالى : ( وأَوْحَيْنا إلى موسى إِذ استَسْقاهُ قومُهُ أَن اِضْرِبْ بعصاكَ الحَجَرَ فانْبَجَسَتْ ) ، والتقدير : فضَرَبَ فانْبَجَسَتْ ، المعطوف ( ضَرَبَ ) وهو محذوف مع الفاء ، والمعطوف عليه ( أَوْحَيْنا ) .

-    ومثاله في الواو قول الشاعر :

فما كانَ بينَ الخَيرِ لو جاءَ سالِمًا    أبو حُجُرٍ إِلاّ لَيالٍ قلائلُ

والتقدير : فما كَانَ بينَ الخيرِ وبيني .

-    ومثله قول العرب : ( راكِبُ النّاقةِ طَلِيحانِ ) ، والتقدير : راكِبُ النّاقةِ والنّاقةُ طَلِيحانِ ، المعطوف كلمة ( النّاقةُ ) الثانية وقد حُذِفَ مع الواو ، والمعطوف عليه ( راكِبُ النّاقةِ ) ، ومعنى ( طَلِيحانِ ) : مُتْعَبانِ .

حذف المعطوف عليه :

يجوز حذف المعطوف عليه بالواو أو بالفاء .

-    مثال حذف المعطوف عليه بالواو إذا قال قائلٌ : مَرحبًا ، فقال الآخر : وبِكَ وأَهْلاً وسَهْلاً ، والتقدير : ومَرْحبًا بِكَ وأَهْلاً وسَهْلاً ، المعطوف ( أَهْلاً ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( مَرْحبًا ) .

-    ومثال حذف المعطوف عليه بالفاء قوله تعالى : ( أَفَنَضْرِبُ عنكُم الذِّكْرَ صَفْحًا ) ، والتقدير : أَنُهْمِلُكُمْ فَنَضْرِبُ ، المعطوف ( نَضْرِبُ ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( نُهْمِلُكُمْ ) .

ومثله قوله تعالى : ( أَفَلَمْ يَرَوا إِلى ما بينَ أَيْدِيهِمْ ) ، والتقدير : أَعَمُوا فَلَمْ يَرَوا ، المعطوف ( لَمْ يَرَوا ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( عَمُوا ) .

 الدرس الرابع: البدل

تعريفه : هو التابع المقصود بالـحُكْم بلا واسِطةٍ .

§     فخرج بـعبارة ( المقصود بالـحُكْم ) النعت والتوكيد وعطف البيان ، لأنها غير مقصودة بالـحُكْم ، بل المقصود هو متبوعها وهو المنعوت والـمُؤَكَّد والمعطوف عليه عطف البيان .

وخرج أيضًا المعطوف عطف نَسَق بحروف العطف المختلفة إلا المعطوف بـ ( بل ) ؛ لأن المعطوف بتلك الحروف مقصود بالحكم مع المعطوف عليه ، فليس المعطوف وحده مقصودًا بالحكم .

§     وخرج بـعبارة ( بلا واسطة ) المعطوف عطف نَسَق بحرف العطف ( بل ) ، مثل : جاءني زيدٌ بل عمرٌو ، بسبب وجود الواسطة وهي حرف العطف ( بل ) ، وأما البدل فلا واسطة معه .

أنواع البدل : البدل أربعة أنواع :

أحدها : بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، أوالبدل الـمُطابِق ، وهو البدل الذي يكون مُطابِقًا للمُبْدَل منه .

مثاله قوله تعالى : ( اهْدِنا الصِّراطَ المستقيمَ . صِراطَ الذين أنعمتَ عليهم ) ، البدل هو ( صِراطَ ) والـمُبدل منه هو ( الصِّراطَ ) .

وقوله تعالى : ( إلى صِراطِ العزيزِ الحميدِ . اللهِ ) ، البدل هو ( الله ) والـمُبدل منه هو ( العزيزِ ) .

الثاني : بدل بعضٍ من كُلٍّ ، وهو البدل الذي يكون جُزْءًا من الـمُبدل منه ، سواء كان ذلك الجزء :

-     قليلاً ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَه ، البدل ( ثُلُثَه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

-     أو كثيرًا ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَيه ، البدل ( ثُلُثَيه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

-     أو مُساويًا للجزء المتبقي ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ نصفَه ، البدل ( نصفَه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

o   ويُشترط في هذا النوع من البدل أن يشتمل على ضمير يعود على الـمُبدل منه ، ففي الأمثلة السابقة الضمير هو الهاء في ( ثُلُثَه ) و ( ثُلُثَيه ) و ( نصفَه ) وهي تعود على الـمُبدل منه ( الرغيف ) .

ومثله قوله تعالى : ( ثُمَّ عَمُوا وصَمُّوا كثيرٌ منهم ) ، البدل ( كثيرٌ ) والـمُبدل منه الواو في ( عَمُوا ) ، والضمير ( هم ) في ( منهم ) يعود على الـمُبدل منه .

وقد يكون هذا الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليه سبيلاً ) ، البدل ( مَن استطاع ) والـمُبدل منه ( الناس ) ، والضمير غير مذكور ، تقديره : مَن استطاع منهم ، أي : من الناس .

الثالث : بدل الاشتمال ، وهو البدل الذي يشتمل عليه العامل ، وليس جُزْءًا من الـمُبدل منه .

مثاله : أعجبني زيدٌ عِلْمُهُ ، البدل ( عِلْمُهُ ) والمبدل منه ( زيد ) ، والعِلْم ليس جزءًا من زيد مثل يده وعينه ونحو ذلك ، لكن العامل وهو الإعجاب يشتمل عليه ، أي الإعجاب واقع على عِلْم زيد .

ومثله : أعجبني زيدٌ أخلاقُه ، البدل ( أخلاقُه ) والمبدل منه ( زيد ) .

ومثله : سُرِقَ زيدٌ ثوبُهُ ، البدل ( ثوبُهُ ) والمبدل منه ( زيدٌ ) .

o   ويُشترط في هذا النوع من البدل أن يشتمل على ضمير يعود على الـمُبدل منه ، ففي المثال الأول البدل ( عِلْمُهُ ) فيه ضمير وهو الهاء يعود على الـمُبدل منه ( زيد ) ، وكذلك باقي الأمثلة .

ومثله قوله تعالى : ( يَسْأَلونكَ عن الشهرِ الحرامِ قِتالٍ فيه ) ، البدل ( قتالٍ فيه ) وفيه ضمير وهو الهاء في ( فيه ) يعود على الـمُبدل منه ( الشهرِ الحرامِ ) .

وقد يكون الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( قُتِلَ أصحابُ الأُخْدُودِ . النّارِ ذاتِ الوَقُودِ ) ، البدل ( النارِ ) والـمُبدل منه ( الأُخْدُودِ ) ، والضمير غير مذكور تقديره ( النارِ فيه ) أي : في الأُخْدُود .

الرابع : البدل الـمُبايِن : وهو ثلاثة أقسام :

الأول : بدل الغَلَط ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدل منه ذُكِر غَلَطًا .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( دينار ) من البداية لكن غَلِطَ لسانه فنطق ( درهم ) وهو لم يرده ، فأراد أن يُصَحِّحَ كلامه فذكر ( دينار ) .

الثاني : بدل النسيان ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدل منه ذُكِرَ نسيانًا .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( درهم ) من البداية لكنه تبين له بعد ما نَطَقَ ( درهم ) أنه ناسٍ وأن الصواب ( دينار ) .

·     والفرق بين الغَلَط والنسيان ، أن الغَلَط من اللسان والنسيان من القلب .

الثالث : بدل الإضراب أو البَداء ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدلٍ منه متروكٍ ومُضْرَبٍ عنه .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( درهم ) من البداية ثم غَيَّرَ رأيه وبدا له أن يذكر ( دينار ) ، من غير أن يكون غَلِطَ أو نَسِيَ .

o ويُلاحظ أن المثال مع الأقسام الثلاثة واحد لكن الفرق بينها هو في نية المتكلم وإرادته ، فإن كان أخطأ لسانه فنطق لفظًا لا يريده فهو بدل غَلَطٍ ، وإن كان لم يُخْطِئ لسانه لكن نَسِيَ فنطق لفظًا تبين له أنه لا يريده فهو بدل نِسيان ، وإن كان يريده ثم غَيَّرَ رأيه فهو بدل إِضراب .

الإبدال من الاسم الظاهر ومن الضمير :

·     إبدال الاسم الظاهر من الاسم الظاهر : وهذا جائز ، مثل : أعجبني زيدٌ أخلاقُهُ ، البدل ( أخلاقُهُ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه ( زيدٌ ) وهو اسم ظاهر أيضًا .

·     إبدال الضمير من الضمير : وهذا فيه خلاف بين النحويين :

1) فأجازه البصريون ، مثاله : قُمْتَ أنتَ ، ورأيتُكَ إياكَ ، ومررتُ بكَ بكَ ، فالضمير ( أنتَ ) و ( إياكَ ) و الكاف في ( بكَ ) الثانية تُعرب بدلاً .

2) ومنعه الكوفيون ، والضمائر في الأمثلة السابقة تُعرب عندهم توكيدًا لا بدلاً .

·     إبدال الضمير من الاسم الظاهر : وهذا غير جائز ، فلا يصح أن يُقال : رأيتُ زيدًا إِيّاهُ ، وتُعرب ( إِيّاهُ ) بدلاً وهو ضمير ، والمبدل منه ( زيدًا ) وهو اسم ظاهر ، فالمثال على هذا خطأ لا يصح .

·     إبدال الاسم الظاهر من الضمير : وهذا جائز :

o   فإن كان الضمير ضمير غائب ، جاز ذلك مطلقًا ، مثاله قوله تعالى : ( وأَسَرُّوا النَّجْوى الذين ظَلَمُوا ) ، البدل ( الذين ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه الواو في ( أَسَرُّوا ) وهو ضمير غائب .

o   وإن كان ضمير متكلم أو مخاطب ، جاز بشرط أن يكون البدل :

-     بدل بعضٍ ، مثل : أَعْجَبْتَنِي وَجْهُكَ ، البدل ( وجهُكَ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه التاء في ( أَعْجَبْتَنِي ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل بعضٍ من كلٍ ، فالوجه بعض المخاطب .

ومثل قوله تعالى : ( لقد كانَ لَكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنةٌ لِمَنْ كان يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ ) ، البدل ( مَنْ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه ( كُمْ ) في ( لَكُمْ ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل بعضٍ من كلٍ .

-     أو بدل اشتمال ، مثل : أَعْجَبْتَنِي كلامُكَ ، البدل ( كلامُكَ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه التاء في ( أَعْجَبْتَنِي ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل اشتمال ، لأن الكلام ليس جزءًا من المخاطب ، لكن يشتمل عليه الإعجاب ، أي : أن الإعجاب للكلام .

ومثله قول الشاعر :

بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناؤُنا     وإِنّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلِكَ مَظْهَرَا

البدل ( مَجْدُنا وسَناؤُنا ) وهما اسمان ظاهران ، والمبدل منه ( نا ) في ( بَلَغْنا ) وهو ضمير متكلم ، ونوع البدل بدل اشتمال ، لأن المجد والسَّناء ليسا جزءًا من المتكلمين ، لكن يشتمل عليه البلوغ ، أي : أن بلوغ السماء للمجد وللسَّناء .

-     أو بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، لكن بشرط أن يدل على الإِحاطة ، مثل قوله تعالى : ( تكونُ لَنا عِيدًا لأَوَّلِنا وآخرِنا ) ، البدل ( أَوَّلنا وآخرنا ) وهما اسمان ظاهران ، والمبدل منه ( نا ) في ( لَنا ) وهو ضمير متكلم ، ونوع البدل بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، وهو مفيد للإِحاطة ، فقوله ( أَوَّلنا وآخرنا ) مُراد به جميعنا .

o     فإن لم يُفِد الإِحاطة لم يُجَزْ الإِبدال ، كما لو قيل : رأيتُكَ زيدًا ، البدل ( زيدًا ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه الكاف في ( رأيتُكَ ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، لكن لا يدل على الإِحاطة ، فليس في البدل فائدة ، ولهذا يُمْنع هذا الإعراب عند جمهور النحويين .

 

الإبدال من الفعل ومن الجملة :

·     يجوز إبدال الاسم من الاسم ، كما في الأمثلة السابقة ، وكقولك : قرأتُ الكتابَ كتابَ سيبويه ، البدل ( كتابَ سيبويه ) وهو اسم ، والمبدل منه ( الكتابَ ) وهو اسم أيضًا .

·     ويجوز إبدال الفعل من الفعل ، كقوله تعالى : ( ومَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَلْقَ أَثامًا . يُضاعَفْ له العذابُ يومَ القيامةِ ) ، البدل ( يُضاعَفْ ) وهو فعل ، والمبدل منه ( يَلْقَ ) وهو فعل أيضًا .

·     ويجوز إبدال الجملة من الجملة ، كقوله تعالى : ( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ . أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ ) ، البدل ( أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ ) وهو جملة ، والمبدل منه ( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ) وهو جملة أيضًا .

·     ويجوز إبدال الجملة من المفرد ، كقول الشاعر :

إِلى اللهِ أَشْكُو بالمدينةِ حاجةً    وبالشّامِ أُخْرَى ، كَيْفَ يَلْتَقِيانِ ؟

البدل ( كَيْفَ يَلْتَقِيانِ ) وهو جملة ، والمبدل منه ( حاجةً ) و ( أُخْرَى ) وهما مفرد .

·     ويجوز إبدال المفرد من الجملة ، كقوله تعالى : ( ولم يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا . قَيِّمًا ) ، البدل ( قَيِّمًا ) وهو مفرد ، والمبدل منه ( لم يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) وهو جملة .


الدرس الخامس: النداء

حروف النداء :

للنداء ثمانية أحرف هي : أَ ، آ ، أَيْ ، آيْ ، يا ، أَيا ، هَيا ، وا

§     وتختص الهمزة غير الممدودة ( أَ ) لنداء المنادى القريب ، وباقي الأحرف لنداء القريب والبعيد .

§     و( يا ) أكثرها استعمالاً ، وتمتاز ( يا ) باستعمالها :

-   لنداء لفظ ( الله ) : يا اللهُ .

-   للاستغاثة ، مثل : يا لَلهِ لِلمسلمين .

-   للنُّدْبة ، مثل : يا زيدا ، وتُستعمل للنُّدْبة ( وا ) أيضًا ، مثل : وا زيدا ، و ( وا ) أكثر استعمالاً للنُّدْبة من ( يا ) .

حذف حرف النداء :

þ يجوز حذف حرف النداء وبقاء المنادى ، كقوله تعالى ( يوسفُ أَعْرِضْ عن هذا ) أي : يا يوسفُ ، وقوله ( سنفرغُ لكم أيُّها الثَّقلان ) أي : يا أيُّها الثقلان ، وقوله ( أَنْ أَدُّوا إليَّ عِبادَ اللهِ ) أي : يا عِبادَ اللهِ .

ý ويمتنع حذف حرف النداء في مسائل :

1. المندوب ، مثل : يا زيدا

2. المستغاث ، مثل : يا لَلهِ

3. المنادى البعيد ، مثل : يا زيدُ ، إذا كان زيدٌ بعيدًا .

4. المنادى النكرة غير مقصود بها مُعَيَّن ، مثل قول الأعمى : يا رجلاً خُذْ بيدي .

5. الضمير ، كقول بعض العرب : ( يا إِيّاكَ قد كَفَيْتُكَ ) ، وكقول الشاعر :

يا أَبْـجَرُ بنَ أَبْـجَرٍ يا أَنْتا     أنتَ الذي طَلَّقْتَ عامَ جُعْتا

6. لفظ ( الله ) : يا اللهُ ، لكن قد تُـحذف ( يا ) إذا عُوِّضَ عنها ميمًا مُشَدَّدةً في آخره فيصير ( اللهُمَّ ) ، ولا يصح الجمع بين ( يا ) وهذه الميم المشددة ، فلا يصح أن يُقال : يا اللهُمَّ .

7. اسم الإشارة ، مثل : يا هذا .

8. المنادى النكرة المقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلُ ، والمتكلم يقصد رجلاً مُعَيَّنًا .

وأجاز الكوفيون حذف حرف النداء إذا كان المنادى اسم إشارة أو نكرة مقصودًا بها مُعَيَّن .

حكم المنادى : المنادى بحسب حكمه قسمان :

[1]       المفرد المعرفة : والمراد بالمفرد هنا أن لا يكون مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف ، وهو نوعان :

1= العَلَم : مثل : يا زيدُ ، يا محمدُ ، يا خالدُ .

2= النكرة المقصودة ، أي المقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلُ ، يا نائمُ ، يا غافلُ ، والمتكلم يقصد منادًى مُعَيَّنًا

ويدخل في هذا القسم المثنى والجمع ، مثل : يا محمدان ، يا محمدون ، يا فاطماتُ ، يا نائمان ، يا نائمون ، يا نائماتُ

والعَلَم من المعارف ، وأما النكرة المقصودة فصارت معرفة لأن المتكلم يقصد مُعَيَّنًا .

§     وحُكم هذا القسم : أن يُبنى على ما يُرفع به :

-     فإذا كان يُرفع بالضمة فيُبنى على الضم ، مثل : يا زيدُ ، يا رجلُ ، يا فاطماتُ ، يا نائماتُ

-     وإذا كان يُرفع بالألف فيُبنى على الألف ، مثل : يا محمدان ، يا نائمان

-     وإذا كان يُرفع بالواو فيُبنى على الواو ، مثل : يا محمدون ، يا نائمون

وهو - مع كونه مبنيًا -  في محل نصب ، ويقال في إعرابه : منادى مبني على الضم في محل نصب .

[2]       ما ليس مفردًا أو ليس معرفة : وهو ثلاثة أنواع :

1= المضاف : وهو ما أضيف إلى ما بعده ، مثل : يا ربَّنا ، يا عبدَ الله ، يا صلاحَ الدينِ

2= الشبيه بالمضاف : وهو ما جاء بعده ما يُتَمِّمُ معناه،مثل : يا طالعًا جبلاً ، يا رفيقًا بالناسِ ، يا حسنًا خلقُهُ

3= النكرة غير المقصودة : أي غير مقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلاً ، يا غافلاً ، يا نائمًا ، والمتكلم لا يقصد منادًى مُعَيَّنًا .

§     وحكم هذا القسم : أنه معرب منصوب ، ويقال في إعرابه : منادى منصوب وعلامة نصبه ...

المنادى الموصوف بكلمة ( ابن ) :

إذا كان المنادى مفردًا عَلَمًا ، موصوفًا بكلمة ( ابن ) ، وغير مفصول عنها بفاصل ، وأضيفت كلمة ( ابن ) إلى عَلَم مثل : يا زيد بنَ سَعِيدٍ ، فيجوز في المنادى ( زيد ) البناء على الضم ( يا زيدُ بنَ سعيدٍ ) والفتح ( يا زيدَ بنَ سعيدٍ ) ، قال الشاعر :

يا حَكَمَ بنَ الـمُنْذِرِ بنِ الجارُودْ    سُرادِقُ الـمَجْدِ عليكَ مَـمْدُودْ

يجوز : يا حكمَ ، ويا حكمُ .

المنادى المكرر إذا أضيف :

إذا كان المنادى مفردًا عَلَمًا وقد تكرر وأضيف إلى ما بعده مثل : يا سَعْد سَعْدَ الأَوْسِ ، فيجوز في الأول البناء على الضم ( يا سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ ) والفتح ( يا سَعْدَ سَعْدَ الأَوْسِ ) ، وأما الثاني فيجب نصبه .

المنادى المفرد المعرفة في ضرورة الشعر :

إذا كان المنادى مفردًا معرفةً فيجوز في ضرورة الشعر :

-     أن يُنَوَّنَ بالرفع ، كقول الشاعر :

سلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عليها    وليس عليكَ يا مَطَرُ السلامُ

-     أو أن يُنَوَّن بالنصب ، كقول الشاعر :

أَعَبْدًا حَلَّ في شُعَبَى غَرِيبًا        أَلُؤْمًا - لا أَبا لكَ - واغْتِرابا ؟!

نداء ما فيه ( أل ) :

لا يجوز أن يكون المنادى فيه ( أل ) ، فلا يصح أن يقال مثلاً : يا العبّاس ، بل يقال : يا عبّاس ، بحذف ( أل ) ، ويستثنى من ذلك :

1. لفظ ( الله ) ، فيقال : يا الله .

2. الجملة المحكية ، مثل : يا المنطلقُ زيدٌ ، وهو نداء لـمَنْ اسمه ( المنطلقُ زيدٌ ) .

3. اسم الجنس الـمُشَبَّه به ، مثل : يا الخليفةُ هيبةً ، وهو نداء لـمَنْ يُشبه الخليفة في الهيبة .

4. ضرورة الشعر ، كقول الشاعر :

عَبَّاسُ يا الـمَلِكُ الـمُتَوَّجُ والذي     عَرَفَتْ له بيتَ العُلا عدنانُ

حكم تابع المنادى المبني :

المقصود بالتابع : النعت أو التوكيد أو عطف البيان أو البدل أو المعطوف بحرف عطف ، هذه الخمسة هي التي تسمى التوابع .

والمقصود بالمنادى المبني هو المنادى إذا كان مفردًا معرفةً ، وهو القسم الأول من أقسام المنادى السابق ذكرها في حكم المنادى ، أما القسم الثاني من أقسام المنادى وهو ما ليس مفردًا أو ليس معرفةً فإن المنادى يكون مُعْرَبًا وليس مبنيًا ، وحكم تابع المنادى المُعْرَب : النصب غالبًا .

وينقسم تابع المنادى المبني بحسب حكمه أقسامًا ، هي :

الأول : إذا كان التابع نعتًا أو توكيدًا أو عطفَ بيانٍ ، وكان مضافًا ، مجردًا من ( أل )

فحكم التابع : وجوب النصب ، مراعاةً لمحل المنادى المبني ؛ لأن المنادى المبني في محل نصب ، كما سبق .

مثال النعت : ( يا زيدُ صاحبَ عمرٍو ) ، ومثال التوكيد : ( يا تميمُ كُلَّكم ) ، ومثال عطف البيان : ( يا زيدُ أبا عبد الله ) .

الثاني : إذا كان التابع : نعتًا لكلمة ( أَيّ ) أو ( أَيَّة ) ، أو نعتًا لاسم الإشارة .

فحكم التابع : وجوب الرفع ، مراعاةً للفظ المنادى المبني ؛ لأن المنادى المبني يُبنى على ما يُرفع به ، كما سبق .

مثال نعت ( أَيّ ) قوله تعالى ( يا أَيُّها الناسُ ) ، ومثال نعت ( أَيَّة ) قوله تعالى : ( يا أَيَّتُها النفسُ ) ، ومثال نعت اسم الإشارة قولك : ( يا هذا الرجلُ ) .

الثالث : إذا كان التابع : نعتًا أو توكيدًا أو عطفَ بيانٍ ، غير مضاف

أو نعتًا مضافًا مقرونًا بـ ( أل )

أو معطوفًا مقرونًا بـ ( أل )

فحكم التابع : جواز الرفع والنصب ، الرفع مراعاةً للفظ المنادى المبني ، والنصب مراعاةً لمحل المنادى المبني .

مثال النعت غير مضاف : ( يا زيدُ الحسنُ ) ويجوز ( يا زيدُ الحسنَ ) ، ومثال التوكيد غير مضاف : ( يا تميمُ أجمعون ) ويجوز ( يا تميمُ أجمعين ) ، ومثال عطف البيان غير مضاف : ( يا غلامُ بِشْرٌ ) ويجوز ( يا غلامُ بِشْرًا )

ومثال النعت المضاف المقرون بـ ( أل ) : ( يا زيدُ الحسنُ الوجهِ ) ويجوز ( يا زيدُ الحسنَ الوجهِ )

ومثال المعطوف المقرون بـ ( أل ) قوله تعالى : ( يا جِبالُ أَوِّبِـي مَعَهُ والطَّيْرَ ) وقُرِئَ بالرفع ( يا جِبالُ أَوِّبِـي مَعَهُ والطَّيْرُ )

الرابع : إذا كان التابع بدلاً أو معطوفًا مجردًا من ( أل )

فحكم التابع : يعطى ما يستحقه من الإعراب كأنه منادى مستقل

مثال البدل : ( يا زيدُ بشرُ ) بالضم لأن البدل وهو ( بشر ) مفرد عَلَم ، والمنادى المفرد العَلَم يُبنى ، وتقول : ( يا زيدُ أبا عبد الله ) بالنصب لأن البدل وهو ( أبا عبد الله ) مضاف ، والمنادى المضاف يُنصب .

ومثال المعطوف المجرد من ( أل ) : ( يا زيدُ وبِشْرُ ) بالضم لأن المعطوف وهو ( بِشْر ) مفرد عَلَم ، والمنادى المفرد العَلَم يُبنى ، وتقول : ( يا زيدُ وأبا عبد الله ) بالنصب لأن المعطوف وهو ( أبا عبد الله ) مضاف ، والمنادى المضاف يُنصب .

فأحكام تابع المنادى المبني بحسب نوع التابع كالتالي :

التابع

الحكم

القسم

النعت

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

مضاف مقرون بـ ( أل )

أو غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

نعت ( أَيّ ) و ( أَيَّة )

أو نعت اسم الإشارة

وجوب الرفع

الثاني

التوكيد

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

عطف البيان

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

المعطوف بحرف العطف

مقرون بـ ( أل )

جواز الرفع والنصب

الثالث

مجرد من ( أل )

يعامل كأنه منادى مستقل

الرابع

البدل

يعامل كأنه منادى مستقل

الرابع

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم :

إذا كان المنادى مضافًا إلى ياء المتكلم ففيه أحكام خاصة ، وينقسم بحسب حكمه إلى الأقسام التالية :

[1] المقصور والمنقوص :

الاسم المقصور هو ما كان آخره ألف ، مثل : فتى وعصا ، والاسم المنقوص هو ما كان آخره ياء ، مثل : قاضي وداعي .

وحكمه : أن تبقى ياء المتكلم فلا تُحذف ، وتكون الياء مفتوحة .

مثاله : يا فتايَ ، يا قاضيَّ ( تُدغم ياء المنقوص في ياء المتكلم ) .

[2] الاسم الـمُشْبِه للفعل :

وحكمه : أن تبقى ياء المتكلم فلا تُحذف ، ويحوز أن تكون الياء مفتوحة أو ساكنة .

مثاله : يا ضاربـيَ أو يا ضاربـيْ .

[3] جميع الأسماء ، ما عدا ما سبق ، وما عدا كلمة ( أَب ) أو ( أُمّ ) 

وحكمها : فيها الأوجه الست التالية :

1.       بقاء ياء المتكلم ساكنةً ، كقوله تعالى : ( يا عِبادِيْ لا خَوْفٌ عليكُمْ )

2.       بقاء ياء المتكلم مفتوحةً ، كقوله تعالى : ( يا عِبادِيَ الذين أَسْرَفُوا ... )

3.       حذف ياء المتكلم والاكتفاء بالكسرة قبلها ، كقوله تعالى : ( يا عبادِ فاتَّقُونِ )

4.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، كقوله تعالى : ( يا حَسْرَتَا )

5.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، ثم حذف الألف والاكتفاء بالفتحة ،كقول الشاعر :

ولَــسْــــتُ بِـــــراجِــــــعٍ ما فــــاتَ مِـــــنِّــــــي     بِـ ( لَهْفَ ) ولا بِـ ( لَيْتَ ) ولا ( لَوَ انِّـي )

6.       حذف ياء المتكلم ، وحذف الكسرة التي قبلها ، والاكتفاء بنية الإضافة ، ويكون المنادى مضمومًا ، كقوله تعالى على قراءة ( رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِليَّ )

 

[4] ( أَب ) و ( أُمّ ) :

وحكمهما : فيهما الأوجه الست السابقة مع أربعة أوجه أخرى ، فالمجموع عشرة أوجه ، هي :

1.       بقاء ياء المتكلم ساكنةً ، مثالها : يا أَبِـيْ ، يا أُمِّـيْ

2.       بقاء ياء المتكلم مفتوحةً ، مثالها : يا أَبِـيَ ، يا أُمِّـيَ

3.       حذف ياء المتكلم والاكتفاء بالكسرة قبلها ، مثالها : يا أَبِ ، يا أُمِّ

4.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، مثالها : يا أَبَا ، يا أُمَّا

5.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، ثم حذف الألف والاكتفاء بالفتحة ، مثالها : يا أَبَ ، يا أُمَّ

6.       حذف ياء المتكلم ، وحذف الكسرة التي قبلها ، والاكتفاء بنية الإضافة ، ويكون المنادى مضمومًا ، مثالها : يا أَبُ ، يا أُمُّ

7.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وكسر التاء ، مثالها : يا أَبَتِ ، يا أُمَّتِ

8.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وفتح التاء ، مثالها : يا أَبَتَ ، يا أُمَّتَ

9.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وضم التاء ، مثالها : يا أَبَتُ ، يا أُمَّتُ

10.  حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث مع الألف ، مثالها : يا أَبَتَا ، يا أُمَّتَا

المنادى المضاف إلى مضاف إلى ياء المتكلم :

إذا كان المنادى مضافًا إلى مضافٍ إلى ياء المتكلم ، فحكم الياء أنها تثبت ولا تُحذف ، ويجوز أن تكون ساكنةً أو مفتوحةً .

مثاله : يا ابنَ أخيْ ، يا ابن خاليْ ، ويجوز : يا ابنَ أخيَ ، يا ابنَ خاليَ .

o     إلا إذا كان المنادى ( ابن أُمّ ) أو ( ابن عَمّ ) فإن ياء المتكلم تُـحْذف مع :

1.   الاكتفاء بالكسرة التي قبلها ، مثاله : يا ابنَ أُمِّ ، يا ابنَ عَمِّ

2.   أو قلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، مثاله : يا ابنَ أُمَّ ، يا ابنَ عَمَّ

قال الله تعالى : ( قال يا ابنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتي ولا بِرَأْسي ) ، وقُرِئ ( قال يا ابنَ أُمِّ )

§  وورد ضرورةً إثبات ياء المتكلم ، كقول الشاعر :

يا ابنَ أُمِّيْ ويا شُقَيِّقَ نَفْسِي    أنتَ خَلَّفْتَني لِدَهْرٍ شَدِيْدِ

§  وورد ضرورةً قلب ياء المتكلم ألفًا ، كقول الشاعر :

يا ابنةَ عَمَّا لا تَلُومِي واهْجَعِي

 

أسماء ملازمة للنداء :

هناك أسماء لم تُستعمل إلا في النداء ، ومن تلك الأسماء :

º    يا فُلُ ( يا رجلُ ) ، يا فُلَةُ ( يا امرأة )

º    يا لُؤْمانُ ( كثير اللُّؤْم ) ، يا نَوْمانُ ( كثير النَّوْم )

º    ما كان على وزن ( فُعَل ) من الصفات السيئة ، وتكون سَبًّا للمذكر : يا غُدَرُ ، يا فُسَقُ ، يا لُكَعُ ، يا خُبَثُ

وبعض النحويين يجيز القياس على هذا الوزن .

º    ما كان على وزن ( فَعالِ ) من الصفات السيئة ، وتكون سَبًّا للمؤنث : يا فَساقِ ، يا خَباثِ ، يا لَكاعِ . وهذا الوزن يكون دائمًا مبنيًا على الكسر .

وأجاز النحويون القياس على هذا الوزن ، بشرط أن يكون : فِعْلاً ، ثُلاثيًّا ، تامًّا ، مُتَصَرِّفًا .

 


الدرس السادس: الاختصاص

تعريفه : قَصْرُ حُكْمٍ على ضمير غير غائب ، باسمٍ ظاهرٍ مُبَيِّنٍ للضمير .

أغراضه : من أغراض المنصوب على الاختصاص :

§     التوضيح والبيان ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نحنُ – معاشرَ الأنبياءِ – لا نُوْرَثُ ) .

§     الفخر ، كقولهم : ( نحنُ – العُرْبَ – أَقْرَى الناسِ للضَّيفِ ) .

§     التواضع ، كقولك : ( أنا – أَيُّها الـمُذْنِبُ – محتاجٌ إلى عَفْوِ اللهِ ) .

إعرابه :

المنصوب على الاختصاص حكمه أن يكون منصوبًا ويعرب مفعولاً به لفعل محذوف وجوبًا تقديره ( أَخُصُّ ) أو ( أعني ) ونحوهما ، فإن كان المنصوب على الاختصاص :

·  بلفظ (أَيُّها) أو (أَيَّتُها) فيكون مبنيًا على الضم في محل نصب ، ويأتي بعدهما اسم فيه (أل) ويُعرب نعتًا لهما .

مثاله : ( أنا – أَيُّها الجنديُّ – أحمي وطني ) ، و ( اللهمَّ اغفِرْ لنا أَيَّتُها العصابةُ ) .

·  وإن كان بلفظ آخر فيكون منصوبًا .

مثاله : قول ابن مالك في الألفية : ( نحن – العُرْبَ – أَسْخَى مَنْ بَذَل ) ، وقول الشاعر :

بِنا – تَـمِيْمًا – يُكْشَفُ الضَّبابُ

الفروق بينه وبين المنادى :  يختلف المنصوب على الاختصاص عن المنادى بأمور :

1. أنه ليس معه حرف نداء .

2. أنه لا يقع في أول الكلام ، بل يقع في وسطه أو في آخره .

3. أنه يُشترط أن يُسبق المنصوب على الاختصاص بضمير ، مدلولهما واحد ، ويكون الضمير :

-     للمتكلم غالبًا ، كالأمثلة السابقة .

-     للمخاطب قليلاً ، كقول بعضهم : ( بَكَ – اللهَ – نَرْجُو الفَضْلَ ) .

4. أنه يَقِلُّ أن يكون عَلَمًا ، كما في المثال السابق .

5. أنه يكون منصوبًا وهو مفرد ، كما في المثال السابق أيضًا .

6. أنه يكون بـ ( أل ) قياسًا ، لا شذوذًا .


الدرس السابع: التحذير

 تعريفه : هو تنبيه المخاطب على أمرٍ مكروهٍ ليجتنبه .

إعرابه :

المنصوب على التحذير يعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِحْذَرْ ) أو ( اِجْتَنِبْ ) أو ( باعِدْ ) ونحوها .

أساليبه :

يقع التحذير المقصود هنا بإسلوبين :

[1]       بلفظ ( إِيّاكَ ) وفروعها ( إِيّاكِ ، إِيّاكُما ، إِيّاكُمْ ، إِيّاكُنَّ ) وبعدها الـمُحَذَّرٍ منه :

1= معطوفًا بالواو ، مثل : إِيّاكَ والإهمالَ .

2= أو مجرورًا بـ ( مِنْ ) ، مثل : إِيّاكَ مِن الإهمالِ .

3= غير معطوف ولا مجرور ، مثل : إِيّاكَ الإهمالَ .

·     وشَذَّ استعمال ( إِيّا ) في التحذير مع غير المخاطب :

-     مع المتكلم ، كقول عمر – رضي الله عنه - : ( ... وإِيّايَ وأَنْ يَحْذِفَ أحدَكُمْ الأرنبَ ) .

-     أو مع الغائب ، كقول بعض العرب : ( إذا بَلَغَ الرجلُ السِّتِّين فإِيّاهُ وإِيّا الشَّوابِّ ) .

[2]       بغير لفظ ( إِيّا ) ، ويُذْكَرُ الـمُحَذَّرٍ منه :

1= مُكَرَّرًا ، مثل : الإهمالَ الإهمالَ ، يدَكَ يدَكَ .

2= أو معطوفًا ، مثل : الكَسَلَ والإِهمالَ ، رأسَكَ ويدَكَ ، وقوله تعالى : ( ناقَةَ اللهِ وسُقْياها ) .

o     وفي جميع الحالات السابقة يكون الفعل محذوفًا وجوبًا .

3= غير مُكَرَّرٍ ولا معطوفٍ ، مثل : النارَ ، ومثل : السَّيّارةَ ، ومثل : يدَكَ .

o     وفي هذه الحالة الأخيرة يجوز حذف الفعل ويجوز ذكره ، فيُقال : اِحْذَر النارَ ، اجْتَنِب السَّيّارةَ ، باعِدْ يَدَكَ .

 

¨ قد يقع التحذير بأساليب أخرى غير هذه المذكورة هنا ، كاستعمال فعل الأمر ( ابتعِدْ ، انْتَبِهْ ... ) ، أو النهي مثل ( لا تَفْعَلْ ، لا تَقْتَرِبْ ... ) ، وهذه الأساليب لا تدخل في باب التحذير هذا .


الدرس الثامن: الإغراء

 

تعريفه : هو تنبيه المخاطب على أمرٍ محمودٍ لِيَفْعَلَهُ .

إعرابه :

المنصوب على الإغراء يعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِلْزَمْ ) ونحوه .

أساليبه :

أسلوب الإغراء مثل أسلوب التحذير الذي لم يُستعمل معه لفظ ( إِيّا ) ، فيُذْكَرُ الـمُغْرَى به :

1=  مُكَرَّرًا ، مثل : الاجتهادَ الاجتهادَ ، وكقول الشاعر :

أَخاكَ أَخاكَ ، إِنَّ مَنْ لا أَخا لَهُ    كَساعٍ إِلى الهَيْجا بِغيرِ سِلاحِ

2= أو معطوفًا ، مثل : الجِدَّ والاجتهادَ ، الـمُرُوْءَةَ والنَّجْدَةَ .

o     وفي الحالتين السابقتين يكون الفعل محذوفًا وجوبًا .

3= غير مُكَرَّرٍ ولا معطوفٍ ، مثل : الصلاةَ ، ومثل : الحِرصَ ، ومثل : الاجتهادَ.

o     وفي هذه الحالة الأخيرة يجوز حذف الفعل ويجوز ذكره ، فيُقال : اِلْزَم الصلاةَ ، اِلْزَم الحرصَ ، اِلْزَم الاجتهادَ .

 

 

¨ قد يقع الإغراء بأساليب أخرى غير المذكورة هنا ، مثل : ( اِحْرَصْ على الصِّدْقِ ، أَطِعْ والديكَ ... ) ، وهذه الأساليب لا تدخل في باب الإغراء هذا .


الدرس التاسع: أسماء الأفعال

تعريفها : هي ما ناب عن الفعل في المعنى والاستعمال .

أقسامها :

¨ تنقسم أسماء الأفعال من حيث الفعل الذي تنوب عنه إلى ما ينوب عن :

1) فعل الأمر ، وهذا هو الكثير ، مثل : صَهْ ( اُسْكُتْ ) ، مَهْ ( اِنْكَفِفْ ) ، آمِيْن ( اِسْتَجِبْ ) .

ومنه ما كان على وزن ( فَعالِ ) مرادًا به الأمر ، مثل : نَزالِ ( اِنْزِلْ ) ، حَذارِ ( اِحْذَرْ ) ، تَراكِ ( اُتْرُكْ )

2) أو الماضي ، وهو قليل ، مثل : شَتّانَ ( اِفْتَرَقَ ) ، هَيْهاتَ ( بَعُدَ ) .

3) أو المضارع ، وهو قليل ، مثل : أَوَّه ( أَتَوَجَّعُ ) ، أُفٍّ ( أَتَضَجَّرُ ) ، وا ، وَيْ ، واهًا ( معناها : أَعْجَبُ ) .

¨ وتنقسم أسماء الأفعال من حيث أصلها إلى :

1) مُرْتَـجَل : أي ما استُعمل من أول وضعه اسمَ فعلٍ ، ولم يُستعمل من قبل لغيره .

مثل : صَهْ ، شَتّانَ ، وَيْ .

2) ومنقول : أي ما كان يُستعمل غير اسم فعلٍ ، ثم نُقِلَ فأصبح اسمَ فعلٍ ، وهو نوعان :

1. منقول من :

-     ظرفٍ ، مثل : دُوْنَكَ ( خُذْ ) ، أَمامَكَ ( تَقَدَّمْ ) ، وَراءَكَ ( تَأَخَّرْ ) .

-     أو جارٍ ومجرورٍ ، مثل : عَلَيْكَ ( اِلْزَمْ ) ، إِلَيْكَ ( تَنَحَّ أو اِبْتَعِدْ ) .

2. منقول من :

-     مصدر له فعلٌ مستعملٌ ، مثل : رُوَيْدَ ( أَمْهِلْ أو تَـمَهَّلْ ) ، وفعله المستعمل : أَرْوَدَ .

-     أو مصدر ليس له فعلٌ مستعمل ، مثل : بَلْهَ ( دَعْ أو اُتْرُكْ ) ، ولم يرد له فعل مستعمل من حروفه .

¨ وتنقسم أسماء الأفعال من حيث التعريف والتنكير إلى :

1. ما يُنَوَّنُ ، وهو نكرة ، مثل : واهًا ، وَيْهًا ( لحثِّ المخاطب وإغرائه ) .

2. وما لم يُنَوَّنْ ، وهو معرفة ، مثل : نَزَالِ ، تَراكِ ...

3. وما استُعمل منها بالوجهين فهو :

-     إن نُوِّنَ فهو نكرة ، مثل : صَهٍ ، مَهٍ ، إِيْهٍ ( بمعنى زدني ) .

-     وإن لم يُنَوَّنْ فهو معرفة ، مثل : صَهْ ، مَهْ ، إِيْهِ .

عملها :

تعمل أسماء الأفعال عَمَلَ الفعل الذي تنوب عنه ، كما في هذه الأمثلة :

-     هَيْهاتَ نجدٌ  : ( نجدٌ ) فاعل ، ( لأنه بمعنى : بَعُدَتْ نجدٌ ) .

-     شَتَّانَ زيدٌ وعمرٌو : ( زيدٌ ) فاعل و ( عمرٌو ) معطوف عليه ، ( لأنه بمعنى : اِفْتَرَقَ زيدٌ وعمرٌو ) .

-     تَرَاكِ زيدًا : ( زيدًا ) مفعول به ، ( لأنه بمعنى : اُتْرُكْ زيدًا ) .

·  وقد ينوب اسم الفعل عن أفعال مختلفة ، مثل اسم الفعل ( حَيَّهَل ) ، فإنه قد يكون :

§     بمعنى ( اِئتِ ) ، مثل : حَيَّهَل الطَّعامَ ، بمعنى : اِئْتِ الطَّعامَ .

§     أو بمعنى ( أَقْبِلْ ) ، مثل : حَيَّهَل على الخيرِ ، بمعنى : أَقْبِلْ على الخيرِ .

§     أو بمعنى ( أَسْرِعْ ) ، كقول بعضهم : ( إذا ذُكِرَ الصّالحون فَحَيَّهَل بِعُمَرَ ) ، بمعنى : فأَسْرِعْ بذِكْرِ عُمَرَ .

·  ولا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه ؛ لأن اسم الفعل ضعيف في العمل ، فلا يصح أن تقول في ( عليكَ نفسَكَ ) : نفسَكَ عليكَ .

وأجاز الكسائي تقديم المعمول ، ومما يُستشهد به على تقديم المعمول قوله تعالى : ( كتابَ اللهِ عليكُمْ ) ، وقول الشاعر :

يا أَيُّها المائِحُ دَلْوِي دُوْنَكا    إِنِّي رَأَيْتُ النّاسَ يَـحْمَدُوْنَكا

وتَأَوَّلَ الجمهور تلك الشواهد .

 (الدروس منقولة من مذكرة أعدها الدكتور محمد الحجيلان)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق