الثلاثاء، 2 مارس 2021

من "عمرو" إلى "بن شرقي"

أرى أن بعض أمثلة النحاة - مثل: ضرب زيدٌ عَمْرًا، جئتُك قتلًا للكافر، أعجبني ضربُ زيدٍ عمرًا - هي أمثلة أوصلها إلينا تقليد اللاحق للسابق بلا تجديد، وينبغي أن نتخلص من التمثيل بها؛ لما فيها من عُنفٍ وقُبحٍ وبشاعة، وفي اللغة مُتسعٌ لآلاف الأمثلة التي تغرس في نفس الطالب الحبَّ والرحمة والتسامح.
واليوم تجاوز أحد أساتذة القانون وساقته عاطفته العمياء إلى إدراج اسم اللاعب أشرف بن شرقي، ووصفه، ومحل عمله، في قصة من نسج خياله، تنال من اللاعب ومن أسرته؛ بدعوى صياغة سؤال في القانون! والحق أن هذا الأستاذ ليس محظوظًا؛ لأنه أولا: أعلن تصوره المريض لتشجيع كرة القدم؛ فالتشجيع في قناعته ليس ترفيهًا لقضاء وقت الفراغ؛ بل هو حرب ثأرية مستعرة، تبيح التجاوز في حقل المنافس بكل الطرق غير المشروعة، وثانيًا: لأنه فُضِح بين زملائه وطلابه من حيث ظنّ أنه أتى بما ينال به الرضا والإعجاب، وثالثًا: لأن فَعلته لاقت رفضًا من الجميع، حتى من الجماهير التي ظنّ أنه سيعجبها ما كتب، ورابعًا: لأن ما كتبه يدلُّ على التناقض الفج بين العلم والسلوك؛ فالمفروض أن أستاذ القانون هو أعلم الناس بما يضره، ومع ذلك أتى بفعل يدينه قانونًا، وقد تحركت جهات لا قِبَل له بها للتحقيق معه وإدانته.
لعلّ واقعة هذا الأستاذ مؤشر على حاجتنا إلى استلهام مبدأ "التطهير" الذي نادى به أرسطو، وهو تخليص المتلقي من المشاعر الضارة؛ كالخوف الزائد، والشفقة الزائدة، ويمكننا أن نضيف إليها: التعصب، والعُنف، والتنمُّر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق