الجمعة، 29 يناير 2021

قطعة من القلب

 كان لأبي الحسن الفالي الأديب اللغوي نسخة في غاية الجودة من كتاب الجمهرة لابن دريد دعته الحاجة إلى بيعها، فاشتراها الشريف المرتضى بستين دينارا فلما تصفحها وجد بها أبياتا بخط بائعها :

أنست بها عشرين حولا وبعتها ـــ ,,,, ـــ لقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها ـــ ,,,, ـــ ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية ـــ ,,,, ـــ صغار عليهم تستهل شؤوني
فقلت ولم أملك سوابق عبرة ـــ ,,,, ـــ مقالة مكوي الفؤاد حزينِ
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ـــ ,,,, ـــ كرائم من رب بهن ضنينِ
فرد الشريف الكتاب عليه ووهبه المال .

ذم الموجود ومدح المفقود!

 الإمام المقريزي في كتابه "إغاثة الأمة بكشف الغمة":

"لا يزال الحاضر أبدًا منقوصًا حقه، مجحودًا قدرُه؛ لأن القليل من شره يُرى كثيرًا؛ إذ القليل من المشاهدة أرسخ من الكثير من الخبر، وإذ مقاساة اليسير من الشدة أشقُّ على النفس من تذكًّر الكثير مما سلف منها، مثال ذلك: شخص أرَّقَتْه البراغيث ليلةً، فتذكر بذلك لياليَ ماضيةً أرَّقَتْه فيها حرارةُ الحُمَّى، فغَيرُ ذي شكٍّ أن توهُّم تلك الحُمَّى وتذكُّر تلك الأيام الماضية أخفُّ عليه من دبيبِ البراغيثِ على جسمه في وقته ذلك، ولا جرم أن هذا الحال، وإن كان هكذا موقعه في الوقت الحاضر من الحسِّ، فليس كذلك حكمُه في الحقيقة؛ لأنه لا يقدرُ أحدٌ أن يُثبتَ القولَ بأنَّ دبيبَ البراغيثِ على الجسمِ وقرصَها أنكى من حرارةِ الحُمَّى، وأن السَّهرَ في حالة الصحةِ أشدُّ من السهرِ على أسباب المنية".

شاطر ومشطور بينهما طازج!

 ليس النقد البناء المبني على الحقائق مرفوضًا؛ ولكن المرفوض هو ما يثيره بعض الحاقدين من شائعات كاذبة، يتلقفها المغرضون وأصحاب الهوى بالترويج وينقلها عنهم آخرون حتى تملأ الآفاق؛ من هذه الشائعات - مثلا -: أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة جعل "شاطر ومشطور وبينهما طازج" مقابلا لكلمة ساندوتش! وليس في مطبوعات المجمع على مدى خمسة وثمانين عامًا وجود لهذا الاصطلاح الفاسد، ومن المؤسف أن يقع في فخ هذه الشائعة قامات ثقافية كبيرة، مثل الشاعر الكبير نزار قباني، الذي رددها في أحد اللقاءات الإذاعية، وجعلها متكأ لنقد لاذع للمجامع العربية والقائمين عليها!

العلم وكفى

 أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429 هـ:

هو عبد الملك بن محمد بن اسماعيل، أبو منصور الثعالبي النيسابوري، فخر العربية والإسلام، العالم اللغوي، والأديب العبقري الناقد، ألف عشرات الكتب النافعة في مجالات العربية المختلفة، منها: فقه اللغة، ويتيمة الدهر وثمار القلوب وغيرها .. أما مهنته التي ورثها عن والده، وكان يقتات منها، فهي أنه كان فرَّاء يخيط جلود الثعالب ويعملها .. رحمه الله تعالى ونفعنا بعلمه ورزقنا تواضعه

محنة العلماء

 قال أبو حيان التوحيدي: رأيتُ المُعافى بن زكريا في جامع الرصافة وقد نام مستدبر الشمس في يوم شات، وبه من أثر الفقر والبؤس والضر أمر عظيم، مع غزارة علمه واتساع أدبه وفضله المشهور، ومعرفته بصنوف العلوم ولاسيما علم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلاً أيها الشيخ وصبراً، فإنك بعين الله ومرأى منه ومسمع، وما جمع الله لأحد شرف العلم وعز المال، فقال: ما لابد منه من الدنيا فليس منه بد، ثم قال:

يا محنة الدهر كفى ... إن لم تكفي فخفي
قد آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفي
طلبت جدًّا لنفسي ... فقيل لي: قد تُوفِّي
فلا علوميَ تجدي ... ولا صناعة كفِّي
ثورٌ ينال الثًّريّا ... وعالمٌ متخفِّي
(معجم الأدباء 6/ 2702)

التمائم اللغوية

 منذ ثلاثين عامًا، توقع الروائي الساخر يوسف عوف في أحد أعماله الساخرة، أن يصل الناس في القرن الثاني والعشرين إلى اختصار اللغة إلى أرقام، والمقررات الدراسية إلى أدوية في صورة حبوب يتعاطاها الطلاب .. صورة خيالية، لكنني أرى بوادرها في أرض الواقع، بعد أن ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولت التهاني والتعازي إلى تمائم صماء يتناقلها الناس فيما بينهم، دون عمل الفكر أو حضور الشعور؛ أحدهم لديه مخزن منسوخ من الصور والملصقات والنصوص والرسائل الصوتية، إذا أراد تهنئة أو تعزية أو مدحًا أو ذمًّا، فما عليه إلا أن يتفقد هذا المخزن فيحدد رسالة ويرسلها للشخص المقصود ويكون - من وجهة نظره - قد انتهى من أداء الواجب! ما يزيد هذه التمائم جمودًا وجفافًا، هو إرسالها للجميع، لمن نعرف ولمن لا نعرف؛ والمرسل إليه لا يهتم بقراءة محتوى الرسالة؛ لأنه يعرف أنها ليست من إنشاء المرسِل، وربما وصلته هذه الرسالة نفسها من عشرات قبل ذلك، وهو الآخر لديه مخزنه الذي سيستخدم إحدى تمائمه للرد على الرسالة!

قد يبدو هذا الشكل من التواصل تطورًا ناشئًا عن استخدام الأدوات الحديثة، ومتماشيًا مع عصر السرعة الذي نعيشه، ولكنه في الحقيقة ردة لغوية إلى البدائية والتقليد بلا إبداع، ومحاكاة للغات الكائنات الحية الأخرى!
اللغة عطاء وشعور وحياة .. لا بديل عن التواصل مع الآخرين بطريقة مباشرة، فإذا أردت التهنئة بالصوت، أسمعت الآخر صوتك أنت ونقلت إليه شعورك أنت، واجتزأت له من وقتك وروحك لتشعره أنه ليس وحده، وأن هناك من يهتمون به ..
كل عام أنتم جميعًا بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك، أعاده الله علينا جميعًا وقد تخلص العالم من فيرس كورونا ومن مخازن التمائم اللغوية، وعاد الناس إلى حياتهم الحية المتجددة.

الأربعاء، 27 يناير 2021

نحو 215 خامس شريعة

 بسم الله الرحمن الرحيم

مفردات المقرر:

النعت.

التوكيد.

العطف.

البدل

النداء

الاختصاص

التحذير والإغراء

أسماء الأفعال

---------------------

الدرس الأول: النعت

 

-     ويسمى ( الصفة ) و ( الوصف )

-     والنعت أحد التوابع ، والتوابع خمسة : النعت والتوكيد والبَدَل وعَطْف البيان وعَطْف النَّسَق .

-     وسُـمِّيَتْ توابع ؛ لأنها تتبع ما قبلها في الإعراب .

تعريف النعت :

هو التابع الذي يُكَمِّلُ متبوعه بدلالته على معنى في المتبوع أو في ما يتعلق بالمتبوع .

أنواع النعت : النعت نوعان :

1) نعت حقيقيّ : وهو الذي يرفع ضميرًا يعود على المنعوت ، مثل : مررتُ بزيدٍ الكريمِ ، النعت هو ( الكريم ) ، وقد رفع ضميرًا مستترًا تقديره ( هو ) يعود على ( زيد ) ، و ( زيد ) هو المنعوت ، والنعت في هذا المثال وصف في المعنى للمنعوت ، فـ ( زيد ) هو الكريم .

2) نعت سَبَبيّ : وهو الذي يرفع ظاهرًا ، وهذا الظاهر يسمى سبب المنعوت ، مثل : مررتُ بزيدٍ الكريمِ أبوه ، فالنعت ( الكريم ) ، وقد رفع الاسم الظاهر ( أبوه ) ، والمنعوت هو ( زيد ) ، لكن النعت ( الكريم ) هو وصف في المعنى للأب ، وليس وصفًا في المعنى للمنعوت ( زيد ) ، فالكريم هو الأب لا زيد ، ويُسمَّى ( الأب ) في هذا المثال السببي لأن له علاقة بالمنعوت ( زيد ) .

أغراض النعت :

يأتي النعت في الأصل لأحد غرضين :

§     التوضيح : إذا كان معرفة ، مثل : جاء زيدٌ الطويلُ .

§     التخصيص : إذا كان نكرة ، مثل : جاء رجلٌ طويلٌ .

¤        وقد يأتي النعت لأغراض أخرى ، منها :

1. المدح ، كقوله تعالى : ( الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين ) ، النعت ( رَبِّ العالمين ) والمنعوت ( الله ) .

2. الذَّمّ ، كقولهم : ( أَعُوْذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ ) ، النعت ( الرجيم ) والمنعوت ( الشيطان ) .

3. التَّرَحُّم ، كقولك : ( اللهم أنا عبدُكَ المسكينُ ) ، النعت ( المسكين ) والمنعوت ( عبدُكَ ) .

4. التوكيد ، كقوله تعالى : ( فإذا نُفِخَ في الصُّوْرِ نَفْخةٌ واحدةٌ ) ، النعت ( واحدة ) والمنعوت ( نفخة ) .

مطابقة النعت للمنعوت :

       أ‌-      إذا كان النعت حقيقيًّا فيجب أن يطابق المنعوت في :

§     الرفع والنصب والجر ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، واحترمتُ الرجلَ الكريمَ ، وسلمتُ على الرجلِ الكريمِ .

§     والتعريف والتنكير ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاء رجلٌ كريمٌ .

§     والتذكير والتأنيث ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاءت المرأةُ الكريمةُ .

§     والإفراد والتثنية والجمع ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ ، وجاء الرجلان الكريمان ، وجاء الرجالُ الكرامُ .

   ب‌-   وإذا كان النعت سَبَبِيًّا فيجب أن يطابق المنعوت في :

§     الرفع والنصب والجر ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، واحترمتُ الرجلَ الكريمَ أبوه ، وسلمتُ على الرجلِ الكريمِ أبوه .

§     والتعريف والتنكير ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، وجاء رجلٌ كريمٌ أبوه .

§     وأما التذكير والتأنيث ، فلا يُطابق المنعوت ، بل يُطابق الاسم الظاهر المرفوع بعده ، تقول : جاء الرجلُ الكريمة أُمُّهُ ، وجاءت المرأةُ الكريمُ أبوها .

§     وأما الإفراد والتثنية والجمع ، فيلزم النعت السببي الإفراد دائمًا ، سواء كان المنعوت مفردًا أو مثنًى أو جمعًا ، تقول : جاء الرجلُ الكريمُ أبوه ، وجاء الرجلان الكريمُ أبوهما ، وجاء الرجال الكريمُ أبوهم

وسواء كان الاسم الظاهر بعد النعت مفردًا أو مثنًى أو جمعًا ، تقول : جاء الرجل الكريمُ أبوه ، وجاء الرجلُ الكريمُ أبواه ، وجاء الرجل الكريمُ آباؤه .

o   ويجوز في النعت السببي إذا كان الاسم الظاهر جمعًا أن يكون النعت جمعًا ، تقول : جاء الرجلُ الكرامُ آباؤه .

ما يُنْعَتُ به : يجب أن يكون النعت أحد هذه الأنواع :

1=       الـمُشْتَقّ : وهو اسم الفاعل أو اسم المفعول أو الصفة الـمُشَبَّهة أو اسم التفضيل ، مثل : ضارب ، مضروب ، حَسَن ، أَفْضَل ...

2=       الجامد الـمُشْبِه للمُشْتَقّ : ومن الجامد الـمُشْبِه للمُشْتَقّ :

-     اسم الإشارة ، مثل : مررتُ بزيدٍ هذا ، النعت هو ( هذا ) وهو بمعنى : الحاضر .

-     و ( ذو ) بمعنى صاحب ، مثل : مررتُ برجلٍ ذِيْ مالٍ ، النعت هو ( ذي ) وهو بمعنى : صاحب مالٍ .

-     وأسماء النَّسَب ، مثل : مررتُ برجلٍ دِمَشْقِيٍّ ، النعت هو ( دِمَشْقِيّ ) وهو بمعنى : منسوب إلى دِمَشْق .

3=       الجملة : ويُشْترط للجملة كي تقع نعتًا شروط :

1. أن يكون المنعوت نكرة ، كقوله تعالى : ( واتَّقُوا يومًا تُرْجعون فيه إلى اللهِ ) ، النعت جملة ( تُرْجعون فيه إلى اللهِ ) والمنعوت ( يومًا ) وهو نكرة .

§     وقد يكون المنعوت مُعَرَّفًا بـ ( أل ) الجِنْسِيّة ، كقول الشاعر :

ولَقَدْ أَمُرُّ على اللئِيْمِ يَسُبُّني    فَمَضَيْتُ ثُـمَّتَ قُلْتُ : لا يَعْنِيني

النعت جملة ( يَسُبُّني ) ، والمنعوت ( اللئِيْم ) وهو مُعَرَّف بـ ( أل ) الجِنْسِيّة .

2. أن تكون الجملة مشتملة على ضمير يعود على المنعوت ، كالآية السابقة ، فإن في جملة النعت ضميرًا وهو الهاء في كلمة ( فيه ) تعود على المنعوت ( يومًا ) .

§     وقد يكون الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( واتَّقُوا يومًا لا تَجْزِي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا ) ، النعت جملة ( لا تَجْزِي نفسٌ عن نفسٍ شيئًا ) ، والمنعوت ( يومًا ) ، والضمير غير مذكور تقديره : لا تَجْزِي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئًا .

3. أن تكون جملة خبرية ، كما في الأمثلة السابقة .

§     ولا يصح أن تكون جملة النعت غير خبرية مثل : مررتُ برجلٍ اِضْرِبْهُ ، فجملة ( اِضْرِبْهُ ) لا تصلح أن تكون نعتًا لأنها طلبية وليست خبرية ، فإن وردت جملة غير خبرية وهي في الظاهر نعت فلا تعد نعتًا بل النعت مُقَدَّر تأويله ( القول ) ، كقول الشاعر :

حَتَّى إِذا جَنَّ الظَّلامُ واخْتَلَطْ    جاؤوا بـِمَذْقٍ هل رأيتَ الذِّئْبَ قَطْ ؟

المنعوت ( مَذْق ) والجملة التي في الظاهر هي النعت ( هل رأيتَ الذِّئْبَ قَط ؟ ) لكنها جملة استفهامية فهي إذًا غير خبرية ، ولهذا فالنعت مُقَدَّر تأويله : جاؤوا بـِمَذْقٍ مقولٍ عند رؤيته هل رأيتَ الذِّئْبَ قط ؟

4=       المصدر : كقولك : هذا رجلٌ عَدْلٌ ، النعت ( عَدْلٌ ) وهو مصدر ، ومثله : هذا رجلٌ رِضًا ، النعت ( رِضًا ) وهو مصدر ، ومثله : هذا رجلٌ زَوْرٌ ، النعت ( زَوْرٌ ) وهو مصدر .

والتقدير عند الكوفيين : هذا رجلٌ عادلٌ ، وهذا رجلٌ مَرْضِيٌّ ، وهذا رجلٌ زائِرٌ .

وعند البصريين : هذا رجلٌ ذو عَدْلٍ ، وهذا رجلٌ ذو رِضًا ، وهذا رجلٌ ذو زَوْرٍ .

§     ويجب أن يبقى هذا المصدر على لفظه دون تثنية أو جمع ودون تأنيث ، تقول : هذان رجلان عَدْلٌ ، وهؤلاء رجالٌ عَدْلٌ ، وهذه امرأةٌ عَدْلٌ .

تعدد النعوت : إذا تعددت النعوت ، فينظر إلى المنعوت :

أ - المنعوت واحد :

يجب تفريق النعت ، مثاله : جاء رجلٌ كريمٌ شجاعٌ عالمٌ ، ويجوز العطف بالواو : جاء رجلٌ كريمٌ وشجاعٌ وعالمٌ.

تنبيه : في حالة العطف فالنعت الأول هو الذي يُعرب نعتًا وأما النعوت الأخرى التي بعد حرف العطف فتُعرب معطوفًا ولا تُعرب نعتًا .

ب- المنعوت متعدد :

1= المنعوت غير متفرق :

أ - النعوت متحدة في اللفظ والمعنى : يجب عدم تفريق النعت ، مثاله : جاء الرجالُ الكرامُ

ب - النعوت مختلفة : يجب التفريق بينها بواو العطف ، مثاله : جاء الرجالُ العالمُ والشجاعُ والكاتبُ

2 = المنعوت متفرق :

أ - النعوت متحدة في اللفظ والمعنى : يجب عدم التفريق النعت ، مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو وخالدٌ الكرامُ

ب - النعوت مختلفة : يجب التفريق بينها بواو العطف ثم :

يجوز وضع كل نعت عقب منعوته ، مثاله : جاء زيدٌ العالمُ وعمرٌو الشجاعُ وخالدٌ الكاتبُ .

ويجوز ذكر المنعوتات متوالية والنعوت متوالية ، لكن تكون النعوت مرتبة عكس ترتيب المنعوتات ، مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو وخالدٌ الكاتبُ والشجاعُ والعالمُ ( زيدٌ هو العالمُ ، وعمرٌو هو الشجاعُ ، وخالدٌ هو الكاتبُ ) .

قطع النعت : معنى قَطْع النعت هو أن لا يَتْبَع النعتُ المنعوتَ في الإعراب :

-  فيجيء النعت منصوبًا والمنعوت مرفوع ، مثاله : جاء زيدٌ التاجرَ

-  أو يجيء النعت مرفوعًا والمنعوت منصوب ، مثاله : رأيتُ زيدًا التاجرُ

-  أو يجيء مرفوعًا أو منصوبًا والمنعوت مجرور ، مثاله : سلمتُ على زيدٍ التاجرُ أو سلمتُ على زيدٍ التاجرَ

وإذا كان النعت المقطوع مرفوعًا فيُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف ، تقديره ( هو التاجرُ ) ، وإذا كان النعت المقطوع منصوبًا فيُعرب مفعولاً به لفعل محذوف ، تقديره ( أعني التاجرَ ) .

تنبيهات :

1 - إذا كان النعت مقطوعًا فلا يُعرب نعتًا ، بل يُعرب خبرًا إن كان مرفوعًا ، أو مفعولاً به إن كان منصوبًا .

2 - النعت المقطوع لا يكون مجرورًا ؛ لأن ذلك يستلزم تقدير حرف جر محذوف ، وحرف الجر لا يُحذف ويبقى عمله .

3 - فائدة القطع لفت نظر المخاطب إلى النعت .

الإتباع والقطع إذا تعدد العامل في المنعوتات :

o     إن كان العاملان في المنعوتين متفقين في المعنى والعمل فيجوز أن يتبع النعت المنعوت ، ويجوز القطع .

§   مثاله : جاء زيدٌ وأتى عمرٌو الظريفان ، النعت هو ( الظريفان ) والمنعوت هو ( زيدٌ ) و ( عمرٌو ) ، والعامل في ( زيد ) هو الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) هو الفعل ( أتى ) ، وهذان الفعلان معناهما واحد وعملهما واحد فكلاهما رفع المنعوت فاعلاً .

ويجوز قطع النعت ، فيكون منصوبًا ( جاء زيدٌ وأتى عمرٌو الظريفين ) ، ويُعرب مفعولاً به .

§   ومثله : رأيتٌ زيدًا وأبصرتُ عمرًا الشاعرين ، النعت هو ( الشاعرين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) والعامل في ( زيد ) الفعل ( رأيتُ ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( أبصرتُ ) ، وهذان الفعلان معناهما واحد وعملهما واحد فكلاهما نصب المنعوت مفعولاً به .

ويجوز قطع النعت ، فيكون مرفوعًا ( رأيتٌ زيدًا وأبصرتُ عمرًا الشاعران ) ، ويُعرب خبرًا .

o     وإن كان العاملان في المنعوتين مختلفين فيجب القَطْع سواء :  

º    اختلفا في المعنى والعمل معًا .

§   مثاله : جاء زيدٌ ورأيتُ عمرًا الكريمين ، النعت المقطوع ( الكريمين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والعامل في ( زيد ) الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( رأيتُ ) ، وهذا الفعلان معناهما مختلف ، وعملهما في المنعوتين مختلف فالفعل ( جاء ) رفع ( زيد ) لأنه فاعل ، والفعل ( رأيتُ ) نصب ( عمرًا ) لأنه مفعول به .

º    أو اختلفا في المعنى فقط .

§   مثاله : جاء زيدٌ وذهب عمرٌو الكاتبين ، النعت المقطوع ( الكاتبين ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والعامل في ( زيد ) الفعل ( جاء ) والعامل في ( عمرو ) الفعل ( ذهب ) ، وهذان الفعلان معناهما مختلف ، وإن كان عملهما واحد فقد رفع كل واحد منهما فاعلاً .

º    أو اختلفا في العمل فقط .

§   مثاله : هذا مُؤْلِـمُ زيدٍ ومُوْجِعٌ عمرًا المريضان ، النعت المقطوع ( المريضان ) والمنعوت هو ( زيد ) و ( عمرو ) ، والذي عمل في ( زيد ) الجر هو ( مُؤْلِـمُ ) ، والذي عمل في ( عمرو ) النصب هو ( مُوْجِع ) ، وهذان العاملان ( مُؤْلِـمُ ) و ( مُوْجِع ) متفقان في المعنى لكنهما مختلفان في العمل ، فـ ( مُؤْلِـمُ ) جر ( زيد ) و ( مُوْجَع ) نصب ( عمرًا ) .

حذف عامل النعت المقطوع :

¤ إذا كان الغرض من النعت المقطوع المدح أو الذم أو الترحُّم وجب حذف العامل ( المبتدأ أو الفعل ) .

-     مثال الغرض منه المدح : الحمدُ للهِ الحميد ، المنعوت هو ( اللهِ ) والنعت المقطوع ( الحميد ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( الحميدُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( الحميدَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَمْدَحُ ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( أَمْدَحُ ) يجب حذفهما .

-     ومثال الغرض منه الذم : قوله تعالى ( وامرأتُهُ حَمّالةَ الحَطَبِ ) ، المنعوت هو ( امرأتُهُ ) والنعت المقطوع ( حَمّالةَ الحَطَبِ ) ، وهو منصوب ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَذُمُّ ) ، وهذا الفعل ( أَذُمُّ ) يجب حذفه .

-     ومثال الغرض منه التَّرَحُّم : اللهم اُلْطُفْ بعبدِكَ المسكين ، المنعوت هو ( عبدِكَ ) والنعت المقطوع ( المسكين ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( المسكينُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( المسكينَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِرْحَمْ ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( اِرْحَمْ ) يجب حذفهما .

¤ أما إذا كان الغرض من النعت المقطوع غير ذلك فيجوز أن يذكر المبتدأ والفعل ويجوز أن يحذفا ، مثاله : مررتُ بزيدٍ التاجر ، المنعوت هو ( زيد ) والنعت المقطوع ( التاجر ) ، ويجوز في النعت أن يكون مرفوعًا ( التاجرُ ) ويُعرب خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ) ، ويجوز في النعت أن يكون منصوبًا ( التاجرَ ) ويُعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( أَعْنِي ) ، وهذا الضمير ( هو ) والفعل ( أَعْنِي ) يجوز ذكرهما ويجوز حذفهما .

الإتباع والقطع بحسب تعيُّن المنعوت :

o   إن كان المنعوت متعينًا بدون النعوت ، فيجوز إتباعُها للمنعوت ، ويجوز قطعُها عنه ، مثاله : أعجبني عمرُ بن الخطاب العادلُ الزاهدُ العالمُ ، المنعوت ( عمر ) والنعوت هي ( العادل ، الزاهد ، العالم ) ، والمنعوت متعين ومعروف دون هذه النعوت ، فيجوز أن تتبع النعوت المنعوت ويجوز قطعها عنه .

o   وإن كان المنعوت لا يتعين إلا بمجموع النعوت فيجب إتباعها للمنعوت ، مثاله : غابَ زيدٌ الشاعرُ التاجرُ الفقيهُ ، المنعوت ( زيدٌ ) والنعوت ( الشاعر ، التاجر ، الفقيه ) ، فإذا كان هناك رجال كل واحد منهم اسمه ( زيد ) ، وأحدهم : شاعر وتاجر وليس فقيهًا ، وآخر : شاعر وفقيه وليس تاجرًا ، وآخر : تاجر وفقيه وليس شاعرًا ، وآخر : شاعر وتاجر وفقيه ، وهو المقصود بالكلام ، فلا بد من ذكر النعوت الثلاثة كي يتميز ( زيد ) المنعوت عن غيره .

¤ وإذا كان المنعوت نكرة وجب أن يتبعه أحد النعوت وجاز في باقي النعوت القطع ، مثاله : سلمتُ على رجلٍ شاعرٍ كاتبٌ أديبٌ ، المنعوت ( رجل ) وهو نكرة ، والنعوت هي ( شاعرٍ ) و ( كاتبٌ ) و ( أديبٌ ) ، وقد تبع النعتُ الأولُ ( شاعرٍ ) المنعوت في الإعراب فجاء مجرورًا ، وأما النعتان الآخران ( كاتبٌ ) و ( أديبٌ ) فقُطِعا عن المنعوت ؛ لأنهما جاءا مرفوعين .

تنبيه : إذا قُطِعَ أحد النعوت فيجب في ما بعده من النعوت أن يُقطع أيضًا ؛ لأنه لا يصح الإتباع بعد القطع ، أي لا يصح أن يأتي نعت تابع بعد نعت مقطوع .

حذف المنعوت :

يجوز حذف المنعوت إذا عُلِمَ ، كقوله تعالى : ( أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ ) ، والتقدير : أَنِ اِعْمَلْ دروعًا سابِغاتٍ ، المنعوت المحذوف ( دروعًا ) والنعت ( سابِغاتٍ ) .

§     وقد يكون المنعوت المحذوف بعض اسم مجرور بـ ( مِنْ ) ، كقول العرب : مِنَّا ظَعَنَ ومِنَّا أقامَ ، التقدير : مِنَّا فريقٌ ظَعَنَ ومِنَّا فريقٌ أقامَ ، المنعوت المحذوف ( فريقٌ ) الأول ونعته جملة ( ظَعَنَ ) ، والمنعوت ( فريقٌ ) بعض الضمير ( نا ) المجرور بـ ( مِنْ ) ، وكذلك كلمة ( فريقٌ ) الثانية هي المنعوت المحذوف ، ونعته جملة ( أَقامَ ) ، والمنعوت ( فريقٌ ) بعض الضمير ( نا ) المجرور بـ ( مِنْ ) .

§     أو قد يكون المنعوت المحذوف بعض اسم مجرور بـ ( في ) ، كقول الشاعر :

لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لَمْ تِيْثَمِ    يَفْضُلُها في حَسَبٍ ومِيْسَمِ

التقدير : لو قُلْتَ ما في قَوْمِها أحدٌ يَفْضُلُها ... ، المنعوت المحذوف ( أحدٌ ) ونعته جملة ( يَفْضُلُها ... ) ، والمنعوت ( أحدٌ ) بعض اسم مجرور بـ ( في ) وهو كلمة ( قَوْمِها ) .

حذف النعت : يجوز حذف النعت إذا عُلِمَ .

-     كقوله تعالى : ( يأخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْبًا ) أي : يأخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ صالحةٍ غَصْبًا ، النعت المحذوف ( صالحةٍ ) .

-     وكقول الشاعر :   وقَدْ كُنْتُ في الحَرْبِ ذا تُدْرَإٍ      فَلَمْ أُعْطَ شيئًا ولَمْ أُمْنَعِ

أي : فَلمْ أُعْطَ شيئًا طائِلاً ، النعت المحذوف ( طائِلاً ) .

-     وكقول الشاعر :        ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّينِ بِكْرٍ      مُهَفْهَفةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ

أي : لها فَرْعٌ فاحِمٌ وجِيدٌ طويلٌ ، النعتان المحذوفان ( فاحِمٌ ) و ( طويلٌ ) .

الدرس الثاني: التوكيد

وهو نوعان : معنوي ولفظي .

الأول : التوكيد المعنوي :  وله سبعة ألفاظ :

1 و 2 = ( نَفْس ) و ( عَيْن )  والفائدة من التوكيد بـهما رفع احتمال المجاز عن الذات .

§     ويُؤَكَّد بهما المفرد والمثنى والجمع :

º    فإذا كان الـمُؤَكَّد بهما مفردًا فيكون لفظهما مفردًا ، مثل : جاء الوزيرُ نفسُهُ ، أو جاء الوزيرُ عينُهُ .

º    وإذا كان الـمُؤَكَّد بهما مثنىً :

-     فالأرجح أن يكون لفظهما جمعًا ، مثل : جاء الوزيران أَنْفُسُهما ، أو جاء الوزيران أَعْيُنُهما  

-     ويجوز أن يكون لفظهما مفردًا ، مثل : جاء الوزيران نفسُهما ، أو جاء الوزيران عينُهما 

-     ويجوز أن يكون لفظهما مثنًى ، مثل : جاء الوزيران نفساهما ، أو جاء الوزيران عيناهما .

º    وإذا كان الـمُؤَكَّد بهما جمعًا فيكونان جمعًا ، مثل : جاء الوزراء أَنْفُسُهم ، أو جاء الوزراء أَعْيُنُهم .

3 و 4 = ( كِلا ) و ( كِلْتا )   والفائدة من التوكيد بهما رفع احتمال إرادة البعض .

§     ويُؤَكَّد بلفظ ( كِلا ) المثنى المذكر ، ويُؤَكَّد بلفظ ( كِلْتا ) المثنى المؤنث .

مثاله : جاء الصديقان كِلاهما ، وجاءت الصديقتان كِلْتاهما ، وأكرمتُ الصديقين كِليهما ، وأكرمتُ الصديقتين كِلْتيهما ، وسلّمتُ على الصديقين كِليهما ، وسلّمتُ على الصديقتين كِلْتيهما .

o   وتعرب ( كِلا ) و ( كِلْتا ) إعراب المثنى ، فيكونان بالألف في حال الرفع ( كلاهما ، كلتاهما ) وبالياء في حال النصب والجر ( كليهما ، كلتيهما ) .

5 و 6 و 7 = ( كُلّ ) و ( جَمِيْع ) و ( عامّة )    والفائدة من التوكيد بها رفع احتمال إرادة البعض .

§     ويُؤَكَّد بها ما كان جمعًا ، مثالها : جاء الطلابُ كُلُّهم ، وجاء الطلابُ جميعُهم ، وجاء الطلابُ عامَّتُهم .

ويمكن أن يُؤَكَّد بهذه الألفاظ ما كان مفردًا لكن له أجزاء ، مثل : قرأتُ الكتابَ كُلَّه ، لأن الكتاب تَتَجَزَّأُ قراءتُهُ ، ولا يصح : جاء زيدٌ كُلُّه ؛ لأن ( زيد ) مفرد لا يَتَجَزَّأُ مجيؤُه .

¤ وجميع ألفاظ التوكيد المعنوي يجب أن يتصل بها ضمير يعود على الـمُؤَكَّد ، ويكون الضمير مطابقًا للمُؤَكَّد في الإفراد والتثنية والجمع ، ومطابقًا له أيضًا في التذكير والتأنيث ، مثل : جاء المديرُ نفسُهُ ، جاء المديرُ عينُه ، وجاءت المديرة نفسُها ، جاءت المديرة عينُها ، حضر الصديقان كلاهما ، حضرت الصديقتان كلتاهما ، نجح الطلاب كلهم ، نجحت الطالبات كلهن .

تقوية التوكيد بلفظ ( أجمع ) ونحوه :

يجوز إذا أريد تقوية التوكيد أن يُؤْتى :

-     بعد كلمة ( كُلّه ) بكلمة ( أَجْمَع ) ، مثاله : قرأتُ الكتابَ كُلَّه أَجْمَعَ .

-     وبعد ( كُلّها ) بكلمة ( جَمْعاء ) , مثاله : وحَفِظْتُ القصيدةَ كُلَّها جَمْعاءَ .

-     وبعد ( كُلّهم ) بكلمة ( أَجْمَعين ) ، كقوله تعالى : ( فَسَجَدَ الملائكةُ كُلُّهم أَجْمعون ) .

-     وبعد ( كُلّهن ) بكلمة ( جُمَع ) ، مثاله : حضرت الطالباتُ كُلُّهن جُمَعُ .

§     وقد يُؤَكَّد بهذه الألفاظ دون أن تسبقها كلمة ( كُلّ ) ، كقوله تعالى : ( لأُغْوِيَنَّهُم أَجْمَعين ) ، وقوله : ( لَمَوْعِدِهُم أَجْمَعين ) .

 توكيد النكرة :

إذا كان توكيد النكرة لا يفيد فلا يجوز توكيدها باتفاق ، وإن أفاد توكيد النكرة جاز عند بعض النحويين ، وتحصل الإفادة بشرطين :

1. أن يكون الـمُؤَكَّد محدودًا

2. وأن يكون لفظ التوكيد من ألفاظ الإحاطة ( كُلّ ، جميع ، عامّة )

مثاله : اِعْتَكَفْتُ أُسْبُوعًا كُلَّهُ ، صُمْتُ شهرًا جميعَهُ ، عَمِلْتُ حَوْلاً عامَّتَهُ .

توكيد الضمير المرفوع المتصل بالنفس أو بالعين :

إذا أُكِّدَ ضميرٌ مرفوعٌ متصلٌ بكلمة ( نفس ) أو ( عين ) وجب توكيده أَوَّلاً بالضمير المنفصل ، مثاله : قومُوا أنتم أنفسُكم ، الضمير المرفوع المتصل الـمُؤَكَّد هو واو الجماعة في ( قوموا ) ، والضمير المنفصل هو ( أنتم ) ، ولا بُدَّ من ذكر هذا الضمير المنفصل ، فلا يصح أن تقول : قومُوا أنفسُكم .

-     فإن كان الـمُؤَكَّد اسمًا ظاهرًا وليس ضميرًا فلا يُؤَكَّد بالضمير المنفصل ، مثل : قامَ الزيدون أنفسُهم

-     أو كان الـمُؤَكَّدُ ضميرًا منصوبًا ، مثل : ضَرَبْتُهُم أنفسَهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( هم ) في ( ضَرَبْتُهم ) وهو في محل نصب مفعول به وليس مرفوعًا ، فلا يجب توكيده بالضمير المنفصل .

-     أو كان الـمُؤَكَّد ضميرًا مجرورًا ، مثل : مررتُ بهم أنفسِهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( هم ) من كلمة ( بهم ) وهو في محل جر بحرف الجر الباء وليس مرفوعًا ، فلا يجب توكيده بالضمير المنفصل .

-     أو كان الـمُؤَكَّد ضميرًا منفصلاً ، مثل : أنتَ نفسُكَ حضرتَ ، الضمير الـمُؤَكَّد هو ( أنتَ ) ، وهو ضمير منفصل وليس متصلاً ، فلا يحتاج إلى توكيده بضمير منفصل .

-     وإن كان لفظ التوكيد غير كلمة ( نفس ) و ( عين ) ، مثل : قاموا كُلُّهم ، الضمير الـمُؤَكَّد هو الواو في ( قاموا ) ، فلا يجب هنا توكيده بالضمير المنفصل ؛ لأن لفظ التوكيد ليس كلمة ( نفس ) أو ( عين ) بل كلمة ( كُلُّهم ) .

إعراب ألفاظ التوكيد :

جميع ألفاظ التوكيد تتبع الـمُؤَكَّد في الإعراب :

§     فإذا كان الـمُؤَكَّد مرفوعًا صار التوكيد مرفوعًا ، مثل : جاء الوزيرُ نفسُه

§     وإذا كان الـمُؤَكَّد منصوبًا صار التوكيد منصوبًا ، مثل : رأيتُ الوزيرَ نفسَه

§     وإذا كان الـمُؤَكَّد مجرورًا صار التوكيد مجرورًا ، مثل : مررتُ بالوزيرِ نفسِه

ولهذا صارت ألفاظ التوكيد من التوابع ؛ لأنها تتبع ما قبلها في الإعراب .

 

الثاني : التوكيد اللفظي :

وهو تكرار اللفظ ، والغرض منه في الأصل إسماع المخاطب لفظًا لم يتبينه أو لم يسمعه .

ولفظ التوكيد قد يكون :

¤ جملةً :

مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ) .

والأكثر اقتران الجملة بحرف العطف ، كقوله تعالى : ( كلاّ سوف تعلمون . ثم كلاّ سوف تعلمون ) ، وقوله : ( أَوْلَى لكَ فأَوْلَى . ثم أَوْلَى لكَ فأَوْلَى ) .

ويجب ترك العطف عند إيهام التعدد ، كقولك : ضربتُ زيدًا ، ضربتُ زيدًا ، لأنه لو صُرِّحَ بحرف العطف لتوهم السامع تكرار الضرب .

¤ أو اسمًا ظاهرًا :

مثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّما امرأةٍ نَكَحَتْ نفسَها بغير وَلِيِّها فنِكاحُها باطلٌ باطلٌ ) .

¤ أو ضميرًا منفصلاً منصوبًا ، كقول الشاعر :

فإِيّاكَ إِيّاكَ الـمِراءَ فإنَّهُ      إلى الشَّرِّ دَعّاءٌ وللشَّرِّ جالِبُ

¤  أو ضميرًا منفصلاً مرفوعًا ،

§      ويُؤَكَّدُ به ضمير منفصل مرفوع مثله ، مثل : أنتَ أنتَ نجحتَ .

§      ويُؤَكَّدُ به أيضًا كل ضمير متصل ، سواء كان الضمير المتصل :

-     في محل رفع مثل : قمتَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد التاء في ( قمتَ ) وهو في محل رفع فاعل ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

-     أو في محل نصب ، مثل : أكرمتُكَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( أكرمتُكَ ) وهو في محل نصب مفعول به ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

-     أو في محل جر ، مثل : مررتُ بكَ أنتَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( بكَ ) وهو في محل جر ، والتأكيد هو الضمير المنفصل ( أنتَ ) .

¤ أو ضميرًا متصلاً ، ويجب أن يتصل به ما اتصل بالـمُؤَكَّد ، مثل : عَجِبْتُ مِنْكَ مِنْكَ ، الضمير المتصل الـمُؤَكَّد هو الكاف في ( مِنْكَ ) الأولى وقد اتصل به حرف الجر ( مِنْ ) ، والتأكيد هو الكاف في ( مِنْكَ ) الثانية ، وقد اتصل به حرف الجر ( مِنْ ) كما اتصل بالضمير الـمُؤَكَّد .

¤ أو فعلاً ، مثل : قامَ قامَ زيدٌ

¤ أو حرفًا : وقد يكون الحرف :

-     حرف جواب ، مثل : نعم ، لا ، بلى ، أَجَل ... ، مثاله قول الشاعر :

لا لا أَبُوْحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّها    أَخَذَتْ عليَّ مَواثِقًا وعُهُوْدَا

-     أو حرفًا غير جواب ، ويجب هنا أن يُفْصَل بين الـمُؤَكَّد والتأكيد ، وأن يُعاد مع التأكيد ما اتصل بالـمُؤَكَّد .

مثاله قوله تعالى : ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُون ؟ ) ، الـمُؤَكَّد ( أَنَّ ) في كلمة ( أَنَّكُمْ ) الأولى ، وقد اِتَّصَلَ به الضمير ( كُمْ ) ، والتأكيد هو ( أَنَّ ) في كلمة ( أَنَّكُمْ ) الثانية ، وقد فُصِلَ بينهما بقوله ( إِذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا ) ، وقد أُعِيدَ الضمير ( كُمْ ) المتصل بـ( أَنَّ ) الأولى مع ( أَنَّ ) الثانية .

مثال آخر : إِنَّ زيدًا إِنَّ زيدًا فاضلٌ ، الـمُؤَكَّد ( إِنَّ ) الأولى ، والتأكيد ( إِنَّ ) الثانية ، وقد فُصِلَ بينهما بكلمة ( زيدًا ) الأولى ، وقد أُعِيد ما اتصل بـ ( أَنَّ ) الأولى وهو كلمة ( زيدًا ) مع ( أَنَّ ) الثانية .

o         والأحسن إذا كان ما اتصل بالحرف الأول الـمُؤَكَّد اسمًا ظاهرًا ، مثل ( زيدًا ) في المثال السابق ، أن يُعاد مع التأكيد ضمير يعود على الاسم الظاهر ، فيُقال في هذا المثال : إِنَّ زيدًا إِنَّهُ فاضلٌ ، فالهاء في ( إِنَّه ) تعود على ( زيد ) .

الدرس الثالث: عَطْف النَّسَق

 

والمراد به العطف بحروف العطف .

تعريف المعطوف عطف نسق : هو تابعٌ يتوسَّطُ بينه وبين متبوعه أحدُ أحرف العطف .

¤ مثاله : جاء زيدٌ وعمرٌو ، فكلمة ( عمرٌو ) معطوفة عَطْفَ نَسَقٍ بواسطة حرف العطف ( الواو ) ، والمعطوف عليه كلمة ( زيدٌ ) ، فـ ( عمرٌو ) تابعٌ ، و ( زيدٌ ) متبوع .

¤ وأحرف العطف نوعان :

1. ما يقتضي الاشتراك في الإعراب والمعنى ، وهي :

( الواو ) و ( الفاء ) و ( ثُمَّ ) و ( حتى ) ، وكذلك ( أَوْ ) و ( أَمْ ) ؛ لكن يُشترط في ( أَوْ ) و ( أَمْ ) أن لا يُراد بهما الإضراب .

2. ما يقتضي الاشتراك في الإعراب فقط ، وهي نوعان :

1=    نوع يُثْبِتُ لما بعدها ما انتفى عما قبلها ، وهي : ( بَلْ ) و ( لكنْ ) .

2=    ونوع ينفي عما بعدها ما ثبت لما قبلها ، وهي : ( لا ) و ( ليس ) .

وسيأتي الكلام بالتفصيل عن هذه الأحرف كلها .

الواو :

§     تفيد الواو مُطْلَق الجمع بين المتعاطفين ، من غير دلالة على ترتيب ، فقد يكون ما بعدها متأخرًا عما قبلها كقوله تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيمَ ) ، وقد يكون متقدمًا كقوله تعالى : ( كذلك يُوحي إليكَ وإلى الذين من قبلكَ ) ، وقد يكون مُصاحبًا كقوله تعالى : ( فأنجيناه وأصحابَ السفينةِ ) .

§     ومن خصائص الواو أنها تعطف اسمًا لا يمكن الاستغناء عنه ، مثل : اختَصَمَ زيدٌ وعمرٌو ، وتضاربَ زيدٌ وعمرٌو ، واصطَفَّ زيدٌ وعمرٌو ، وجلستُ بين زيدٍ وعمرٍو ، فالاختصام والتضارب والاصطفاف والبينية لا تكون من واحد ، فلا يمكن الاستغناء عن المعطوف ( عمرٌو ) .

الفاء :

§     تفيد الترتيب مع التعقيب ، كقوله تعالى : ( أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ ) ، ومثل : دخل زيدٌ فعمرٌو .

§     وتفيد أحيانًا التَّسَبُّب ، كقوله تعالى : ( فَوَكَزَهُ موسى فقضى عليه ) .

ثُمَّ :

§     تفيد الترتيب مع التراخي ، كقوله تعالى : ( أَماتَهُ فأَقْبَرَهُ . ثُمَّ إذا شاء أَنْشَرَهُ ) .

§     وقد تقع موقع الفاء ، فتستعمل للترتيب والتعقيب ، كقول الشاعر :

كَهَزِّ الرُّدَيْنِيِّ تَحْتَ العَجاجِ     جَرَى في الأَنابِيبِ ثُمَّ اِضْطَرَبْ

حتى :

ويُشترط للعطف بها شروط :

1. أن يكون المعطوف اسمًا ، فلا يصح أن يُعطف بها فعلٌ أو حرفٌ أو جملةٌ .

2. أن يكون المعطوف اسمًا ظاهرًا ، فلا يصح أن يُعطف بها ضميرٌ .

3. أن يكون المعطوف بعضَ المعطوف عليه ، مثل : أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها ، وعاقبتُ الطلابَ حتى زيدًا ، لأن رأس السمكة بعضها ، و ( زيد ) أحد الطلاب .

أو يُشبه البعض ، مثل : أعجبتني الفتاةُ حتى كلامُها ، لأن كلامها كأنه بعضها .

4. أن يكون المعطوف غايةً :

سواء كان غاية في الزيادة ، مثل : زيدٌ يتصدق بالمالِ الكثير حتى الألوفِ ، ومات الناسُ حتى الأنبياءُ ، أو مات الناسُ حتى الملوكُ .

أو كان غاية في النقص ، مثل : المؤمن يُجْزَى بالحسناتِ حتى مثقالِ ذَرَّةٍ ، وغَلَبَكَ الناسُ حتى الصبيانُ .

§     والعطف بـ ( حتى ) قليل .

§     وأنكره الكوفيون ، ويعربون ( حتى ) في الأمثلة السابقة وما أشبهها ابتدائية وليست عاطفة .

أم :

وهي نوعان :

(1) متصلة :

وهي التي تكون مسبوقة :

1=                   إما بهمزة التسوية ، وهي تفيد الإخبار ، فالمتكلم يُخبر المخاطب باستواء الأمرين عنده ، وهي تدخل على الجمل لا غير ، وتكون الجملة المعطوفة والجملة المعطوف عليها :

-     فعليتين ، مثل قوله تعالى : ( سواءٌ عليهم أأنذرتَهم أم لم تُنذرهم لا يؤمنون ) ، الجملة المعطوفة ( لم تنذرهم ) والجملة المعطوف عليها ( أنذرتَهم ) وكلاهما فعلية ، وهمزة التسوية هي الهمزة الأولى في ( أأنذرتَهم ) .

-     أو اسميتين ، مثل قول الشاعر :

ولَسْتُ أُبالي بَعْدَ فَقْدِيَ مالِكًا     أمَوْتِيَ ناءٍ أَمْ هُوَ الآنَ واقِعُ

الجملة المعطوفة ( هو الآنَ واقِعُ ) والجملة المعطوف عليها ( مَوْتِيَ ناءٍ ) وكلاهما اسمية ، وهمزة التسوية هي الهمزة في ( أمَوْتِيَ ) .

-     أو مختلفتين ، مثل قوله تعالى : ( سواءٌ عليكم أَدَعَوْتُـمُوهُمْ أم أنتُم صامتون ) ، الجملة المعطوفة ( أنتم صامتون ) وهي جملة اسمية ، والجملة المعطوف عليها ( دَعَوْتُـمُوهُمْ ) وهي جملة فعلية ، وهمزة التسوية هي الهمزة في ( أَدَعَوْتُـمُوهُمْ ) .

 

2=                   وإما بهمزة يُطلب بها وبـ ( أم ) التعيين ، وهي تفيد السؤال ، فالمتكلم يطلب من المخاطب تعيين أحد الأمرين ، وهي تدخل على الجمل وعلى المفردات ، فيكون المعطوف والمعطوف عليه :

-     إما مفردين ، مثل قوله تعالى : ( أَأَنتُم أَشَدُّ خَلْقًا أم السماءُ ؟ ) ، المعطوف ( السماءُ ) والمعطوف عليه ( أنتُم ) وكلاهما مفرد ، وهمزة التعيين هي الهمزة الأولى في ( أَأَنتُم ) .

ومثل قوله تعالى : ( وإِنْ أَدْرِي أقَرِيبٌ أم بعيدٌ ما تُوعدون ؟ ) ، المعطوف ( بعيدٌ ) والمعطوف عليه ( قريبٌ ) وكلاهما مفرد ، وهمزة التعيين هي الهمزة في ( أقريبٌ ) .

-     وإما جملتين فعليتين ، مثل قول الشاعر :

فقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتاعًا فأَرَّقَني        فقُلْتُ : أَهْيَ سَرَتْ أم عادَني حُلُمُ ؟

الجملة المعطوفة ( عادَني حُلُمُ ) والجملة المعطوف عليها ( هي سَرَتْ ) وهي في التقدير ( سَرَتْ هي ) وكلاهما فعلية ، وهمزة التعيين هي الهمزة في ( أَهْيَ ) .

-     وإما جملتين اسميتين ، مثل قول الشاعر :

لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِنْ كُنْتُ دارِيا     شُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ؟

الجملة المعطوفة ( شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ) والجملة المعطوف عليها ( شُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ ) وكلاهما اسمية ، وهمزة التعيين محذوفة والتقدير ( أشُعَيْثُ ابْنُ سَهْمٍ أم شُعَيْثُ ابْنُ مِنْقَرِ ؟ ) .

(2) منقطعة :

§     وهي التي تدل على الإضراب ، ومعنى الإضراب الانتقال من معنى إلى معنى آخر مستقل .

§     و ( أم ) المنقطعة ليست حرف عطف .

§     و ( أم ) المنقطعة لا تسبقها همزة التسوية ولا همزة التعيين .

§     وهي تدخل على الجمل لا غير .

       أ‌-      وهي قد تدل على الاستفهام ، سواء :

-     كان استفهامًا حقيقيًا ، مثل قول أحدهم : إِنّها لَإِبلٌ أم شاءٌ ؟ ، أي : بل أهي شاءٌ ؟

-     أو كان استفهامًا إِنكاريًّا ، مثل قوله تعالى : ( أم لَهُ البناتُ ؟ ) ، أي : بل ألَهُ البناتُ ؟

   ب‌-   وقد لا تدل على الاستفهام ، مثل قوله تعالى : ( أم هل تستوي الظُّلُماتُ والنُّورُ ؟ ) والاستفهام مستفاد من ( هل ) وليس من ( أم ) ، ولا يمكن أن تكون ( أم ) هنا استفهامية لأن حرفَ الاستفهامِ لا يدخل على حرفِ استفهامٍ آخرَ ، ومثل قول الشاعر :

ولَيْتَ سُلَيْمَى في الـمَنامِ ضَجِيْعَتِي    هُنالِكَ أم في جَنَّةٍ أم جَهَنَّمِ

وليس الكلام في البيت استفهامًا ، بل هو تمنٍ .

أو :  وهي تأتي لمعانٍ ، منها :

1. التخيير ، مثل : تَزَوَّجْ هندًا أو أختَها .

2. الإباحة ، مثل : جالِس العلماءَ أو الزُّهّادَ .

§  والفرق بينهما : أن التخيير لا يمكن الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه ، أما الإباحة فيمكن .

§  والتخيير والإباحة يقعان بعد الطلب .

3. الشَّكّ ، مثل قوله تعالى : ( لَبِثْنا يومًا أو بعضَ يومٍ )

4. الإِبْهام ، مثل قوله تعالى : ( وإِنّا أو إِيّاكُمْ لَعَلى هُدًى أو في ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

§  والفرق بين الشَّكِّ والإِبْهام : أن المتكلم في الشَّكِّ لا يعلم الحقيقة ، وفي الإِبهام يكون المتكلم عارفًا بالحقيقة لكنه يريد الإِبْهام على السامع .

§  والشَّكُّ والإِبْهام يقعان بعد الخبر .

5. التفصيل أو التقسيم ، مثل قوله تعالى : ( وقالوا : كونوا هُوْدًا أو نصارَى ) ، ومثل قول النحويين : ( الكلمة : اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ ) .

6. الإِضْراب ، مثاله ما سُمِعَ عن بعض العرب أنه قال : ( اِذْهَبْ إلى زيدٍ ، أو دَعْ ذلك فلا تَبْرَح اليومَ ) ، وإذا كانت ( أو ) للإضراب فلا تكون حرف عطف .

7. بمعنى الواو ، فتكون دالةً على الاشتراك مطلقًا دون ترتيب ، كقول الشاعر :

قَوْمٌ إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ     ما بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سافِعِ

أي : ما بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ و سافِعِ .

لكِنْ : وتكون حرف عطف بشروط :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. أن تُسْبَقَ بنفيٍ أو نهيٍ .

3. أن لا تقترن بالواو .

مثالها : ما مَرَرْتُ برجلٍ صالحٍ لكِنْ طالحٍ ، ومثل : لا يَقُمْ زيدٌ لكِنْ عمرٌو .

·     فإذا اختلّ أحد هذه الشروط فلا تكون حرف عطف ، وتبقى حرف استدراك وابتداء ، وذلك :

§     إذا وقع بعدها جملة ، مثل قول الشاعر :

إِنَّ ابنَ وَرْقاءَ لا تُخْشَى بَوادِرُهُ     لكِنْ وَقائِعُهُ في الحَرْبِ تُنْتَظَرُ

§     أو إذا لم تُسْبَق بنفي أو نهي ، مثل : ( قامَ زيدٌ لكِنْ عمرٌو لم يَقُمْ ) .

§     أو إذا اقترنت بالواو ، مثل قوله تعالى : ( ما كان محمدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ولكِنْ رسولَ اللهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ ) .

بل : وتكون حرفَ عطفٍ بشرطين :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. وأن تكون مسبوقةً بإيجابٍ أو أمرٍ أو نفيٍ أو نهيٍ .

-     مثالها بعد إِيجاب : قام زيدٌ بل عمرٌو .

-     ومثالها بعد أمرٍ : اضربْ زيدًا بل عمرًا .

-     ومثالها بعد نفيٍ : ما قام زيدٌ بل عمرٌو .

-     ومثالها بعد نهيٍ : لا يَقُمْ زيدٌ بل عمرٌو .

§     وإذا وقعتْ بعد إيجابٍ أو أمرٍ فمعناها سَلْبُ الحكم عما قبلها وإثباته لما بعدها .

§     وإذا وقعتْ بعد نفيٍ أو نهيٍ فمعناها تقرير الحكم لما قبلها وإثبات ضده لما بعدها .

لا :

ويُشترط للعطف بها شروط :

1. أن يكون المعطوف بها مفردًا ، لا جملةً .

2. أن تُسْبَق بإيجابٍ أو أمرٍ .

3. أن لا يكون المعطوف بها داخلاً في المعطوف عليه ، فلا يصح أن يُقال : جاءني رجلٌ لا زيدٌ ، لأن المعطوف ( زيد ) داخل في المعطوف عليه ( رجل ) ؛ فـ ( زيد ) رجل من الرجال .

§     مثال وقوعها بعد إِيجاب : ( هذا زيدٌ لا عمرٌو ) ، ومثال وقوعها بعد أمرٍ : ( اِضْرِبْ زيدًا لا عمرًا ) .

ليس :

§     استعمالها حرف عطف هو قول بعض النحويين .

§     من أمثلتها قول الشاعر :       وإِذا أُقْرِضْتَ قَرْضًا فاجْزِهِ       إِنَّما يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْ

العطف على الأسماء الظاهرة والضمائر والأفعال :  إذا كان المعطوف عليه :

1=           اسمًا ظاهرًا : فيُعْطَف عليه دون شرط ، مثل : قام زيدٌ وعمرٌو ، المعطوف ( عمرو ) والمعطوف عليه ( زيد ) وهو اسم ظاهر .

2=           وإذا كان ضميرًا :

       أ‌-      فإن كان ضميرًا منفصلاً : فيُعْطَف عليه دون شرط أيضًا ، مثل : أنا وزيدٌ صديقان ، المعطوف ( زيد ) والمعطوف عليه ( أنا ) وهو ضمير منفصل ، ومثل : إِيّاكَ والأسدَ ، المعطوف ( الأسد ) والمعطوف عليه ( إِيّاكَ ) وهو ضمير منفصل .

   ب‌-   وإن كان ضميرًا متصلاً :

1. فإن كان منصوبًا فيُعْطَف عليه دون شرط أيضًا ، مثل قوله تعالى ( جَمَعْناكُمْ والأَوَّلِينَ ) ، المعطوف ( الأَوَّلِينَ ) والمعطوف عليه ( كُمْ ) في ( جَمَعْناكُمْ ) وهو ضمير متصل منصوب .

2. وإن كان مرفوعًا ، فالأحسن الفصل بينه وبين المعطوف :

-     إما بضمير منفصل مُؤَكِّد له ، مثل قوله تعالى : ( لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُم وآباؤُكُمْ ) ، المعطوف ( آباؤُكُمْ ) والمعطوف عليه ( تُمْ ) في ( كُنْتُم ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وفُصِلَ بينهما بالضمير المنفصل ( أنتُم ) .

-     وإما بأي فاصل ، مثل قوله تعالى : ( يَدْخُلُونها ومَنْ صَلَحَ ) ، المعطوف ( مَنْ صَلَحَ ) والمعطوف عليه الواو في ( يدخلونها ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالهاء في ( يدخلونها ) .

ومثل قوله تعالى : ( ما أَشْرَكْنا ولا آباؤُنا ) ، المعطوف ( آباؤُنا ) والمعطوف عليه ( نا ) في ( ما أَشْرَكنا ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالحرف ( لا ) .

ومثل قوله تعالى : ( ما لم تعلموا أنتُم ولا آباؤُكُم ) ، المعطوف ( آباؤُكُم ) والمعطوف عليه الواو في ( تعلموا ) وهو ضمير متصل مرفوع ، وقد فُصِلَ بينهما بالضمير المنفصل ( أنتُم ) وبالحرف ( لا ) ، فهما فاصلان .

§     ويقل ترك الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه إذا كان المعطوف عليه ضميرًا متصلاً مرفوعًا ، وأكثر ما يقع ترك الفصل في الشعر ، كقول الشاعر :

ورَجا الأُخَيْطِلُ مِنْ سَفاهةِ رَأْيِهِ    ما لم يَكُنْ وأبٌ لَهُ لِينالا

المعطوف ( أبٌ ) والمعطوف عليه الضمير المستتر في الفعل ( يَكُنْ ) ، والضمير المستتر بمنزلة الضمير الظاهر المتصل ، ولم يُفْصَل بينهما بفاصل .

3. وإن كان مجرورًا ، فالأكثر إعادة حرف الجر أو إِعادة المضاف ، مثل قوله تعالى : ( فقال لها وللأرضِ ) ، المعطوف ( الأرض ) والمعطوف عليه الهاء في ( لها ) وهو ضمير مجرور بحرف الجر اللام ، وقد أُعِيدَ حرف الجر اللام مع المعطوف ( الأرض ) .

ومثل قوله تعالى : ( قالوا : نَعْبُدُ إِلـهَكَ وإِلهَ آبائِكَ ) ، المعطوف ( آبائِكَ ) والمعطوف عليه الكاف في ( إِلـهَكَ ) وهو ضمير مجرور بإضافة ( إِله ) إليه ، وقد أُعِيدَ المضاف ( إِله ) مع المعطوف ( آبائِكَ ) .

§     ويجوز ترك إعادة حرف الجر أو إعادة المضاف ، مثل قوله تعالى على قراءة : ( واتَّقُوا اللهَ الذي تَساءَلون بِهِ والأَرْحامِ ) ، المعطوف ( الأرحامِ ) والمعطوف عليه الهاء في ( بِهِ ) وهو ضمير مجرور بحرف الجر الباء ، ولم يُعَدْ حرف الجر الباء مع المعطوف ( الأرحامِ ) .

ومثل ما سُمِعَ عن العرب : ( ما فيها غيرُهُ وفَرَسِهِ ) ، المعطوف ( فَرَسِهِ ) والمعطوف عليه الهاء في ( غيرُهُ ) وهو ضمير مجرور بإضافة ( غير ) إليه ، ولم يُعَد المضاف ( غير ) مع المعطوف ( فَرَسِهِ ) .

3=           وإذا كان فعلاً : فيُعْطَف عليه بشرط اتحاد الفعلين في الزمن ، ومن أمثلته :

-     قوله تعالى : ( لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدةً مَيْتًا ونُسْقِيَهُ ) ، المعطوف ( نُسْقِي ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( نُحْيِيَ ) وهو مضارع أيضًا .

-     وقوله تعالى : ( وإِنْ تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ ) ، المعطوف ( تَتَّقُوا ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( تُؤْمِنُوا ) وهو مضارع أيضًا ، وفيه شاهدٌ آخر ، معطوف وهو ( يَسْأَلْكُمْ ) وهو مضارع ، ومعطوف عليه ( يُؤْتِكُمْ ) وهو مضارع أيضًا .

-     وقوله تعالى : ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يومَ القِيامةِ فأَوْرَدَهُمُ النارَ ) ، المعطوف ( أَوْرَدَهُم ) وهو ماضٍ لكن يُراد به المضارع فهو بمعنى ( يُوْرِدُهُم ) ، والمعطوف عليه ( يَقْدُمُ ) وهو مضارع .

-     وقوله تعالى : ( تَبارَكَ الذي إِنْ شاءَ جَعَلَ لكَ خيرًا مِنْ ذلكَ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأَنْهارُ ويَجْعَلْ لكَ قُصُورًا ، المعطوف ( يَجْعَل ) وهو مضارع ، والمعطوف عليه ( جَعَلَ ) وهو ماضٍ لكن يُراد به المضارع ( يَجْعَل ) .

حذف المعطوف :  تختص الواو والفاء بجواز حذفهما مع معطوفهما لدليل .

-    مثاله في الفاء قوله تعالى : ( وأَوْحَيْنا إلى موسى إِذ استَسْقاهُ قومُهُ أَن اِضْرِبْ بعصاكَ الحَجَرَ فانْبَجَسَتْ ) ، والتقدير : فضَرَبَ فانْبَجَسَتْ ، المعطوف ( ضَرَبَ ) وهو محذوف مع الفاء ، والمعطوف عليه ( أَوْحَيْنا ) .

-    ومثاله في الواو قول الشاعر :

فما كانَ بينَ الخَيرِ لو جاءَ سالِمًا    أبو حُجُرٍ إِلاّ لَيالٍ قلائلُ

والتقدير : فما كَانَ بينَ الخيرِ وبيني .

-    ومثله قول العرب : ( راكِبُ النّاقةِ طَلِيحانِ ) ، والتقدير : راكِبُ النّاقةِ والنّاقةُ طَلِيحانِ ، المعطوف كلمة ( النّاقةُ ) الثانية وقد حُذِفَ مع الواو ، والمعطوف عليه ( راكِبُ النّاقةِ ) ، ومعنى ( طَلِيحانِ ) : مُتْعَبانِ .

حذف المعطوف عليه :

يجوز حذف المعطوف عليه بالواو أو بالفاء .

-    مثال حذف المعطوف عليه بالواو إذا قال قائلٌ : مَرحبًا ، فقال الآخر : وبِكَ وأَهْلاً وسَهْلاً ، والتقدير : ومَرْحبًا بِكَ وأَهْلاً وسَهْلاً ، المعطوف ( أَهْلاً ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( مَرْحبًا ) .

-    ومثال حذف المعطوف عليه بالفاء قوله تعالى : ( أَفَنَضْرِبُ عنكُم الذِّكْرَ صَفْحًا ) ، والتقدير : أَنُهْمِلُكُمْ فَنَضْرِبُ ، المعطوف ( نَضْرِبُ ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( نُهْمِلُكُمْ ) .

ومثله قوله تعالى : ( أَفَلَمْ يَرَوا إِلى ما بينَ أَيْدِيهِمْ ) ، والتقدير : أَعَمُوا فَلَمْ يَرَوا ، المعطوف ( لَمْ يَرَوا ) ، والمعطوف عليه المحذوف ( عَمُوا ) .

 الدرس الرابع: البدل

تعريفه : هو التابع المقصود بالـحُكْم بلا واسِطةٍ .

§     فخرج بـعبارة ( المقصود بالـحُكْم ) النعت والتوكيد وعطف البيان ، لأنها غير مقصودة بالـحُكْم ، بل المقصود هو متبوعها وهو المنعوت والـمُؤَكَّد والمعطوف عليه عطف البيان .

وخرج أيضًا المعطوف عطف نَسَق بحروف العطف المختلفة إلا المعطوف بـ ( بل ) ؛ لأن المعطوف بتلك الحروف مقصود بالحكم مع المعطوف عليه ، فليس المعطوف وحده مقصودًا بالحكم .

§     وخرج بـعبارة ( بلا واسطة ) المعطوف عطف نَسَق بحرف العطف ( بل ) ، مثل : جاءني زيدٌ بل عمرٌو ، بسبب وجود الواسطة وهي حرف العطف ( بل ) ، وأما البدل فلا واسطة معه .

أنواع البدل : البدل أربعة أنواع :

أحدها : بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، أوالبدل الـمُطابِق ، وهو البدل الذي يكون مُطابِقًا للمُبْدَل منه .

مثاله قوله تعالى : ( اهْدِنا الصِّراطَ المستقيمَ . صِراطَ الذين أنعمتَ عليهم ) ، البدل هو ( صِراطَ ) والـمُبدل منه هو ( الصِّراطَ ) .

وقوله تعالى : ( إلى صِراطِ العزيزِ الحميدِ . اللهِ ) ، البدل هو ( الله ) والـمُبدل منه هو ( العزيزِ ) .

الثاني : بدل بعضٍ من كُلٍّ ، وهو البدل الذي يكون جُزْءًا من الـمُبدل منه ، سواء كان ذلك الجزء :

-     قليلاً ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَه ، البدل ( ثُلُثَه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

-     أو كثيرًا ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَيه ، البدل ( ثُلُثَيه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

-     أو مُساويًا للجزء المتبقي ، مثاله : أكلتُ الرَّغِيفَ نصفَه ، البدل ( نصفَه ) والمبدل منه ( الرغيفَ )

o   ويُشترط في هذا النوع من البدل أن يشتمل على ضمير يعود على الـمُبدل منه ، ففي الأمثلة السابقة الضمير هو الهاء في ( ثُلُثَه ) و ( ثُلُثَيه ) و ( نصفَه ) وهي تعود على الـمُبدل منه ( الرغيف ) .

ومثله قوله تعالى : ( ثُمَّ عَمُوا وصَمُّوا كثيرٌ منهم ) ، البدل ( كثيرٌ ) والـمُبدل منه الواو في ( عَمُوا ) ، والضمير ( هم ) في ( منهم ) يعود على الـمُبدل منه .

وقد يكون هذا الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( وللهِ على الناسِ حِجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليه سبيلاً ) ، البدل ( مَن استطاع ) والـمُبدل منه ( الناس ) ، والضمير غير مذكور ، تقديره : مَن استطاع منهم ، أي : من الناس .

الثالث : بدل الاشتمال ، وهو البدل الذي يشتمل عليه العامل ، وليس جُزْءًا من الـمُبدل منه .

مثاله : أعجبني زيدٌ عِلْمُهُ ، البدل ( عِلْمُهُ ) والمبدل منه ( زيد ) ، والعِلْم ليس جزءًا من زيد مثل يده وعينه ونحو ذلك ، لكن العامل وهو الإعجاب يشتمل عليه ، أي الإعجاب واقع على عِلْم زيد .

ومثله : أعجبني زيدٌ أخلاقُه ، البدل ( أخلاقُه ) والمبدل منه ( زيد ) .

ومثله : سُرِقَ زيدٌ ثوبُهُ ، البدل ( ثوبُهُ ) والمبدل منه ( زيدٌ ) .

o   ويُشترط في هذا النوع من البدل أن يشتمل على ضمير يعود على الـمُبدل منه ، ففي المثال الأول البدل ( عِلْمُهُ ) فيه ضمير وهو الهاء يعود على الـمُبدل منه ( زيد ) ، وكذلك باقي الأمثلة .

ومثله قوله تعالى : ( يَسْأَلونكَ عن الشهرِ الحرامِ قِتالٍ فيه ) ، البدل ( قتالٍ فيه ) وفيه ضمير وهو الهاء في ( فيه ) يعود على الـمُبدل منه ( الشهرِ الحرامِ ) .

وقد يكون الضمير مُقَدَّرًا ، كقوله تعالى : ( قُتِلَ أصحابُ الأُخْدُودِ . النّارِ ذاتِ الوَقُودِ ) ، البدل ( النارِ ) والـمُبدل منه ( الأُخْدُودِ ) ، والضمير غير مذكور تقديره ( النارِ فيه ) أي : في الأُخْدُود .

الرابع : البدل الـمُبايِن : وهو ثلاثة أقسام :

الأول : بدل الغَلَط ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدل منه ذُكِر غَلَطًا .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( دينار ) من البداية لكن غَلِطَ لسانه فنطق ( درهم ) وهو لم يرده ، فأراد أن يُصَحِّحَ كلامه فذكر ( دينار ) .

الثاني : بدل النسيان ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدل منه ذُكِرَ نسيانًا .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( درهم ) من البداية لكنه تبين له بعد ما نَطَقَ ( درهم ) أنه ناسٍ وأن الصواب ( دينار ) .

·     والفرق بين الغَلَط والنسيان ، أن الغَلَط من اللسان والنسيان من القلب .

الثالث : بدل الإضراب أو البَداء ، وهو البدل الذي يقع بعد مبدلٍ منه متروكٍ ومُضْرَبٍ عنه .

مثل : معي درهمٌ دينارٌ ، البدل ( دينار ) والـمُبدل منه ( درهم ) ، ويكون المتكلم أراد ( درهم ) من البداية ثم غَيَّرَ رأيه وبدا له أن يذكر ( دينار ) ، من غير أن يكون غَلِطَ أو نَسِيَ .

o ويُلاحظ أن المثال مع الأقسام الثلاثة واحد لكن الفرق بينها هو في نية المتكلم وإرادته ، فإن كان أخطأ لسانه فنطق لفظًا لا يريده فهو بدل غَلَطٍ ، وإن كان لم يُخْطِئ لسانه لكن نَسِيَ فنطق لفظًا تبين له أنه لا يريده فهو بدل نِسيان ، وإن كان يريده ثم غَيَّرَ رأيه فهو بدل إِضراب .

الإبدال من الاسم الظاهر ومن الضمير :

·     إبدال الاسم الظاهر من الاسم الظاهر : وهذا جائز ، مثل : أعجبني زيدٌ أخلاقُهُ ، البدل ( أخلاقُهُ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه ( زيدٌ ) وهو اسم ظاهر أيضًا .

·     إبدال الضمير من الضمير : وهذا فيه خلاف بين النحويين :

1) فأجازه البصريون ، مثاله : قُمْتَ أنتَ ، ورأيتُكَ إياكَ ، ومررتُ بكَ بكَ ، فالضمير ( أنتَ ) و ( إياكَ ) و الكاف في ( بكَ ) الثانية تُعرب بدلاً .

2) ومنعه الكوفيون ، والضمائر في الأمثلة السابقة تُعرب عندهم توكيدًا لا بدلاً .

·     إبدال الضمير من الاسم الظاهر : وهذا غير جائز ، فلا يصح أن يُقال : رأيتُ زيدًا إِيّاهُ ، وتُعرب ( إِيّاهُ ) بدلاً وهو ضمير ، والمبدل منه ( زيدًا ) وهو اسم ظاهر ، فالمثال على هذا خطأ لا يصح .

·     إبدال الاسم الظاهر من الضمير : وهذا جائز :

o   فإن كان الضمير ضمير غائب ، جاز ذلك مطلقًا ، مثاله قوله تعالى : ( وأَسَرُّوا النَّجْوى الذين ظَلَمُوا ) ، البدل ( الذين ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه الواو في ( أَسَرُّوا ) وهو ضمير غائب .

o   وإن كان ضمير متكلم أو مخاطب ، جاز بشرط أن يكون البدل :

-     بدل بعضٍ ، مثل : أَعْجَبْتَنِي وَجْهُكَ ، البدل ( وجهُكَ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه التاء في ( أَعْجَبْتَنِي ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل بعضٍ من كلٍ ، فالوجه بعض المخاطب .

ومثل قوله تعالى : ( لقد كانَ لَكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنةٌ لِمَنْ كان يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ ) ، البدل ( مَنْ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه ( كُمْ ) في ( لَكُمْ ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل بعضٍ من كلٍ .

-     أو بدل اشتمال ، مثل : أَعْجَبْتَنِي كلامُكَ ، البدل ( كلامُكَ ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه التاء في ( أَعْجَبْتَنِي ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل اشتمال ، لأن الكلام ليس جزءًا من المخاطب ، لكن يشتمل عليه الإعجاب ، أي : أن الإعجاب للكلام .

ومثله قول الشاعر :

بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَناؤُنا     وإِنّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذلِكَ مَظْهَرَا

البدل ( مَجْدُنا وسَناؤُنا ) وهما اسمان ظاهران ، والمبدل منه ( نا ) في ( بَلَغْنا ) وهو ضمير متكلم ، ونوع البدل بدل اشتمال ، لأن المجد والسَّناء ليسا جزءًا من المتكلمين ، لكن يشتمل عليه البلوغ ، أي : أن بلوغ السماء للمجد وللسَّناء .

-     أو بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، لكن بشرط أن يدل على الإِحاطة ، مثل قوله تعالى : ( تكونُ لَنا عِيدًا لأَوَّلِنا وآخرِنا ) ، البدل ( أَوَّلنا وآخرنا ) وهما اسمان ظاهران ، والمبدل منه ( نا ) في ( لَنا ) وهو ضمير متكلم ، ونوع البدل بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، وهو مفيد للإِحاطة ، فقوله ( أَوَّلنا وآخرنا ) مُراد به جميعنا .

o     فإن لم يُفِد الإِحاطة لم يُجَزْ الإِبدال ، كما لو قيل : رأيتُكَ زيدًا ، البدل ( زيدًا ) وهو اسم ظاهر ، والمبدل منه الكاف في ( رأيتُكَ ) وهو ضمير مخاطب ، ونوع البدل بدل كُلٍّ من كُلٍّ ، لكن لا يدل على الإِحاطة ، فليس في البدل فائدة ، ولهذا يُمْنع هذا الإعراب عند جمهور النحويين .

 

الإبدال من الفعل ومن الجملة :

·     يجوز إبدال الاسم من الاسم ، كما في الأمثلة السابقة ، وكقولك : قرأتُ الكتابَ كتابَ سيبويه ، البدل ( كتابَ سيبويه ) وهو اسم ، والمبدل منه ( الكتابَ ) وهو اسم أيضًا .

·     ويجوز إبدال الفعل من الفعل ، كقوله تعالى : ( ومَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَلْقَ أَثامًا . يُضاعَفْ له العذابُ يومَ القيامةِ ) ، البدل ( يُضاعَفْ ) وهو فعل ، والمبدل منه ( يَلْقَ ) وهو فعل أيضًا .

·     ويجوز إبدال الجملة من الجملة ، كقوله تعالى : ( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ . أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ ) ، البدل ( أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ ) وهو جملة ، والمبدل منه ( أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ ) وهو جملة أيضًا .

·     ويجوز إبدال الجملة من المفرد ، كقول الشاعر :

إِلى اللهِ أَشْكُو بالمدينةِ حاجةً    وبالشّامِ أُخْرَى ، كَيْفَ يَلْتَقِيانِ ؟

البدل ( كَيْفَ يَلْتَقِيانِ ) وهو جملة ، والمبدل منه ( حاجةً ) و ( أُخْرَى ) وهما مفرد .

·     ويجوز إبدال المفرد من الجملة ، كقوله تعالى : ( ولم يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا . قَيِّمًا ) ، البدل ( قَيِّمًا ) وهو مفرد ، والمبدل منه ( لم يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) وهو جملة .


الدرس الخامس: النداء

حروف النداء :

للنداء ثمانية أحرف هي : أَ ، آ ، أَيْ ، آيْ ، يا ، أَيا ، هَيا ، وا

§     وتختص الهمزة غير الممدودة ( أَ ) لنداء المنادى القريب ، وباقي الأحرف لنداء القريب والبعيد .

§     و( يا ) أكثرها استعمالاً ، وتمتاز ( يا ) باستعمالها :

-   لنداء لفظ ( الله ) : يا اللهُ .

-   للاستغاثة ، مثل : يا لَلهِ لِلمسلمين .

-   للنُّدْبة ، مثل : يا زيدا ، وتُستعمل للنُّدْبة ( وا ) أيضًا ، مثل : وا زيدا ، و ( وا ) أكثر استعمالاً للنُّدْبة من ( يا ) .

حذف حرف النداء :

þ يجوز حذف حرف النداء وبقاء المنادى ، كقوله تعالى ( يوسفُ أَعْرِضْ عن هذا ) أي : يا يوسفُ ، وقوله ( سنفرغُ لكم أيُّها الثَّقلان ) أي : يا أيُّها الثقلان ، وقوله ( أَنْ أَدُّوا إليَّ عِبادَ اللهِ ) أي : يا عِبادَ اللهِ .

ý ويمتنع حذف حرف النداء في مسائل :

1. المندوب ، مثل : يا زيدا

2. المستغاث ، مثل : يا لَلهِ

3. المنادى البعيد ، مثل : يا زيدُ ، إذا كان زيدٌ بعيدًا .

4. المنادى النكرة غير مقصود بها مُعَيَّن ، مثل قول الأعمى : يا رجلاً خُذْ بيدي .

5. الضمير ، كقول بعض العرب : ( يا إِيّاكَ قد كَفَيْتُكَ ) ، وكقول الشاعر :

يا أَبْـجَرُ بنَ أَبْـجَرٍ يا أَنْتا     أنتَ الذي طَلَّقْتَ عامَ جُعْتا

6. لفظ ( الله ) : يا اللهُ ، لكن قد تُـحذف ( يا ) إذا عُوِّضَ عنها ميمًا مُشَدَّدةً في آخره فيصير ( اللهُمَّ ) ، ولا يصح الجمع بين ( يا ) وهذه الميم المشددة ، فلا يصح أن يُقال : يا اللهُمَّ .

7. اسم الإشارة ، مثل : يا هذا .

8. المنادى النكرة المقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلُ ، والمتكلم يقصد رجلاً مُعَيَّنًا .

وأجاز الكوفيون حذف حرف النداء إذا كان المنادى اسم إشارة أو نكرة مقصودًا بها مُعَيَّن .

حكم المنادى : المنادى بحسب حكمه قسمان :

[1]       المفرد المعرفة : والمراد بالمفرد هنا أن لا يكون مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف ، وهو نوعان :

1= العَلَم : مثل : يا زيدُ ، يا محمدُ ، يا خالدُ .

2= النكرة المقصودة ، أي المقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلُ ، يا نائمُ ، يا غافلُ ، والمتكلم يقصد منادًى مُعَيَّنًا

ويدخل في هذا القسم المثنى والجمع ، مثل : يا محمدان ، يا محمدون ، يا فاطماتُ ، يا نائمان ، يا نائمون ، يا نائماتُ

والعَلَم من المعارف ، وأما النكرة المقصودة فصارت معرفة لأن المتكلم يقصد مُعَيَّنًا .

§     وحُكم هذا القسم : أن يُبنى على ما يُرفع به :

-     فإذا كان يُرفع بالضمة فيُبنى على الضم ، مثل : يا زيدُ ، يا رجلُ ، يا فاطماتُ ، يا نائماتُ

-     وإذا كان يُرفع بالألف فيُبنى على الألف ، مثل : يا محمدان ، يا نائمان

-     وإذا كان يُرفع بالواو فيُبنى على الواو ، مثل : يا محمدون ، يا نائمون

وهو - مع كونه مبنيًا -  في محل نصب ، ويقال في إعرابه : منادى مبني على الضم في محل نصب .

[2]       ما ليس مفردًا أو ليس معرفة : وهو ثلاثة أنواع :

1= المضاف : وهو ما أضيف إلى ما بعده ، مثل : يا ربَّنا ، يا عبدَ الله ، يا صلاحَ الدينِ

2= الشبيه بالمضاف : وهو ما جاء بعده ما يُتَمِّمُ معناه،مثل : يا طالعًا جبلاً ، يا رفيقًا بالناسِ ، يا حسنًا خلقُهُ

3= النكرة غير المقصودة : أي غير مقصود بها مُعَيَّن ، مثل : يا رجلاً ، يا غافلاً ، يا نائمًا ، والمتكلم لا يقصد منادًى مُعَيَّنًا .

§     وحكم هذا القسم : أنه معرب منصوب ، ويقال في إعرابه : منادى منصوب وعلامة نصبه ...

المنادى الموصوف بكلمة ( ابن ) :

إذا كان المنادى مفردًا عَلَمًا ، موصوفًا بكلمة ( ابن ) ، وغير مفصول عنها بفاصل ، وأضيفت كلمة ( ابن ) إلى عَلَم مثل : يا زيد بنَ سَعِيدٍ ، فيجوز في المنادى ( زيد ) البناء على الضم ( يا زيدُ بنَ سعيدٍ ) والفتح ( يا زيدَ بنَ سعيدٍ ) ، قال الشاعر :

يا حَكَمَ بنَ الـمُنْذِرِ بنِ الجارُودْ    سُرادِقُ الـمَجْدِ عليكَ مَـمْدُودْ

يجوز : يا حكمَ ، ويا حكمُ .

المنادى المكرر إذا أضيف :

إذا كان المنادى مفردًا عَلَمًا وقد تكرر وأضيف إلى ما بعده مثل : يا سَعْد سَعْدَ الأَوْسِ ، فيجوز في الأول البناء على الضم ( يا سَعْدُ سَعْدَ الأَوْسِ ) والفتح ( يا سَعْدَ سَعْدَ الأَوْسِ ) ، وأما الثاني فيجب نصبه .

المنادى المفرد المعرفة في ضرورة الشعر :

إذا كان المنادى مفردًا معرفةً فيجوز في ضرورة الشعر :

-     أن يُنَوَّنَ بالرفع ، كقول الشاعر :

سلامُ اللهِ يا مَطَرٌ عليها    وليس عليكَ يا مَطَرُ السلامُ

-     أو أن يُنَوَّن بالنصب ، كقول الشاعر :

أَعَبْدًا حَلَّ في شُعَبَى غَرِيبًا        أَلُؤْمًا - لا أَبا لكَ - واغْتِرابا ؟!

نداء ما فيه ( أل ) :

لا يجوز أن يكون المنادى فيه ( أل ) ، فلا يصح أن يقال مثلاً : يا العبّاس ، بل يقال : يا عبّاس ، بحذف ( أل ) ، ويستثنى من ذلك :

1. لفظ ( الله ) ، فيقال : يا الله .

2. الجملة المحكية ، مثل : يا المنطلقُ زيدٌ ، وهو نداء لـمَنْ اسمه ( المنطلقُ زيدٌ ) .

3. اسم الجنس الـمُشَبَّه به ، مثل : يا الخليفةُ هيبةً ، وهو نداء لـمَنْ يُشبه الخليفة في الهيبة .

4. ضرورة الشعر ، كقول الشاعر :

عَبَّاسُ يا الـمَلِكُ الـمُتَوَّجُ والذي     عَرَفَتْ له بيتَ العُلا عدنانُ

حكم تابع المنادى المبني :

المقصود بالتابع : النعت أو التوكيد أو عطف البيان أو البدل أو المعطوف بحرف عطف ، هذه الخمسة هي التي تسمى التوابع .

والمقصود بالمنادى المبني هو المنادى إذا كان مفردًا معرفةً ، وهو القسم الأول من أقسام المنادى السابق ذكرها في حكم المنادى ، أما القسم الثاني من أقسام المنادى وهو ما ليس مفردًا أو ليس معرفةً فإن المنادى يكون مُعْرَبًا وليس مبنيًا ، وحكم تابع المنادى المُعْرَب : النصب غالبًا .

وينقسم تابع المنادى المبني بحسب حكمه أقسامًا ، هي :

الأول : إذا كان التابع نعتًا أو توكيدًا أو عطفَ بيانٍ ، وكان مضافًا ، مجردًا من ( أل )

فحكم التابع : وجوب النصب ، مراعاةً لمحل المنادى المبني ؛ لأن المنادى المبني في محل نصب ، كما سبق .

مثال النعت : ( يا زيدُ صاحبَ عمرٍو ) ، ومثال التوكيد : ( يا تميمُ كُلَّكم ) ، ومثال عطف البيان : ( يا زيدُ أبا عبد الله ) .

الثاني : إذا كان التابع : نعتًا لكلمة ( أَيّ ) أو ( أَيَّة ) ، أو نعتًا لاسم الإشارة .

فحكم التابع : وجوب الرفع ، مراعاةً للفظ المنادى المبني ؛ لأن المنادى المبني يُبنى على ما يُرفع به ، كما سبق .

مثال نعت ( أَيّ ) قوله تعالى ( يا أَيُّها الناسُ ) ، ومثال نعت ( أَيَّة ) قوله تعالى : ( يا أَيَّتُها النفسُ ) ، ومثال نعت اسم الإشارة قولك : ( يا هذا الرجلُ ) .

الثالث : إذا كان التابع : نعتًا أو توكيدًا أو عطفَ بيانٍ ، غير مضاف

أو نعتًا مضافًا مقرونًا بـ ( أل )

أو معطوفًا مقرونًا بـ ( أل )

فحكم التابع : جواز الرفع والنصب ، الرفع مراعاةً للفظ المنادى المبني ، والنصب مراعاةً لمحل المنادى المبني .

مثال النعت غير مضاف : ( يا زيدُ الحسنُ ) ويجوز ( يا زيدُ الحسنَ ) ، ومثال التوكيد غير مضاف : ( يا تميمُ أجمعون ) ويجوز ( يا تميمُ أجمعين ) ، ومثال عطف البيان غير مضاف : ( يا غلامُ بِشْرٌ ) ويجوز ( يا غلامُ بِشْرًا )

ومثال النعت المضاف المقرون بـ ( أل ) : ( يا زيدُ الحسنُ الوجهِ ) ويجوز ( يا زيدُ الحسنَ الوجهِ )

ومثال المعطوف المقرون بـ ( أل ) قوله تعالى : ( يا جِبالُ أَوِّبِـي مَعَهُ والطَّيْرَ ) وقُرِئَ بالرفع ( يا جِبالُ أَوِّبِـي مَعَهُ والطَّيْرُ )

الرابع : إذا كان التابع بدلاً أو معطوفًا مجردًا من ( أل )

فحكم التابع : يعطى ما يستحقه من الإعراب كأنه منادى مستقل

مثال البدل : ( يا زيدُ بشرُ ) بالضم لأن البدل وهو ( بشر ) مفرد عَلَم ، والمنادى المفرد العَلَم يُبنى ، وتقول : ( يا زيدُ أبا عبد الله ) بالنصب لأن البدل وهو ( أبا عبد الله ) مضاف ، والمنادى المضاف يُنصب .

ومثال المعطوف المجرد من ( أل ) : ( يا زيدُ وبِشْرُ ) بالضم لأن المعطوف وهو ( بِشْر ) مفرد عَلَم ، والمنادى المفرد العَلَم يُبنى ، وتقول : ( يا زيدُ وأبا عبد الله ) بالنصب لأن المعطوف وهو ( أبا عبد الله ) مضاف ، والمنادى المضاف يُنصب .

فأحكام تابع المنادى المبني بحسب نوع التابع كالتالي :

التابع

الحكم

القسم

النعت

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

مضاف مقرون بـ ( أل )

أو غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

نعت ( أَيّ ) و ( أَيَّة )

أو نعت اسم الإشارة

وجوب الرفع

الثاني

التوكيد

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

عطف البيان

مضاف مجرد من ( أل )

وجوب النصب

الأول

غير مضاف

جواز الرفع والنصب

الثالث

المعطوف بحرف العطف

مقرون بـ ( أل )

جواز الرفع والنصب

الثالث

مجرد من ( أل )

يعامل كأنه منادى مستقل

الرابع

البدل

يعامل كأنه منادى مستقل

الرابع

المنادى المضاف إلى ياء المتكلم :

إذا كان المنادى مضافًا إلى ياء المتكلم ففيه أحكام خاصة ، وينقسم بحسب حكمه إلى الأقسام التالية :

[1] المقصور والمنقوص :

الاسم المقصور هو ما كان آخره ألف ، مثل : فتى وعصا ، والاسم المنقوص هو ما كان آخره ياء ، مثل : قاضي وداعي .

وحكمه : أن تبقى ياء المتكلم فلا تُحذف ، وتكون الياء مفتوحة .

مثاله : يا فتايَ ، يا قاضيَّ ( تُدغم ياء المنقوص في ياء المتكلم ) .

[2] الاسم الـمُشْبِه للفعل :

وحكمه : أن تبقى ياء المتكلم فلا تُحذف ، ويحوز أن تكون الياء مفتوحة أو ساكنة .

مثاله : يا ضاربـيَ أو يا ضاربـيْ .

[3] جميع الأسماء ، ما عدا ما سبق ، وما عدا كلمة ( أَب ) أو ( أُمّ ) 

وحكمها : فيها الأوجه الست التالية :

1.       بقاء ياء المتكلم ساكنةً ، كقوله تعالى : ( يا عِبادِيْ لا خَوْفٌ عليكُمْ )

2.       بقاء ياء المتكلم مفتوحةً ، كقوله تعالى : ( يا عِبادِيَ الذين أَسْرَفُوا ... )

3.       حذف ياء المتكلم والاكتفاء بالكسرة قبلها ، كقوله تعالى : ( يا عبادِ فاتَّقُونِ )

4.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، كقوله تعالى : ( يا حَسْرَتَا )

5.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، ثم حذف الألف والاكتفاء بالفتحة ،كقول الشاعر :

ولَــسْــــتُ بِـــــراجِــــــعٍ ما فــــاتَ مِـــــنِّــــــي     بِـ ( لَهْفَ ) ولا بِـ ( لَيْتَ ) ولا ( لَوَ انِّـي )

6.       حذف ياء المتكلم ، وحذف الكسرة التي قبلها ، والاكتفاء بنية الإضافة ، ويكون المنادى مضمومًا ، كقوله تعالى على قراءة ( رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِليَّ )

 

[4] ( أَب ) و ( أُمّ ) :

وحكمهما : فيهما الأوجه الست السابقة مع أربعة أوجه أخرى ، فالمجموع عشرة أوجه ، هي :

1.       بقاء ياء المتكلم ساكنةً ، مثالها : يا أَبِـيْ ، يا أُمِّـيْ

2.       بقاء ياء المتكلم مفتوحةً ، مثالها : يا أَبِـيَ ، يا أُمِّـيَ

3.       حذف ياء المتكلم والاكتفاء بالكسرة قبلها ، مثالها : يا أَبِ ، يا أُمِّ

4.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، مثالها : يا أَبَا ، يا أُمَّا

5.       قلب ياء المتكلم ألفًا ، وقلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، ثم حذف الألف والاكتفاء بالفتحة ، مثالها : يا أَبَ ، يا أُمَّ

6.       حذف ياء المتكلم ، وحذف الكسرة التي قبلها ، والاكتفاء بنية الإضافة ، ويكون المنادى مضمومًا ، مثالها : يا أَبُ ، يا أُمُّ

7.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وكسر التاء ، مثالها : يا أَبَتِ ، يا أُمَّتِ

8.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وفتح التاء ، مثالها : يا أَبَتَ ، يا أُمَّتَ

9.       حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث ، وضم التاء ، مثالها : يا أَبَتُ ، يا أُمَّتُ

10.  حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث مع الألف ، مثالها : يا أَبَتَا ، يا أُمَّتَا

المنادى المضاف إلى مضاف إلى ياء المتكلم :

إذا كان المنادى مضافًا إلى مضافٍ إلى ياء المتكلم ، فحكم الياء أنها تثبت ولا تُحذف ، ويجوز أن تكون ساكنةً أو مفتوحةً .

مثاله : يا ابنَ أخيْ ، يا ابن خاليْ ، ويجوز : يا ابنَ أخيَ ، يا ابنَ خاليَ .

o     إلا إذا كان المنادى ( ابن أُمّ ) أو ( ابن عَمّ ) فإن ياء المتكلم تُـحْذف مع :

1.   الاكتفاء بالكسرة التي قبلها ، مثاله : يا ابنَ أُمِّ ، يا ابنَ عَمِّ

2.   أو قلب الكسرة التي قبلها فتحةً ، مثاله : يا ابنَ أُمَّ ، يا ابنَ عَمَّ

قال الله تعالى : ( قال يا ابنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتي ولا بِرَأْسي ) ، وقُرِئ ( قال يا ابنَ أُمِّ )

§  وورد ضرورةً إثبات ياء المتكلم ، كقول الشاعر :

يا ابنَ أُمِّيْ ويا شُقَيِّقَ نَفْسِي    أنتَ خَلَّفْتَني لِدَهْرٍ شَدِيْدِ

§  وورد ضرورةً قلب ياء المتكلم ألفًا ، كقول الشاعر :

يا ابنةَ عَمَّا لا تَلُومِي واهْجَعِي

 

أسماء ملازمة للنداء :

هناك أسماء لم تُستعمل إلا في النداء ، ومن تلك الأسماء :

º    يا فُلُ ( يا رجلُ ) ، يا فُلَةُ ( يا امرأة )

º    يا لُؤْمانُ ( كثير اللُّؤْم ) ، يا نَوْمانُ ( كثير النَّوْم )

º    ما كان على وزن ( فُعَل ) من الصفات السيئة ، وتكون سَبًّا للمذكر : يا غُدَرُ ، يا فُسَقُ ، يا لُكَعُ ، يا خُبَثُ

وبعض النحويين يجيز القياس على هذا الوزن .

º    ما كان على وزن ( فَعالِ ) من الصفات السيئة ، وتكون سَبًّا للمؤنث : يا فَساقِ ، يا خَباثِ ، يا لَكاعِ . وهذا الوزن يكون دائمًا مبنيًا على الكسر .

وأجاز النحويون القياس على هذا الوزن ، بشرط أن يكون : فِعْلاً ، ثُلاثيًّا ، تامًّا ، مُتَصَرِّفًا .

 


الدرس السادس: الاختصاص

تعريفه : قَصْرُ حُكْمٍ على ضمير غير غائب ، باسمٍ ظاهرٍ مُبَيِّنٍ للضمير .

أغراضه : من أغراض المنصوب على الاختصاص :

§     التوضيح والبيان ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نحنُ – معاشرَ الأنبياءِ – لا نُوْرَثُ ) .

§     الفخر ، كقولهم : ( نحنُ – العُرْبَ – أَقْرَى الناسِ للضَّيفِ ) .

§     التواضع ، كقولك : ( أنا – أَيُّها الـمُذْنِبُ – محتاجٌ إلى عَفْوِ اللهِ ) .

إعرابه :

المنصوب على الاختصاص حكمه أن يكون منصوبًا ويعرب مفعولاً به لفعل محذوف وجوبًا تقديره ( أَخُصُّ ) أو ( أعني ) ونحوهما ، فإن كان المنصوب على الاختصاص :

·  بلفظ (أَيُّها) أو (أَيَّتُها) فيكون مبنيًا على الضم في محل نصب ، ويأتي بعدهما اسم فيه (أل) ويُعرب نعتًا لهما .

مثاله : ( أنا – أَيُّها الجنديُّ – أحمي وطني ) ، و ( اللهمَّ اغفِرْ لنا أَيَّتُها العصابةُ ) .

·  وإن كان بلفظ آخر فيكون منصوبًا .

مثاله : قول ابن مالك في الألفية : ( نحن – العُرْبَ – أَسْخَى مَنْ بَذَل ) ، وقول الشاعر :

بِنا – تَـمِيْمًا – يُكْشَفُ الضَّبابُ

الفروق بينه وبين المنادى :  يختلف المنصوب على الاختصاص عن المنادى بأمور :

1. أنه ليس معه حرف نداء .

2. أنه لا يقع في أول الكلام ، بل يقع في وسطه أو في آخره .

3. أنه يُشترط أن يُسبق المنصوب على الاختصاص بضمير ، مدلولهما واحد ، ويكون الضمير :

-     للمتكلم غالبًا ، كالأمثلة السابقة .

-     للمخاطب قليلاً ، كقول بعضهم : ( بَكَ – اللهَ – نَرْجُو الفَضْلَ ) .

4. أنه يَقِلُّ أن يكون عَلَمًا ، كما في المثال السابق .

5. أنه يكون منصوبًا وهو مفرد ، كما في المثال السابق أيضًا .

6. أنه يكون بـ ( أل ) قياسًا ، لا شذوذًا .


الدرس السابع: التحذير

 تعريفه : هو تنبيه المخاطب على أمرٍ مكروهٍ ليجتنبه .

إعرابه :

المنصوب على التحذير يعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِحْذَرْ ) أو ( اِجْتَنِبْ ) أو ( باعِدْ ) ونحوها .

أساليبه :

يقع التحذير المقصود هنا بإسلوبين :

[1]       بلفظ ( إِيّاكَ ) وفروعها ( إِيّاكِ ، إِيّاكُما ، إِيّاكُمْ ، إِيّاكُنَّ ) وبعدها الـمُحَذَّرٍ منه :

1= معطوفًا بالواو ، مثل : إِيّاكَ والإهمالَ .

2= أو مجرورًا بـ ( مِنْ ) ، مثل : إِيّاكَ مِن الإهمالِ .

3= غير معطوف ولا مجرور ، مثل : إِيّاكَ الإهمالَ .

·     وشَذَّ استعمال ( إِيّا ) في التحذير مع غير المخاطب :

-     مع المتكلم ، كقول عمر – رضي الله عنه - : ( ... وإِيّايَ وأَنْ يَحْذِفَ أحدَكُمْ الأرنبَ ) .

-     أو مع الغائب ، كقول بعض العرب : ( إذا بَلَغَ الرجلُ السِّتِّين فإِيّاهُ وإِيّا الشَّوابِّ ) .

[2]       بغير لفظ ( إِيّا ) ، ويُذْكَرُ الـمُحَذَّرٍ منه :

1= مُكَرَّرًا ، مثل : الإهمالَ الإهمالَ ، يدَكَ يدَكَ .

2= أو معطوفًا ، مثل : الكَسَلَ والإِهمالَ ، رأسَكَ ويدَكَ ، وقوله تعالى : ( ناقَةَ اللهِ وسُقْياها ) .

o     وفي جميع الحالات السابقة يكون الفعل محذوفًا وجوبًا .

3= غير مُكَرَّرٍ ولا معطوفٍ ، مثل : النارَ ، ومثل : السَّيّارةَ ، ومثل : يدَكَ .

o     وفي هذه الحالة الأخيرة يجوز حذف الفعل ويجوز ذكره ، فيُقال : اِحْذَر النارَ ، اجْتَنِب السَّيّارةَ ، باعِدْ يَدَكَ .

 

¨ قد يقع التحذير بأساليب أخرى غير هذه المذكورة هنا ، كاستعمال فعل الأمر ( ابتعِدْ ، انْتَبِهْ ... ) ، أو النهي مثل ( لا تَفْعَلْ ، لا تَقْتَرِبْ ... ) ، وهذه الأساليب لا تدخل في باب التحذير هذا .


الدرس الثامن: الإغراء

 

تعريفه : هو تنبيه المخاطب على أمرٍ محمودٍ لِيَفْعَلَهُ .

إعرابه :

المنصوب على الإغراء يعرب مفعولاً به لفعل محذوف تقديره ( اِلْزَمْ ) ونحوه .

أساليبه :

أسلوب الإغراء مثل أسلوب التحذير الذي لم يُستعمل معه لفظ ( إِيّا ) ، فيُذْكَرُ الـمُغْرَى به :

1=  مُكَرَّرًا ، مثل : الاجتهادَ الاجتهادَ ، وكقول الشاعر :

أَخاكَ أَخاكَ ، إِنَّ مَنْ لا أَخا لَهُ    كَساعٍ إِلى الهَيْجا بِغيرِ سِلاحِ

2= أو معطوفًا ، مثل : الجِدَّ والاجتهادَ ، الـمُرُوْءَةَ والنَّجْدَةَ .

o     وفي الحالتين السابقتين يكون الفعل محذوفًا وجوبًا .

3= غير مُكَرَّرٍ ولا معطوفٍ ، مثل : الصلاةَ ، ومثل : الحِرصَ ، ومثل : الاجتهادَ.

o     وفي هذه الحالة الأخيرة يجوز حذف الفعل ويجوز ذكره ، فيُقال : اِلْزَم الصلاةَ ، اِلْزَم الحرصَ ، اِلْزَم الاجتهادَ .

 

 

¨ قد يقع الإغراء بأساليب أخرى غير المذكورة هنا ، مثل : ( اِحْرَصْ على الصِّدْقِ ، أَطِعْ والديكَ ... ) ، وهذه الأساليب لا تدخل في باب الإغراء هذا .


الدرس التاسع: أسماء الأفعال

تعريفها : هي ما ناب عن الفعل في المعنى والاستعمال .

أقسامها :

¨ تنقسم أسماء الأفعال من حيث الفعل الذي تنوب عنه إلى ما ينوب عن :

1) فعل الأمر ، وهذا هو الكثير ، مثل : صَهْ ( اُسْكُتْ ) ، مَهْ ( اِنْكَفِفْ ) ، آمِيْن ( اِسْتَجِبْ ) .

ومنه ما كان على وزن ( فَعالِ ) مرادًا به الأمر ، مثل : نَزالِ ( اِنْزِلْ ) ، حَذارِ ( اِحْذَرْ ) ، تَراكِ ( اُتْرُكْ )

2) أو الماضي ، وهو قليل ، مثل : شَتّانَ ( اِفْتَرَقَ ) ، هَيْهاتَ ( بَعُدَ ) .

3) أو المضارع ، وهو قليل ، مثل : أَوَّه ( أَتَوَجَّعُ ) ، أُفٍّ ( أَتَضَجَّرُ ) ، وا ، وَيْ ، واهًا ( معناها : أَعْجَبُ ) .

¨ وتنقسم أسماء الأفعال من حيث أصلها إلى :

1) مُرْتَـجَل : أي ما استُعمل من أول وضعه اسمَ فعلٍ ، ولم يُستعمل من قبل لغيره .

مثل : صَهْ ، شَتّانَ ، وَيْ .

2) ومنقول : أي ما كان يُستعمل غير اسم فعلٍ ، ثم نُقِلَ فأصبح اسمَ فعلٍ ، وهو نوعان :

1. منقول من :

-     ظرفٍ ، مثل : دُوْنَكَ ( خُذْ ) ، أَمامَكَ ( تَقَدَّمْ ) ، وَراءَكَ ( تَأَخَّرْ ) .

-     أو جارٍ ومجرورٍ ، مثل : عَلَيْكَ ( اِلْزَمْ ) ، إِلَيْكَ ( تَنَحَّ أو اِبْتَعِدْ ) .

2. منقول من :

-     مصدر له فعلٌ مستعملٌ ، مثل : رُوَيْدَ ( أَمْهِلْ أو تَـمَهَّلْ ) ، وفعله المستعمل : أَرْوَدَ .

-     أو مصدر ليس له فعلٌ مستعمل ، مثل : بَلْهَ ( دَعْ أو اُتْرُكْ ) ، ولم يرد له فعل مستعمل من حروفه .

¨ وتنقسم أسماء الأفعال من حيث التعريف والتنكير إلى :

1. ما يُنَوَّنُ ، وهو نكرة ، مثل : واهًا ، وَيْهًا ( لحثِّ المخاطب وإغرائه ) .

2. وما لم يُنَوَّنْ ، وهو معرفة ، مثل : نَزَالِ ، تَراكِ ...

3. وما استُعمل منها بالوجهين فهو :

-     إن نُوِّنَ فهو نكرة ، مثل : صَهٍ ، مَهٍ ، إِيْهٍ ( بمعنى زدني ) .

-     وإن لم يُنَوَّنْ فهو معرفة ، مثل : صَهْ ، مَهْ ، إِيْهِ .

عملها :

تعمل أسماء الأفعال عَمَلَ الفعل الذي تنوب عنه ، كما في هذه الأمثلة :

-     هَيْهاتَ نجدٌ  : ( نجدٌ ) فاعل ، ( لأنه بمعنى : بَعُدَتْ نجدٌ ) .

-     شَتَّانَ زيدٌ وعمرٌو : ( زيدٌ ) فاعل و ( عمرٌو ) معطوف عليه ، ( لأنه بمعنى : اِفْتَرَقَ زيدٌ وعمرٌو ) .

-     تَرَاكِ زيدًا : ( زيدًا ) مفعول به ، ( لأنه بمعنى : اُتْرُكْ زيدًا ) .

·  وقد ينوب اسم الفعل عن أفعال مختلفة ، مثل اسم الفعل ( حَيَّهَل ) ، فإنه قد يكون :

§     بمعنى ( اِئتِ ) ، مثل : حَيَّهَل الطَّعامَ ، بمعنى : اِئْتِ الطَّعامَ .

§     أو بمعنى ( أَقْبِلْ ) ، مثل : حَيَّهَل على الخيرِ ، بمعنى : أَقْبِلْ على الخيرِ .

§     أو بمعنى ( أَسْرِعْ ) ، كقول بعضهم : ( إذا ذُكِرَ الصّالحون فَحَيَّهَل بِعُمَرَ ) ، بمعنى : فأَسْرِعْ بذِكْرِ عُمَرَ .

·  ولا يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه ؛ لأن اسم الفعل ضعيف في العمل ، فلا يصح أن تقول في ( عليكَ نفسَكَ ) : نفسَكَ عليكَ .

وأجاز الكسائي تقديم المعمول ، ومما يُستشهد به على تقديم المعمول قوله تعالى : ( كتابَ اللهِ عليكُمْ ) ، وقول الشاعر :

يا أَيُّها المائِحُ دَلْوِي دُوْنَكا    إِنِّي رَأَيْتُ النّاسَ يَـحْمَدُوْنَكا

وتَأَوَّلَ الجمهور تلك الشواهد .

 (الدروس منقولة من مذكرة أعدها الدكتور محمد الحجيلان)