امرؤ القيس (ت80ق.هـ = 545م):
أَرانا موضِعينَ لِأَمرِ غَيبٍ
|
وَنُسحَرُ بِالطَعامِ
وَبِالشَرابِ
|
عَصافيرٌ وَذِبّانٌ وَدودٌ
|
وَأَجرَأُ مِن مُجَلَّحَةِ
الذِئابِ
|
فَبَعضَ اللومِ عاذِلَتي
فَإِنّي
|
سَتَكفيني التَجارِبُ
وَاِنتِسابي
|
إِلى عِرقِ الثَرى وَشَجَت
عُروقي
|
وَهَذا المَوتُ يَسلِبُني
شَبابي
|
وَنَفسي سَوفَ يَسلِبُها
وَجِرمي
|
فَيُلحِقَني وَشيكاً
بِالتُرابِ
|
أَلَم أَنضِ المَطِيَّ بِكُلِّ
خَرقٍ
|
أَمَقِّ الطولِ لَمّاعِ
السَرابِ
|
وَأَركَبُ في اللَهامِ المُجرِ
حَتّى
|
أَنالَ مَآكِلَ القُحمِ
الرِغابِ
|
وَكُلُّ مَكارِمِ الأَخلاقِ
صارَت
|
إِلَيهِ هِمَّتي وَبِهِ
اِكتِسابي
|
وَقَد طَوَّفتُ في الآفاقِ
حَتّى
|
رَضيتُ مِنَ الغَنيمَةِ
بِالإِيابِ
|
أَبَعدَ الحارِثِ المَلِكِ
اِبنِ عَمروٍ
|
وَبَعدَ الخَيرِ حُجرٍ ذي
القِبابِ
|
أُرَجّي مِن صُروفِ الدَهرِ
لين
|
وَلَم تَغفَل عَنِ الصُمِّ الهِضابِ
|
وَأَعلَمُ أَنَّني عَمّا
قَريبٍ
|
سَأَنشِبُ في شَبا ظِفرٍ
وَنابِ
|
كَما لاقى أَبي حُجرٌ وَجَدّي
|
وَلا أَنسى قَتيلاً بِالكِلابِ
|
معلقة عمرو بن كلثوم (ت39 ق.هـ/584م):
أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا
|
وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـا
|
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا
|
إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا
|
تَجُوْرُ بِذِي اللَّبَانَةِ عَنْ هَـوَاهُ
|
إِذَا مَا ذَاقَهَـا حَتَّـى يَلِيْنَـا
|
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيْحَ إِذَا أُمِرَّتْ
|
عَلَيْـهِ لِمَـالِهِ فِيْهَـا مُهِيْنَـا
|
صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْـرٍو
|
وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَـا
|
وَمَا شَـرُّ الثَّـلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو
|
بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَـا
|
وَكَأْسٍ قَدْ شَـرِبْتُ بِبَعْلَبَـكٍّ
|
وَأُخْرَى فِي دِمَشْقَ وَقَاصرِيْنَـا
|
وَإِنَّا سَـوْفَ تُدْرِكُنَا المَنَـايَا
|
مُقَـدَّرَةً لَنَـا وَمُقَـدِّرِيْنَـا
|
قِفِـي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِيْنـَا
|
نُخَبِّـرْكِ اليَقِيْـنَ وَتُخْبِرِيْنَـا
|
قِفِي نَسْأَلْكِ هَلْ أَحْدَثْتِ صَرْماً
|
لِوَشْكِ البَيْنِ أَمْ خُنْتِ الأَمِيْنَـا
|
بِيَـوْمِ كَرِيْهَةٍ ضَرْباً وَطَعْنـاً
|
أَقَـرَّ بِـهِ مَوَالِيْـكِ العُيُوْنَـا
|
وَأنَّ غَـداً وَأنَّ اليَـوْمَ رَهْـنٌ
|
وَبَعْـدَ غَـدٍ بِمَا لاَ تَعْلَمِيْنَـا
|
تُرِيْكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى خَـلاَءٍ
|
وَقَدْ أَمِنْتَ عُيُوْنَ الكَاشِحِيْنَـا
|
ذِرَاعِـي عَيْطَلٍ أَدَمَـاءَ بِكْـرٍ
|
هِجَـانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأ جَنِيْنَـا
|
وثَدْياً مِثْلَ حُقِّ العَاجِ رَخِصـاً
|
حَصَـاناً مِنْ أُكُفِّ اللاَمِسِيْنَـا
|
ومَتْنَى لَدِنَةٍ سَمَقَتْ وطَالَـتْ
|
رَوَادِفُهَـا تَنـوءُ بِمَا وَلِيْنَـا
|
وَمأْكَمَةً يَضِيـقُ البَابُ عَنْهَـا
|
وكَشْحاً قَد جُنِنْتُ بِهِ جُنُونَـا
|
وسَارِيَتِـي بَلَنْـطٍ أَو رُخَـامٍ
|
يَرِنُّ خَشَـاشُ حَلِيهِمَا رَنِيْنَـا
|
فَمَا وَجَدَتْ كَوَجْدِي أُمُّ سَقبٍ
|
أَضَلَّتْـهُ فَرَجَّعـتِ الحَنِيْنَـا
|
ولاَ شَمْطَاءُ لَم يَتْرُك شَقَاهَـا
|
لَهـا مِن تِسْعَـةٍ إلاَّ جَنِيْنَـا
|
تَذَكَّرْتُ الصِّبَا وَاشْتَقْتُ لَمَّـا
|
رَأَيْتُ حُمُـوْلَهَا أصُلاً حُدِيْنَـا
|
فَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ وَاشْمَخَـرَّتْ
|
كَأَسْيَـافٍ بِأَيْـدِي مُصْلِتِيْنَـا
|
أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا
|
وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا
|
بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً
|
وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا
|
وَأَيَّـامٍ لَنَـا غُـرٍّ طِــوَالٍ
|
عَصَيْنَـا المَلِكَ فِيهَا أَنْ نَدِيْنَـا
|
وَسَيِّـدِ مَعْشَـرٍ قَدْ تَوَّجُـوْهُ
|
بِتَاجِ المُلْكِ يَحْمِي المُحْجَرِيْنَـا
|
تَرَكْـنَ الخَيْلَ عَاكِفَةً عَلَيْـهِ
|
مُقَلَّـدَةً أَعِنَّتَهَـا صُفُـوْنَـا
|
وَأَنْزَلْنَا البُيُوْتَ بِذِي طُلُـوْحٍ
|
إِلَى الشَامَاتِ نَنْفِي المُوْعِدِيْنَـا
|
وَقَدْ هَرَّتْ كِلاَبُ الحَيِّ مِنَّـا
|
وَشَـذَّبْنَا قَتَـادَةَ مَنْ يَلِيْنَـا
|
مَتَى نَنْقُـلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَـا
|
يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَـا
|
يَكُـوْنُ ثِقَالُهَا شَرْقِيَّ نَجْـدٍ
|
وَلُهْـوَتُهَا قُضَـاعَةَ أَجْمَعِيْنَـا
|
نَزَلْتُـمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّـا
|
فَأَعْجَلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُوْنَـا
|
قَرَيْنَاكُـمْ فَعَجَّلْنَـا قِرَاكُـمْ
|
قُبَيْـلَ الصُّبْحِ مِرْدَاةً طَحُوْنَـا
|
نَعُـمُّ أُنَاسَنَـا وَنَعِفُّ عَنْهُـمْ
|
وَنَحْمِـلُ عَنْهُـمُ مَا حَمَّلُوْنَـا
|
نُطَـاعِنُ مَا تَرَاخَى النَّاسُ عَنَّـا
|
وَنَضْرِبُ بِالسِّيُوْفِ إِذَا غُشِيْنَـا
|
بِسُمْـرٍ مِنْ قَنَا الخَطِّـيِّ لُـدْنٍ
|
ذَوَابِـلَ أَوْ بِبِيْـضٍ يَخْتَلِيْنَـا
|
كَأَنَّ جَمَـاجِمَ الأَبْطَالِ فِيْهَـا
|
وُسُـوْقٌ بِالأَمَاعِـزِ يَرْتَمِيْنَـا
|
نَشُـقُّ بِهَا رُؤُوْسَ القَوْمِ شَقًّـا
|
وَنَخْتَلِـبُ الرِّقَـابَ فَتَخْتَلِيْنَـا
|
وَإِنَّ الضِّغْـنَ بَعْدَ الضِّغْنِ يَبْـدُو
|
عَلَيْـكَ وَيُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِيْنَـا
|
وَرِثْنَـا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَـدٌّ
|
نُطَـاعِنُ دُوْنَهُ حَـتَّى يَبِيْنَـا
|
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَـرَّتْ
|
عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِيْنَـا
|
نَجُـذُّ رُؤُوْسَهُمْ فِي غَيْرِ بِـرٍّ
|
فَمَـا يَـدْرُوْنَ مَاذَا يَتَّقُوْنَـا
|
كَأَنَّ سُيُـوْفَنَا منَّـا ومنْهُــم
|
مَخَـارِيْقٌ بِأَيْـدِي لاَعِبِيْنَـا
|
كَـأَنَّ ثِيَابَنَـا مِنَّـا وَمِنْهُـمْ
|
خُضِبْـنَ بِأُرْجُوَانِ أَوْ طُلِيْنَـا
|
إِذَا مَا عَيَّ بِالإِسْنَـافِ حَـيٌّ
|
مِنَ الهَـوْلِ المُشَبَّهِ أَنْ يَكُوْنَـا
|
نَصَبْنَـا مِثْلَ رَهْوَةِ ذَاتَ حَـدٍّ
|
مُحَافَظَـةً وَكُـنَّا السَّابِقِيْنَـا
|
بِشُبَّـانٍ يَرَوْنَ القَـتْلَ مَجْـداً
|
وَشِيْـبٍ فِي الحُرُوْبِ مُجَرَّبِيْنَـا
|
حُـدَيَّا النَّـاسِ كُلِّهِمُ جَمِيْعـاً
|
مُقَـارَعَةً بَنِيْـهِمْ عَـنْ بَنِيْنَـا
|
فَأَمَّا يَـوْمَ خَشْيَتِنَـا عَلَيْهِـمْ
|
فَتُصْبِـحُ خَيْلُنَـا عُصَباً ثُبِيْنَـا
|
وَأَمَّا يَـوْمَ لاَ نَخْشَـى عَلَيْهِـمْ
|
فَنُمْعِــنُ غَـارَةً مُتَلَبِّبِيْنَــا
|
بِـرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشْمٍ بِنْ بَكْـرٍ
|
نَـدُقُّ بِهِ السُّـهُوْلَةَ وَالحُزُوْنَـا
|
أَلاَ لاَ يَعْلَـمُ الأَقْـوَامُ أَنَّــا
|
تَضَعْضَعْنَـا وَأَنَّـا قَـدْ وَنِيْنَـا
|
أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا
|
فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا
|
بِاَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرُو بْنَ هِنْـدٍ
|
نَكُـوْنُ لِقَيْلِكُـمْ فِيْهَا قَطِيْنَـا
|
بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ
|
تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا
|
تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً
|
مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا
|
فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ
|
عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا
|
إِذَا عَضَّ الثَّقَافُ بِهَا اشْمَـأَزَّتْ
|
وَوَلَّتْـهُ عَشَـوْزَنَةً زَبُـوْنَـا
|
عَشَـوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّـتْ
|
تَشُـجُّ قَفَا المُثَقِّـفِ وَالجَبِيْنَـا
|
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمٍ بِنْ بَكْـرٍ
|
بِنَقْـصٍ فِي خُطُـوْبِ الأَوَّلِيْنَـا
|
وَرِثْنَـا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بِنْ سَيْـفٍ
|
أَبَـاحَ لَنَا حُصُوْنَ المَجْدِ دِيْنَـا
|
وَرَثْـتُ مُهَلْهِـلاً وَالخَيْرَ مِنْـهُ
|
زُهَيْـراً نِعْمَ ذُخْـرُ الذَّاخِرِيْنَـا
|
وَعَتَّـاباً وَكُلْثُـوْماً جَمِيْعــاً
|
بِهِـمْ نِلْنَـا تُرَاثَ الأَكْرَمِيْنَـا
|
وَذَا البُـرَةِ الذِي حُدِّثْتَ عَنْـهُ
|
بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي المُلتَجِينَــا
|
وَمِنَّـا قَبْلَـهُ السَّاعِي كُلَيْـبٌ
|
فَـأَيُّ المَجْـدِ إِلاَّ قَـدْ وَلِيْنَـا
|
مَتَـى نَعْقِـد قَرِيْنَتَنَـا بِحَبْـلٍ
|
تَجُـذَّ الحَبْلَ أَوْ تَقْصِ القَرِيْنَـا
|
وَنُوْجَـدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَـاراً
|
وَأَوْفَاهُـمْ إِذَا عَقَـدُوا يَمِيْنَـا
|
وَنَحْنُ غَدَاةَ أَوْقِدَ فِي خَـزَازَى
|
رَفَـدْنَا فَـوْقَ رِفْدِ الرَّافِدِيْنَـا
|
وَنَحْنُ الحَابِسُوْنَ بِذِي أَرَاطَـى
|
تَسَـفُّ الجِلَّـةُ الخُوْرُ الدَّرِيْنَـا
|
وَنَحْنُ الحَاكِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا
|
وَنَحْنُ العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
|
وَنَحْنُ التَّارِكُوْنَ لِمَا سَخِطْنَـا
|
وَنَحْنُ الآخِـذُوْنَ لِمَا رَضِيْنَـا
|
وَكُنَّـا الأَيْمَنِيْـنَ إِذَا التَقَيْنَـا
|
وَكَـانَ الأَيْسَـرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَـا
|
فَصَالُـوا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِـمْ
|
وَصُلْنَـا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَـا
|
فَـآبُوا بِالنِّـهَابِ وَبِالسَّبَايَـا
|
وَأُبْـنَا بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا
|
إِلَيْكُـمْ يَا بَنِي بَكْـرٍ إِلَيْكُـمْ
|
أَلَمَّـا تَعْـرِفُوا مِنَّـا اليَقِيْنَـا
|
أَلَمَّـا تَعْلَمُـوا مِنَّا وَمِنْكُـمْ
|
كَتَـائِبَ يَطَّعِـنَّ وَيَرْتَمِيْنَـا
|
عَلَيْنَا البَيْضُ وَاليَلَبُ اليَمَانِـي
|
وَأسْيَـافٌ يَقُمْـنَ وَيَنْحَنِيْنَـا
|
عَلَيْنَـا كُـلُّ سَابِغَـةٍ دِلاَصٍ
|
تَرَى فَوْقَ النِّطَاقِ لَهَا غُضُوْنَـا
|
إِذَا وَضِعَتْ عَنِ الأَبْطَالِ يَوْمـاً
|
رَأَيْـتَ لَهَا جُلُوْدَ القَوْمِ جُوْنَـا
|
كَأَنَّ غُضُـوْنَهُنَّ مُتُوْنُ غُـدْرٍ
|
تُصَفِّقُهَـا الرِّيَاحُ إِذَا جَرَيْنَـا
|
وَتَحْمِلُنَـا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُـرْدٌ
|
عُـرِفْنَ لَنَا نَقَـائِذَ وَافْتُلِيْنَـا
|
وَرَدْنَ دَوَارِعاً وَخَرَجْنَ شُعْثـاً
|
كَأَمْثَـالِ الرِّصَائِـعِ قَدْ بَلَيْنَـا
|
وَرِثْنَـاهُنَّ عَنْ آبَـاءِ صِـدْقٍ
|
وَنُـوْرِثُهَـا إِذَا مُتْنَـا بَنِيْنَـا
|
عَلَـى آثَارِنَا بِيْـضٌ حِسَـانٌ
|
نُحَـاذِرُ أَنْ تُقَسَّمَ أَوْ تَهُوْنَـا
|
أَخَـذْنَ عَلَى بُعُوْلَتِهِنَّ عَهْـداً
|
إِذَا لاَقَـوْا كَتَـائِبَ مُعْلِمِيْنَـا
|
لَيَسْتَلِبُـنَّ أَفْـرَاسـاً وَبِيْضـاً
|
وَأَسْـرَى فِي الحَدِيْدِ مُقَرَّنِيْنَـا
|
تَـرَانَا بَارِزِيْـنَ وَكُلُّ حَـيٍّ
|
قَـدْ اتَّخَـذُوا مَخَافَتَنَا قَرِيْنـاً
|
إِذَا مَا رُحْـنَ يَمْشِيْنَ الهُوَيْنَـا
|
كَمَا اضْطَرَبَتْ مُتُوْنُ الشَّارِبِيْنَـا
|
يَقُتْـنَ جِيَـادَنَا وَيَقُلْنَ لَسْتُـمْ
|
بُعُوْلَتَنَـا إِذَا لَـمْ تَمْنَعُـوْنَـا
|
ظَعَائِنَ مِنْ بَنِي جُشَمِ بِنْ بِكْـرٍ
|
خَلَطْـنَ بِمِيْسَمٍ حَسَباً وَدِيْنَـا
|
وَمَا مَنَعَ الظَّعَائِنَ مِثْلُ ضَـرْبٍ
|
تَـرَى مِنْهُ السَّوَاعِدَ كَالقُلِيْنَـا
|
كَـأَنَّا وَالسُّـيُوْفُ مُسَلَّـلاَتٌ
|
وَلَـدْنَا النَّـاسَ طُرّاً أَجْمَعِيْنَـا
|
يُدَهْدِهنَ الرُّؤُوسِ كَمَا تُدَهْـدَي
|
حَـزَاوِرَةٌ بِأَبطَحِـهَا الكُرِيْنَـا
|
وَقَـدْ عَلِمَ القَبَـائِلُ مِنْ مَعَـدٍّ
|
إِذَا قُبَـبٌ بِأَبطَحِـهَا بُنِيْنَــا
|
بِأَنَّـا المُطْعِمُـوْنَ إِذَا قَدَرْنَــا
|
وَأَنَّـا المُهْلِكُـوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَــا
|
وَأَنَّـا المَانِعُـوْنَ لِمَـا أَرَدْنَـا
|
وَأَنَّـا النَّـازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَـا
|
وَأَنَّـا التَـارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَـا
|
وَأَنَّـا الآخِـذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَـا
|
وَأَنَّـا العَاصِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا
|
وَأَنَّـا العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
|
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً
|
وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا
|
أَلاَ أَبْلِـغْ بَنِي الطَّمَّـاحِ عَنَّـا
|
وَدُعْمِيَّـا فَكَيْفَ وَجَدْتُمُوْنَـا
|
إِذَا مَا المَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفـاً
|
أَبَيْنَـا أَنْ نُقِـرَّ الـذُّلَّ فِيْنَـا
|
مَـلأْنَا البَـرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّـا
|
وَظَهرَ البَحْـرِ نَمْلَـؤُهُ سَفِيْنَـا
|
إِذَا بَلَـغَ الفِطَـامَ لَنَا صَبِـيٌّ
|
تَخِـرُّ لَهُ الجَبَـابِرُ سَاجِديْنَـا
|
عنترة بن شداد (ت 608م):
تُعَنِّفُني زَبيبَةُ في
المَلامِ
|
عَلى الإِقدامِ في يَومِ
الزَحامِ
|
تَخافُ عَلَيَّ أَن أَلقى
حِمامي
|
بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ
الحُسامِ
|
مَقالٌ لَيسَ يَقبَلُهُ كِرامٌ
|
وَلا يَرضى بِهِ غَيرُ
اللِئامِ
|
يَخوضُ الشَيخُ في بَحرِ
المَناي
|
وَيَرجِعُ سالِماً وَالبَحرُ
طامي
|
وَيَأتي المَوتُ طِفلاً في
مُهودٍ
|
وَيَلقى حَتفَهُ قَبلَ
الفِطامِ
|
فَلا تَرضَ بِمَنقَصَةٍ
وَذُلٍّ
|
وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ
الحُطامِ
|
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ
يَوم
|
وَلا تَحتَ
المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ
|
أَلا مَن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنِّي
|
فَقَد تُهدَى النَصيحة للنصيحِ
|
فأنَّكم وما تُزجُونَ نحوي
|
مِنَ القَولِ المُرَغَّى والصَريحِ
|
سَيَندَمُ بَعضُكُم عَجلاً عليه
|
وما أَثرى اللِسانُ إِلى الجَرُوحِ
|
ابت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
|
وأَخذِي الحَمدَ بالثَمَنِ الرَبِيحِ
|
وإِعطائي على المكروهِ مالي
|
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المثيحِ
|
بِذي شطَبٍ كَلَونِ المِلحِ صافٍ
|
ونَفسٍ ما تَقر على القبيحِ
|
وقَولي كَلَّما جَشأت وجاشَت
|
مَكانَكِ تُحمَدِي أو تستريحي
|
لأَدفَعَ عَن مآثرَ صالحاتٍ
|
وأحمي بَعدُ عن عِرضٍ صَحِيحِ
|
أُهِينُ المالَ فيما بَينَ قَومِي
|
وأدفَعُ عَنهمُ سُنَنَ المَنِيحِ
|
ابت لي أَن أُقضِّي في فعالي
|
وأَن أُغضِي على أمرٍ قبيحِ
|
فأما رُحتُ بالشرفِ المُعلى
|
وإِما رُحتُ بالموتِ المُرِيحِ
|
قرَت أحسابُنا كرما فأَبدَت
|
لنا الضراءُ عن أُدُمٍ صحاحِ
|
ولم يُظهر لنا عُقراتِ سَوءٍ
|
جمودُ القطرِ أو بكءُ اللقاحِ
|
جرير (ت110هـ):
أَتَصحو بَل فُؤادُكَ غَيرُ صاحِ
|
عَشِيَّةَ هَمَّ صَحبُكَ بِالرَواحِ
|
يَقولُ العاذِلاتُ عَلاكَ شَيبٌ
|
أَهَذا الشَيبُ يَمنَعُني مِراحي
|
يُكَلِّفُني فُؤادي مِن هَواهُ
|
ظَعائِنَ يَجتَزِعنَ عَلى رُماحِ
|
ظَعائِنَ لَم يَدِنَّ مَعَ النَصارى
|
وَلا يَدرينَ ما سَمكُ القَراحِ
|
فَبَعضُ الماءِ ماءُ رَبابِ مُزنٍ
|
وَبَعضُ الماءِ مِن سَبَخٍ مِلاحِ
|
سَيَكفيكَ العَواذِلَ أَرحَبِيٌّ
|
هِجانُ اللَونِ كَالفَرَدِ اللَياحِ
|
يَعُزُّ عَلى الطَريقِ بِمَنكَبَيهِ
|
كَما اِبتَرَكَ الخَليعُ عَلى القِداحِ
|
تَعَزَّت أُمُّ حَزرَةَ ثُمَّ قالَت
|
رَأَيتُ الوارِدينَ ذَوي اِمتِناحِ
|
تُعَلِّلُ وَهيَ ساغِبَةٌ بَنيها
|
بِأَنفاسٍ مِنَ الشَبِمِ القَراحِ
|
سَأَمتاحُ البُحورَ فَجَنِّبيني
|
أَذاةَ اللَومِ وَاِنتَظِري اِمتِياحي
|
ثِقي بِاللَهِ لَيسَ لَهُ شَريكٌ
|
وَمِن عِندِ الخَليفَةِ بِالنَجاحِ
|
أَغِثني يا فَداكَ أَبي وَأُمّي
|
بِسَيبٍ مِنكَ إِنَّكَ ذو اِرتِياحِ
|
فَإِنّي قَد رَأَيتُ عَلَيَّ حَقّاً
|
زِيارَتِيَ الخَليفَةَ وَاِمتِداحي
|
سَأَشكُرُ أَن رَدَدتَ عَلَيَّ ريشي
|
وَأَثبَتَّ القَوادِمَ في جَناحي
|
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا
|
وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ
|
وَقَومٍ قَد سَمَوتَ لَهُم فَدانوا
|
بِدُهمٍ في مُلَملَمَةٍ رَداحِ
|
أَبَحتَ حِمى تِهامَةَ بَعدَ نَجدٍ
|
وَما شَيءٌ حَمَيتَ بِمُستَباحِ
|
لَكُم شُمُّ الجِبالِ مِنَ الرَواسي
|
وَأَعظَمُ سَيلَ مُعتَلِجِ البِطاحِ
|
دَعَوتَ المُلحِدينَ أَبا خُبَيبٍ
|
جِماحاً هَل شُفيتَ مِنَ الجِماحِ
|
فَقَد وَجَدوا الخَليفَةَ هِبرِزِيّاً
|
أَلَفَّ العيصِ لَيسَ مِنَ النَواحي
|
فَما شَجَراتُ عيصِكَ في قُرَيشٍ
|
بِعَشّاتِ الفُروعِ وَلا ضَواحي
|
رَأى الناسُ البَصيرَةَ فَاِستَقاموا
|
وَبَيَّنَتِ المِراضُ مِنَ الصِحاحِ
|
البحتري (ت284هـ):
بِعَينِكَ لَوعَةُ القَلبِ الرَهينِ
|
وَفَرطُ تَتابُعِ الدَمعِ الهَتونِ
|
وَقَد أَصغَيتِ لِلواشينَ حَتّى
|
رَكَنتِ إِلَيهِمُ بَعضَ الرُكونِ
|
وَلَو جازَيتِ صَبّاً عَن هَواهُ
|
لَكانَ العَدلُ أَلّا تَهجُريني
|
نَظَرتُ وَكَم نَظَرتُ فَأَقصَدَتني
|
فُجاءاتُ البُدورِ عَلى الغُصونِ
|
وَرُبَّةَ نَظرَةٍ أَقلَعتُ عَنها
|
بِسُكرٍ في التَصابي أَو جُنونِ
|
فَيا لِلَّهِ ما تَلقى القُلوبُ ال
|
هَوائِمُ مِن جِناياتِ العُيونِ
|
وَقَد يَإِسَ العَواذِلُ مِن فُؤادٍ
|
لَجوجٍ في غَوايَتِهِ حَرونِ
|
فَمَن يَذهَل أَحِبَّتَهُ فَإِنّي
|
كَفَيتُ مِنَ الصَبابَةِ ما يَليني
|
وَلي بَينَ القُصورِ إِلى قُوَيقٍ
|
أَليفٌ أَصطَفيهِ وَيَصطَفيني
|
يُعارِضُ ذِكرُهُ في كُلِّ وَقتٍ
|
وَيَطرُقُ طَيفُهُ في كُلِّ حينِ
|
لَقَد حَمَلَ الخِلافَةَ مُستَقِلٌّ
|
بِها وَبِحَقِّهِ فيها المُبينِ
|
يَسوسُ الدينَ وَالدُنيا بِرَأيٍ
|
رِضىً لِلَّهِ في دُنيا وَدينِ
|
تَناوَلَ جودُهُ أَقصى الأَماني
|
وَصَدَّقَ فِعلُهُ حُسنَ الظُنونِ
|
فَما بِالدَهرِ مِن بَهجٍ وَحُسنٍ
|
وَما بِالعَيشِ مِن خَفضٍ وَلينِ
|
وَلَم تُخلَق يَدُ المُعتَزِّ إِلّا
|
لِحَوزِ الحَمدِ بِالخَطَرِ الثَمينِ
|
تَروعُ المالَ ضِحكَتُهُ إِذا ما
|
غَدا مُتَهَلِّلاً طَلقَ الجَبينِ
|
أَمينَ اللَهِ وَالمُعطى تُراثَ ال
|
أَمينِ وَصاحِبُ البَلَدِ الأَمينِ
|
تَتابَعَتِ الفُتوحُ وَهُنَّ شَتّى ال
|
أَماكِنِ في العِدى شَتّى الفُنونِ
|
فَما تَنفَكُّ بُشرى عَن تَرَدّي
|
عَدُوٍّ خاضِعٍ لَكَ مُستَكينِ
|
فِرارُ الكَوكَبِيِّ وَخَيلُ موسى
|
تُثيرُ عَجاجَةَ الحَربِ الزَبونِ
|
وَفي أَرضِ الدَيالِمِ هامُ قَتلى
|
نِظامُ السَهلِ مِنها وَالحُزونِ
|
وَقَد صَدَمَت عَظيمَ الرومِ عُظمى
|
مِنَ الأَحداثِ قاطِعَةُ الوَتينِ
|
بِنُعمى اللَهِ عِندَكَ غَيرَ شَكٍّ
|
وَريحِكَ أَقصَدَتهُ يَدُ المَنونِ
|
نُصِرتَ عَلى الأَعادي بِالأَعادي
|
غَداةَ الرومِ تَحتَ رَحىً طَحونِ
|
يُقَتِّلُ بَعضُها بَعضاً بِضَربٍ
|
مُبينٍ لِلسَواعِدِ وَالشُؤونِ
|
إِذِ الأَبدانُ ثَمَّ بِلا رُؤوسٍ
|
تَهاوى وَالسُيوفُ بِلا جُفونِ
|
فَدُمتَ وَدامَ عَبدُ اللَهُ بَدرُ ال
|
دُجى في ضَوإِهِ وَحَيا الدُجونِ
|
تُطيفُ بِهِ المَوالي حينَ يَبدو
|
إِطافَتَها بِمَعقِلِها الحَصينِ
|
تَرى الأَبصارَ تُغضي عَن مَهيبٍ
|
وَقورٍ في مَهابَتِهِ رَكينِ
|
جَوادٌ غَلَّسَت نُعماهُ فينا
|
وَلَم يُظهِر بِها مَطلَ الضَنينِ
|
ظَنَنتُ بِهِ الَّتي سَرَّت صَديقي
|
فَكانَ الظَنُّ قُدّامَ اليَقينِ
|
وَكُنتَ إِلَيهِ في وَعدٍ شَفيعي
|
فَصِرتَ عَلَيهِ في نُجحٍ ضَميني
|
وَما وَلِيَ المَكارِمَ مِثلُ خِرقٍ
|
أَغَرَّ يَرى المَواعِدَ كَالدُيونِ
|
وَصَلتَ بِيونُسَ بنِ بُغاءَ حَبلي
|
فَرُحتُ أَمُتُّ بِالسَبَبِ المَتينِ
|
فَقَد بَوَّأتَني أَعلى مَحَلٍّ
|
شَريفٍ في المَكانِ بِكَ المَكينِ
|
وَما أَخشى تَعَذُّرَ ما أُعاني
|
مِنَ الحاجاتِ إِذ أَمسى مُعيني
|
وَإِنَّ يَدي وَقَد أَسنَدتَ أَمري
|
إِلَيهِ اليَومَ في يَدِكَ اليَمينِ
|
أبو الطيب المتنبي (ت 354هـ):
لومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ
|
وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ
|
ذَراني وَالفَلاةُ بِلا دَليلٍ
|
وَوَجهي وَالهَجيرَ بِلا لِثامِ
|
فَإِنّي أَستَريحُ بِذي وَهَذا
|
وَأَتعَبُ بِالإِناخَةِ وَالمُقامِ
|
عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَيني
|
وَكُلُّ بُغامِ رازِحَةٍ بُغامي
|
فَقَد أَرِدُ المِياهَ بِغَيرِ هادٍ
|
سِوى عَدّي لَها بَرقَ الغَمامِ
|
يُذِمُّ لِمُهجَتي رَبّي وَسَيفي
|
إِذا اِحتاجَ الوَحيدُ إِلى الذِمامِ
|
وَلا أُمسي لِأَهلِ البُخلِ ضَيفاً
|
وَلَيسَ قِرىً سِوى مُخِّ النِعامِ
|
فَلَمّا صارَ وُدُّ الناسِ خِبّاً
|
جَزَيتُ عَلى اِبتِسامٍ بِاِبتِسامِ
|
وَصِرتُ أَشُكُّ فيمَن أَصطَفيهِ
|
لِعِلمي أَنَّهُ بَعضُ الأَنامِ
|
يُحِبُّ العاقِلونَ عَلى التَصافي
|
وَحُبُّ الجاهِلينَ عَلى الوَسامِ
|
وَآنَفُ مِن أَخي لِأَبي وَأُمّي
|
إِذا ما لَم أَجِدهُ مِنَ الكِرامِ
|
أَرى الأَجدادَ تَغلِبُها كَثيراً
|
عَلى الأَولادِ أَخلاقُ اللِئامِ
|
وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ
|
بِأَن أُعزى إِلى جَدٍّ هُمامِ
|
عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ
|
وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهامِ
|
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي
|
فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بِلا سَنامِ
|
وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً
|
كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ
|
أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائي
|
تَخُبُّ بِيَ المَطِيُّ وَلا أَمامي
|
وَمَلَّنِيَ الفِراشُ وَكانَ جَنبي
|
يَمَلُّ لِقاءَهُ في كُلِّ عامِ
|
قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي
|
كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي
|
عَليلُ الجِسمِ مُمتَنِعُ القِيامِ
|
شَديدُ السُكرِ مِن غَيرِ المُدامِ
|
وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً
|
فَلَيسَ تَزورُ إِلّا في الظَلامِ
|
بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا
|
فَعافَتها وَباتَت في عِظامي
|
يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسي وَعَنها
|
فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ
|
إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني
|
كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ
|
كَأَنَّ الصُبحَ يَطرُدُها فَتَجري
|
مَدامِعُها بِأَربَعَةٍ سِجامِ
|
أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ
|
مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ
|
وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِدقُ شَرٌّ
|
إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
|
أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ
|
فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ
|
جَرَحتِ مُجَرَّحاً لَم يَبقَ فيهِ
|
مَكانٌ لِلسُيوفِ وَلا السِهامِ
|
أَلا يا لَيتَ شَعرَ يَدي أَتُمسي
|
تَصَرَّفُ في عِنانٍ أَو زِمامِ
|
وَهَل أَرمي هَوايَ بِراقِصاتٍ
|
مُحَلّاةِ المَقاوِدِ بِاللُغامِ
|
فَرُبَّتَما شَفَيتُ غَليلَ صَدري
|
بِسَيرٍ أَو قَناةٍ أَو حُسامِ
|
وَضاقَت خُطَّةٌ فَخَلَصتُ مِنها
|
خَلاصَ الخَمرِ مِن نَسجِ الفِدامِ
|
وَفارَقتُ الحَبيبَ بِلا وَداعٍ
|
وَوَدَّعتُ البِلادَ بِلا سَلامِ
|
يَقولُ لي الطَبيبُ أَكَلتَ شَيئاً
|
وَداؤُكَ في شَرابِكَ وَالطَعامِ
|
وَما في طِبِّهِ أَنّي جَوادٌ
|
أَضَرَّ بِجِسمِهِ طولُ الجِمامِ
|
تَعَوَّدَ أَن يُغَبِّرَ في السَرايا
|
وَيَدخُلَ مِن قَتامِ في قَتامِ
|
فَأُمسِكَ لا يُطالُ لَهُ فَيَرعى
|
وَلا هُوَ في العَليقِ وَلا اللِجامِ
|
فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري
|
وَإِن أُحمَم فَما حُمَّ اِعتِزامي
|
وَإِن أَسلَم فَما أَبقى وَلَكِن
|
سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلى الحِمامِ
|
تَمَتَّع مِن سُهادِ أَو رُقادٍ
|
وَلا تَأمُل كَرىً تَحتَ الرِجامِ
|
فَإِنَّ لِثالِثِ الحالَينِ مَعنىً
|
سِوى مَعنى اِنتِباهِكَ وَالمَنامِ
|
أحمد شوقي (ت 1932م)
سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا
|
لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا
|
وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ
|
فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا
|
وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَوماً
|
تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا
|
وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ
|
هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا
|
تَسَرَّبَ في الدُموعِ فَقُلتُ وَلّى
|
وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ ثابا
|
وَلَو خُلِقَت قُلوبٌ مِن حَديدٍ
|
لَما حَمَلَت كَما حَمَلَ العَذابا
|
وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِم سُلافاً
|
وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا
|
وَنادَمنا الشَبابَ عَلى بِساطٍ
|
مِنَ اللَذاتِ مُختَلِفٍ شَرابا
|
وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى
|
وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ وَطابا
|
كَأَنَّ القَلبَ بَعدَهُمُ غَريبٌ
|
إِذا عادَتهُ ذِكرى الأَهلِ ذابا
|
وَلا يُنبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي
|
كَمَن فَقَدَ الأَحِبَّةَ وَالصَحابا
|
أَخا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى
|
تُبَدِّلُ كُلَّ آوِنَةٍ إِهابا
|
وَأَنَّ الرُقطَ أَيقَظُ هاجِعاتٍ
|
وَأَترَعُ في ظِلالِ السِلمِ تابا
|
وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها
|
وَتُفنيهِمِ وَما بَرَحَت كَعابا
|
فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي
|
لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا
|
لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ
|
وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى
|
جَنَيتُ بِرَوضِها وَرداً وَشَوكاً
|
وَذُقتُ بِكَأسِها شُهداً وَصابا
|
فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللَهِ حُكماً
|
وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا
|
وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلّا
|
صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبِ اللُبابا
|
وَلا كَرَّمتُ إِلّا وَجهَ حُرٍّ
|
يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا
|
وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً
|
وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا
|
فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها
|
كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا
|
وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخراً
|
وَأَعطِ اللَهَ حِصَّتَهُ اِحتِسابا
|
فَلَو طالَعتَ أَحداثَ اللَيالي
|
وَجَدتَ الفَقرَ أَقرَبَها اِنتِيابا
|
وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ
|
وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا
|
وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ
|
وَلَم أَرَ خَيِّراً بِالشَرِّ آبا
|
فَرِفقاً بِالبَنينِ إِذا اللَيالي
|
عَلى الأَعقابِ أَوقَعَتِ العِقابا
|
وَلَم يَتَقَلَّدوا شُكرَ اليَتامى
|
وَلا اِدَّرَعوا الدُعاءَ المُستَجابا
|
عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا
|
عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا
|
وَتُلفيهُمُ حِيالَ المالِ صُمّاً
|
إِذا داعي الزَكاةِ بِهِم أَهابا
|
لَقَد كَتَموا نَصيبَ اللَهِ مِنهُ
|
كَأَنَّ اللَهَ لَم يُحصِ النِصابا
|
وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللَهِ شَيئاً
|
كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوىً وَخابا
|
أَرادَ اللَهُ بِالفُقَراءِ بِرّاً
|
وَبِالأَيتامِ حُبّاً وَاِرتِبابا
|
فَرُبَّ صَغيرِ قَومٍ عَلَّموهُ
|
سَما وَحَمى المُسَوَّمَةَ العِرابا
|
وَكانَ لِقَومِهِ نَفعاً وَفَخراً
|
وَلَو تَرَكوهُ كانَ أَذىً وَعابا
|
فَعَلِّم ما اِستَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً
|
سَيَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا
|
وَلا تُرهِق شَبابَ الحَيِّ يَأساً
|
فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا
|
يُريدُ الخالِقُ الرِزقَ اِشتِراكاً
|
وَإِن يَكُ خَصَّ أَقواماً وَحابى
|
فَما حَرَمَ المُجِدَّ جَنى يَدَيهِ
|
وَلا نَسِيَ الشَقِيَّ وَلا المُصابا
|
وَلَولا البُخلُ لَم يَهلِك فَريقٌ
|
عَلى الأَقدارِ تَلقاهُمُ غِضابا
|
تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَوماً وَقَبلي
|
دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا
|
وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ
|
فَجَرتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا
|
أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى
|
إِلى الأَكواخِ وَاِختَرَقَ القِبابا
|
وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى
|
حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا
|
وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ
|
وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا
|
وَسَوّى اللَهُ بَينَكُمُ المَنايا
|
وَوَسَّدَكُم مَعَ الرُسلِ التُرابا
|
وَأَرسَلَ عائِلاً مِنكُم يَتيماً
|
دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا
|
نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلاً
|
وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا
|
تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ
|
فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُم مَتابا
|
وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ
|
كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا
|
وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً
|
وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا
|
وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى
|
أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اِغتِصابا
|
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
|
وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
|
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ
|
إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
|
تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّت
|
بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا
|
وَأَسدَت لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ
|
يَداً بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا
|
لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجاً مُنيراً
|
كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا
|
فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نوراً
|
يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا
|
وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكاً
|
وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا
|
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري
|
بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ اِنتِسابا
|
فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ
|
إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
|
مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدراً
|
فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السَحابا
|
سَأَلتُ اللَهَ في أَبناءِ ديني
|
فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا
|
وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ
|
إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا
|
كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِم
|
أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا
|
وَلَو حَفَظوا سَبيلَكَ كان نوراً
|
وَكانَ مِنَ النُحوسِ لَهُم حِجابا
|
بَنَيتَ لَهُم مِنَ الأَخلاقِ رُكناً
|
فَخانوا الرُكنَ فَاِنهَدَمَ اِضطِرابا
|
وَكانَ جَنابُهُم فيها مَهيباً
|
وَلَلأَخلاقِ أَجدَرُ أَن تُهابا
|
فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئباً
|
وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا
|
فَإِن قُرِنَت مَكارِمُها بِعِلمٍ
|
تَذَلَّلَتِ العُلا بِهِما صِعابا
|
وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ
| يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق