الشنفرى (525م):
أَقيموا بَني أُمّي صُدورَ مَطِيَّكُم
|
فَإِنّي إِلى قَومٍ سِواكُم لَأَمَيلُ
|
فَقَد حُمَّت الحاجاتُ واللَيلُ مُقمِرٌ
|
وَشُدَّت لِطِيّاتٍ مَطايا وَأَرُحلُ
|
وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى
|
وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ
|
لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
|
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ
|
وَلي دونَكُم أَهلَونَ سيدٌ عَمَلَّسٌ
|
وَأَرقَطُ زُهلولٌ وَعَرفاءُ جَيأَلُ
|
هُمُ الرَهطُ لا مُستَودَعُ السِرَّ ذائِعٌ
|
لَدَيهِم وَلا الجاني بِما جَرَّ يُخذَلُ
|
وَكُلٌّ أَبِيٌّ باسِلٌ غَيرَ أَننَّي
|
إِذا عَرَضَت أُولى الطَرائِدِ أَبسَلُ
|
وَإِن مُدَّتِ الأَيدي إِلى الزادِ لَم أَكنُ
|
بِأَعجَلِهِم إِذ أَجشَعُ القَومِ أَعجَلُ
|
وَما ذاكَ إِلاّ بَسطَةٌ عَن تَفَضُّلٍ
|
عَلَيهِم وَكانَ الأَفضَلَ المُتَفَضَّلُ
|
وَلي صاحِبٌ من دونِهم لا يَخونني
|
إِذا التبسَت كفِّي بِهِ يَتَأكّلُ
|
وَإِنّي كَفانِي فَقدُ مَن لَيسَ جازِياً
|
بِحُسنى وَلا في قُربٍه مُتَعَلَّلُ
|
ثَلاثَةُ أَصحابٍ فُؤادٌ مُشَيَّعٌ
|
وَأَبيَضُ إِصليتٌ وَصَفراءُ عَيطَلُ
|
هَتوفٌ مِنَ المُلسِ المُتونِ يَزينُها
|
رَصائِعُ قَد نيطَت إلَيها وَمِحمَلُ
|
إِذا زَلَّ عَنها السَهمُ حَنَّت كَأَنَّها
|
مُرَزَّأَةٌ عَجلى تُرِنُّ وَتُعوِلُ
|
وَأَغدو خميصَ البَطنِ لا يَستَفِزُّني
|
إِلى الزاد حِرصٌ أَو فُؤادٌ مُوَكّلُ
|
وَلَستُ بِمِهيافٍ يُعَشّي سَوامَهُ
|
مُجَدَّعَةً سُقبانَها وَهيَ بُهَّلُ
|
وَلا جَبأَ أَكهى مُرِبٍّ بِعِرسِهِ
|
يُطالِعُها في شَأنِهِ كَيفَ يَفعَلُ
|
وَلا خَرِقٍ هَيقٍ كَأَنَّ فُؤادَهُ
|
يَظَلُّ بِهِ المُكَّاءُ يَعلو وَيَسفِلُ
|
وَلا خالِفٍ دارِيَّةٍ مُتَغَزَّلٍ
|
يَروحُ وَيَغدو داهِناً يَتَكَحَّلُ
|
وَلَستُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دونَ خَيرِهِ
|
أَلَفَّ إِذا ما رُعتَهُ اِهتاجَ أَعزَلُ
|
وَلَستُ بِمِحيارِ الظَلامِ إِذا اِنتَحَت
|
هُدى الهَوجِل العِسّيفِ يَهماءُ هَوجَلُ
|
إِذا الأَمَعزُ الصُوّانُ لاقى مَناسِمي
|
تَطايَرَ مِنهُ قادِحٌ وَمُفَلَّلُ
|
أَديمُ مِطالَ الجوعِ حَتّى أُميتَهُ
|
وَأَضرِبُ عَنهُ الذِكرَ صَفحاً فَأَذهَلُ
|
وَأَستَفُّ تُربَ الأَرضِ كَيلا يَرى لَهُ
|
عَلَيَّ مِنَ الطَولِ اِمُرؤ مُتَطَوَّلُ
|
وَلَولا اجتِنابُ الذَأم لَم يُلفَ مَشرَبٌ
|
يُعاشُ بِهِ إِلّا لَدَيَّ وَمَأكَلُ
|
وَلَكِنَّ نَفساً مُرَّةً لا تُقيمُ بي
|
عَلى الذَأمِ إِلّا رَيثما أَتَحَوَّلُ
|
وَاَطوي عَلى الخُمصِ الحَوايا كَما اِنطَوَت
|
خُيوطَةُ مارِيٍّ تُغارُ وَتُفتَلُ
|
وَأَغدو عَلى القوتِ الزَهيدِ كَما غَدَا
|
أَزَلُّ تَهاداهُ التَنائِفُ أَطحَلُ
|
غَدا طاوِياً يُعارِضُ الريحَ هافِياً
|
يَخوتُ بِأَذنابِ الشِعابِ وَيَعسَلُ
|
فَلَمّا لَواهُ القوتُ مِن حَيثُ أَمَّهُ
|
دَعا فَأَجابَتهُ نَظائِرُ نُحَّلُ
|
مُهَلهَةٌ شِيبُ الوُجوهِ كَأَنَّها
|
قِداحٌ بِكَفَّي ياسِرٍ تَتَقَلقَلُ
|
أَو الخَشرَمُ المَبعوثُ حَثحَثَ دَبرَهُ
|
مَحابيضُ أَرداهُنَّ سامٍ مُعَسَّلُ
|
مُهَرَّتَهٌ فوهٌ كَأَنَّ شُدوقَها
|
شُقوقُ العِصِيَّ كَالِحاتٌ وَبُسلُ
|
فَضَجَّ وَضَجَّت بِالبَراح كَأَنَّها
|
وَإِيّاه نوحٌ فَوقَ عَلياءَ ثُكَّلُ
|
وَأَغضى وَأَغضَت وَاِتَّسى وَاِتَّسَت بِهِ
|
مَراميلُ عَزّاها وَعَزَّتهُ مُرمِلُ
|
شَكا وَشَكَت ثُمَّ اِرعَوى بَعدُ وَاِرعَوَت
|
وَلَلصَّبرُ إِن لَم يَنفَع الشَكوُ أَجمَلُ
|
وَفاءَ وَفاءَت بادِراتٌ وَكُلُّهَا
|
عَلى نَكَظٍ مِمّا يُكاتِمُ مُجمِلُ
|
وَتَشرِبُ أَسآرِيَ القَطا الكُدرُ بَعدَما
|
سَرَت قَرَباً أَحناؤُها تَتَصَلصَلُ
|
هَمَمتُ وَهَمَّت وَاِبتَدَرنا وَأَسدَلَت
|
وَشَمَّرَ مِنّي فارِطٌ مُتَمَهَّلُ
|
فَوَلَّيتُ عَنها وَهَي تَكبو لِعَقرِهِ
|
يُباشِرُهُ مِنها ذُقونٌ وَحَوصَلُ
|
كَأَنَ وَغاها حَجرَتَيهِ وَحَولَهُ
|
أَضاميمُ مِن سِفرِ القَبائِلِ نُزَّلُ
|
تَوافَينَ مِن شَتّى إِلَيهِ فَضَمَّها
|
كَما ضَمَّ أَذوادَ الأَصاريمِ مَنهَلُ
|
فَعَبَّت غِشاشاً ثُمَّ مَرَّت كَأَنَّها
|
مَعَ الصُبحِ رَكبٌ مِن أُحاضَةَ مُجفِلُ
|
وَآلَفَ وَجهَ الأَرضِ عِندَ افتِراشِها
|
بِأَهدَأ تُنبيهِ سَناسِنُ قُحَّلُ
|
وَأَعدِلُ مَنحوضاً كَأَنَّ فُصوصَهُ
|
كِعابٌ دَحاها لاعِبٌ فَهيَ مُثَّلُ
|
فَإِن تَبتَئِس بِالشَنفَرى أُمُّ قَسطَلٍ
|
لَما اِغتَبَطَت بِالشَنفَرى قَبلُ أَطوَلُ
|
طَريدُ جِناياتٍ تَياسَرنَ لَحمَهُ
|
عَقيرَتُهُ لأَيَّها حُمَّ أَوَّلُ
|
تَنامُ إِذا ما نامَ يَقظى عُيونُها
|
حِثاثاً إِلى مَكروهِهِ تَتَغَلغَلُ
|
وَإِلفُ هُمومٍ ما تَزالُ تَعودُهُ
|
عِياداً كَحُمّى الرَبعِ أَو هِيَ أَثقَلُ
|
إِذا وَرَدت أَصدَرتُها ثُمَّ إِنَّها
|
تَثوبُ فَتَأتي مِن تُحَيتٍ وَمِن عَلُ
|
فَإِمّا تَرَيني كَاِبنَةِ الرَملِ ضاحِياً
|
عَلى رِقَّةٍ أَحفى وَلا أَتَنَعَّلُ
|
فَإِنّي لَمَولى الصَبرِ أَجتابُ بَزَّهُ
|
عَلى مِثلِ قَلبِ السِمعِ وَالحَزمَ أَفعَلُ
|
وَأُعدِمُ أَحياناً وَأَغنى وَإِنَّما
|
يَنالُ الغِنى ذو البُعَدةِ المُتَبَذَّلُ
|
فَلا جَزعٌ مِن خَلَّةٍ مُتَكَثَّفٌ
|
وَلا مَرحٌ تَحتَ الغِنى أَتَخَيَّلُ
|
وَلا تَزدَهي الأَجهالُ حِلمي وَلا أَرى
|
سِؤولاً بِأعقابِ الأَقاويلِ أَنمُلُ
|
وَلَيلَةِ نَحسٍ يَصطَلِيَ القَوسَ رَبُّها
|
وَأَقطُعَهُ اللاتي بِها يَتَنَبَّلُ
|
دَعَستُ عَلى غَطشٍ وَبَغشٍ وَصُحبَتي
|
سُعارٌ وَإِرزيزٌ وَوَجرٌ وَأَفكُلُ
|
فَأَيَّمتُ نِسواناً وَأَيتَمتُ آلَدَةً
|
وَعُدتُ كَما أَبدَأتُ وَاللَيلُ أَليَلُ
|
وَأَصبَحَ عني بِالغُمَيصاءِ جالِساً
|
فَريقانِ مَسؤولٌ وَآخَرُ يَسأَلُ
|
فَقالوا لَقَد هَرَّت بِلَيلٍ كِلابُنَا
|
فَقُلنا أَذِئُبٌ عَسَّ أَم عَسَّ فُرغُلُ
|
فَلَم تَكُ إِلّا نَبأَةً ثُمَّ هَوَّمَت
|
فَقُلنا قَطاةٌ ريعَ أَم رِيَعَ أَجدَلُ
|
فَإِن يَكُ مِن جِنٍّ لَأَبَرحُ طارِقاً
|
وَإِن يَكُ أُنساً ماكَها الأُنسُ تَفعَلُ
|
وَيَومٍ مِنَ الشِعرى يَذوبُ لَوابُهُ
|
أَفاعيهِ في رَمضائِهِ تَتَمَلمَلُ
|
نَصَبتُ لَهُ وَجهي وَلا كِنَّ دونَهُ
|
وَلا سِترَ إِلّا الأَتُحَمِيَ المُرَعبَلُ
|
وَضافٍ إِذا هَبَّت لَهُ الريحُ طَيَّرَت
|
لَبائِدَ عَن أَعطافِهِ ما تَرَجَّلُ
|
بَعيدٌ بِمَسَّ الدُهنِ وَالفَليُ عَهدُهُ
|
لَهُ عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسلِ مُحوِلُ
|
وَخَرقٍ كَضَهرِ التِرسِ قَفرٍ قَطَعتُهُ
|
بِعامِلَتَينِ ظَهرُهُ لَيسَ يُعمَلُ
|
وَأَلحَقتُ أولاهُ بِأُخراهُ موفِياً
|
عَلى قُنَّةٍ أُقعي مِراراً وَأَمثِلُ
|
تَرودُ الأَراوِيَ الصُحمُ حَولِي كَأَنَّها
|
عَذارى عَلَيهنَّ المُلاءُ المُذَيَّلُ
|
وَيَركُدنَ بالآصالِ حَولِي كَأَنَّني
|
مِنَ العُصم أَدفى يَنتَحي الكَيحَ أَعقَلُ
|
امرؤ القيس (ت 540م):
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ |
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ |
|
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لمْ يَعْفُ رَسْمُها |
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ |
|
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَا |
وَقِيْعَانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ |
|
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا |
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ |
|
وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِي عَليَّ مَطِيَّهُمُ |
يَقُوْلُوْنَ: لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ |
|
وإِنَّ شِفائِيَ عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ |
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ؟ |
|
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا |
وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ |
|
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَا |
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ |
|
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً |
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي |
|
ألَا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ |
وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ |
|
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِي |
فَيَا عَجَبًا مِنْ كورها المُتَحَمَّلِ |
|
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا |
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ |
|
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ |
فَقَالَتْ:لَكَ الوَيْلَاتُ!،إنَّكَ مُرْجِلِي |
|
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا: |
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ |
|
فَقُلْتُ لَهَا:سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَه |
ولَا تُبْعدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّلِ |
|
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ |
فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ |
|
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ |
بِشَقٍّ،وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَوَّلِ |
|
ويَوْمًا عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَذَّرَتْ |
عَلَيَّ، وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ |
|
أفاطِمَ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ |
وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي |
|
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَةٌ |
فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ |
|
أغَرَّكِ مِنِّي أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي |
وأنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ؟ |
|
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلَّا لِتَضْرِبِي |
بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ |
|
وبَيْضَةِ خِدْرٍ لَا يُرَامُ خِبَاؤُهَا |
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ |
|
تَجَاوَزْتُ أحْرَاسًا إِلَيْهَا وَمَعْشَرًا |
عَلَّي حِرَاصًا لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِي |
|
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ |
تَعَرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ |
|
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا |
لَدَى السِّتْرِ إلَّا لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ |
|
فَقَالتْ:يَمِيْنَ اللهِ، مَا لَكَ حِيْلَةٌ، |
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِي |
|
خَرَجْتُ بِهَا تمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا |
عَلَى أَثَرَيْنا ذيل مِرْطٍ مُرَحَّلِ |
|
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى |
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ |
|
هَصَرْتُ بِفَوْدَيْ رَأْسِهَا فَتَمَايَلَتْ |
عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ |
|
إذا التفتت نحوي تضوّع ريحُها |
نسيمَ الصَّبا جاءت بريا القرنفُلِ |
|
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ |
تَرَائِبُهَا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ |
|
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْرَةٍ |
غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ مُحَلَّلِ |
|
تَصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقي |
بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ |
|
وجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّيمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ |
إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلَا بِمُعَطَّلِ |
|
وفَرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِمٍ |
أثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ |
|
غَدَاثِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُلا |
تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَلِ |
|
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ |
وسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ |
|
وتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّهُ |
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِلِ |
|
تُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا |
مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ |
|
وَتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَا |
نَؤُومُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ |
|
إِلَى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً |
إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ |
|
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَا |
ولَيْسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَلِ |
|
ألَّا رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُهُ |
نَصِيْحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَلِ |
|
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَهُ |
عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُوْمِ لِيَبْتَلِي |
|
فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ |
وأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بِكَلْكَلِ |
|
ألَا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألَا انْجَلِي |
بِصُبْحٍ، وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ |
|
فَيَا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَهُ |
بكل مُغار الفتل شُدّت بيذبل |
|
كَأَنَّ الثُرَيّا عُلِّقَت في مَصامِها |
بِأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْدَل ِ |
|
وَقَدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَا |
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ |
|
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا |
كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ |
|
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْدُ عَنْ حَالِ مَتْنِهِ |
كَمَا زَلَّتِ الصَّفْوَاءُ بِالمُتَنَزَّلِ |
|
مِسِحٍّ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنى |
أَثَرْنَ الغُبَارَ بِالكَدِيْدِ المَرَكَّلِ |
|
عَلَى الذبل جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِزَامَهُ |
إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَلِ |
|
يزل الغُلَامُ الخِفَّ عَنْ صَهَوَاتِهِ |
وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْفِ المُثَقَّلِ |
|
دَرِيْرٍ كَخُذْرُوفِ الوَلِيْدِ أمَرَّهُ |
تقلب كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ |
|
لَهُ أيْطَلا ظَبْيٍ، وَسَاقَا نَعَامَةٍ |
وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ، وَتَقْرِيْبُ تَتْفُلِ |
|
كَأَنَّ عَلَى الكتفين مِنْهُ إِذَا انْتَحَى |
مَدَاكُ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَلِ |
|
وبَاتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ ولِجَامُهُ |
وَبَاتَ بِعَيْنِي قَائِمًا غَيْرَ مُرْسَلِ |
|
فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَهُ |
عَذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذيَل |
|
فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّلِ بَيْنَهُ |
بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْوِلِ |
|
فَأَلْحَقَنَا بِالهَادِيَاتِ ودُوْنَهُ |
جَوَاحِرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّلِ |
|
فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ |
دِرَاكًا، وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ |
|
وَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ |
صَفِيفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّلِ |
|
ورُحْنَا وَراحَ الطَّرْفُ ينفض رأسه |
مَتَى ما تَرَقَّ العَيْنُ فِيْهِ تَسَفَّلِ |
|
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَادِيَاتِ بِنَحْرِهِ |
عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْبٍ مُرَجَّلِ |
|
وأنت إِذَا اسْتَدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَهُ |
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ |
|
أحارِ تَرَى بَرْقًا أُرِيْكَ وَمِيْضَهُ |
كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ |
|
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِبٍ |
أَمان السَّلِيْطَ بالذُّبَالِ المُفَتَّلِ |
|
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ حامر |
وبَيْنَ إكام، بُعْدَمَا مُتَأَمَّلِي |
|
فأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ عن كل فيقةٍ |
يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ |
|
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَةٍ |
وَلَا أُطُمًا إِلَّا مَشِيدًا بِجِنْدَلِ |
|
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً |
مِنَ السَّيْلِ وَالغُثّاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ |
|
كَأَنَّ أبانًا فِي أفانين ودقه |
كَبِيْرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ |
|
وأَلْقَى بِصَحْرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَهُ |
نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المحملِ |
|
كَأَنَّ سباعًا فِيْهِ غَرْقَى غُديّة |
بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عَنْصُلِ |
|
عَلَى قَطَنٍ، بِالشَّيْمِ، أَيْمَنُ صَوْبِهِ |
وَأَيْسَرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُل |
|
وَأَلْقى بِبَيسانَ مَعَ الليلِ بَرْكَهُ |
فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْزِلِ |
طرفة بن العبد (ت569م):
لِخَولَةَ
أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ |
تَلوحُ
كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ |
وُقوفاً
بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم |
يَقولونَ
لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ |
كَأَنَّ
حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً |
خَلايا
سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ |
عَدَوليَّةٌ
أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ |
يَجورُ
بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي |
يَشُقُّ
حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها |
كَما
قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ |
وَفي
الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ |
مُظاهِرُ
سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ |
خَذولٌ
تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ |
تَناوَلُ
أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي |
وَتَبسِمُ
عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً |
تَخَلَّلَ
حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي |
سَقَتهُ
إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ |
أُسِفَّ
وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ |
وَوَجهٌ
كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها |
عَلَيهِ
نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ |
وَإِنّي
لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ |
بِعَوجاءَ
مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي |
أَمونٍ
كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها |
عَلى
لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ |
جَماليَّةٍ
وَجناءَ تَردي كَأَنَّها |
سَفَنَّجَةٌ
تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ |
تُباري
عِتاقاً ناجِياتٍ وَأَتبَعَت |
وَظيفاً
وَظيفاً فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ |
تَرَبَّعَتِ
القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعي |
حَدائِقَ
مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ |
تَريعُ
إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي |
بِذي
خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ |
كَأَنَّ
جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا |
حِفافَيهِ
شُكّا في العَسيبِ بِمَسرَدِ |
فَطَوراً
بِهِ خَلفَ الزَميلِ وَتارَةً |
عَلى
حَشَفٍ كَالشَنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ |
لَها
فَخِذانِ أُكمِلَ النَحضُ فيهِما |
كَأَنَّهُما
بابا مُنيفٍ مُمَرَّدِ |
وَطَيُّ
مَحالٍ كَالحَنيِّ خُلوفُهُ |
وَأَجرِنَةٌ
لُزَّت بِدَأيٍ مُنَضَّدِ |
كَأَنَّ
كِناسَي ضالَةٍ يُكنِفانِها |
وَأَطرَ
قِسيٍّ تَحتَ صُلبٍ مُؤَيَّدِ |
لَها
مِرفَقانِ أَفتَلانِ كَأَنَّها |
تَمُرُّ
بِسَلمَي دالِجٍ مُتَشَدَّدِ |
كَقَنطَرَةِ
الروميِّ أَقسَمَ رَبُّها |
لَتُكتَنَفَن
حَتّى تُشادَ بِقَرمَدِ |
صُهابيَّةُ
العُثنونِ موجَدَةُ القَرا |
بَعيدَةُ
وَخدِ الرِجلِ مَوّارَةُ اليَدِ |
أُمِرَّت
يَداها فَتلَ شَزرٍ وَأُجنِحَت |
لَها
عَضُداها في سَقيفٍ مُسَنَّدِ |
جُنوحٌ
دِفاقٌ عَندَلٌ ثُمَّ أُفرِعَت |
لَها
كَتِفاها في مُعالىً مُصَعَّدِ |
كَأَنَّ
عُلوبَ النِسعِ في دَأَياتِها |
مَوارِدُ
مِن خَلقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ |
تَلاقى
وَأَحياناً تَبينُ كَأَنَّها |
بَنائِقُ
غُرٌّ في قَميصٍ مُقَدَّدِ |
وَأَتلَعُ
نَهّاضٌ إِذا صَعَّدَت بِهِ |
كَسُكّانِ
بوصيٍّ بِدِجلَةَ مُصعِدِ |
وَجُمجُمَةٌ
مِثلُ العَلاةِ كَأَنَّما |
وَعى
المُلتَقى مِنها إِلى حَرفِ مِبرَدِ |
وَخَدٌّ
كَقِرطاسِ الشَآمي وَمِشفَرٌ |
كَسِبتِ
اليَماني قَدُّهُ لَم يُجَرَّدِ |
وَعَينانِ
كَالماوَيَّتَينِ اِستَكَنَّتا |
بِكَهفَي
حِجاجَي صَخرَةٍ قَلتِ مَورِدِ |
طَحورانِ
عُوّارَ القَذى فَتَراهُما |
كَمَكحولَتَي
مَذعورَةٍ أُمِّ فَرقَدِ |
وَصادِقَتا
سَمعِ التَوَجُّسِ لِلسُرى |
لِهَجسٍ
خَفِيٍّ أَو لِصَوتٍ مُنَدَّدِ |
مُؤَلَّلَتانِ
تَعرِفُ العِتقَ فيهِما |
كَسامِعَتَي
شاةٍ بِحَومَلَ مُفرَدِ |
وَأَروَعُ
نَبّاضٌ أَحَذُّ مُلَملَمٌ |
كَمِرداةِ
صَخرٍ في صَفيحٍ مُصَمَّدِ |
وَأَعلَمُ
مَخروتٌ مِنَ الأَنفِ مارِنٌ |
عَتيقٌ
مَتى تَرجُم بِهِ الأَرضَ تَزدَدِ |
وَإِن
شِئتُ لَم تُرقِل وَإِن شِئتُ أَرقَلَت |
مَخافَةَ
مَلويٍّ مِنَ القَدِّ مُحصَدِ |
وَإِن
شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رَأسُها |
وَعامَت
بِضَبعَيها نَجاءَ الخَفَيدَدِ |
عَلى
مِثلِها أَمضي إِذا قالَ صاحِبي |
أَلا
لَيتَني أَفديكَ مِنها وَأَفتَدي |
وَجاشَت
إِلَيهِ النَفسُ خَوفاً وَخالَهُ |
مُصاباً
وَلَو أَمسى عَلى غَيرِ مَرصَدِ |
إِذا
القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني |
عُنيتُ
فَلَم أَكسَل وَلَم أَتَبَلَّدِ |
أَحَلتُ
عَلَيها بِالقَطيعِ فَأَجذَمَت |
وَقَد
خَبَّ آلُ الأَمعَزِ المُتَوَقِّدِ |
فَذالَت
كَما ذالَت وَليدَةُ مَجلِسٍ |
تُري
رَبَّها أَذيالَ سَحلٍ مُمَدَّدِ |
وَلَستُ
بِحَلّالِ التِلاعِ مَخافَةً |
وَلَكِن
مَتى يَستَرفِدِ القَومُ أَرفِدِ |
فَإِن
تَبغِني في حَلقَةِ القَومِ تَلقَني |
وَإِن
تَقتَنِصني في الحَوانيتِ تَصطَدِ |
مَتى
تَأتِني أُصبِحكَ كَأساً رَويَّةً |
وَإِن
كُنتَ عَنها ذا غِنىً فَاِغنَ وَاِزدَدِ |
وَإِن
يَلتَقِ الحَيُّ الجَميعُ تُلاقِني |
إِلى
ذِروَةِ البَيتِ الرَفيعِ المُصَمَّدِ |
نَدامايَ
بيضٌ كَالنُجومِ وَقَينَةٌ |
تَروحُ
عَلَينا بَينَ بُردٍ وَمَجسَدِ |
رَحيبٌ
قِطابُ الجَيبِ مِنها رَقيقَةٌ |
بِجَسِّ
النَدامى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ |
إِذا
نَحنُ قُلنا أَسمِعينا اِنبَرَت لَنا |
عَلى
رِسلِها مَطروقَةً لَم تَشَدَّدِ |
إِذا
رَجَّعَت في صَوتِها خِلتَ صَوتَها |
تَجاوُبَ
أَظآرٍ عَلى رُبَعٍ رَدي |
وَما
زالَ تَشرابي الخُمورَ وَلَذَّتي |
وَبَيعي
وَإِنفاقي طَريفي وَمُتلَدي |
إِلى
أَن تَحامَتني العَشيرَةُ كُلُّها |
وَأُفرِدتُ
إِفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ |
رَأَيتُ
بَني غَبراءَ لا يُنكِرونَني |
وَلا
أَهلُ هَذاكَ الطِرافِ المُمَدَّدِ |
أَلا
أَيُّهَذا اللائِمي أَحضُرَ الوَغى |
وَأَن
أَشهَدَ اللَذّاتِ هَل أَنتَ مُخلِدي |
فَإِن
كُنتَ لا تَسطيعُ دَفعَ مَنيَّتي |
فَدَعني
أُبادِرها بِما مَلَكَت يَدي |
وَلَولا
ثَلاثٌ هُنَّ مِن عيشَةِ الفَتى |
وَجَدِّكَ
لَم أَحفِل مَتى قامَ عُوَّدي |
فَمِنهُنَّ
سَبقي العاذِلاتِ بِشَربَةٍ |
كُمَيتٍ
مَتى ما تُعلَ بِالماءِ تُزبِدِ |
وَكَرّي
إِذا نادى المُضافُ مُحَنَّباً |
كَسيدِ
الغَضا نَبَّهتَهُ المُتَوَرِّدِ |
وَتَقصيرُ
يَومَ الدَجنِ وَالدَجنُ مُعجِبٌ |
بِبَهكَنَةٍ
تَحتَ الطِرافِ المُعَمَّدِ |
كَأَنَّ
البُرينَ وَالدَماليجَ عُلِّقَت |
عَلى
عُشَرٍ أَو خِروَعٍ لَم يُخَضَّدِ |
كَريمٌ
يُرَوّي نَفسَهُ في حَياتِهِ |
سَتَعلَمُ
إِن مُتنا غَداً أَيُّنا الصَدي |
أَرى
قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بِمالِهِ |
كَقَبرِ
غَويٍّ في البَطالَةِ مُفسِدِ |
تَرى
جُثوَتَينِ مِن تُرابٍ عَلَيهِما |
صَفائِحُ
صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ |
أَرى
المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي |
عَقيلَةَ
مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ |
أَرى
العَيشَ كَنزاً ناقِصاً كُلَّ لَيلَةٍ |
وَما
تَنقُصِ الأَيّامُ وَالدَهرُ يَنفَدِ |
لَعَمرُكَ
إِنَّ المَوتَ ما أَخطَأَ الفَتى |
لَكَالطِوَلِ
المُرخى وَثِنياهُ بِاليَدِ |
فَما
لي أَراني وَاِبنَ عَمِّيَ مالِكاً |
مَتى
أَدنُ مِنهُ يَنأَ عَنّي وَيَبعُدِ |
يَلومُ
وَما أَدري عَلامَ يَلومُني |
كَما
لامَني في الحَيِّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ |
وَأَيأَسَني
مِن كُلِّ خَيرٍ طَلَبتُهُ |
كَأَنّا
وَضَعناهُ إِلى رَمسِ مُلحَدِ |
عَلى
غَيرِ ذَنبٍ قُلتُهُ غَيرَ أَنَّني |
نَشَدتُ
فَلَم أُغفِل حَمولَةَ مَعبَدِ |
وَقَرَّبتُ
بِالقُربى وَجَدِّكَ إِنَّني |
مَتى
يَكُ أَمرٌ لِلنَكيثَةِ أَشهَدِ |
وَإِن
أُدعَ لِلجُلّى أَكُن مِن حُماتِها |
وَإِن
يَأتِكَ الأَعداءُ بِالجَهدِ أَجهَدِ |
وَإِن
يَقذِفوا بِالقَذعِ عِرضَكَ أَسقِهِم |
بِكَأسِ
حِياضِ المَوتِ قَبلَ التَهَدُّدِ |
بِلا
حَدَثٍ أَحدَثتُهُ وَكَمُحدِثٍ |
هِجائي
وَقَذفي بِالشَكاةِ وَمُطرَدي |
فَلَو
كانَ مَولايَ اِمرَأً هُوَ غَيرَهُ |
لَفَرَّجَ
كَربي أَو لَأَنظَرَني غَدي |
وَلَكِنَّ
مَولايَ اِمرُؤٌ هُوَ خانِقي |
عَلى
الشُكرِ وَالتَسآلِ أَو أَنا مُفتَدِ |
وَظُلمُ
ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً |
عَلى
المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ |
فَذَرني
وَخُلقي إِنَّني لَكَ شاكِرٌ |
وَلَو
حَلَّ بَيتي نائِياً عِندَ ضَرغَدِ |
فَلَو
شاءَ رَبّي كُنتُ قَيسَ بنَ خالِدٍ |
وَلَو
شاءَ رَبّي كُنتُ عَمروَ بنَ مَرثَدِ |
فَأَصبَحتُ
ذا مالٍ كَثيرٍ وَزارَني |
بَنونَ
كِرامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ |
أَنا
الرَجُلُ الضَربُ الَّذي تَعرِفونَهُ |
خَشاشٌ
كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ |
فَآلَيتُ
لا يَنفَكُّ كَشحي بِطانَةً |
لِعَضبٍ
رَقيقِ الشَفرَتَينِ مُهَنَّدِ |
حُسامٍ
إِذا ما قُمتُ مُنتَصِراً بِهِ |
كَفى
العَودَ مِنهُ البَدءُ لَيسَ بِمِعضَدِ |
أَخي
ثِقَةٍ لا يَنثَني عَن ضَريبَةٍ |
إِذا
قيلَ مَهلاً قالَ حاجِزُهُ قَدّي |
إِذا
اِبتَدَرَ القَومُ السِلاحَ وَجَدتَني |
مَنيعاً
إِذا بَلَّت بِقائِمِهِ يَدي |
وَبَركٍ
هُجودٍ قَد أَثارَت مَخافَتي |
بَوادِيَها
أَمشي بِعَضبٍ مُجَرَّدِ |
فَمَرَّت
كَهاةٌ ذاتُ خَيفٍ جُلالَةٌ |
عَقيلَةُ
شَيخٍ كَالوَبيلِ يَلَندَدِ |
يَقولُ
وَقَد تَرَّ الوَظيفُ وَساقُها |
أَلَستَ
تَرى أَن قَد أَتَيتَ بِمُؤيِدِ |
وَقالَ
أَلا ماذا تَرَونَ بِشارِبٍ |
شَديدٍ
عَلَينا بَغيُهُ مُتَعَمِّدِ |
وَقالَ
ذَروهُ إِنَّما نَفعُها لَهُ |
وَإِلّا
تَكُفّوا قاصِيَ البَركِ يَزدَدِ |
فَظَلَّ
الإِماءُ يَمتَلِلنَ حُوارَها |
وَيُسعى
عَلَينا بِالسَديفِ المُسَرهَدِ |
فَإِن
مُتُّ فَاِنعيني بِما أَنا أَهلُهُ |
وَشُقّي
عَلَيَّ الجَيبَ يا اِبنَةَ مَعبَدِ |
وَلا
تَجعَليني كَاِمرِئٍ لَيسَ هَمُّهُ |
كَهَمّي
وَلا يُغني غَنائي وَمَشهَدي |
بَطيءٍ
عَنِ الجُلّى سَريعٍ إِلى الخَنى |
ذَلولٍ
بِأَجماعِ الرِجالِ مُلَهَّدِ |
فَلَو
كُنتُ وَغلاً في الرِجالِ لَضَرَّني |
عَداوَةُ
ذي الأَصحابِ وَالمُتَوَحِّدِ |
وَلَكِن
نَفى عَنّي الرِجالَ جَراءَتي |
عَلَيهِم
وَإِقدامي وَصِدقي وَمَحتِدي |
لَعَمرُكَ
ما أَمري عَلَيَّ بِغُمَّةٍ |
نَهاري
وَلا لَيلي عَلَيَّ بِسَرمَدِ |
وَيَومٍ
حَبَستُ النَفسَ عِندَ عِراكِهِ |
حِفاظاً
عَلى عَوراتِهِ وَالتَهَدُّدِ |
عَلى
مَوطِنٍ يَخشى الفَتى عِندَهُ الرَدى |
مَتى
تَعتَرِك فيهِ الفَرائِصُ تُرعَدِ |
وَأَصفَرَ
مَضبوحٍ نَظَرتُ حِوارَهُ |
عَلى
النارِ وَاِستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ |
سَتُبدي
لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً |
وَيَأتيكَ
بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ |
وَيَأتيكَ
بِالأَخبارِ مَن لَم تَبِع لَهُ |
بَتاتاً
وَلَم تَضرِب لَهُ وَقتَ مَوعِدِ |
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ |
بِحَـوْمَانَةِ الـدُّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّـمِ |
|
دَارٌ لَهَـا بِالرَّقْمَتَيْـنِ كَأَنَّهَـا |
مَرَاجِيْعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَـمِ |
|
بِهَا العِيْنُ وَالأَرْآمُ يَمْشِينَ خِلْفَـةً |
وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ |
|
وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً |
فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ |
|
أَثَـافِيَ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَـلِ |
وَنُـؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـمِ |
|
فَلَـمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَـا |
أَلاَ أَنْعِمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَـمِ |
|
تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِـنٍ |
تَحَمَّلْـنَ بِالْعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُـمِ |
|
جَعَلْـنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَـهُ |
وَكَـمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْـرِمِ |
|
عَلَـوْنَ بِأَنْمَـاطٍ عِتَاقٍ وكِلَّـةٍ |
وِرَادٍ حَوَاشِيْهَـا مُشَاكِهَةُ الـدَّمِ |
|
وَوَرَّكْنَ فِي السُّوبَانِ يَعْلُوْنَ مَتْنَـهُ |
عَلَيْهِـنَّ دَلُّ النَّـاعِمِ المُتَنَعِّــمِ |
|
بَكَرْنَ بُكُورًا وَاسْتَحْرَنَ بِسُحْـرَةٍ |
فَهُـنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَـمِ |
|
وَفِيْهـِنَّ مَلْهَـىً لِلَّطِيْفِ وَمَنْظَـرٌ |
أَنِيْـقٌ لِعَيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَوَسِّـمِ |
|
كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْـزِلٍ |
نَـزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّـمِ |
|
فَـلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُـهُ |
وَضَعْـنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّـمِ |
|
ظَهَرْنَ مِنْ السُّوْبَانِ ثُمَّ جَزَعْنَـهُ |
عَلَى كُلِّ قَيْنِـيٍّ قَشِيْبٍ وَمُفْـأَمِ |
|
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الذِّي طَافَ حَوْلَهُ |
رِجَـالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُـمِ |
|
يَمِينـاً لَنِعْمَ السَّـيِّدَانِ وُجِدْتُمَـا |
عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيْلٍ وَمُبْـرَمِ |
|
تَدَارَكْتُـمَا عَبْسًا وَذُبْيَانَ بَعْدَمَـا |
تَفَـانَوْا وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَـمِ |
|
وَقَدْ قُلْتُمَا إِنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ وَاسِعـاً |
بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَـمِ |
|
فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِـنٍ |
بَعِيـدَيْنِ فِيْهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَـمِ |
|
عَظِيمَيْـنِ فِي عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيْتُمَـا |
وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاً مِنَ المَجْدِ يَعْظُـمِ |
|
تُعَفِّـى الكُلُومُ بِالمِئينَ فَأَصْبَحَـتْ |
يُنَجِّمُهَـا مَنْ لَيْسَ فِيْهَا بِمُجْـرِمِ |
|
يُنَجِّمُهَـا قَـوْمٌ لِقَـوْمٍ غَرَامَـةً |
وَلَـمْ يَهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَـمِ |
|
فَأَصْبَحَ يَجْرِي فِيْهِمُ مِنْ تِلاَدِكُـمْ |
مَغَـانِمُ شَتَّـى مِنْ إِفَـالٍ مُزَنَّـمِ |
|
أَلاَ أَبْلِـغِ الأَحْلاَفَ عَنِّى رِسَالَـةً |
وَذُبْيَـانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَـمِ |
|
فَـلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فِي نُفُوسِكُـمْ |
لِيَخْفَـى وَمَهْمَـا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَـمِ |
|
يُؤَخَّـرْ فَيُوضَعْ فِي كِتَابٍ فَيُدَّخَـرْ |
لِيَـوْمِ الحِسَـابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَـمِ |
|
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ |
وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ |
|
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً |
وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ |
|
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا |
وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ |
|
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ |
كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ |
|
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا |
قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ |
|
لعَمْـرِي لَنِعْمَ الحَـيِّ جَرَّ عَلَيْهِـمُ |
بِمَا لاَ يُؤَاتِيْهِم حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَـمِ |
|
وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّـةٍ |
فَـلاَ هُـوَ أَبْـدَاهَا وَلَمْ يَتَقَـدَّمِ |
|
وَقَـالَ سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِـي |
عَـدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجَـمِ |
|
فَشَـدَّ فَلَمْ يُفْـزِعْ بُيُـوتاً كَثِيـرَةً |
لَدَى حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَـمِ |
|
لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِلاحِ مُقَـذَّفٍ |
لَـهُ لِبَـدٌ أَظْفَـارُهُ لَـمْ تُقَلَّــمِ |
|
جَـريءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقَبْ بِظُلْمِـهِ |
سَرِيْعـاً وَإِلاَّ يُبْدِ بِالظُّلْـمِ يَظْلِـمِ |
|
دَعَـوْا ظِمْئهُمْ حَتَى إِذَا تَمَّ أَوْرَدُوا |
غِمَـاراً تَفَرَّى بِالسِّـلاحِ وَبِالـدَّمِ |
|
فَقَضَّـوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَصْـدَرُوا |
إِلَـى كَلَـأٍ مُسْتَـوْبَلٍ مُتَوَخِّـمِ |
|
لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُـمْ |
دَمَ ابْـنِ نَهِيْـكٍ أَوْ قَتِيْـلِ المُثَلَّـمِ |
|
وَلاَ شَارَكَتْ فِي المَوْتِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ |
وَلاَ وَهَـبٍ مِنْهَـا وَلا ابْنِ المُخَـزَّمِ |
|
فَكُـلاً أَرَاهُمْ أَصْبَحُـوا يَعْقِلُونَـهُ |
صَحِيْحَـاتِ مَالٍ طَالِعَاتٍ بِمَخْـرِمِ |
|
لِحَـيِّ حَلالٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرَهُـمْ |
إِذَا طَـرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَـمِ |
|
كِـرَامٍ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَـهُ |
وَلا الجَـارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَـمِ |
|
سَئِمْـتُ تَكَالِيْفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِـشُ |
ثَمَانِيـنَ حَـوْلاً لا أَبَا لَكَ يَسْـأَمِ |
|
وأَعْلـَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ |
وَلكِنَّنِـي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَـمِ |
|
رأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ |
تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ |
|
وَمَنْ لَمْ يُصَـانِعْ فِي أُمُـورٍ كَثِيـرَةٍ |
يُضَـرَّسْ بِأَنْيَـابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِـمِ |
|
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ |
يَفِـرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْـمَ يُشْتَـمِ |
|
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ |
عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ |
|
وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُـهُ |
إِلَـى مُطْمَئِـنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ |
|
وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ |
وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـمِ |
|
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ |
يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ |
|
وَمَنْ يَعْصِ أَطْـرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّـهُ |
يُطِيـعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْـذَمِ |
|
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ |
يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ |
|
وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَـهُ |
وَمَنْ لَم يُكَـرِّمْ نَفْسَـهُ لَم يُكَـرَّمِ |
|
وَإِنْ خَالَهَا
تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ |
||
وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ
لَكَ مُعْجِـبٍ |
زِيَـادَتُهُ أَو
نَقْصُـهُ فِـي التَّكَلُّـمِ |
|
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ
وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ |
فَلَمْ يَبْـقَ إَلا
صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ |
|
وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّـيْخِ لا حِلْمَ بَعْـدَهُ |
وَإِنَّ الفَتَـى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُـمِ |
|
سَألْنَـا فَأَعْطَيْتُـمْ وَعُداً فَعُدْتُـمُ |
وَمَنْ أَكْـثَرَ التّسْآلَ يَوْماً سَيُحْـرَمِ |
شَكَوتُ إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي
|
فَقُلتُ وَمِثلي بِالبُكاءِ جَديرُ
|
أَسِربَ القَطا هَل مِن مُعيرٍ جَناحَهُ
|
لَعَلّي إِلى مَن قَد هَوَيتُ أَطيرُ
|
فَجاوَبنَني مِن فَوقِ غُصنِ أَراكَةٍ
|
أَلا كُلُّنا يا مُستَعيرُ مُعيرُ
|
وَأَيُّ قَطاةٍ لَم تُعِركَ جَناحَها
|
فَعاشَت بِضُرٍّ وَالجَناحُ كَسيرُ
|
وَإِلّا فَمَن هَذا يُؤَدّي رِسالَةً
|
فَأَشكُرَهُ إِنَّ المُحِبَّ شَكورُ
|
إِلى اللَهِ أَشكو صَبوَتي بَعدَ كُربَتي
|
وَنيرانُ شَوقي ما بِهِنَّ فُتورُ
|
فَإِنّي لَقاسي القَلبِ إِن كُنتَ صابِراً
|
غَداةَ غَدٍ فيمَن يَسيرُ تَسيرُ
|
فَإِن لَم أَمُت غَمّاً وَهَمّاً وَكُربَةً
|
يُعاوِدُني بَعدَ الزَفيرِ زَفيرُ
|
إِذا جَلَسوا في مَجلِسٍ نَدَروا دَمي
|
فَكَيفَ تُراها عِندَ ذاكَ تُجيرُ
|
وَدونَ دَمي هَزُّ الرِماحِ كَأَنَّها
|
تَوَقَّدُ جَمرٍ ثاقِبٍ وَسَعيرُ
|
وَزُرقُ مَقيلِ المَوتِ تَحتَ ظُباتِها
|
وَنَبلٌ وَسُمرٌ ما لَهُنَّ مُجيرُ
|
إِذا غُمِزَت أَصلابُهُنَّ تَرَنَّمَت
|
مُعَطَّفَةٌ لَيسَت بِهِنَّ كُسورُ
|
قَطَعنَ الحَصى وَالرَملَ حَتّى تَفَلَّقَت
|
قَلائِدُ في أَعناقِها وَضُفورُ
|
وَقالَت أَخافُ المَوتَ إِن يَشحَطِ النَوى
|
فَيا كَبِداً مِن خَوفِ ذاكَ تَغورُ
|
سَلوا أُمَّ عَمروٍ هَل يُنَوَّلُ عاشِقٌ
|
أَخو سَقَمٍ أَم هَل يُفَكُّ أَسيرُ
|
أَلا قُل لِلَيلى هَل تُراها مُجيرَتي
|
فَإِنّي لَها فيما لَدَيَّ مُجيرُ
|
أَظَلُّ بِحُزنٍ إِن تَغَنَّت حَمامَةٌ
|
مِنَ الوُرقِ مِطرابُ العَشِيِّ بَكورُ
|
بَكَت حينَ دَرَّ الشَوقُ لي وَتَرَنَّمَت
|
فَلا صَحَلٌ تُربي بِهِ وَصَفيرُ
|
لَها رُفقَةٌ يُسعِدنَها فَكَأَنَّما
|
تَعاطَينَ كَأساً بَينَهُنَّ تَدورُ
|
بِجِزعٍ مِنَ الوادي فَضاءٍ مَسيلُهُ
|
وَأَعلاهُ أَثلٌ ناعِمٌ وَسَديرُ
|
بِهِ بَقَرٌ لا يَبرَحُ الدَهرَ ساكِناً
|
وَآخَرُ وَحشِيُّ السِخالِ يَثورُ
|
أبو فراس الحمداني ( ):
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ |
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟ |
|
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ |
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ! |
|
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى |
وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ |
|
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي |
إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ |
|
معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ |
إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ! |
|
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا |
و أحسنَ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ، العذرُ |
|
و ما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ |
لأحرفها، من كفِّ كاتبها بشرُ |
|
بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ غَادَة ً |
هوايَ لها ذنبٌ، وبهجتها عذرُ |
|
تَرُوغُ إلى الوَاشِينَ فيّ، وإنّ لي |
لأذْناً بهَا، عَنْ كُلّ وَاشِيَةٍ، وَقرُ |
|
بدوتُ ، وأهلي حاضرونَ ، لأنني |
أرى أنَّ داراً، لستِ من أهلها، قفرُ |
|
وَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ، وإنّهُمْ |
وإيايَ ، لولا حبكِ ، الماءُ والخمرُ |
|
فإنْ كانَ ما قالَ الوشاة ُ ولمْ يكنْ |
فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ مَا شَيّدَ الكُفرُ |
|
وفيتُ ، وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ |
لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ |
|
وَقُورٌ، وَرَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزّها |
فتأرنُ ، أحياناً ، كما يأرنُ المهرُ |
|
تسائلني: " منْ أنتَ ؟ "، وهي عليمة ٌ |
وَهَلْ بِفَتى ً مِثْلي عَلى حَالِهِ نُكرُ؟ |
|
فقلتُ ، كما شاءتْ ، وشاءَ لها الهوى: |
قَتِيلُكِ! قالَتْ: أيّهُمْ؟ فهُمُ كُثرُ |
|
فقلتُ لها: " لو شئتِ لمْ تتعنتي |
وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ! |
|
فقالتْ: " لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا! |
فقلتُ: "معاذَ اللهِ! بلْ أنت لاِ الدهرُ |
|
وَما كانَ للأحزَانِ، لَوْلاكِ، مَسلَكٌ |
إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ |
|
وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ |
إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ |
|
فأيقنتُ أنْ لا عزَّ، بعدي، لعاشقٍ؛ |
وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ صِفْرُ |
|
وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً |
إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ الهَجْرُ |
|
فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها |
لَهَا الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ العُذْرُ |
|
كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة ً |
على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ |
|
تجفَّلُ حيناً ، ثم تدنو كأنما |
تنادي طلا ـ، بالوادِ، أعجزهُ الحضرُ |
|
فلا تنكريني، يابنة َ العمِّ، إنهُ |
ليَعرِفُ مَن أنكَرْتِهِ البَدْوُ وَالحَضْرُ |
|
ولا تنكريني ، إنني غيرُ منكرٍ |
إذا زلتِ الأقدامِ ؛ واستنزلَ النضرُ |
|
وإني لجرارٌ لكلِّ كتيبة ٍ |
معودة ٍ أنْ لا يخلَّ بها النصرُ |
|
و إني لنزالٌ بكلِّ مخوفة ٍ |
كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ |
|
فَأَظمأُ حتى تَرْتَوي البِيضُ وَالقَنَا |
وَأسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذّئبُ وَالنّسرُ |
|
وَلا أُصْبِحُ الحَيَّ الخَلُوفَ بِغَارَة ٍ |
وَلا الجَيشَ مَا لمْ تأتِه قَبليَ النُّذْرُ |
|
وَيا رُبّ دَارٍ، لمْ تَخَفْني، مَنِيعَة ٍ |
طلعتُ عليها بالردى، أنا والفجرُ |
|
و حيّ ٍرددتُ الخيلَ حتى ملكتهُ |
هزيماً وردتني البراقعُ والخمرُ |
|
وَسَاحِبَة ِ الأذْيالِ نَحوي، لَقِيتُهَا |
فلمْ يلقها جهمُ اللقاءِ، ولا وعرُ |
|
وَهَبْتُ لهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ |
و رحتُ، ولمْ يكشفْ لأثوابها سترُ |
|
و لا راحَ يطغيني بأثوابهِ الغنى |
ولا باتَ يثنيني عن الكرمِ الفقر |
|
و ما حاجتي بالمالِ أبغي وفورهُ؟ |
إذا لم أفِرْ عِرْضِي فَلا وَفَرَ الوَفْرُ |
|
أسرتُ وما صحبي بعزلٍ، لدى الوغى |
ولا فرسي مهرٌ، ولا ربهُ غمرُ ! |
|
ولكنْ إذا حمَّ القضاءُ على أمرىء ٍ |
فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ، ولا بحرُ! |
|
وقالَ أصيحابي: " الفرارُ أوالردى؟" |
فقُلتُ: هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرّ |
|
وَلَكِنّني أمْضِي لِمَا لا يَعِيبُني |
وَحَسبُكَ من أمرَينِ خَيرُهما الأسْرُ |
|
يقولونَ لي: "بعتَ السلامة َ بالردى" |
فَقُلْتُ: "أمَا وَالله، مَا نَالَني خُسْرُ" |
|
وهلْ يتجافى عني الموتُ ساعة ً |
إذَا مَا تَجَافَى عَنيَ الأسْرُ وَالضّرّ؟ |
|
هُوَ المَوْتُ، فاختَرْ ما عَلا لك ذِكْرُه |
فلمْ يمتِ الإنسانُ ما حييَ الذكرُ |
|
ولا خيرَ في دفعِ الردى بمذلة ٍ |
كما ردها، يوماً بسوءتهِ "عمرو" |
|
يمنونَ أنْ خلوا ثيابي وإنما |
عليَّ ثيابٌ ، من دمائهمُ حمرُ |
|
و قائم سيفي، فيهمُ، اندقَّ نصلهُ |
وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ |
|
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ |
"وفي
الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدرُ" |
|
فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي يَعْرِفُونَه |
و تلكَ القنا، والبيضُ والضمرُ الشقرُ |
|
وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ |
وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ، وَانْفَسَحَ العمرُ |
|
ولوْ سدَّ غيري ، ما سددتُ ، اكتفوا بهِ |
وما كانَ يغلو التبرُ، لو نفقَ الصفرُ |
|
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا |
لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ |
|
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا |
و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ |
|
أعزُّ بني الدنيا، وأعلى ذوي العلا |
وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ |
محمود سامي البارودي (ت1904م):
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ
|
وَغَيْرِيَ بِاللَّذَّاتِ يَلْهُو وَيُعْجَبُ
|
وَما أَنَا مِمَّنْ تَأْسِرُ الْخَمْرُ لُبَّهُ
|
وَيَمْلِكُ سَمْعَيْهِ الْيَرَاعُ الْمُثَقَّبُ
|
وَلَكِنْ أَخُو هَمٍّ إِذا ما تَرَجَّحَتْ
|
بِهِ سَوْرَةٌ نحَوْ َالْعُلاَ رَاحَ يَدْأَبُ
|
نَفَى النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ
|
لَها بينَ أَطْرافِ الأَسِنَّة مَطْلَبُ
|
بَعِيدُ مَناطِ الْهَمِّ فَالغَرْبُ مَشْرِقٌ
|
إِذَا مَا رَمَى عَيْنَيْهِ والشَّرْقُ مَغْرِبُ
|
لَهُ غُدُواتٌ يَتْبَعُ الْوَحْشُ ظِلَّها
|
وَتَغْدُو عَلى آثارِها الطَّيْرُ تَنْعَبُ
|
هَمَامَةُ نَفْسٍ أَصْغَرَتْ كُلَّ مَأْرَبٍ
|
فَكَلَّفَتِ الأَيَّامَ ما لَيْسَ يُوهَبُ
|
وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ
|
فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ
|
إِذا أَنا لَم أُعْطِ الْمَكارِمَ حَقَّها
|
فَلا عَزَّنِي خالٌ وَلا ضَمَّنِي أَبُ
|
وَلا حَمَلَتْ دِرْعِي كُمَيْتٌ طِمِرَّةٌ
|
وَلا دارَ في كَفِّي سِنانٌ مُذَرَّبُ
|
خُلِقْتُ عَيُوفاً لا أَرَى لابْنِ حُرَّةٍ
|
لَدَيَّ يَداً أُغْضِي لَها حِينَ يَغْضَبُ
|
فَلَسْتُ لأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقّعَاً
|
وَلَسْتُ عَلى شَيءٍ مَضَى أَتَعَتَّبُ
|
أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ
|
لِكُلِّ امْرِئٍ في ما يُحاوِلُ مَذْهَبُ
|
وَإِنِّي إِذا ما الشَكُّ أَظْلَمَ لَيْلُهُ
|
وَأَمْسَتْ بِهِ الأَحْلامُ حَيْرَى تَشَعَّبُ
|
صَدَعْتُ حِفافَيْ طُرَّتَيْهِ بِكَوكَبٍ
|
مِنَ الرَّأْي لا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمُغيَّبُ
|
وَبَحْرٍ مِنَ الْهَيجَاءِ خُضْتُ عُبابَهُ
|
وَلا عاصِمٌ إِلَّا الصَّفِيحُ المُشَطَّبُ
|
تَظَلُّ بِهِ حُمْرُ المَنَايا وَسُودُها
|
حَواسِرَ في أَلْوَانِهَا تَتَقَلَّبُ
|
تَوَسَّطْتُهُ وَالْخَيْلُ بِالْخَيْلِ تَلْتَقِي
|
وَبِيضُ الظُّبَا في الْهَامِ تَبْدُو وَتَغْرُبُ
|
فَما زِلْتُ حتَّى بَيَّنَ الْكَرُّ مَوْقِفِي
|
لَدَى ساعَةٍ فيها الْعُقُولُ تَغَيَّبُ
|
لَدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى أَتَى الليلُ وَالْتَقَى
|
عَلَى غَيْهَبٍ مِنْ ساطِعِ النَّقْعِ غَيْهَبُ
|
كَذَلِكَ دَأْبِي في الْمِراسِ وَإِنَّنِي
|
لأَمْرَحُ في غَيِّ التَّصابِي وأَلْعَبُ
|
وفِتْيَان لَهْوٍ قَدْ دَعَوْتُ ولِلْكَرَى
|
خِباءٌ بِأَهْدَابِ الْجُفُونِ مُطَنَّبُ
|
إِلَى مَرْبَعٍ يَجْرِي النَّسِيمُ خِلالَهُ
|
بِنَشْرِ الْخُزَامَى والنَّدَى يَتَصَبَّبُ
|
فَلَمْ يَمْضِ أَنْ جاءُوا مُلَبِّينَ دَعْوَتِي
|
سِراعاً كَما وَافَى عَلَى الْماءِ رَبْرَبُ
|
بِخَيْلٍ كَآرَامِ الصَّرِيمِ وَرَاءَها
|
ضَوارِي سَلُوقٍ عاطِلٌ وَمُلَبَّبُ
|
مِنَ اللاءِ لا يَأْكُلْنَ زاداً سِوَى الَّذِي
|
يُضَرِّسْنَهُ وَالصَّيْدُ أَشْهَى وَأَعْذَبُ
|
تَرَى كُلَّ مُحْمَرِّ الْحَمالِيقِ فاغِرٍ
|
إِلَى الْوَحْشِ لا يَأْلُو وَلا يَتَنَصَّبُ
|
يَكَادُ يَفُوتُ الْبَرقَ شَدَّاً إِذَا انْبَرَتْ
|
لَهُ بِنْتُ ماءٍ أَوْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
|
فَمِلْنا إِلَى وادٍ كَأَنَّ تِلاعَهُ
|
مِنَ الْعَصْبِ مَوْشِيُّ الْحَبائِكِ مُذْهَبُ
|
تُرَاحُ بِهِ الآمَالُ بَعْدَ كَلالِها
|
وَيَصْبُو إِلَيْهِ ذُو الْحِجَا وَهْوَ أَشْيَبُ
|
فَبَيْنَا نَرُودُ الأَرْضَ بِالْعَيْنِ إِذْ رَأَى
|
رَبِيئَتُنَا سِرْباً فَقَالَ أَلا ارْكَبُوا
|
فَقُمْنَا إِلَى خَيْلٍ كَأَنَّ مُتُونَها
|
مِنَ الضُّمْرِ خُوطُ الضَّيْمَرَانِ الْمُشَذَّبُ
|
فَلَمَّا انْتَهَيْنا حَيْثُ أَخْبَرَ أُطْلِقَتْ
|
بُزَاةٌ وَجَالَتْ في المَقَاوِدِ أَكْلُبُ
|
فَما كَانَ إِلَّا لَفْتَةُ ُالْجِيدِ أَنْ غَلَتْ
|
قُدُورٌ وَفارَ اللَّحْمُ وَانْفَضَّ مَأْرَبُ
|
وَقُلْنَا لِساقِينَا أَدِرْها فَإِنَّما
|
قُصَارَى بَنِي الأَيّامِ أَنْ يَتَشَعَّبُوا
|
فَقامَ إِلَى رَاقُودِ خَمْرٍ كَأَنَّهُ
|
إِذَا اسْتَقْبَلَتْهُ الْعَيْنُ أَسْوَدُ مُغْضَبُ
|
يَمُجُّ سُلافاً في إناءٍ كَأَنَّهُ
|
إِذَا ما اسْتَقَلَّتْهُ الأَنَامِلُ كَوْكَبُ
|
فَلَمْ نَأْلُ أَنْ دَارَتْ بِنَا الأَرْضُ دَوْرَةً
|
وَحَتَّى رَأَيْنَا الأُفْقَ يَنْأَى وَيَقْرُبُ
|
إِلَى أَنْ تَوَلَّى الْيَومُ إِلَّا أَقَلَّهُ
|
وَقَدْ كادَتِ الشَّمْسُ الْمُنِيرَةُ تَغْرُبُ
|
فَرُحْنَا نَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً لِمنزلٍ
|
بِهِ لأَخِ اللَّذَّاتِ واللَّهْو مَلْعَبُ
|
مَسارِحُ سِكِّيرٍ وَمَرْبِضُ فاتِكٍ
|
وَمُخْدَعُ أَكْوابٍ بِهِ الخَمْرُ تُسْكَبُ
|
فَلَمَّا رآنا صاحبُ الدّارِ أَشْرَقَتْ
|
أَسارِيرُهُ زَهْواً وَجاءَ يُرَحِّبُ
|
وقَالَ انْزِلُوا يا بَارَكَ اللهُ فيكُمُ
|
فَعِنْدِي لَكُمْ ما تَشْتَهُونَ وَأَطْيَبُ
|
وَرَاحَ إِلَى دَنٍّ تَكَامَلَ سِنُّهُ
|
وَشَيَّبَ فَوْدَيْهِ مِنَ الدَّهْرِ أَحْقُبُ
|
فَما زالَ حتَّى اسْتَلَّ مِنْهُ سَبِيكَةً
|
مِنَ الخمرِ تَطْفُو في الإِنَاءِ وتَرْسُبُ
|
يَحُومُ علَيهَا الطَّيْرُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ
|
وَيَسْرِي عَلَيْهَا الطّارِقُ الْمُتَأَوِّبُ
|
فَيا حُسْنَ ذاكَ اليومِ لَوْ كانَ باقياً
|
ويا طِيبَ هَذا الليلِ لَوْ دامَ طَيِّبُ
|
يَوَدُّ الْفَتَى ما لا يَكُونُ طَمَاعَةً
|
وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الدَّهْرَ بِالنَّاسِ قُلَّبُ
|
وَلَوْ عَلِمَ الإنْسَانُ ما فِيهِ نَفْعُهُ
|
لأَبْصَرَ ما يَأْتِي وَمَا يَتَجَنَّبُ
|
وَلَكِنَّها الأَقْدَارُ تَجْرِي بِحُكْمِها
|
عَلَيْنَا وَأَمْرُ الْغَيْبِ سِرٌّ مُحَجَّبُ
|
نَظُنُّ بِأَنَّا قادِرُونَ وَأَنَّنا
|
نُقادُ كَمَا قِيدَ الْجَنِيبُ وَنُصْحَبُ
|
فَرَحْمَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى امْرِئٍ
|
أَصَابَ هُداهُ أَو دَرَى كَيْفَ يَذْهَبُ
|